قضايا وآراء

هل يدخل غير المسلمين الجنة؟

أحمد أبو رتيمة
1300x600
1300x600
لا أقصد في هذا المقال إصدار أحكام مطلقة والتدخل في أمر اختص به الله تعالى، فهذه جرأة ما تنبغي لأحد من عباد الله، لكنَّ ما أقصده هو تحريك الأسس التي تشكل تصوراتنا تجاه هذه المسألة وإثارة أسئلة جادة، حتى نكوِّن فهماً أقرب إلى القسط والتماسك العقلي، وفي هذا الاتجاه أسجل بعض الإشارات من القرآن:

** بيَّن الله تعالى في القرآن صراحةً أن الفصل بين الناس ومقاضاتهم هو شأن إلهي خالص لا ينبغي لأحد من عباده:

"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ والنصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ".

"اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ".

واختصاص الله تعالى بالفصل والحكم والحساب مبنيّ على علمه المطلق المحيط بسرائر النفوس، وهي خاصية إلهية لم يشرك بها أحداً من خلقه، فالإنسان لا يعلم سرائر أقرب الناس إليه مثل زوجه وولده، والحساب يقتضي العلم المطلق، والأمور لا تكون حقائقها دائماً كما تبدو ظواهرها، لذلك من تواضع الإنسان ألا يتجرأ على القطع فيما ليس له به علم، وأن يدع مهمة الفصل بين الخلائق ونجاتهم أو هلاكهم للعليم بذات صدورهم.

** تعهَّد الله تعالى بالعدل المطلق لكل الخلائق يوم القيامة، وهو تعهد يكفي ليسكب في النفس الطمأنينة والرضى:

"وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ".

"يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ، فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ".

الحساب يوم القيامة يكون بمثاقيل الخردل، بل بمثاقيل الذرة من تناهي دقته، والمحاسَب هي النفس الإنسانية، من كل الأمم والشرائع، وفي آية سورة الزلزلة من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، لم يقل المسلمين وحسب، بل الناس، فالله تعالى لن يضيع مثقال ذرة من خير لغير المسلمين يوم القيامة.

** أنكر الله تعالى على اليهود والنصارى ادعاء احتكار الجنة: "وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ". المنهج ذاته مدان، وهو منهج اعتقاد أمة من الأمم أن رحمة الله وجنته خاصة بها دون غيرها، وهو مرض إنساني قديم لم يبدأ بالمسلمين. فهل يعقل أن يقع المسلمون في ذات المرض وهم يتلون الكتاب، فيقولوا لن يدخل الجنة إلا من كان مسلماً؟!

** "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً".. هذا أصل ثابت في الدين، وهو أن الله تعالى لا يعذب الخلق إلا بعد إقامة الحجة عليهم، ومعرفتهم الحق ثم اختيار الجحود والضلال بعد تبين الطريق.

وإذا قال قائل إن الرسول قد بُعِثَ فعلاً، فسيظل السؤال قائماً: وهل بلغت رسالة الرسول كل الخلق بلاغاً مبيناً يجلي الحق لهم ويمحو أي شبهة والتباس في عقولهم وقلوبهم؟ إن علة إرسال الرسول ليس أن يعيش الناس في زمانه، بل أن تصل إليهم رسالته ببلاغ مبين، وكثير من الناس اليوم، وربما أكثر الناس، لم تصلهم رسالة الرسول بيِّنةً واضحةً فلا يجري عليهم حكم التكذيب والعناد.

هناك مصطلح يعرفه الفقهاء "أهل الفترة" ويقصد به الناس الذين عاشوا في فترة انقطاع الرسالة، مثل الذين عاشوا بين زماني عيسى ومحمد عليهم السلام، ورأى كثير من الفقهاء أن حكم هؤلاء أن الله يعرض لهم امتحاناً خاصاً يوم القيامة فإما نجوا وإما هلكوا. وما يهمنا في هذا السياق هو أن علة أهل الفترة لا تزال باقيةً في كل زمان، فما أكثر الناس في زماننا هذا وفي كل زمان، من الذين لم تبلغهم رسالات الرسل واضحةً جليةً، فهم لم يكذبوا ويعاندوا، بل لم يعرفوا الحق، لذلك ظننا في الله تعالى أنه لا يعذب أحداً حتى إقامة الحجة عليه، سواءً في عالمنا هذا أو في عوالم أخرى لا نعرف حيثياتها بعد الموت.

** هناك آيات بينة في القرآن عن رحمة الله بغير المسلمين ممن آمن وعمل صالحاً، ومن أشهرها آية سورة البقرة:

"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"، وقوله تعالى عن أهل الكتاب: "وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ".

هناك من يسارع إلى القول إن هذه الآيات تقصد أصحاب الشرائع قبل زمان بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لكن كما ذكرت في الإشارة السابقة، فإن العلة لا تزال قائمةً وفي كل أمة هناك أفراد كثيرون لا يعلمون عن الأمم الأخرى علماً كافياً مستفزاً للبحث. إن الأمم بطبيعتها الاجتماعية منغلقة على أنساقها ونُظُمها، وقليلون من يغادرون أسوارهم الثقافية. هذه طبيعة بشرية لا علاقة لها بالإيمان والكفر، تماماً كما أن أكثر المسلمين لا يفكرون بقراءة التراث الصيني والهندي والأفريقي، ومن أجل ذلك اقتضت حكمة الله تعدد الأمم والشرائع، وهذا ما يشير إليه القرآن صراحةً في سورة المائدة:

"لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ".

في هذه الآية يخبرنا الله تعالى أن حكمته اقتضت تعدد الشرائع، ثم يأمرنا أن نستبق الخيرات، ومن الجدير تأمله أن هذه الآية تأتي في سياق الثناء على الهدى والنور الذي تضمنته التوراة والإنجيل وحث أهل الكتاب على الحكم بها: "وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ"، "وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ".

** يبرز هنا اعتراض تقليدي وهو: "إن الدين عند الله الإسلام"، "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه". ومن يستشهد بهاتين الآيتين يقول إنَّ كل الشرائع قد ألغيت بعد بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

والرد على هذا الاستشهاد من جانبين؛ الجانب الأول أن الإسلام يأتي في القرآن بمعنى إسلام القلب والوجه لله فهو أكبر من حصره في شريعة الرسول محمد: "بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ".

والجانب الثاني: حتى لو أخذنا بالرأي القائل إن الإسلام هنا يقصد به شريعة الرسول محمد، فسيبقى شرط البلاغ المبين قائماً، دعونا نقرأ الآية كاملةً: "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ"..

إن الذين لم يقبلوا بالإسلام في هذه الآية هم الذين جاءهم العلم ثم بغوا وكفروا، وهذه جريمة واضحة، لا تمكن مقارنة أهلها بمن لم يأته العلم أصلاً ولم يبغ ولم يكفر، لكنه لم يعرف.

ومن الجدير بالملاحظة أنه لا يوجد في القرآن تعبير صريح بأن شرائع الأمم الأخرى ألغيت بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، بل يوجد بدل ذلك "تعبير التصديق والهيمنة": "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ".

يمكن التوفيق بين الآيات التي تتحدث عن ثواب المؤمنين الصالحين في الأمم الأخرى، والآيات التي تتحدث عن شرط الإسلام للنجاة بأن المؤمنين الصالحين في الأمم الأخرى في زماننا هذا وفي أي زمان هم في دائرة النجاة؛ ما لم يكن عدم اتباعهم لشريعة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مدفوعاً بالكبر والبغي والعناد والحسد، إنما فقط بسبب عدم بلوغهم الأدلة والحجج الكافية.

** القرآن ذاته قرر حقيقة تعدد الأمم حتى بعد بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ولنتأمل هذه الآيات:

"وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ، وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ".

هذه الآيات تقرر أن بني إسرائيل سيبقون إلى يوم القيامة، وأن منهم الصالحون ومنهم دون ذلك، فلو كان الحديث عن بني إسرائيل في زمان موسى لما قال "إلى يوم القيامة"، أي أنه حتى في زماننا هذا فإن من بني إسرائيل الصالحون ومنهم دون ذلك، وفي ذات السورة: "وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ".

أما النصارى فقد قال فيهم مخاطباً عيسى عليه السلام: "وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، أي أن الله تعالى كافأ أمة عيسى "المسيحيين" بأنهم سيبقون ظاهرين على من كفر به "اليهود" إلى يوم القيامة، وهذا ما نراه حتى زماننا هذا أن المسيحيين أكبر عدداً من اليهود الذين كفروا بعيسى. وفي آية أخرى يذكر الله من خصائص أمة عيسى: "وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً"، أي أن هذه خاصة باقية فيهم نجدها في كل زمان، فإذا كان القرآن يذكر في موضع أن أتباع عيسى باقون إلى يوم القيامة، فما هي الحجة المنطقية التي سنقرر وفقاً لها أن ثناء القرآن عليهم في مواطن عديدة سيقتصر على زمان ثم سينقطع؟

** إن علة العذاب والنار في القرآن مرتبطة دائماً بأفعال المرء الاختيارية المتعلقة بالتكذيب والعناد والاستكبار والظلم والإفساد، وكلمة الكفر ذاتها تعني في السياق القرآني دائماً الجحود بعد تبين الآيات، فالكفر لا يكون إلا بعد معرفة الحق:

"فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ"، "وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا"، "فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ"، "الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ".. إذاً فهو جحود بعد معرفةٍ وإيمانٍ، وهو ظلمٌ وعلوٌ واستكبارٌ، ومن المعلوم أنه ليس دافع كل غير المسلمين الجحود والظلم والاستكبار، فهذه الصفات لا تلحق بالمرء بمجرد ولادته في بيئة معينة، إنما يكتسبها بعد تبين الحق له ورفضه.

** في المشهد الختامي من سورة المائدة يسأل الله تعالى عيسى عليه السلام: "وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ"، فيذكر من جواب عيسى عليه السلام: ".. إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".

مع أن الجريمة هنا جريمة كبرى وهي اتخاذ عيسى وأمه إلهين من دون الله، ومع ذلك ترك عيسى عليه السلام مصيرهم إلى المشيئة الإلهية بما يحتمل المغفرة أيضاً: "وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم"!!

والسؤال الذي يثيره هذا المشهد: هل نحن أعرف بالله من عيسى عليه السلام؟ وما الذي يدفع كلمة الله وروحه إلى ذكر احتمال المغفرة لمن اقترف هذا الأمر العظيم في نظرنا، إن كانت قضية النار محسومةً كما تتصورها عقولنا؟

ليس المقصود هنا التهوين من خطر الشرك، فجزاؤه واضح في القرآن: "إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ"، لكنَّ المقصود أن أحداً من البشر، بمن فيهم الرسل عليهم السلام، يحيط بكل الملابسات والحيثيات التي تنطوي عليها النفوس البشرية، وبما يعطيهم الحق لتقرير مصيرهم، وفي مقولة عيسى عليه السلام، فربما لا يستوي في ميزان الله من قال بألوهية عيسى عن عمد واستكبار وكفر وكان إماماً من أئمة الضلال، ومن قال هذه الكلمة تخليطاً وجهلاً وتقليداً لأبويه لأنه ولد في الأجيال اللاحقة، فترك عيسى كلا الخيارين لله تعالى؛ إما يعذبهم وإما يغفر لهم، وفق علم الله تعالى وإحاطته المطلقة بسرائر نفوس عباده ومقاصدهم ونياتهم.

** كما ذكرت في بداية المقالة فإن المقصد ليس التقرير فيما هو خارج اختصاصنا الإنساني، إنما المقصد هو إظهار أن مصائر الناس في الآخرة أكبر وأعمق مما تميل إليه اختزالات بعض المسلمين وقطعهم بأن كل الأمم الأخرى في النار، ولو كان القضاء يسيراً لما اختص الله لنفسه بهذه المهمة دون غيره: "إن الله يفصل بينهم يوم القيامة".

ويكفي لنا أن نعلم أن الله تعالى يحاسب الناس وفق علمه المطلق وعدله المطلق وبعد ذلك وفق رحمته التي تفوق رحمة الأم بوليدها، هذه القواعد الثلاث تكفي لتملأ قلوبنا راحةً وطمأنينةً واستبشاراً: "كتب على نفسه الرحمة".

** كما أن الأولى هو بذل الجهد في الدنيا لتعريف الناس بدين الإسلام، فأكثر الناس لا يزالون أهل فترة، حتى ولو كنا نعيش في زمان الاتصالات والإنترنت، ولا ينبغي أن يكون دافع نقاشنا في مصائر الناس يوم القيامة هو إعفاء أنفسنا من مسؤوليات العمل في الدنيا لتعريفهم بالإسلام. فهداية الناس ليست لإنقاذهم من نار الآخرة وحسب، بل ليتذوقوا حلاوة الإيمان في الحياة قبل الممات، إذ إن هناك ناراً متقدةً تحرق الناس الآن في الدنيا بالصراع والاقتتال والضياع والحيرة والشقاء، وإنقاذ الناس من هذه النار هو بدعوتهم إلى الله تعالى: "فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًى".

** هذه مجرد إشارات لا أقطع بصوابها، وأسأل الله أن يهدينا إلى الحق وأن يتجاوز عن زلاتنا..

والله أعلم

twitter.com/aburtema
التعليقات (9)
doinsiv
الخميس، 13-10-2022 12:02 م
نعم يدخلون الجنه من اليهود والنصارى ومن قبلهم وهذا قبل الاسلام الاسلام هو الفاصل بعد ان بعث النبي عليه الصلاه والسلام اما اليهود قبل البعثه من كانوا مع موسى عليه السلام وبعده و النصارى الذين مع عيسى عليه السلام ومن كان مع نوح وادريس وابراهيم وكل من آمن بالله و برسوله المرسل له يدخل الجنه بأذن الله تعالى , اما من حرف الكتب والرسالات فنحن لا نعلمهم الله يعرفهم بلا شك وهو الذي سوف يحاسبهم ومعهم من صدقهم و سار على نهجهم اما اتباع الانبياء والرسل الذين لم يعبدوا غير الله و ساروا على نهج رسلهم وانبيائهم فيدخلون الجنه
corona omicron
السبت، 08-10-2022 08:42 م
ما رأيك أيها الأخ في قوله تعالى: وَلَن تَرْضَى? عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى? حَتَّى? تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ? قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى? ? وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ? مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ.
أمين العامري
الإثنين، 16-05-2022 02:50 ص
روح إلعب بعيد سغت الآيات بمنظزرك أنت لا بمنظور الشرع ثم لم تكمل الآية وهو في الآخرة من الخاسرين وأهملت كل أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام لأنها لا تخدم موضوعك. فقط للعلم بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام كل دين وكتاب وملة منسوخة.
عبد الله
السبت، 14-05-2022 10:06 م
  عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا : « والذي نفسُ مُحمَّد بيدِه، لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمة يهوديٌّ، ولا نصرانيٌّ، ثم يموتُ ولم يؤمن بالذي أُرْسِلتُ به، إلَّا كان مِن أصحاب النار ». حديث صحيح [ رواه مسلم ] .
عماد
الجمعة، 13-05-2022 10:11 م
المدهش انت لم تتطرق الأحاديث النبوية وأقوال الرسول صل الله عليه وسلم في عدم اتباع واخذ الإسلام كدين مصيره جهنم . ولن يقبل منه أي دين ما لم يتخذ اسلام دينا