تقارير

سخنين.. بلاد الأرجواني ومفجرة يوم الأرض

كانت سخنين مركزا هاما من مراكز الثورة منذ بداية ثورة فلسطين الكبرى
كانت سخنين مركزا هاما من مراكز الثورة منذ بداية ثورة فلسطين الكبرى

موطن لأكبر عدد من المتصوفة داخل فلسطين المحتلة عام 1948، تخبئ بين تلالها تاريخا ضاربا في القدم لأكثر من 3,500 عام. 

وتعتبر من المدن الفقيرة، وترتفع نسبة البطالة فيها مقارنة بباقي المدن، ويعاني أهلها مثل بقية الفلسطينيين الذين يعيشون داخل الخط الأخضر من تضييق السلطات الإسرائيلية عليهم، ويواجهون تراجعا كبيرا في الأراضي المخصصة للبناء في ظل سماح تلك السلطات للبلدات اليهودية المجاورة بالتمدد على حساب المدن الفلسطينية. 

سخنين مدينة فلسطينية عربية تقع شمال فلسطين المحتلة عام 1948 في مركز الجليل الأسفل، شمال شرقي شفا عمرو، وإلى الجنوب الشرقي من مدينة عكا، وبنيت على ثلاث تلال وتحيط بها سلسلة جبال يصل أقصى ارتفاع لها إلى 602 متر، وتبلغ مساحتها 9,816 دونما.


وأعلنت كمدينة في عام 1995، بحسب قانون سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وبلغ عدد سكانها عام 2017، نحو 31 ألف نسمة غالبيتهم من المسلمين إلى جانب أقلية مسيحية كبيرة. 

 

 

                                قرية سخنين عام 1930


عرفت بأسماء متعددة عبر مراحل تاريخها، فقد عرفت في زمن تحوتمس الثاني باسم "سَخن" أو "ساجان" ومعناها وكلاء تجاريون في الشمال حيث كان التجار يأتون في فصل الربيع إلى منطقة وادي القطن الواقعة شمال غرب سخنين وكان يكثر فيها نوع من الحلزونات الصبغية التي تفرز اللون الأرجواني فيجمعه التجار، ويبيعون الصبغ لكهنة الفراعنة لصبغ ثيابهم في المناسبات الدينية، وهو صبغ غالي الثمن، وتذكر البرديات أن تحوتمس الثاني أثناء احتلاله للبلاد مر على بلد مدينة عامرة تدعى "ساجان" ويصفها ويصف موقعها بالضبط. 

وبعد أن وقعت البلدة تحت احتلال عدة شعوب تغيير الاسم وتحرف اسمها من "ساجان" إلى "سوجنين" في زمن الكنعانيين وإلى "سوخنين" في زمن لاحق، وحرف الاسم في الفترة العربية إلى سخنين لسهولة اللفظ. 

في عام 1596 ظهرت سخنين في سجلات الضرائب العثمانية في ناحية عكا، والتي كانت جزءا من سنجق صفد، حيث كان عدد سكانها يقارب 66 أسرة وثمانية عزاب، كلهم من المسلمين. ودفع القرويون ضريبة ثابتة بنسبة 20% على مختلف المنتجات الزراعية، بما في ذلك القمح والشعير والزيتون والقطن، بالإضافة إلى طاحونة المياه، ما مجموعه 12,138 آقجة. 

 

                         مبنى كلية دار المعلمين في مدينة سخنين

وفي عام 1838 تمت الإشارة إلى سخنين كقرية إسلامية ومسيحية مشتركة في منطقة الشاغور، الواقعة بين صفد وعكا وطبرية. 

وفي عام 1881 وصف "صندوق استكشاف فلسطين" سخنين بأنها: "قرية كبيرة من الحجر والطين، تقع وسط بساتين الزيتون الجميلة، مع مسجد صغير. تأتي امدادات المياه إليها من بركة كبيرة تصل إلى حوالي نصف ميل وتقع إلى الجنوب الشرقي". 

كانت سخنين مركزا هاما من مراكز الثورة منذ بداية ثورة فلسطين الكبرى في العقد الأول للقرن العشرين مرورا بثورات 1921 و1929 وحتى ثورة فلسطين الكبرى عام 1936 والتي استمرت حتى عام 1939، وقد تعرضت سخنين لحصار عدة مرات من قبل القوات البريطانية، وكان هذا الحصار يسمى الطوق وكانت أقسى هذه الأطواق في عام 1938. 

 

                 النصب التذكاري لشهداء يوم الأرض ـ مقبرة الشهداء سخنين

خلال حرب عام 1948 تجند المئات من سكان سخنين في جيش الإنقاذ، وتحولت البلدة إلى قلعة تحمي كل القرى والمنطقة. وبرز دور سخنين العسكري بعد سقوط عكا والقرى المجاورة لها حيث قام سكان سخنين بحماية القرى الواقعة إلى الغرب وحاولوا بإمكانياتهم البسيطة الدفاع عن هذه القرى وكانت دوريات الحرس تخرج من سخنين لمنع تقدم القوات اليهودية. 

وقعت سخنين تحت سيطرة القوات الإسرائيلية في تموز/ يوليو عام 1948، لكن القوات العربية أعادت السيطرة عليها بعد ذلك بوقت قصير، وسقطت أخيرا في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1948 وبقي غالبية السكان في سخنين، وبعد توقيع اتفاقيات الهدنة عام 1949 ضمت مع باقي منطقة الجليل إلى دولة الاحتلال . 

وفي عام 1970 قرر الاحتلال إقامة مدينة "كرميئيل" اليهودية قرب سخنين وصادر لهذه الغاية 5 آلاف دونم من الأراضي الزراعية التابعة لأهالي سخينن. وفي 30 آذار/ مارس عام 1976 تظاهر سكان سخنين ضد الخطة الإسرائيلية لسرقة الأرض الفلسطينية مع القرى أخرى مما أدى إلى اشتباكات مع الشرطة الإسرائيلية، استشهد خلالها ثلاثة من أبناء سخنين على يد الشرطة وهم: رجا أبو ريا، وخضر خلايلة، وخديجة شواهنة. وخير ياسين من عرابة، ومحسن طه من كفركنا، ورأفت الزهيري من مخيم عين شمس، في إطار الاحتجاجات التي خرجت رفضا لقرار السلطات الإسرائيلية بالاستيلاء على نحو 21 ألف دونم من أراضي قرى عرابة، وسخنين، ودير حنا عام 1976 بهدف تهويد الجليل وإقامة مستوطنات جديدة وتفريغه من العرب. 

 

                  مظاهرة في ذكرى يوم الأرض في سخنين

ولا يزال هذا الحدث يعد ذكرى سنوية في إطار يوم الأرض الذي يصادف الخميس المقبل، وقد خلد ذلك اليوم في التاريخ والذاكرة الفلسطينية بوصفه يوما للتحدي والصمود التمسك بالأرض التي هي أساس الصراع. 

المراجع 

ـ ناهد درباس، سخنين 1976... شهادات من معركة يوم الأرض، العربي الجديد، 30/3/2018. 

ـ مدينة سخنين، الموسوعة الفلسطينية، 3/8/2014. 

ـ سخنين، الجزيرة نت، 9/11/2014. 

ـ سخنين قضاء عكا، موقع فلسطين في الذاكرة. 


التعليقات (0)