كتاب عربي 21

عن موسم رمضان الجميل ودلالاته

ياسر الزعاترة
1300x600
1300x600

"ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب" الحج (23).


هو الشهر الأجمل، هذا الشهر الذي لا يدرك عظمته غير الباحثين عن السعادة في ظلال الإيمان . . عن الفرح في لحظات القرب من الله عز وجل.


"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون". البقرة (183).
الصيام هو أفضل الطرق لتحقيق التقوى وأقله الاقتراب من عليائها. فبالتقوى تصفو القلوب وتغدو أكثر ترفعا عن متاع الدنيا، وعن كل ما يغضب الله عزّ وجل.


الذين لا يعرفون الصيام يجهلون طريق التقوى، وهم إلى "متاع الغرور" أقرب، لأنهم يلهثون خلف سعادة وهمية، إذ ليس للمُعرِض عن ذكر الله إلاّ المعيشة الضنك؛ كما تؤكد الآية الكريمة.


هو موسم سنوي رائع تتوحد فيه الأمّة على طقس يعيدها إلى روحها وهويّتها، ويذكّرها بالمشترك فيما بينها: ربها الواحد، دينها الواحد، قرآنها المحفوظ بأمر الله، نبيّها؛ خاتم المرسلين وأعظم خلق الله أجمعين.


تتوحد الأمّة. تتذكر همومها وأحزانها. تفعل ذلك من أجل أن تؤسس لزمن آخر، مثل ذلك الذي أطّلت بشائره من جولات رائعة عرفتها مواسم رمضانية كثيرة على مرّ القرون.


لم تتوقف سهام الأعداء عن مطاردة هذه الأمّة في يوم من الأيام، وبعضهم من أبناء جلدتها المحسوبين عليها، لكنها هذه الأيام أكثر شراسة. إنها تطارد إسلامها لأنه راية الوحدة وعنوان القوة. تقول إنها تطارد "الإسلام السياسي"، فيما الحقيقة أنها تطارد التديّن، بل الدين ذاته، وإن كان منطلقها هو حرمان الأمّة من سر أسرار قوتها.

 

جراح الأمّة كثيرة، بل كثيرة جدا، ويصعب الحديث عنها بالتفصيل، إن كان في سوريا أم اليمن، وصولا إلى البعيد في الصين والهند ومناطق شتى، يتم استهدافهم فيها.

في رمضان تعود الأمّة إلى نفسها. إلى قرآنها. وفيه تتذكّر أمجادها. تصقل روحها. تتزود لرحلة جهاد جديدة، قد تكون أكثر صعوبة من سابقاتها.


رمضان هذا العام، وكما كان منذ أعوام خلت، هو شهر الجهاد والصمود والمقاومة، بخاصة في فلسطين التي تقاوم منطق الذل ومطاردة المقاومة وبيع الوطن بالرواتب ولقمة العيش. فلسطين التي يحلم الغزاة بتصفية قضيتها عبر "سلام اقتصادي" يتواطأ مقاولو التطبيع العرب معه، بجانب سلطة العار وقيادتها في رام الله. في رمضان يُتوقع أن تكثر التضحيات، وستكثر البطولات بالضرورة. الغزاة يحسبون ألف حساب لإمكانية اندلاع الانتفاضة فيه. هم في مأزق كبير وتراجع واضح، لولا "حبل" أناس مهزومين، يُحسبون على الأمّة، وهم خنجر في ظهرها.


جراح الأمّة كثيرة، بل كثيرة جدا، ويصعب الحديث عنها بالتفصيل، إن كان في سوريا أم اليمن، وصولا إلى البعيد في الصين والهند ومناطق شتى، يتم استهدافهم فيها.


في رمضان زاد للعام كله، على رغم أن زاد المؤمن لا ينقطع، بل يتواصل على نحو يومي، بل في كل ساعة، لكن رمضان هو الزاد السنوي الذي يتميز بما يلقيه في الأرواح من إيمان وتقوى وصبر تساعد المؤمن على مواجهة ما تبقى من هموم العام.


في رمضان تتكافل الأمّة. تتذكّر ضعفاءها وفقراءها. تتذكّر أبطالها وشهداءها وأسراها، هي التي لم تنسهم أبدا، بيد أن حضورهم يكون مختلفا في هذا الشهر. في الفطور والسحور. في الصلاة والدعاء والقنوت.


أشقياء من لا يعرفون روعة هذا الزاد السنوي. من لا يستثمرونه كي يملؤوا منه أرواحهم حتى تصبح أقوى في مواجهة الكروب.


يقول تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ" الأنفال (24)، وحياة الأمّة في الجهاد، وجهاد النفس هو البداية، ومن بعده تغدو الروح جاهزة لكل أشكال العطاء.


1
التعليقات (1)
فيصل
الأحد، 03-04-2022 01:22 ص
أحسنت وأبدعت بارك الله فيك نرجوا من الله ان ينير درب أمة نييه محمد صلى الله عليه وسلم ويخرجها من التيه الذي هي فيه وينهضها من الغفلة التي هي فيها نحو العزة والنصر يا الله.