سياسة تركية

هل تؤثر "مذكرة سوريا" و"الخيانة" على تحالف المعارضة بتركيا؟

كليتشدار أوغلو: "إذا صوت بـ نعم لصالح المذكرة الرئاسية فقد أخون الجمهورية"- جمهورييت
كليتشدار أوغلو: "إذا صوت بـ نعم لصالح المذكرة الرئاسية فقد أخون الجمهورية"- جمهورييت

أثار موقف حزب الشعب الجمهوري، رفضه للمذكرة الرئاسية حول تمديد العمليات التركية في سوريا والعراق، وما أعقبه من تصريحات لزعيمه كمال كليتشدار أوغلو، جدلا في تركيا.

 

وفي 26 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، صادق البرلمان التركي، الثلاثاء، على مذكرة صادرة من الرئيس رجب طيب أردوغان، لتمديد تفويض الحكومة لإرسال قوات لإجراء عمليات عسكرية في سوريا والعراق مدة عامين بدءا من 30 تشرين الأول/ أكتوبر الحالي.

 

وصوت أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحليفه الحركة القومية، بالإضافة إلى حزب "الجيد" المعارض لصالح المذكرة، فيما رفضها لأول مرة حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، إلى جانب حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.

 

وذكرت أوساط تركية، أن موقف حزب الشعب الجمهوري جاء دون التنسيق مع حليفه الرئيس "حزب الجيد"، كما أنه ينسجم مع طموحات حزب الشعوب الديمقراطي الكردي الذي اشترط لبقائه في التحالف بهذا الموقف.

 

موقف حزب الشعب الجمهوري، أعقبته تصريحات لزعيمه، تسببت في انزعاج داخل حزب الجيد الذي يبدي حساسية تجاه حزب الشعوب الديمقراطي الكردي المتهم بدعم منظمة العمال الكردستاني.

 

كليتشدار أوغلو، قال إنه "إذا صوتُّ بـ"نعم" لصالح المذكرة الرئاسية فقد أخون الجمهورية"، مبررا موقفه بأن المذكرة الرئاسية تتضمن بند "وجود قوات أجنبية في تركيا".

 

اقرأ أيضا: البرلمان التركي يمدد تفويض العمليات العسكرية بسوريا والعراق
 

وتحدث كليتشدار أوغلو بأن المذكرة الرئاسية تتضمن "وجود جنود أجانب في تركيا"، متسائلا: "من هذه القوات التي سيتم نشرها في تركيا؟"، على الرغم من أن حزبه كان يصوت لصالح المذكرة منذ سنوات رغم تضمنها هذا البند.

 

وأشارت تقارير إعلامية تركية، إلى أن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، اشترط للبقاء في تحالف المعارضة التصويت بـ"لا" على المذكرة الرئاسية التي تهدف لاستمرار العمليات ضد منظمة العمال الكردستاني.

 

وفي تصريحات سابقة، ألمح حزب الشعوب الديمقراطي الكردي إلى انفصاله عن تحالف المعارضة بسبب عدم تلبية متطلباته.

 

وقال النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، جارو بايلان: "نعتقد أن تحالف الأمة، لا يتطابق مع رؤيتنا، ولذلك سنستمر في طريقنا الخاص بنا بمعزل عنه".

وتابع قائلا: "هم يتحدثون عن العودة إلى النظام البرلماني الديمقراطي، ونحن نقول ذات الشيء، ولكن فهمنا للديمقراطية متقدم عنهم، ولا نعتقد أن تحالف الأمة يلبي تطلعاتنا.. ومن يقولون إن حزب الشعوب الديمقراطي سيصوت لهم فهم مخطئون".

فيما هاجم النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي في إسطنبول، إرول كاتيرجي أوغلو، كليتشدار أوغلو وحزب الشعب الجمهوري.

وقال كاتيرجي أوغلو، إن حزب الشعب الجمهوري لا يمكنه حتى تلبية مطالب قاعدته، متسائلا: "ما هي خارطة الطريق لكليتشدار أوغلو بشأن المشكلة الكردية؟... هو يتحدث كلاما بالهواء، والسياسة ليست كذلك".

 

وفي رده على موقف حزب الشعب الجمهوري، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن "حزبي الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي فعلا ما احتاجا إليه ليكونا تحالفا للعار. نواصل محاربة الإرهاب بدون دعمهم".

 

اقرأ أيضا: أزمة داخل تحالف المعارضة بتركيا بسبب "الرئاسة".. هل ينهار؟
 

وأضاف: "الشيء الرئيسي هنا هو أن حزب الشعب الجمهوري، وهو ثاني أكبر حزب في بلادنا، يستسلم لحزب الشعوب الديمقراطي، وهو لعبة التنظيم الإرهابي. إنه لأمر مؤسف"، مشيرا إلى أن "الشراكة بين حزب الشعب وحزب الشعوب أصبحت رسمية، مع التصويت بـ لا ضد المذكرة الرئاسية".

 

مصطلح "الخيانة" من كليتشدار أوغلو أثار ردود فعل غاضبة داخل حزب الجيد الذي لا ترغب قاعدته القومية بالاستمرار في التحالف مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.

 

نائب رئيس الكتلة البرلمانية في حزب الجيد، مساوات درويش أوغلو، قال: "تقييم حزبنا على أنه في خيانة للجمهورية أمر غير عقلاني، هل من الممكن اتهام أحد بالخيانة بهذه السهولة؟!".

 

وأشار إلى أنه لا يوجد أي فرق بين بنود المذكرة الحالية وبين تلك السابقة، لا سيما في قضية "القوات الأجنبية" كما ذكر حزب الشعب الجمهوري.

 

النائب عن حزب الجيد، أيتوان شيراي، قال إن "كلا الحزبين طرحا بشكل ديمقراطي أفكارهما وقراراتهما، وهذا الاختلاف لن يفكك تحالف الأمة"، مشيرا إلى أن التحالف الغرض منه هو إعادة بناء نظام الحكم الديمقراطي والدستوري على أساس نظام برلماني معزز في البلاد.

 

اقرأ أيضا: نتائج صادمة لاستطلاعات في تركيا.. هل يفوز أردوغان مجددا؟

 

ومن المعروف أن حزب الجيد هو "قومي" وأعضاؤه انشقوا من حزب الحركة القومية الذي يتزعمه دولت بهتشلي، كما أن زعيمته ميرال أكشنار ترى أن حزب الشعوب الديمقراطي يجب أن يدخل الانتخابات وحده.

 

الكاتب التركي عبد القادر سيلفي، قال في مقال على صحيفة "حرييت"، إن التصويت بـ"لا" هز حزب الشعب الجمهوري، الذي يجد صعوبة في تفسير موقفه، بالإضافة إلى كلمة "الخيانة" التي أطلقها كليتشدار أوغلو.

 

وأضاف أن "حزب الشعب الجمهوري كان يصوت لصالح القرار طوال السنوات الماضية، هل كان يخون الجمهورية؟ كما أن حزب الجيد صوت لصالح المذكرة.. هل خان شريكه الجمهورية؟ وفي هذه الحالة هل يتحالف مع حزب خان الجمهورية؟".

 

وأكد أن موقف حزب الجيد تجاه المذكرة كان صائبا، متسائلا: "من كان سيسيطر على الأماكن التي يخليها الجنود الأتراك في العراق وسوريا، إذا لم يتم قبول المذكرة؟.. حزب العمال الكردستاني أم تنظيم الدولة؟".

 

وتابع، بأن موقف "الشعب الجمهوري" أسعد منظمة العمال الكردستاني التي اعتبرت أن التصويت بـ"لا" يأتي لصالحها، وهذا يعد مشكلة بحذ ذاته.

 

ورأى الكاتب التركي، أن موقف حزب الشعب الجمهوري منح ورقة رابحة لحزب الحركة القومية الذي هاجم زعيمه بهتشلي، كليتشدار أوغلو مخاطبا إياه بالقول: "لقد أحرقت نفسك، وأحرقت حزبك".

 

وأوضح أن دولت بهتشلي أراد استغلال مسألة المذكرة لإحداث صدع داخل تحالف المعارضة، وهاجم كليتشدار أوغلو بسبب عبارة "الخيانة"، متسائلا: "هل خانك حزب الجيد يا كليتشدار أوغلو؟ هل تستطيع أن تقول ذلك لهم في وجوههم؟.. هل من الممكن السير في الطريق مع أولئك الذين يخونون؟".

 

وحول إمكانية تفكك التحالف بسبب مسألة "مذكرة سوريا" وعبارة "الخيانة"، رأى الكاتب أنه على الرغم من ذلك فإنه تسبب في إزعاج كبير لدى حزب الجيد، لكنه لن يسير في هذا الاتجاه إطلاقا.

 

وأشار إلى أنهم لديهم الدافع للفوز في انتخابات 2023، وحسابات لإسقاط أردوغان، لكن "تحالف الأمة" لن يتفكك.

 

ونقل عن مسؤول في حزب الشعب الجمهوري، قوله: "إن ضمان تحالف الأمة هو الموقف ضد أردوغان".

 

وأضاف أن كليتشدار أوغلو الذي قام بحركة غير متوقعة، لم يتطرق لهذا الأمر في خطابه أمام كتلة حزبه البرلمانية، ويواجه صعوبات بسبب موقفه الذي يتناقض مع المهمة التاريخية لحزب الشعب الجمهوري.

 

وأكد أن حسابات كليتشدار أوغلو برفض المذكرة الرئاسية للعمليات في سوريا والعراق، هي لأغراض انتخابية فقط، وقد وضع حزبه في الزاوية الخطأ بسبب حساباته الشخصية.

 

ولفت إلى أن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي يطمح في أن يكون أكرم إمام أوغلو في سباق الرئاسة وليس كليتشدار أوغلو.

 

يشار إلى أن تصريحات ومواقف كليتشدار أوغلو التي ترى أوساط تركية أنها بغرض تسويق نفسه لمنافسة أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، تشكل انزعاجا لدى أوساط حزب الجيد الذي قال أحد مسؤوليه إن زعيم حزب الشعب الجمهوري "يتحدث بشكل منفرد وشخصي".

 

ولم يحسم تحالف المعارضة موقفه تجاه مرشح موحد ينافس أردوغان في انتخابات الرئاسة المقبلة، وفي الوقت الذي يظهر فيه كليتشدار أوغلو نفسه كمرشح مشترك، تتفق أكشنار مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي على ترشيح أكرم إمام أوغلو.

التعليقات (0)