أفكَار

من الذي يخاف وحدة الأمة الإسلامية؟ مواقف وآراء قادة عرب

كيف تعامل الزعيمان الحبيب بورقيبة وجمال عبد الناصر مع مطلب وحدة الأمة الإسلامية؟  (فيسبوك)
كيف تعامل الزعيمان الحبيب بورقيبة وجمال عبد الناصر مع مطلب وحدة الأمة الإسلامية؟ (فيسبوك)

عديد المثقفين العرب المنحرفين عن هوياتهم بسبب تمسكهم بثقافة مستعمرهم القديم لا يزالون كلما ذكرت عبارة (الخلافة) يتهكمون على الناطق بها ويقزمونه كأنه استفز "علمانيتهم" وأراد إخراجهم من "جنة الحداثة"! حتى إنه أصبح من ميزة "السياسي العربي المعاصر" أن يكون ببغاء لأطروحات المستعمرين الجدد يكرر حججهم ويعيد تكرير براهينهم التي تدين (الخلافة) وتصنف كل من يذكرها بخير من بين المنبوذين ودعاة التطرف بل حتى الإرهاب!

وهؤلاء إما يجهلون التاريخ أو يتجاهلونه بأمر أسيادهم وينخرطون في نفس مخططات (العولمة المدلسة)، أي التي يصوغها الغرب المسيحي بأذرعه العنصرية وأعوانه الإسرائيليين والمحافظين الجدد (نماذج: برنار لويس وغيل كيبيل وكوشنر عراب صفقة العار).. وهكذا نشأ جيل كامل من النخبة (الأحرى النكبة) العربية تشيطن وتلعن من يؤمن بتوحيد المسلمين عملا بالآية الكريمة (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ سورة الأنبياء الأية 92)..

نعم هم جهلة وضالون يضلون الناس ولعلهم لا يعرفون أن أول من نادى بتأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1966 هو العلماني الزعيم الحبيب بورقيبة حين استقبل في تونس الملك الصالح الراحل فيصل بن عبد العزيز وكان يجمع بين الرجلين استهداف المرحوم جمال عبد الناصر لهما، لأن رئيس مصر كان يريد نفسه "زعيم القومية العربية" وقسم الأنظمة العربية إلى تقدمية ورجعية وجعل من جامعة الدول العربية (ومقرها مصر) إدارة تابعة لوزارة الخارجية المصرية وذراعا لتبرير حربه في اليمن بدعوى أن ما يسميهم الأنظمة الرجعية هي عميلة الإستعمار وألأمريكان (دول الخليج والأردن والمغرب وتونس...).. 

بل وفي نفس السنة 1966 ويوم 28 آب/ أغسطس قتل عبد الناصر الشهيد سيد قطب ورمى في السجون قيادات الإخوان المسلمين.. بينما يوثق التاريخ الأمين أنه لولا تأيييد مرشدهم الهضيبي للانقلاب يوم 23 تموز/ يوليو 52 لما استولى الضباط على الحكم!

وعشت شخصيا خفايا زيارة الملك فيصل إلى تونس واتفاق الرجلين في القيروان على مقارعة التوجه الناصري الشعبوي بمنافسته بمنظمة إسلامية تقاوم التوجه القومي العربي المنحرف. وبالفعل تأسست منظمة المؤتمر الإسلامي وتجسدت خاصة بعد جريمة إحراق المسجد الأقصى وأختير المرحوم الدبلوماسي التونسي المتميز الحبيب الشطي أمينا عاما لها واستقرت في مدينة جدة بعدد من الدول المسلمة أعضاء. 

 

                                  الحبيب بورقيبة
 
كان بورقيبة زعيما براغماتيا لا يؤمن بما يسمى الدولة الإسلامية رغم أنه أثناء مرحلة الكفاح الوطني من 1933 إلى 1955 كان يجند التوانسة بشعارات إسلامية ضد من كان يسميهم المحتلين النصارى.. بل وصل إلى حد تزعم حركة مقاومة التجنيس 1933 لمنع دفن المتجنسين في مقابر المسلمين إعتمادا على الأية القرآنية التي ذكره بها الشيخ إدريس مفتي مدينة بنزرت : "﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

وهنا التقت رؤية بورقيبة العلماني مع رؤية الملك فيصل حامي حمى الحرمين في اعتماد الوحدة الإسلامية لا في شكل خلافة بل في نظام أخلاقي يستمد من روح الشريعة ولا يرضى بالتفرقة القومية (عرب أتراك فرس أفغان إلخ...) ومن ذلك كان بورقيبة كما قاله لي شخصيا يقرأ ما كتبه عام 1953 الشيخ محمد بشير الإبراهيمي أحد أبرز علماء المسلمين الجزائريين ووالد صديقنا في المنافي د. أحمد طالب الإبراهيمي وزير التربية ثم الثقافة في الجزائر سابقا و الشيخ البشير هو رفيق درب وكفاح الشيخ عبد الحميد ابن باديس صاحب قصيدة (شعب الجزائر مسلم و إلى العروبة ينتسب) و من بحوث الشيخ الإبراهيمي بحث بعنوان (دولة القرأن) جاء فيه بالخصوص: 

"ما أضاع المسلمين ومزَّق جامعتهم ونزل بهم إلى هذا الدرك من الهوان إلَّا بُعدهم عن هداية القرآن  وجعلهم إياه عِضِين وعدم تحكيمهم له في أهواء النفوس ليكفكف منها وفي مزالق الآراء ليأخذ بيدهم إلى صوابها وفي نواجم الفتن ليُجلي غماءها وفي معترك الشهوات ليكسر شِرَّتها وفي مفارق سُبل الحياة ليهدي إلى أقومها وفي أسواق المصالح والمفاسد ليميِّز هذه من تلك، وفي مجامع العقائد ليميِّز حقَّها من باطلها، وفي شعب الأحكام ليقطع فيها بفصل الخطاب وإنَّ ذلك كلَّه لموجود في القرآن بالنصِّ أو بالظاهر أو بالإشارة والاقتضاء، مع مزيد تَعجِز عنه عقول البشر مهما ارتقت وهو تعقيب كلِّ حُكم بحكمة وكلِّ أمر بما يُثبِّته في النفس وكلِّ نهي بما يُنفِّر عنه، لأنَّ القرآن كلام خالق النفوس، وعالم ما تكنُّ وما تُبدي ومركِّب الطبائع وعالم ما يصلح وما يفسد وبارئ الإنسان وسطاً بين عالمين." (إنتهى كلام الشيخ البشير). 

 


                                    الملك فيصل

 

 


والجاهلون العرب بحقيقة تشكل العالم اليوم لم يدركوا بعد أن المفكر الأمريكي من الديانة اليهودية (صامويل هنتنغتون) في نظريته الشهيرة (صدام الحضارات التي كانت بحثا في مجلة فورين بوليسي عام 1992 ثم حولها إلى كتاب ترجم إلى أغلب اللغات) قسم العالم إلى "خلافات دينية" ترتكز أساسا على العقائد تستلهم قوتها المادية والعسكرية والإقتصادية من تشبعها بروحانية أديانها وهي الاتحاد الأوروبي الذي هو خلافة كاتوليكية والولايات المتحدة التي هي خلافة بروتستنتية وروسيا التي هي خلافة أورثودكسية و الصين التي هي خلافة كنفوشية و شبه القارة الهندية التي هي خلافة هندوسية و ينتهي كتاب (صدام الحضارات) إلى أن العدو المخيف لهاته الخلافات هو الخلافة الإسلامية عندما تستيقظ أمتها التي هي أم الخلافات منذ فجر الإسلام.

القرآن كتاب الكون، لا تُفسِّره حقَّ التفسير إلا حوادث الكون. والقرآن كتاب الدعوة، لا تكشف عن حقائقه العليا إلا تصاريف الدهر. والقرآن كتاب الهداية الإلهية العامة، فلا يفهمه إلا المستعدون لها. والقرآن (لا يبلى جديده، ولا تنقضي عجائبه).

جاء القرآن لهداية البشر وإسعادهم، والاهتداء به متوقِّف على فهمه فهماً صحيحاً، وفهمه الصحيح متوقف على أمور: منها فقه أسرار اللسان العربي فقهاً ينتهي إلى ما يُسمَّى ملكة وذوقاً، ومنها الإطلاع الواسع على السنة القولية والعملية، التي هي شرح وبيان للقرآن، ومنها استعراض القرآن كلِّه عند التوجه إلى فهم آية منه أو إلى درسها؛ لأن القرآن كلٌّ لا يختلف أجزاؤه، ولا يزيغ نظمه، ولا تتعاند حُجَجه، ولا تتناقض بيِّناته، ومن ثَمَّ قيل: إن القرآن يُفسِّر بعضه بعضاً، بمعنى أنَّ مبيِّنه يشرح مجمله، ومقيَّده يبيِّن المراد من مطلقه، إلى آخر الأنحاء التي جاء عليها القرآن في نظمه البديع، وترتيبه المعجز، ومنها الرجوع في مناحيه لبعضها، وكلُّ هذه الأمور لا تتهيَّأ إلَّا لصاحب الفطرة السليمة، والتدبُّر العميق، والقريحة اليقظة، والذهن الصافي، والذكاء الوهاج.
 
والقرآن حُجَّة على غيره، وليس غيره حجَّة عليه، فبئس ما تفعله بعض الطوائف الخاضعة للتمذهب من تحكيم الاصطلاحات المذهبية، والآراء الفقهية، أو العقلية فيه، وإرجاعه بالتأويل إليها إذا خالفته. ومن الخطل، بل من الخذلان المفضي بصاحبه إلى ما يُستعاذ منه أن يجعل الرأي الاجتهادي غير المعصوم أصلاً، ويجعل القرآن المعصوم فرعاً، وأن يعقد التوازن بين كلام المخلوق وكلام الخالق، إنَّ هذا لهو الضلال البعيد.
 
ما أضاع المسلمين، ومزَّق جامعتهم، ونزل بهم إلى هذا الدرك من الهوان إلَّا بُعدهم عن هداية القرآن ، وجعلهم إياه عِضِين، وعدم تحكيمهم له في أهواء النفوس ليكفكف منها، وفي مزالق الآراء ليأخذ بيدهم إلى صوابها، وفي نواجم الفتن ليُجلي غماءها، وفي معترك الشهوات ليكسر شِرَّتها، وفي مفارق سُبل الحياة ليهدي إلى أقومها، وفي أسواق المصالح والمفاسد ليميِّز هذه من تلك، وفي مجامع العقائد ليميِّز حقَّها من باطلها، وفي شعب الأحكام ليقطع فيها بفصل الخطاب، وإنَّ ذلك كلَّه لموجود في القرآن بالنصِّ أو بالظاهر أو بالإشارة والاقتضاء، مع مزيد تَعجِز عنه عقول البشر مهما ارتقت، وهو تعقيب كلِّ حُكم بحكمة، وكلِّ أمر بما يُثبِّته في النفس، وكلِّ نهي بما يُنفِّر عنه، لأنَّ القرآن كلام خالق النفوس، وعالم ما تكنُّ وما تُبدي، ومركِّب الطبائع، وعالم ما يصلح وما يفسد، وبارئ الإنسان وسطاً بين عالمين:

أحدهما: خير محض .
والآخر: شر محض .

فجعله ذا قابلية لهما من غير أن يكون أحدهما ذاتيَّا فيه، ليبتليه أيشكر أم يكفر، وليمتحنه أيَّ الطريقين يختار؛ كلُّ ذلك ليجعل سعادته بيده، وعاقبته باختياره، وتزكيته أو تدسيته من كسبه، وحتى يهلِك عن بيِّنة، أو يحيا عن بيِّنة.
 
ما كان الصدر الأول من سلفنا صالحاً بالجبلَّة والطبع، فالرعيل الأول منهم- وهم الصحابة- كانوا في جاهلية جهلاء كبقية العرب، وإنما أصلحهم القرآن لما استمسكوا بعروته، واهتدوا بهديه، ووقفوا عند حدوده، وحكَّموه في أنفسهم، وجعلوا منه ميزاناً لأهوائهم وميولهم، وأقاموا شعائره المزكية، وشرائعه العادلة في أنفسهم، وفيمن يليهم، كما أمر الله أن تُقام، فبذلك أصبحوا صالحين مصلحين، سادة في غير جبرية، قادة في غير عنف، ولا يصلح المسلمون ويسعدون إلا إذا رجعوا إلى القرآن، يلتمسون فيه الأشفية لأدوائهم، والكبح لأهوائهم، ثم التمسوا فيه مواقع الهداية التي اهتدَى بها أسلافهم. 

وإذا كان العقلاء كلُّهم مجمعين على أن المسلمين الأولين صلحوا فأصلحوا العالم، وسادوه فلم يبطروا، وساسوه بالعدل والرفق، وزرعوا فيه الرحمة والحب والسلام، وأن ذلك كله جاءهم من هذا القرآن؛ لأنَّه الشيء الجديد الذي حوَّل أذهانهم، وهذَّب طباعهم، وثبَّت الفضائل في نفوسهم، فإن الإجماع على ذلك يُنتج لنا أنَّ سبب انحطاط المسلمين في القرون الأخيرة هو هجرهم للقرآن، ونبذه وراء ظهورهم واقتصارهم على حفظ كلماته. وحفظ القرآن- وإن كان فضيلة- لا يغني غَناء ما لم يُفهم، ثم يُعمل به.

وهجر المسلمين للقرآن يُردُّ إلى أسباب، بعضها آتٍ من نفوسهم، وبعضها آتٍ من خارجها.

فمن الأوَّل: افتتانهم بآراء الناس، وبالمصطلحات التي تتجدَّد بتجدُّد الزَّمان، ومع طول الأمد رانت الغفلة، وقست القلوب، وطغت فتنة التقليد، وتقديس الأئمة والمشايخ، والعصبية للآباء والأجداد، وغلت طوائف منهم في التعبد، فنجمت ناجمة التصوف والاستغراق، فاختلَّت الموازنة التي أقامها القرآن بين الجسم والروح، وغلت طوائف أخرى في تمجيد العقل، فاستشرف إلى ما وراء الحدود المحددة له، وتسامى إلى الحظائر الغيبية، فتشعَّبت به السبل إلى الحقِّ في معرفة الله وتوحيده، ونجمت لذلك ناجمة علم الكلام، وما استتبعه من جدل وتأويل وتعطيل، وتشابهت السبل على عامة المسلمين؛ لكثرة هذه الطوائف، فكان هذا التفرق الشنيع في الدين أصوله وفروعه. وفي غمرة هذه الفتن بين علماء الدين، ضاع سلطانهم الديني على الأُمَّة، فاستبدَّ بها الملوك، وساقوها في طريق شهواتهم، فأفسدوا دينها ودنياها، وكان ما كان من هذه العواقب المحزنة.
 
ومن الثاني: تلك الدسائس الدخيلة التي صاحبت تاريخ الإسلام من حركات الوضع للأحاديث، إلى هجوم الآراء والمعتقدات المنافية للقرآن، إلى ما ادُّخر لزماننا من إلقاء المبشرين والمستشرقين للشبهات في نصوص القرآن عن عمد؛ ليصدوا المسلمين عن هديه، وإن خطر هذه الفتنة الأخيرة لأعظم مما يتصوَّره علماؤنا، ويقدِّره أولياء أمورنا.

 

إن هذا الغليان في أفكار المسلمين وكثرة حديثهم عن القرآن، وإقبالهم على دعاته ومدارسه، وتحدِّي أساليبه في الوعظ وفي الكتابة، كلُّ ذلك بشائر برجوع دولته، وإصلاح البشرية به من جديد ، واتخاذه مرجعاً وملاذاً للأمم الأجنبية التي لم يستقرَّ لدساتيرها الوضعية قرار، فاضطربت حياتها، واستشرفت نفوسها إلى قانون سماوي يحفظ حقوقها، ويُحدِّد للفرد حقَّه، وللجماعة حقَّها.

 


 
هذه العوامل مجتمعة ومفترقة، وما تبعها أو لازمها من عوامل فرعية هي التي باعدت بين المسلمين وبين قرآنهم، فباعدت بينهم وبين الخير والسعادة والعزة، وأصبحوا- كما يرى الرائي- أذلة مستعبدين، ولا يزالون كذلك ما داموا مجانبين لسنن القرآن، معرضين عن آياته وإرشاداته، غافلين عما أرشد إليه من السنن الكونية. ولو أنهم تواردوا على الاستمساك به في هذه القرون الأربعة عشر، لكانوا هم السابقين بإرشاده إلى اكتشاف أسرار الكون، واختراع هذه العجائب الآلية، ولم يكن موقفهم منها موقف المكذِّب أولاً، المندهش آخراً. 

ففي القرآن آيات للمتوسِّمين، وإرشاد للعقل البشري، يتدرَّج مع استعداده، وفيه من الكشف عن غرائب النفوس وألوانها، وعن حقائق الكون وأسرار مواليده، ما يسير بمتدبِّره رويداً رويداً، حتى يضع يده على الحقيقة، ويكشف له عن وجهها، ويكاد يكون من البديهيات فيه ما يُقرِّره في أطوار الأجنة، وتزاوج النبات، وتكوُّن المطر، وتصاريف الرياح، وتكوير الليل على النهار، وإثبات الصلة بين علويات هذا الكون وسفلياته، ولكن المسلمين ظلوا غافلين حتى عن هذه البديهيات، إلى أن جاءتهم من غير طريق قرآنهم، ثم دلَّهم القرآن على نفسه، فلاذوا بالفخر الكاذب، وربَّما دلَّهم على مواقع هذه الأشياء في القرآن مَن ليس مِن أهل القرآن، وإنَّ هذا لهو الخذلان المبين.
 
وما زاد المسلمين ضلالاً عن منبع الهداية وعماية عنها إلَّا فريق من العلماء، وضعوا أنفسهم في موضع القدوة والتعليم، وطوائف من غلاة المتصوفة، انتحلوا وظيفة التربية والتقريب من الله. فهم الذين أبعدوهم عن القرآن، وأضلُّوهم عن سبيله، بما زينوا لهم من اتباع غير سبيله، وبما أوهموهم أنَّه عال على الأفهام، وما دَرَوْا بأنَّ من لازم هذا المذهب كفر، وهو أنَّه إذا كان لا يُفهم فإنزاله عبث، وأنَّى يكون هذا؟ ومنزِّله ـ تعالت أسماؤه ـ يصفه بأنَّه عربي مبين، وأنَّه غير ذي عوج، وأنَّه ميسر للذكر، وينعته بأنَّه يهدي للتي هي أقوم، وكيف يهدي إذا كان لا يُفهم؟ ومن عجيب أمر هؤلاء وهؤلاء أنَّهم يصدُّون في شأن القرآن عن هوًى لا عن بصيرة، فبينما يسدُّون على الناس باب الاهتداء به في الأخلاق التي تزكِّي النفس، والعقائد التي تقوِّي الإرادات، والعبادات التي تغذِّي الإيمان، والأحكام التي تحفظ الحقوق، وكلُّ هذا داخل في عالم التكليف، وكلُّه من عالم الشهادة، بينما يصدُّون عن الاهتداء في ذلك بالقرآن، ونراهم يتعلَّقون بالجوانب الغيبية منه، وهي التي استأثر الله بعلمها، فيخوضون في الروح والملائكة والجن وما بعد الموت, ويتوسَّعون في الحديث عن الجنة والنار، حتى ليكادون يضعون لهما خرائط مجسمة، وسبيل المؤمن القرآني العاقل في هذه الغيبيات أن يؤمن بها كما وردت، وأن يَكِل علم حقيقتها إلى الله، ليتفرَّغ لعالم الشهادة الذي هو عالم التكليف.
 
وما زلنا نرى من آيات حفظ الله لدينه أن يقوم في كلِّ عصر داعٍ أو دعاة إلى القرآن، وإمام أو أئمة يُوجِّهون الأُمَّة الإسلامية، ومفسِّر أو مفسِّرون يشرحون للأُمَّة مُراد الله منه، ويتناولون تفسيره بالأدوات التي ذكرناها في أوَّل هذه الكلمة، ويجعلونه حجة على المذاهب والاصطلاحات، ومنازع الرأي والعقل، وحكماً بينها، وأصلاً ترجع إليه ولا يرجع إليها، ومن المبشِّرات بالخير، ورجوع دولة القرآن، أنَّ الدعوة إليه قد تجدَّدت في هذا الزمان على صورة لم يسبق لها مثيل، وأن أصوات الدعاة المصلحين قد تعالت بذلك، وتجاوبت وتلاقت على هدًى، تدعو إلى دراسته، واستخراج ذخائره، وإحياء دعوته إلى الفضيلة والخير والمحبة، وأخذ العقائد والعبادات في كلِّ ما يشجر من خلاف في الدين والدنيا، وكان من آثار ذلك أن أصبح العلماء المستعدون للعمل، والعوام المتهيِّئون للعلم يردِّدون الجمل الآتية، وتجول في نفوسهم معانيها، وهي: (لماذا نهجر دستور القرآن، وهو من عند الله، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولا يتبدَّل ولا يتغيَّر، ثم نلتجئ إلى دساتير الغرب وقوانينه وهي من أوضاع البشر القاصرة، يظهر في كلِّ حين تناقضها ومنافاتها للمصلحة، فتُبدَّل وتُغيَّر، ولا تزال تُبدَّل وتُغيَّر، مع أنَّ واضعيها والموضوعة لهم من جنس واحد، وعلى طبيعة واحدة ومصلحة واحدة؟ لقد بُؤْنا بالصفقة الخاسرة مرتين.
 
إن هذا الغليان في أفكار المسلمين وكثرة حديثهم عن القرآن، وإقبالهم على دعاته ومدارسه، وتحدِّي أساليبه في الوعظ وفي الكتابة، كلُّ ذلك بشائر برجوع دولته، وإصلاح البشرية به من جديد ، واتخاذه مرجعاً وملاذاً للأمم الأجنبية التي لم يستقرَّ لدساتيرها الوضعية قرار، فاضطربت حياتها، واستشرفت نفوسها إلى قانون سماوي يحفظ حقوقها، ويُحدِّد للفرد حقَّه، وللجماعة حقَّها. ولعمري إن هذه المطالب كلَّها لفي القرآن، لو وجد القرآن من أهله من يُقيمه، ويبلِّغ دعوته، وينشر هدايته.
 
ثم ما هذه النغمات الناشزة عن هذا الإيقاع اللذيذ، إيقاع الدعوة إلى إقامة الدستور القرآني؟ ما هذه النغمات الممجوجة المتردِّدة التي تُصوِّر أنَّ الدستور القرآني يتحيَّف حقوق الأقليات المساكنة للمسلمين أو يجحف بها؟.. إنها نغمات صادرة عن مصدرين:
 
أعداء القرآن ينصبون بها العواثير في طريق الدعوة إليه، وضعفاء الصلة بالقرآن الجاهلين آثاره وتاريخه في إصلاح الكون كلِّه، فليقل لنا الفريقان: متى ظلَم القرآن غير المؤمنين به؟ ومتى أضاع لهم حقًّا، أو استباح لهم مالاً، أو انتهك لهم عرضاً، أو هدم لهم معبداً، أو حملهم على مكروه في دينهم، أو أكرههم على تغيير عقيدة من عقائدهم، أو حملهم في أمور دنياهم ما لا يطيقون؟!... بلى، إنه عاملهم في كلِّ ذلك بما لم يطمع في معشاره الأقليات ولا الأكثريات من شعوب اليوم الواقعة تحت حكم الدول العالمة المتحضرة الخاطئة الكاذبة، التي تزعم لنفسها الفضائل كلَّها، ولا تتخلَّق بواحدة منها.

من أصول الإسلام أنَّه لا إكراه في الدين، وأين موضع هذا عند هذه الدولة الباغية؟ ومن أصول الإسلام الوفاء بالعهد في السِّلم والحرب، وأين هذا مما تفعله هذه الدول الطاغية؟ ومن أصول الإسلام أن لا يُكلِّف من دخل في ذمته بالدفاع الحربي، وأين هذا مما تفعله هذه الدول الظالمة التي تجنِّد المحكومين بالإكراه؛ ليموتوا في سبيلها من دون جزاء، ولا شكر؟ ومن أصول الإسلام أن لا يقتل في الحرب إلا المقاتل، وأن لا يقتل الأعزل المعتزل، والشيخ الكبير والمرأة والطفل، والمنقطع للعبادة، وهذه الأصناف هي ثلثا الأمم المحاربة، فأين هذا مما ترتكبه الأمم المتمدنة في حروبها اليوم من الإبادة للكبير والصغير، والمرأة والرجل، والطفل والجنين، وما تتفنن فيه من وسائل الاستئصال؟ وكفى بواقعة (هيروشيما) اليابانية شاهداً لا يكذب.
 
إن الإسلام يعامل المخالفين بالرحمة؛ لأن قرآنه هو دستور الرحمة، ويضعهم في أربع مراتب، لكلِّ مرتبة حكمها العادل: الذِّمِّيُّ المقيم في وطن الإسلام له كلُّ ما للمسلم، وليس عليه كلُّ ما على المسلم، فهو محمي النفس والمال والعرض، حرٌّ في التصرفات المالية، آمن في الظعن والإقامة، وليس عليه ما على المسلم من أعباء القتال والدفاع. والمستأمن آمن على حقوقه حتى يبلغ مأمنه، والمعاهد موفى له بعهده من غير ختر ولا غدر، والحربي يعامل بما رضيه لنفسه من غير أن يجاوزه إلى غيره من أهله أو بني مِلَّته، فإذا شذَّ أمير مسلم أو قائد عن هذه القواعد الأساسية في الإسلام، وظلم طائفة من هذه الطوائف أو فرداً من أفرادها- فقد خرج عن حكم الإسلام، وإذا حكى التاريخ عن ملوك مسلمين ظلمة، فهؤلاء بطبيعة حالهم يظلمون المسلمين قبل أن يظلموا المخالفين، وليست أعمالهم حجة على القرآن، بل للقرآن الحجة عليهم، وأيسر أحكام الإسلام فيهم أن يُعزلوا، وأعلاها أن يُقتلوا.
 
أين هذا من قوانين اليوم، ومعاملة اليوم، أيها الناطقون بغير علم، الصادرون عن غير فهم؟ وأين عدل القرآن من جوركم، أيها الجائرون في الحكم، المحاربون للحقيقة في الحرب والسلم، البانون لحياتهم في الظلام على الظُّلم؟ وأين تجدون الرحمة والعدالة إذا لم تجدوها في ظلال القرآن، أيتها الأقليات غير الوفية، المدفوعة من الخلف بالأيدي الخفية؟

أثمرت الحركات الإصلاحية منذ أكثر من مائة سنة ثمرات زكية، وفتحت الأذهان لحقيقة، وهي أنَّ القرآن يُفهم، وأنَّه ميسَّر للفهم، فانفتحت للدارسين أبواب كانت مقفلة، وكثر جريانه على ألسنة الخطباء والمرشدين، منزِّلة آياته في منازلها من الأحداث الطارئة، متجاوبة مع العلم، مقسمة على المواضيع المتجددة، وكثر جريانه على أقلام الكتاب في المباحث الدينية والأخلاقية والاجتماعية والكونية، يُقيمون منه شواهد على كلِّ حقيقة، وأدلَّاء على كلِّ طريق، وأعلاماً هادية إلى كلِّ غاية، فإذا هو يفسِّر نفسه بنفسه وتتسابق معانيه الواضحة إلى الأذهان، وأعان على ذلك هذه النهضة الأدبية التي لم ترَ العربية أعمق منها غوراً، ولا أوسع منها دائرة، فأصبح بها القرآن قريباً إلى الأفهام، مؤثراً في العقول، وأصبحنا نسمع من تلامذتنا الذين ربيناهم على القرآن حفظاً وفهماً وعملاً، ورُضناهم على الغوص وراء معانيه، آراء في الاجتماع الإنساني، سندها القرآن، ما كانت تزيغها أفكار الشيوخ، وآراء في الدستور القرآني، وتطبيقه على زماننا ومكاننا ومصالحنا، ما كانت تسيغها عقول الأجيال الماضية.

وهؤلاء التلامذة لم يزالوا بعد في المراحل العلمية المتوسطة، فكيف بهم إذا أمدتهم الحياة بتجاربها، وأمدهم العلم باختباراته؟ لعمر أبيك إنَّه القرآن حين تتجلَّى عجائبه على الفطر السليمة، والعقول الصافية.


التعليقات (3)
امة مريضة بتزوير الدين - المطلوب اصلاح ديني قبل الاصلاح السياسي
الخميس، 19-05-2022 02:58 م
ان الحقيقة الكبرى التي غفل عنها فقهاء الاسلام قديما وحديثا هي ان الاسلام قد دشّن عصر ما بعد الرسالات، أي عصر صلاحية الانسانية للتشريع لنفسها، وبغير ذلك فان البشرية كانت ستبقى دائما بحاجة الى انبياء جدد. لقد انعزلت أمة العرب عن بقية امم الارض المتحضرة لمئات السنين. وكان من نتائج هذا الانعزال، عجزها شبه التام عن انتاج المعرفة. وكانت الثقافة الدينية الموروثة الخاطئة هي السبب الرئيسي في هذا الانعزال، بسبب التناقضات الكثيرة الموجودة كتب الموروث الديني مع ايات التنزيل الحكيم، مما اثر سلبا في تشكل العقل الجمعي العربي. وكان السبب الرئيسي لذلك التناقض هو قيام ائمة المسلمين الاوائل والمعاصرين)، بنقل اسلوب الحياة الدنيوية للنبي وصحابته، على انه جزء من الدين، واعطوا ذلك صفة القداسة والشموليه والعالميه والابديه. فكان من تنيجة ذلك ان اصبحت المحرمات بين ايدينا بالمئات بل بالالاف بدلا عن اقتصارها على الاربعة عشر محرما المذكورة في كتاب الله. فقول الله تعالى في الاية الكريمه (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ان لا تشركوا به شيئا .... 151/الانعام) يؤكد ان المحرمات محصورة في الايات المذكورة. وأن الله تعالى هو صاحب الحق الوحيد في التحريم. فكل اوامر النبي عليه الصلاة والسلام ونواهيه هي اوامر ونواهي تحمل الصفة المدنيه ضمن نطاق حكمه المدني من مقام النبوه، وهدفها تنظيم الحلال فيما يتعلق بمجتمعه المدني ودولته المدنيه في زمانه فقط، ولا تحمل صفة الشموليه ولا العالمية ولا الابدية، باستثناء ما كان منها يتعلق بشعائر الصلاة والزكاة، حيث امرنا الله تعالى بطاعة الرسول فيهما بشكل منفرد (واقيموا الصلاة واتوا الزكاة واطيعوا الرسول لعلكم ترحمون). فهل من المقبول بعد ذلك ان يقال ان كل ما قاله واجتهد به العلماء الاوائل والمعاصرون هو من ثوابت الدين؟ وهل كل تفاصيل حياة النبي الدنيوية اليوميه واجتهادات من أتى من بعده من الخلفاء والائمة هي من ثوابت الدين؟ لقد كاد فقهاء الاسلام الاوائل والمعاصرين ان يؤلّهوا رسول الله. وكان من نتائج ذلك أن طغت محورية الحديث النبوي المنقول، على محورية كلام الله تعالى. واصبح ينظر لاحاديث النبي وتشريعاته على انها وحي ثان مواز للتنزيل الحكيم ومطابق له في القدسية، وربما اعلى منه في بعض الاحيان. واستندوا في ذلك على تفسيرهم للاّية الكريمه "وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى". واعتبروا ان تفسيرهم ذلك لهذه الاية هو تفسير نهائي غير قابل للمراجعة ولا للتصحيح، رغم ان هذا التفسير للآّية الكريمة لم يصدر عن النبي، ولم يرد عنه انه قال ان كل ما يقوله هو وحي من الله. ان معظم كتب الموروث الديني ماهي الا صناعه انسانية بحته، بمعنى انها لاتعدو كونها اجتهادات بشرية في حدود ما سمح به السقف المعرفي في العصور الاولى. اما التشريع النبوي الانساني (الصادر من مقام النبوه)، فقد كان ينحصر في تقييد المطلق او اطلاق المقيد ضمن دائرة الحلال الواسعه. فالنبي معصوم عن الخطأ من مقام الرسالة فقط، وليس من مقام النبوة (يا ايها النبي لم تحرم ما احل الله لك تبتغي مرضاة ازواجك...) – (ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض، تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخره...). ولقد أعطى الله سبحانه وتعالى للنبي عليه الصلاة والسلام (وللبشرية من بعده) حق الاجتهاد في التشريع الانساني الدنيوي، دون ان يعطي لذلك الاجتهاد صفة القداسة والشمولية والعالمية والابدية. وكانت تلك هي العلة الكبرى وراء كونه عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين (أي لا نبي بعده). والا، فان البشرية كانت ستكون دائما بحاجة الى انبياء جدد. وباعطائه سبحانه وتعالى للبشرية ذلك الحق فقد قضى بان محمدا عليه الصلاة والسلام هو خاتم النبيين. لذلك كله، فأن امة العرب والاسلام في حاجة ماسة اليوم الى قراءة جديدة للتنزيل الحكيم كتلك التي قام بها المفكر الكبير د. محمد شحرور، والتي من شأنها احداث ثورة فكرية دينية شاملة، لتتصحيح القناعات المجتمعيه للعقل العربي. نقول ذلك، مع تسليمنا الكامل بأن كل فكر جديد هو خاضع للقبول او الرفض او التصحيح او التخطئة. ولنتذكر دائما بأنه ليس كل رأي او فكر جديد هو دائما قادم من عدو. وعليه، فاني انصح وبشدة، بالاستماع والاطلاع المتعمق على أفكار هذا العبقري الملهم، لأني أرى فيها حقا احياء للأمة من بعد سباتها الطويل.
نسيت إسمي
الخميس، 19-05-2022 12:35 م
'' شرفنا الضائع '' فالتاريخ سجل لأول مرة في عهد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز غياب الفقر و البطالة و تحقق المساواة الاجتماعية لدرجة أن الزكاة كانت تدار في طرقات المدينة و لا يجد القائمون عليها أحداً يستحقها ، و لم يتم ذلك إلا بعد أن تم تطبيق تعاليم الإسلام السامية بمختلف جوانبها ، فحدثت هذه النهضة الاقتصادية الإسلامية المشرقة ، و لو تم اليوم تطبيق شعيرة الزكاة بمفهومها الإسلامي السامي لاندحرت جحافل الفقر و لتقلصت الفروق الطبقية بين المجتمعات لاسيما مع وجود أثرياء عرب يملكون ثروات تعادل ميزانيات بعض الدول. و قد فشلت الاشتراكية الشيوعية في حل مشكلة الفقر و البطالة و التفاوت الطبقي و لم تكن الليبرالية الرأسمالية على الطرف الآخر بأفضل حال من الأولى في حين نجح الإسلام في تحقيق المعادلة الصعبة و ضمن التوزيع الصحيح للثروة بترسيخ أحكام الزكاة وتشجيعه للتبرعات و الكفالات و الترابط الاجتماعي ، و عندما حادت بعض الحكومات العربية و الإسلامية عن منهج الإسلام الصحيح ، و حكّمت العلمانية ظهر التمزق الاجتماعي و الاقتصادي و اتسعت الهوة بين طبقات المجتمع. إن من الخطأ الاعتقاد بأنه لا يمكن بناء قومية سياسية و اقتصادية على أساس الدين ، فالإسلام استطاع أن يتجاوز حدود القومية الواحدة و لم شمل الأقطار الإسلامية بإطار أكثر شمولية من إطار القومية العربية و نجح في ذلك و التاريخ أكبر شاهد على هذا النجاح. '' أكثر من 75 سنة على إكتشاف النفط في بلاد العرب و لا يزال هناك فقراء ! '' و الخليفة "عمر بن عبد العزيز" إحتاج سنتين و 5 أشهر ليطوف ب الزكاة فلا يجد من يأخدها ! فقال مقولته المشهورة : " انثروا القمح في رؤوس الجبال حتى لا يقولوا جاع طير في بلاد المسلمين" .
نسيت إسمي
الخميس، 19-05-2022 11:26 ص
رجل الأدغال الاسترالي ، مثير للاهتمام؟ "التمساح" دندي بول هوجان وليندا كوزلوفسكي معًا سمكة خارج الماء ، ميك يترك أستراليا لأول مرة في مسافره إلى مانهاتان. كيف صنعت فيلم "التمساح" دندي (1986)؟ "التمساح دندي" ربما الفيلم الأسترالي الأكثر شهرة في الاتحاد السوفياتي. وبالتأكيد المحبوب بين الناس. فيما يلي بعض الحقائق المثيرة للاهتمام من القصة وراء هذه المغامرة الكوميدية كان معروفًا بالفعل لجمهور واسع خارج أستراليا بفضل برنامجه التلفزيوني. "التمساح" دندي الممثل الكوميدي بول هوجان في وقت إطلاق كما أصبح على دراية بإعلانات وكالات السفر المحلية. ومع ذلك ، لم يتوقع أحد أن يكون الفيلم الروائي بمشاركته هو الأكثر نجاحًا في تاريخ القارة ، هو أعلى مشروع في العام تقريبًا ، ولم يصل إلى الزعيم "التمساح" دندي ناهيك عن حقيقة أنه في أرض أجنبية (أي في أمريكا) أصبح الرومانسية مع توم كروز ، هو فقط بضعة ملايين من الدولارات. وصفت صحيفة نيويورك تايمز الفيلم الذي أخرجه بيتر أفضل مطلق النار فامن بأنه "ظاهرة العام" ، وعرضه على الجمهور باعتباره "نسخة ميلودرامية من رامبو. من الممكن (ولكن ليس على يقين) أن تستند القصة إلى قصة رود أنسل ، الذي وقع ضحية لهجوم تمساح في عام 1977. انقلب قارب صيده وانجرف أنسل إلى البحر طوال الليل قبل أن يهبط على الشاطئ. العثور على صياد الحزن إلا بعد سبعة أسابيع. روى أنسل قصته عن بقائه على شاشة التلفزيون ، حيث قال أيضًا إنه كان نائماً على أرضية أحد الفنادق ، حيث كان يلفظه التلفاز بلطف ، انتشر أنسل نفسه ، بناءً على بعض المقابلات مع هوجان على "التمساح" دندي ومع ذلك ، فإن حقيقة أن قصته قد ألهمت المبدعين في الراديو. المقابلة لم تنجو ، وتوفي أنسل في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة في عام 1999 ، ولاحظ هوجان في عام 2000 أنه لم يسمع بوجود "دندي حقيقي". تم جمع ميزانية الفيلم ، والتي بلغت 8.8 مليون دولار أسترالي ، كما يقولون ، من العالم على خيط. في المجموع ، كان الفيلم … 1400 مستثمر! استثمر هوجان وكاتب مايكل هتشينس ، إنكس بما في ذلك السماسرة المحليين ، لاعبو الكريكيت الأثرياء وزعيم فرقة موسيقى الروك أكثر من 328،000،000 في شباك "التمساح" دندي السيناريو جون كورنيل 600 ألف من أموالهما في المشروع. نتيجة لذلك ، جمعت التذاكر العالمي ، وتم تقسيم جميع الأرباح بين المستثمرين وفقًا لمساهمتهم في الأسهم واحدة من أكثر المشاهد مسلية للفيلم ("هل هي سكين؟ هنا سكين!") ، وفقا لكاتب سيناريو آخر ، كين شادي ، على الورق لم يكن مضحكا على الإطلاق. ومع ذلك ، تبين أن لقطة لا تنسى خلافا للتوقعات. بالمقابل ، كان السكين نفسه (الصلب والألومونيوم والمطاط) ، لكنه غير حقيقي. طلب هوجان من جون باورينج ، المسؤول عن الدعائم في موقع دندي ، صنع نسخة من الفولاذ المقاوم للصدأ ، على الرغم من أن البرنامج النصي لم يتطلب ذلك. أجاب هوجان على سؤال بورينغ الخطابي "أنا فقط لم أتوصل إلى لقطة سأحتاج فيها إلى مثل هذا السكين." إن السكين بالسكين والتماسيح الذي هاجم الممثلة ليندا كوزلوفسكي في مشهد على النهر ، لم يهدد حياتها تمامًا. وليس لأنه في أعقابها تبعها زوجها المستقبلي بول هوجان في صورة دندي التي لا تقاوم. لا. مجرد تمساح كان الميكانيكية وتكلفة المنتجين 45 ألف دولار. حلم هوجان بوجود حيوان مفترس حقيقي لخطط قريبة ، لكن كان من المستحيل الترتيب. حديقة كاكادو الوطنية في كل من أستراليا ونيويورك. من بين المواقع الأسترالية ، تم سرد "التمساح" دندي تم تصوير فيلم ألدندي وهو حجم ألمانيا. كانت إدارة الحديقة ممتنة لمبدعي الفيلم للإعلان المجاني ورتبت جولات خاصة لمحمية نظرًا لعدم وجود فنادق قريبة ، اضطر الطاقم بأكمله ، وقت إطلاق النار على نطاق واسع ، إلى التجمع في أكواخ متداعية. كان يحرس بقية الليل من قبل حارس مستأجر خصيصاً ، الذين تأكدوا من أن صانعي الأفلام لا يعانون من التماسيح لجميع الأغراض. وزود كاتب السيناريو جون كورنيل زملائه بإمدادات غير متقلبة من البيرة ، لذلك كان تصوير الفيلم ممتعًا. مع الأصدقاء ، قام بالفعل "ببطولة" في وقت سابق من الفيلم. في العراب الثاني. تنتمي دندي ، حيث يشرب نيويورك فازاك بار في فيلم "غرب هيتشكوك وستكلف النزيل حوالي 1000 دولار يوميًا. يمكن رؤية نفس الفندق في "فيلم وحيد في المنزل2:(كيفين) الذي وجد عائلته قررت قضاء الكريسماس في فلوريدا وبعد تأخرهم في الاستيقاظ حيث يسارعون للحاق بالطائرة ولكن يفقدهم كيفين ويركب طائرة خطأ إلى نيويورك ليكتشف أنه سيقضي العطلة وحيدًا مرة ثانية حيث يستطيع الاحتيال على مسئولي فندق بلازا، ويقيم فيه ولكن لسوء حظه يتصادف هروب الحرامى هاري ومارف من السجن ووجودهم في نيويورك لتدور بينهم مرة أخرى مغامرة كوميدية من أمتع ما يكون. بينما ترامب يمر أمام كيفين الصغير بالصدفة .. سأل كيفين ترامب .. سيدي أين يوجد مكتب الإستعلامات؟ .. وقال ترامب من هنا .. وشكره كيفين .. هذا في فيلم:"1992ضائع في نيويورك". ولا ننسى عبر الشمال الغربي" (1959) وفي تتمة بطلبات حجز "نفس الغرفة مع بيديت" ، ولكن في الواقع لم تكن هناك غرف مع بيديت هنا قام صناع الأفلام أنفسهم بتثبيت جهاز السباكة في الغرفة. عندما سئل هوجان عن أي حيوان في مجموعة كروكودايل دندي عانوا أكثر من غيره ، أجاب الممثل ، دون التفكير مرتين ، "بافالو"! "أنت ترى ، إذا كان الجاموس لا يريد أن يفعل شيئًا ، ويزن حوالي طن ، مما يجعله ببساطة غير وارد. لذلك عليك فقط التجول ، والجلوس ، والاستلقاء وانتظر الحيوان ليرى أنه من الضروري الانتباه إليك. لقد قضينا يومًا كاملًا في إطلاق النار على أحد الجاموس لمجرد أنه لم يكن لديه الرغبة في التعاون". إعادة شراء حقوق فيلمهم في الولايات المتحدة الأمريكية هم رفاق من 20 "التمساح" دندي أول من عرض على المبدعين من إلى اجتماع مع جاك كورنيل ، الذي أحضر نسخة من الصورة ، التي شاهدت حوالي 20 دقيقة من سلاج ومع ذلك ، تم إرسال "الثعلب القرن" الفيلم ، ثماني مرات خلال هذا الوقت نظر بوضوح في ساعته ورفض في نهاية المطاف لشراء. كان كورنيل غاضباً من رفضه للقلب ، لأنه ببساطة لم يكن يتوقع مثل هذا الموقف الغبي. ومع ذلك ، فقد أحب أن يتذكر هذه القصة ، وكذلك التفكير في موضوع من الذي يعمل الآن الشاب الصغير من فوكس. تم شراء الحقوق في النهاية بواسطة "صور قصوى". فقد" قبل سبع دقائق. في الأساس ، أزالوا عددًا من "التمساح" دندي في عملية تصحيح الأخطاء الأمريكية ، ثم النسخة الدولية لفيلم المشاهد والحوارات من الجزء الأول ، حيث يتم الإجراء في أستراليا ، نظرًا لأن النكات المحلية التي تستخدم اللون العامي واللون الأسترالي كانت بالكاد "تدخل" الجماهير من قارات أخرى وفقًا لرئيس باراماونت للتوزيع باري لندن ، فقد اضطروا إلى "تسريع بعض الشيء ، حيث أن الجزء الأول من الفيلم هدأ الاهتمام". في الاتحاد السوفياتي ، بالطبع ، أظهروا بالضبط هذا الإصدار من الصورة. في النسخة الأمريكية ، ظهرت علامات الاقتباس حول كلمة "تمساح" ، لأن الموزعين أرادوا تركيز انتباه الجمهور على أنه اسم مستعار ، وليس مفترسًا مسننًا. بالمناسبة ، بعد مرور عام ، دخلت ليندا كوزلوفسكي وبول هوجان في زواج قانوني استمر حتى عام 2014. لديهم ابن اسمه تشانس ، فضلا عن تلاثة أفلام حول التمساح دندي في الأصل بالنظر إلى أن الزوجين المطلقين ، هوجان هو بالفعل أقل من 80 ، وكوزلوفسكي لم يكن في الأفلام منذ عام 2001 ، من غير المرجح أن نرى تتمة. لذلك ، نسارع إلى مراجعة أفلامنا المفضلة ، خاصة وأن هذه القصة لم تفقد سحرها على مدار الثلاثين عامًا الماضية. '' نحن أمة رسالة و أصحاب حق و علينا أن نكون في هذا المستوى و على العالم التعامل معنا على هذا الأساس '' منذ كان الإنسان كانت الكلمة ، و منذ كان الإسلام كان الأدب إحدى أدواته الرسالية . و من ثم قد أخرجا للوجود أمة رسالية ترى الوجود من حولها جميلاً . لأنها كل يوم تقرأ أجمل بيان تلي على الأرض . إن الأدب يؤدي إلى تغير إنساني يجعل الإنسان أكثر رقياً و أكثر رحابة و يعمل على زيادة معرفة النفس البشرية .