مقالات مختارة

ثلاثة أسئلة ينبغي الرد عليها حول «أوميكرون»

أشيش كومار جها
1300x600
1300x600

كل بضعة أشهر، يتعرف العالم على نوع جديد من فيروس كورونا، وفي حين أن معظم هذه المتحورات لا تحمل أهمية تذكر، فإن بعضها، مثل المتحور «دلتا»، ينطوي على أهمية كبيرة. أما أحدث متحورات الفيروس، فهو «بي.1.1.529» الذي أصبح يعرف باسم المتحور «أوميكرون»، وهو يبدو جديراً بمراقبة عميقة بسبب مخاوف من أنه ربما ينتشر بسرعة تفوق «دلتا»، حتى ربما بين من حصلوا على اللقاح. ومن الضروري أن يستجيب قادة العالم بسرعة وبقوة حتى قبل توافر جميع البيانات حول هذا المتحور.


وخلال الأيام المقبلة، ومع تزايد المعلومات، سيكون من المغري الاستسلام لمشاعر الخوف أو اللامبالاة. الحقيقة أنه لا يمكننا الاستسلام لأي منهما، بل يجب على المجتمع الدولي أن يأخذ كل متغير على محمل الجد. والمؤكد أن التحرك مبكراً أفضل كثيراً من الانتظار حتى تظهر كل الحقائق.

وربما بمرور الوقت يتضح أن هذا المتحور ليس أكثر عدوى أو أنه يستجيب بشكل جيد للقاحات المتوافرة حالياً لدينا. في إطار هذا السيناريو، قد يجري النظر إلى الاستجابة الحالية باعتبارها رد فعل مبالغاً فيه. في المقابل، فإنه إذا تبين أن هذا المتحور، بكل سماته المثيرة للقلق، معدٍ ولديه القدرة على مراوغة جهاز المناعة، مثلما يخشى كثير من الخبراء، فإن الانتظار حتى يجري الكشف عن جميع الحقائق سوف يتركنا متأخرين على نحو يضيع من أيدينا الأمل.


والآن، إلى أي مدى يثير «أوميكرون» القلق؟ في الواقع، هناك 3 أسئلة أساسية تساعد العلماء على فهم مدى أهمية أي متحور.


يدور السؤال الأول حول ما إذا كان المتغير أكثر قابلية للانتقال عن سلالة دلتا الحالية السائدة؟ والسؤال الثاني هو؛ هل يسبب مرضاً أشد خطورة؟ وأخيراً ثالثاً؛ هل سيجعل دفاعاتنا المناعية، من اللقاحات والإصابات السابقة، أقل فعالية (ظاهرة تُعرف باسم الهروب المناعي)؟


فيما يتعلق بقابلية الانتقال من شخص لآخر، تبدو البيانات مثيرة للقلق، رغم أن الوقت ما زال مبكراً لإصدار حكم نهائي بهذا الصدد. وعلى ما يبدو، انطلق هذا المتحور الجديد بسرعة بالغة عبر جنوب أفريقيا، وتشير البيانات الوطنية المبكرة إلى أن المتحور الجديد يشكل بالفعل غالبية الحالات المتسلسلة داخل البلاد.


ومن المحتمل أن تخضع هذه البيانات المبكرة للمراجعة في وقت ينظر علماء الأوبئة عن كثب إلى عوامل أخرى غير القابلية للانتقال، مثل ما إذا كان ثمة حدث أسهم في نشر المتحور «أوميكرون» بين عدد هائل من الأشخاص في وقت مبكر جعله يبدو أكثر قدرة على الانتقال مما هو عليه بالفعل. ومع أن هذا يبدو سيناريو ممكناً بالفعل، فإن السيناريو الأكثر احتمالية أن يكون لدى «أوميكرون» بالفعل القدرة على الانتشار بسهولة أكبر عن «دلتا».


ونظراً لأن المتحور الجديد حديث العهد للغاية، فإن العلماء يفتقرون ببساطة إلى بيانات كافية حتى الآن لتقييم ما إذا كان المتحور الجديد يسبب مرضاً أكثر خطورة عن سابقيه. وبالتأكيد، ستتطلب الإجابة عن هذا السؤال متابعة دقيقة للحالات في المستشفيات، جنباً إلى جنب مع جهود التسلسل الفيروسي الموسعة، في كل من جنوب أفريقيا ومناطق أخرى. ويتمثل جزء رئيسي من هذا التحليل في ضرورة ضمان قيام الدول المعنية باختبار كافٍ لعينة واسعة من الناس. وعليه، من المحتمل أن يستغرق حسم هذا الأمر عدة أسابيع.


وأخيراً، من الواضح أن القلق الأكبر المتعلق بـ«أوميكرون» يتركز حول مسألة «الهروب المناعي». ودعونا نتحلى بالوضوح هنا؛ من غير المحتمل بدرجة بالغة أن يجعل «أوميكرون» اللقاحات الحالية غير فاعلة على الإطلاق. وحتى الآن، لا يتوفر كثير من البيانات حول مدى فعالية اللقاحات ضد هذا البديل، رغم وجود أسباب تستدعي الشعور بالقلق.

جدير بالذكر في هذا الصدد أن «أوميكرون» يحوي عدداً كبيراً من الطفرات، بما في ذلك البروتين الشائك، جزء من البروتين يستخدمه الفيروس للارتباط بالخلايا البشرية والدخول إليها. وتشكل هذه الأجزاء من البروتين أهمية ضرورية للأجسام المضادة التي يخلقها اللقاح (والناجمة عن العدوى) للحماية من الفيروس. حتى الضربات الصغيرة لفعالية اللقاحات ستتركنا أكثر عرضة للعدوى والمرض ويمكن أن تزيد من صعوبة احتواء الفيروس.


من هنا أعلنت الإدارة الأميركية للتوّ حظر سفر على الأجانب القادمين من 8 دول أفريقية. ومن شأن ذلك إبطاء انتشار الفيروس إلى داخل الولايات المتحدة بقدر متواضع في أحسن الأحوال، بجانب أنه يبعث إشارة سلبية إلى جنوب أفريقيا، التي بذلت جهداً استثنائياً في تحديد المتغير أولاً، ثم مشاركة المعلومات بسرعة مع المجتمع العالمي. حقيقة الأمر أنه غير واضح على الإطلاق ما إذا كان حظر السفر يستحق كل هذا العناء.


في هذا الإطار، يجب أن تدعم الولايات المتحدة الدراسات المستمرة التي تساعد الباحثين على الإجابة عن الأسئلة الرئيسية حول مدى قابلية انتقال المتغير، وما إذا كان يسبب مرضاً أكثر خطورة، وما إذا كان يمكنه الهروب من الدفاعات المناعية. وبالتأكيد، سيعطي هذا للسلطات الصحية صورة أكثر اكتمالاً في أسرع وقت ممكن.


ويجب على الولايات المتحدة تكثيف المراقبة الجينية، بمعنى مراقبة الجينات الفيروسية وكيف تتطور بمرور الوقت، وذلك لرصد «أوميكرون» وتتبعه، خاصة أنه من المحتمل أن ينتشر عبر الأرجاء. في الواقع، كانت الولايات المتحدة متأخرة على نحو مثير للدهشة فيما يخص التسلسل الجينومي، ويجب أن تقدم اليوم أداءً أفضل.


كذلك يجب أن يشرع القادة الأميركيون في الحديث إلى جهات صنع اللقاحات حول الحاجة المحتملة لاستحداث لقاحات موجهة خصيصاً للتعامل مع «أوميكرون». ومع أنه قد لا تكون هناك حاجة لذلك، فإنه إذا كان هناك تأثير كبير على فعالية اللقاح، فستكون حينها جرعات اللقاح الجديدة حاسمة.
وأخيراً، يجب على واشنطن أن تضغط من أجل بذل جهد عالمي لتلقيح مزيد من الأشخاص في أفريقيا. وفي حين أن عمليات توزيع التطعيمات العالمية آخذة في الارتفاع بسرعة، تخلف كثير من القارة الأفريقية عن الركب. في جنوب أفريقيا، جرى تطعيم أقل من ربع السكان بقليل.


لقد كان وباءً طويلاً حتى الآن، لكن دعونا نتذكر دوماً أننا اليوم لا نعود من جديد لما كان عليه الوضع في مارس (آذار) من العام الماضي، فالعالم لديه الآن الوسائل اللازمة لإدارة التعامل مع هذا المتحور، دعونا نستغلها.

 

(الشرق الأوسط اللندنية)


0
التعليقات (0)

خبر عاجل