سياسة عربية

رغم انحسار كورونا.. مصر تشدد القيود على المساجد برمضان

خبير لـ"عربي21": القرارات الأخيرة بحق دور العبادة تدل على محاولة الدولة إحكام سيطرتها عليها- cco
خبير لـ"عربي21": القرارات الأخيرة بحق دور العبادة تدل على محاولة الدولة إحكام سيطرتها عليها- cco

قررت وزارة الأوقاف المصرية، تطبيق الإجراءات الاحترازية ذاتها، التي طبقتها خلال رمضان الماضي، على المساجد في شهر رمضان المقبل، وذلك على الرغم من إعلان مصر اقترابها تدريجيا من الوصول لتخطي جائحة "كورونا"، والعودة للحياة لما قبل انتشار الفيروس. 

وفي السادس من آذار/ مارس الجاري، أعلن مستشار رئاسة الجمهورية للشؤون الصحية الوزير السابق محمد عوض تاج الدين، نجاح مصر في مواجهة الجائحة، واقترابها من العودة للحياة الطبيعية.


وفي 12 آذار/ مارس الجاري، ومع انخفاض أعداد المصابين والوفيات بشكل ملحوظ، أعلنت وزارة الصحة، إلغاء البيان اليومي لأعداد الإصابة بفيروس كورونا، واستبداله ببيان أسبوعي، كل يوم سبت.


"ضوابط الذروة"


وبالرغم من ذلك، قررت وزارة الأوقاف المصرية، اتباع إجراءات رمضان الماضي ذاتها، بحق المساجد في رمضان المقبل، المحتمل أن يبدأ وفق الحسابات الفلكية في 2 نيسان/ أبريل المقبل.


والجمعة، أكدت وزارة الأوقاف على إقامة صلاة التراويح هذا العام على النحو الذي تمت به في العام الماضي، وذلك في بيان أصدره المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، نقلا عن الأوقاف.


وأوضحت الوزارة أنه ضمن الضوابط أن تكون مدة التراويح في حدود نصف ساعة مع مراعاة التخفيف، وكذلك إقامة الصلوات وخطبة الجمعة على النحو القائم الآن، مع التشديد على مراعاة جميع الإجراءات الاحترازية وإجراءات التباعد الاجتماعي، وجميع الضوابط التي حددتها لجنة إدارة أزمة كورونا.


وفي الرابع عشر من آذار/ مارس الجاري، قال رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف الدكتور هشام عبد العزيز، إن صلاة التراويح ستقام في المساجد، مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية، مثل رمضان الماضي.


وخلال مداخلة بفضائية "المحور" المحلية، قال إن مدة صلاة التراويح نصف ساعة فقط، مشددا على منع الاعتكاف في المساجد خلال العشر الأواخر من رمضان هذا العام، ومؤكدا على إلغاء "موائد الرحمن"، واستبدالها بمشروع "صكوك الإطعام".


وخلال مداخلة هاتفية لبرنامج "حضرة المواطن" مع الإعلامي سيد علي، أعلن هشام عبد العزيز، عن ضوابط وزارة الأوقاف، وعلى رأسها ارتداء الكمامة والمصلى الشخصي وتحقيق التباعد، وهي نفس التعليمات التي تم العمل بها في رمضان 2021.


وأكد أن ضوابط صلاة التراويح، وإقامة الصلوات وخطبة الجمعة، وصلاة القيام تتم على النحو الذي تمت به في رمضان الماضي، بحيث تكون مدة صلاة القيام نصف ساعة بعد صلاة العشاء مباشرة.


وقررت الوزارة عدم السماح بالدروس الدينية إلا بالمساجد الكبرى الرئيسية الجامعة فقط، لتكون بها بعد صلاة العصر (10 دقائق) وخلال التراويح (5 – 7 دقائق)، مع الالتزام بالموضوعات والخطة الدعوية التي يعلنها القطاع الديني أسبوعيا.


كما قررت، منع اصطحاب الأطفال أو أي أطعمة أو مشروبات، مع قصر العمل بالمساجد التي لا تشملها خطة الدروس على الصلاة الراتبة فقط دون صلاة الجمعة، أم بإقامة الصلوات وخطبة الجمعة، بما لا يزيد على 10 دقائق في الخطبة.


وعلى الرغم من انحسار الفيروس إلى حد كبير في مصر؛ إلا أن وزارة الأوقاف المصرية شددت على استمرار فتح المساجد قبل الصلاة بـ10 دقائق وغلقها بعد صلاة الجماعة بما في ذلك صلاة التراويح.


وكان وكيل وزارة الأوقاف لشؤون الدعوة الدكتور أيمن عمر، قد كشف في 21 شباط/ فبراير الماضي، عن استمرار غلق مصلى السيدات وفتحها فقط بمساجد محددة، وفق ضوابط ومعايير احترازية وموافقة الأوقاف.

 

الأوقاف: لا نلام


ويقول معارضون للقرار إن الحكومة المصرية رفعت قراراتها بشأن غلق المقاهي والنوادي ودور السينما والحفلات الغنائية ومراكز التسوق وغيرها مطلع حزيران/ يونيو الماضي، إلا أن تعليمات الأوقاف التي أعلنها عمر، شملت وقف حلقات تحفيظ القرآن بالمساجد، ورفع المصاحف.


وفي رده على مقارنة ضوابط المساجد ببعض الأماكن الأخرى المفتوحة، قال المسؤول بوزارة الأوقاف: "لا نريد مقارنة المساجد بالأماكن الأخرى، لا يلام المنضبط على انضباطه".


وفي 12 آذار/ مارس الجاري، قرر وزير الأوقاف إغلاق مسجد الحسين بن علي سبط رسول الإسلام "صلى الله عليه وسلم" بالقاهرة بشكل كلي، حتى نهاية شهر رمضان، بدعوى أعمال الصيانة والترميم.


من جانبه، أكد المسؤول بأوقاف الشرقية الشيخ مصطفى عبد المنعم، أن "ضوابط الشهر الكريم لا تختلف عن العام السابق إلا قليلا".


وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أنه "بالنسبة لصلاة التراويح، فستكون بين 30 و60 دقيقة بضوابط وشروط عدم الإضرار بالمصلين، ودون مكبرات صوت خارجية ويكتفى بالمكبرات الداخلية فقط".


وأشار إلى أن "الدروس الدينية تعود بعد صلاة العصر وخلال صلاة التراويح ولا تتعدى 10 دقائق".


ولفت إلى أن "التعليمات بشكل عام هي عدم الإطالة في إقامة أي من الشعائر، وتنفيذها دون مخالفات"، مبينا أنه "لا تشديد على ارتداء الكمامة أو حمل المصليات الشخصية، إلا في حال الزحام الشديد".


وأكد أن "الوزارة سمحت بفتح مصليات السيدات ببعض المساجد التي يتوافر فيها مشرفة تابعة للوزارة تطبق الإجراءات والضوابط لمنع أي ضرر أو أزمات أو تجاوزات قد تحدث ولا تليق ببيوت الله".


وبين أن "التعليمات الصريحة هي إراحة المصلين والحفاظ عليهم وعدم تضررهم".


وعن الاعتكاف، أكد أن "التعليمات النهائية بشأنه تصل منتصف الشهر الكريم، ولكنه بشكل عام لا يكون في جميع المساجد ويجري اختيار بعضها وبضوابط كثيرة".


"إجراءات لازمة"


وبشأن وضع الجائحة قبيل رمضان ومعدلات انتشار الفيروس وأعداد الإصابات والوفيات واحتمال تأثيرها على المصريين في رمضان، قال مدير عام الإدارة العامة للأمراض الصدرية بوزارة الصحة الدكتور وجدي أمين، إن "الأمور إلى أفضل بكثير ولكن ومع ذلك لا بد من الحفاظ على الإجراءات الاحترازية".


وعن التوقيت الأمثل لوقف العمل بالإجراءات الاحترازية وهل تكون في رمضان، أكد لـ"عربي21"، أنه لا يمكن التكهن به ولكن عند الوصول إلى نسب تطعيمات تصل لـ70 و80 بالمئة، وتقل نسب الإصابات بشكل مُرض، ولا تظهر تحورات أخرى للفيروس، عندها يمكن الاطمئنان".


وحول نسب التطعيمات التي جرت ووضع الفيروس قبيل رمضان وهل هو مطمئن أم لا؟ قال إنه "لا يمكن القول بأن الوضع مطمئن أو غير مطمئن، ونحتاج بعض الدراسة للموقف، ولكن في الوقت الحالي لا يمكنني الجزم بشيء ما".


وعما تتخذه وزارة الأوقاف من إجراءات في رمضان في الوقت الذي لا تتم تلك الإجراءات في مناطق التسوق والكافيهات والنوادي وغيرها، رأى المسؤول بوزارة الصحة، أنه "إجراء محمود في إطار الحرص على الصحة والسلامة العامة".


"مسؤولية الدول"


وعند المقارنة بين الإجراءات المعمول بها في مصر، وقرارات الدول الأوروبية بوقف الإجراءات الاحترازية، لفت المدير التنفيذي‏ لدى ‏"المركز المصري للحق في الدواء "ابن سينا""‏ الدكتور محمود فؤاد، في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "مصر دولة عضو في منظمة الصحة العالمية التي حددت الإجراءات الاحترازية، بالإضافة إلى أن تنفيذها أو عدمه مسؤولية كل دولة على حدة".


وفي 4 آذار/ مارس الجاري، قررت السعودية رفع الإجراءات الاحترازية والوقائية المتعلقة بمكافحة جائحة كورونا، وإيقاف تطبيق إجراءات التباعد في المسجدين الحرام بمكة والمدينة، وهو الإجراء الذي اتخذته الكثير من دول أوروبا بالتتابع خلال شباط/ فبراير الماضي، بينها الدنمارك وسويسرا والسويد والنرويج والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وغيرها.


"إحكام السيطرة"


وانتقد المفكر الإسلامي الدكتور وصفي عاشور أبو زيد، استمرار تعليمات المنع والحظر والغلق والتضييق وتقصير وتقليل شعائر رمضان، رغم انحسار خطر فيروس "كورونا"، وعدم تطبيق تلك الإجراءات على النوادي والكافيهات ومراكز التسوق والمؤسسات الحكومية، وغيرها.


وقال عضو "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، في حديثه لـ"عربي21": "الدنيا كلها الآن تعود للحياة الطبيعية ورفع التدابير الاحترازية جراء جائحة كورونا، وأظن أن قرارات وزارة الأوقاف بحق المساجد وصلاة التراويح والاعتكاف في رمضان، تدل على محاولة الدولة إحكام سيطرتها على المساجد، وعدم السماح لأي أحد أن يتنفس ولا أن يتكلم".


ولفت الأكاديمي المصري، إلى أن "هذه القرارات تأتي في إطار ما تعيشه مصر في ظل حكم الدولة التي تمارس ما تمارسه منذ سنوات ومشهور ومعروف لدى الجميع".


وأضاف: "المساجد لله سبحانه وتعالى لا يجوز أن يُتحكم فيها بهذا الشكل، وإنما ينبغي أن تُتاح للناس، وأن تكون أماكن للعبادة ولا تخضع للحسابات الأمنية".


التعليقات (1)
عبدالله المصري
الأحد، 27-03-2022 10:45 ص
المافيا التي صنعتها الهيمنة الأمريكية تحاول بالتدريج الغاء العبادات في رمضان و وضع محلها فوازير و مسلسلات و رامز .