سياسة تركية

تركيا 2022.. أجندات داخلية وخارجية تسبق انتخابات حاسمة

أردوغان أعلن عن خطة اقتصادية جديدة تسبق الانتخابات المرتقبة- الأناضول
أردوغان أعلن عن خطة اقتصادية جديدة تسبق الانتخابات المرتقبة- الأناضول

توقعت مجلة تركية، تواصل الجدل السياسي في البلاد خلال عام 2022، في الوقت الذي طرح فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخطة الاقتصادية الجديدة التي ستؤثر بشكل مباشر على الانتخابات المرتقبة في حزيران/ يونيو 2023.

 

ورأت مجلة "كريتر" التركية في تقريرها السنوي، أن الرئيس التركي في الطريق إلى الانتخابات المرتقبة عام 2023 سيواصل الحفاظ على السياسة الخارجية والداخلية، والأمن والاقتصاد كمجالات تؤثر على بعضها، كما أن خطواته الأخيرة تجاه الاقتصاد أعادت التأكيد أنه الحل لمعالجة المشاكل الناجمة عن الوباء في تركيا.

 

وأضافت أن المعارضة التي لم تتمكن حتى من تحديد مرشحها في سباق الرئاسة، أمضت العام الماضي وهي تطالب بالانتخابات المبكرة.

 

النموذج الاقتصادي الجديد وأهدافه

 

وقالت المجلة، إن الرئيس التركي قدم نموذجه الاقتصادي الجديد، واتخذ خطوة طموحة ستحدد مصير الانتخابات في عام 2023، واعتمد نهجا موجها نحو تحقيق النمو والتصدير والاستثمار، مؤكدا أن ارتفاع أسعار الفائدة سيقود الاقتصاد إلى الركود والبطالة، وإدراكا لمخاطر هذا التحول، فإنه سرعان ما سيطر على ارتفاع أسعار الصرف غير الصحية، بالإعلان عن أدوات جديدة في 20 كانون الأول/ ديسمبر.

 

وبينما يتم اتخاذ تدابير ضد الأسعار الباهظة والاحتكار، فإن قضية ارتفاع التضخم على جدول أعمال العالم بأسره.

 

ورأت المجلة، أن أردوغان مع خطوته الأخيرة، أعاد التأكيد للناخبين أنه الحل لمعالجة المشاكل الناجمة عن الوباء في تركيا.

 

وأشارت إلى أن الخطوة الاقتصادية الجديدة لأردوغان يكمن خلفها الاستعداد للمراحل المتقدمة ما بعد مرحلة الوباء، وبالنظر إلى الآثار العالمية للوباء الذي من المتوقع أن يفقد تأثيره تدريجيا بحلول نهاية عام 2022، فإنه يريد الاستفادة من الفرص وبالتالي تحقيق قفزة اقتصادية جديدة، بالسعي لتحويل تركيا إلى قاعدة إنتاج واستثمار وزيادة حصة البلاد في التجارة العالمية من خلال تدارك الانقطاع في سلسلة التوريد.

 

اقرأ أيضا: تركيا تنتقل إلى 2022 بمحاولة "تصفير المشاكل" مع خصومها
 

وأضافت أن تركيا ما زالت تحتل المرتبة الـ16 عالميا في الصناعات التحويلية بقيمة 125 مليار دولار، وتهدف للوصول إلى قائمة العشر الأوائل.

 

وأشارت إلى أن الحكومة بنموذج "النمو الرأسي" المعتمد تهدف إلى تقليل عجز الحساب الجاري، وتحويله إلى فائض، مع الحفاظ على ارتفاع معدل النمو.

 

خطوة أردوغان ومأزق المعارضة

 

ورأت المجلة، أن المعارضة التركية بنت خطتها بشكل كامل ليس وفقا لمشاريعها وأطروحاتها الخاصة، بل على فشل محتمل لحزب العدالة والتنمية، ولذلك فقد خسرت المعارضة التي كتبت سيناريوهات كارثية عن الاقتصاد حتى 20 كانون الأول/ ديسمبر وخططت للحصول على ميزة في انتخابات 2023 ما كانت تملكه في قبضتها، فلم يتوقعوا قدرة أردوغان على اتخاذ خطوات تدعم ثقة الجمهور به.

 

وعلى الرغم من أن المعارضة لا تزال تنتقد النموذج الاقتصادي الجديد، فإن أردوغان الذي يقود الأجندة مصمم على تعزيز تفوقه بخطوات جديدة.

 

وفي الطريق إلى انتخابات 2023، سيواصل أردوغان في تحديد السياسة الخارجية والأمن والسياسة الداخلية والاقتصاد كمجالات تؤثر على بعضها البعض، وكما يتبين من الانتقادات الموجهة إلى بلديات حزب الشعب الجمهوري، فإن الحزب سيكون هو الذي سيحدد مواضيع الجدل داخليا في الأشهر المقبلة.

 

ورأت المجلة أن الرئيس التركي سيتخذ خطوات جديدة تكشف عن نقاط ضعف المعارضة في عدم القدرة على تسمية مرشحيها، وافتقارها للبرامج والشعبوية التي تكسب المرشحين.

 

ويبدو أن المعارضة في عام 2022 لن تتخلى عن دعوتها إلى إجراء انتخابات مبكرة، حتى لو لم تحقق أي نتائج، لأن هذه الدعوات تمنع إدارة الأحزاب التي اجتمعت في مواجهة أردوغان للتعرض للاستجواب من قواعدها الشعبية.

 

وأضافت أنه رغم دعوات المعارضة لإجراء انتخابات مبكرة، فسيتركز عمل الحكومة على إظهار نتائج النموذج الاقتصادي للجمهور.

 

وأشارت إلى أن الحكومة التي تحول المزيد من الموارد إلى القطاع الزراعي، ورفعت الحد الأدنى للأجور، ورفعت رواتب الموظفين والمتقاعدين، ستسعى لتحقيق تطورات إيجابية على صعيد القطاع السياحي الذي تباطأ بسبب الوباء، وتقليل تكاليف الطاقة، وخفض التضخم وزيادة الصادرات واستمرار فائض الحساب التجاري والتوظيف.

 

وسيركز حزب العدالة والتنمية في أجندته على المشاريع الإيجابية التي حققها من لقاح توركوفاك، والسيارة المحلية، وتشغيل الوحدة الأولى لمفاعل أكويو النووي، واستخدام الغاز المستخرج من البحر الأسود وغيرها.

 

اقرأ أيضا: كيف كانت العلاقات بين أنقرة وواشنطن في العام 2021؟
 

وعلى صعيد المعارضة التي لم تعثر على مرشحها المشترك، فستواصل خلال الفترة الجارية مناقشة المرشحين المحتملين لسباق الرئاسة، بالإضافة إلى خطاب يرتكز على مقترحات خاصة بشأن "الدستور الجديد" و"النظام البرلماني المعزز" و"المرحلة الانتقالية"، وخطابات قائمة على الجدل والنقاشات الحادة، بالإضافة إلى "مداهمات" من كليتشدار أوغلو لمؤسسات حكومية على غرار هيئة الإحصاء ووزارة التربية.

 

وأشارت المجلة إلى أن العام الجديد سيشهد منافسة حادة تستهدف الناخبين بين تحالفي "الجمهور" و"الشعب"، لا سيما الناخبين الأكراد والمحافظين وجيل الشباب.

 

وستتعمق التناقضات بين الأحزاب المعارضة مثل حزب السعادة، والمستقبل، والديمقراطية والتقدم، فعلى الرغم من أن حزب الشعب الجمهوري يستخدم هذه الأحزاب في مواجهة الرئيس أردوغان لاسترضاء الناخبين المحافظين المتدينين، إلا أن الخطاب الهامشي لدى حسابات المعارضة وبروز النهج العلماني في بعض الأحيان يجعل من هذا الجهد غير فعال.

 

وأضافت المجلة أن القرار الحاسم لدى حزب الشعب الجمهوري بالتصويت بـ"لا" على مذكرة "العراق وسوريا" عام 2021، مهد التقارب بين "الشعب الجمهوري" و"الشعوب الديمقراطي"، إلى جانب القضية الجديدة بشأن "المتهمين بالتورط بمنظمات إرهابية" العاملين في بلدية إسطنبول الكبرى.


وفي حين أن مستقبل حزب الشعوب الديمقراطي سوف يتشكل بقرار من المحكمة الدستورية، فإن علاقة المعارضة مع هذا الحزب ستظل مسألة جدلية.

 

مخاطر وفرص تركيا في السياسة الخارجية في 2022

 

وفي عام 2022، من المتوقع أن تتسارع وتيرة سياسة تطبيع العلاقات مع أرمينيا وإسرائيل ومصر والسعودية، ورغم وجود انتقادات لهذه التطورات من المعارضة، فإن هذه الأجندة ستكون لصالح الحكومة.

 

ورأت المجلة أن التوتر في البحر الأسود وأوكرانيا يتطلب من تركيا أن تكون فعالة دبلوماسيا، ويمكن للدبلوماسية التركية أن تحصل على نتائج تحافظ على العلاقات مع كل من الولايات المتحدة وروسيا.

 

وستواصل نجاحات المسيرات التركية التي لعبت دورا في تغيير قواعد اللعبة في مناطق الأزمات مثل سوريا وليبيا وكاراباخ وإثيوبيا، الحضور في صدارة جدول الأعمال الدولي.

 

أما بالنسبة للعلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فهي لا تجري بشكل جيد بسبب اليونان ومواقفها "الخاطئة" وتسلحها المتواصل.

 

اقرأ أيضا: هل يملك أردوغان عصا سحرية لخفض الأسعار بعد صعود الليرة؟
 

وأضافت المجلة أن الهدف طويل الأجل للسياسة الخارجية التركية بقيادة أردوغان هو رفع مكانة تركيا دوليا، لتصبح لاعبا أكثر فاعلية في النظام العالمي، مشيرة إلى أن اللجوء للقوة الحازمة مع سياسة التطبيع تعد سياسات تقود إلى ذات الهدف وتكمل بعضها البعض.

 

ورجحت المجلة أن تقود أنقرة حراكا دبلوماسيا استباقيا وجريئا خلال العام 2022.

 

ويعد الملف السوري (إدلب ووحدات حماية الشعب الكردية)، وأطروحات اليونان، وقضايا التنقيب في قبرص وشرق البحر الأبيض المتوسط هي أيضا ملفات محتملة للتوتر، ورأت الصحيفة أن النهج غير العادل للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في هذه التوترات المحتملة من المرجح أن يؤثر سلبا على العلاقات التركية الغربية.

 

ولم تستبعد المجلة في الختام، وجود محاولات خارجية للتأثير على السياسة الداخلية في تركيا بهدف الوصول إلى "تركيا بلا أردوغان".

التعليقات (0)