ملفات وتقارير

تحذير من نتائج عكسية للانتخابات الفلسطينية إذا لم تهيأ الأجواء

الانتخابات مقسمة إلى ثلاث مراحل تبدأ بالتشريعية ثم الرئاسية وأخيرا انتخابات المجلس الوطني- جيتي
الانتخابات مقسمة إلى ثلاث مراحل تبدأ بالتشريعية ثم الرئاسية وأخيرا انتخابات المجلس الوطني- جيتي

حذر وزراء سابقون ونواب في المجلس التشريعي الفلسطيني، من نتائج عكسية للانتخابات الفلسطينية المرتقبة، إذا لم تهيأ لها أجواء النجاح في مواقع إجرائها الثلاثة، غزة والضفة والقدس.


وقال هؤلاء في تصريحات منفصلة لـ"عربي21"، إن الانتخابات سلاح ذو حدين، فإما أن تكون مدخلا لإنهاء الانقسام، أو تعميقه، في حين دعا أحدهم إلى إجراء الانتخابات في الضفة المحتلة أولا ثم قطاع غزة، بهدف ضمان التزام السلطة الفلسطينية بنتائجها.

 

وأصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مؤخرا، مرسوما رئاسيا نص على إجراء الانتخابات على ثلاث مراحل.


وبحسب المرسوم، فستجرى الانتخابات التشريعية في 22 أيار/ مايو المقبل، تليها الانتخابات الرئاسية في 31 تموز/ يوليو، على أن يتم استكمال المجلس الوطني في 31 آب/ أغسطس وفق النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والتفاهمات الوطنية.


الوزير الأسبق في الحكومة الفلسطينية العاشرة، نايف الرجوب، قال إن الانتخابات ليست الطريق الوحيد لتحقيق المصالحة، لكنها إحدى الوسائل التي قد تعين على ذلك، وتساهم في لم الشمل وإنهاء الانقسام، لكنها يمكن أن تأتي بنتائج عكسية إذا لم يحسن توظيفها أو لم تهيأ لها الظروف المناسبة.

 

اقرأ أيضا: محللون يقرأون أسباب ودوافع إصدار عباس مرسوم الانتخابات

وشدد الرجوب وهو نائب في المجلس التشريعي، على أن "التجرية واضحة عام 2006 إذ لم تحترم حينها نتائج الانتخابات، ما أدى إلى فوضى وصدام في الشارع الفلسطيني دفعت نحو الانقسام الذي حصل، وهذه التجربة تجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا من جهة احترام النتائج وذلك خشية تكرار السيناريو السابق".


الاعتقالات السياسية


واستبعد الرجوب وزير الأوقاف الأسبق في حديث خاص لـ"عربي21"  أن تكون هذه الانتخابات شفافة ونزيهة، قائلا، "إن الأجواء المناسبة لإجراء الانتخابات لم تهيأ بعد، فما زالت هناك اعتقالات سياسية على أشدها، فيما تُطبق قضية السلامة الأمنية ضد المعارضين، بمنعهم من تولي الوظائف العمومية أو الترقيات.


وفي ما يتعلق بتدخل الأجهزة الأمنية، قال: "لا أعتقد أن الأجهزة الأمنية ستقف على الحياد في هذه الانتخابات، فنحن لسنا في السويد أو ألمانيا وغيرها، (..) وبالتالي فالأجهزة متغولة على كل شيء وسنجد تدخلها في كل المواقع، وهذا سيعطي علامات استفهام حول نزاهة العملية الانتخابية".


وعن سماح الاحتلال بإجراء الانتخابات في القدس المحتلة، قال: "أشك في أن الاحتلال سيسمح بإجراء الانتخابات، وهناك تصريحات لمسؤول أمني إسرائيلي كبير لمح فيها إلى توجه لمنع مشاركة فصيل معين في الانتخابات، وهذا يعني أنهم سيعلقون إجراءها هناك، ما سيتسبب في تأجيلها أو إلغائها".


وفي ما يتعلق باعتراف الغرب بالنتائج قال: "التجربة السابقة شاهدة، فالغرب لم يعترف بنتائج الانتخابات ولا بالحكومة التي شكلت بناء على النتائج، بل حاصروها، ولهذا فإن المجتمع الدولي والغرب لن يعترفوا إلا بصعود من يريدونه في هذه الانتخابات".


الانتخابات بالضفة أولا


وزير الأسرى السابق، وصفي قبها دعا السلطة الفلسطينية إلى إجراء الانتخابات في الضفة المحتلة أولا ثم قطاع غزة، عازيا دعوته هذه، إلى ضمان التزام السلطة الفلسطينية وحركة فتح بنتائج الانتخابات، مذكرا بما حصل عام 2006 حين شكلت حركة حماس الحكومة، وتعرضت على إثرها للملاحقة والحصار، ومذكرا بما قاله القيادي المفصول من حركة فتح حينها، محمد دحلان: "إنه من العار على فتح أن تدخل حكومة تشكلها حماس".


اقرأ أيضا: "عربي21" تستطلع رأي نخب فلسطينية ومقدسية بالانتخابات

ورأى قبها في حديث خاص لـ"عربي21" أن الانتخابات كان يجب أن تسبقها مصالحة حقيقة، مشددا على أن هناك "ألغاما" كثيرة في طريق إنهاء الانقسام عبر الانتخابات، فرغم صدور المراسيم، إلا أن الأجواء لم تتهيأ بعد، فالاعتقال السياسي وملاحقة المعارضين في الضفة على أشدها.

وتابع: "ما زال عندنا قضايا مهمة و جوهرية تسبق الانتخابات، فالسلطة لم تساهم في خلق المناخات المناسبات لإجراء انتخابات حرة ونزيهة. الحديث عن النزاهة لا يستقيم في ظل فلتان وتغول أمني وسلاح غير مضبوط، وهناك الكثير من المخاوف في أن تفضي هذا الانتخابات إلى انفجار وإلى تعميق الانقسام الموجود".


الردع بالديمقراطية


ولفت قبها إلى اللقاء الأمني الفلسطيني-الأردني-المصري الذي جرى قبل أيام في رام الله مع رئيس السلطة محمود عباس، مضيفا أن "هذا اللقاء يجعلني أضع يدي على قلبي خشية أن تكون الانتخابات ليست مطلبا شعبيا أو استحقاقا وطنيا، بل مجرد حلول أمنية، الأمر الذي يعيدنا إلى عام 2004 حينما قامت مجموعة حل الأزمات الدولية، بإدخال حماس وردعها في العملية الديمقراطية بإشراكها في العملية الانتخابية، وحينما جاءت النتائج على غير ما يريدون، عمدوا إلى تفجير حكومة حماس من الداخل، بعد أن خلقوا لها أزمات الأمن والرواتب وغيرها". متسائلا: "هل نحن الآن أمام فصل جديد من الردع بالديمقراطية؟".


وشدد قبها على الخوف ليس من إجراء الانتخابات في غزة، بل في الضفة التي تعاني من الاحتلال، حيث إنه لم يتم تحصين المرشحين من الاعتقالات كما جرى سابقا بتغييب التشريعي داخل السجون، ولا يوجد أي ضمانة لاحترام النتائج.


وطالب قبها بتطمينات للشعب الفلسطيني بعناوين عريضة حول مخاوف الانتخابات، مشددا على أن الساحة الفلسطينية في الضفة "محتقنة ومليئة بالسلاح الذي يوظف عشائريا في تصفية الحسابات" مقابل تطمينات ليست على درجة من الجدية..

في سياق متصل، حذر الوزير الأسبق من "التغول والاعتداء على سلطة القضاء الفلسطيني"، مشددا على أن ما أقدم عليه الرئيس عباس من جمع مناصب 3 قضاة كبار في يد واحدة، وإنشاء محكمة مدنية خاصة بالانتخابات يمثل "اعتداء على القانون، يثير الشكوك". متسائلا: "لماذا لم يتم تصدير المراسيم المتعلقة بسلطة القضاء في إطار توافق وطني؟". 


وعن سماح الاحتلال بإجراء الانتخابات، قال إنه يستبعد اجراءها هناك، معتبرا أن "ذلك أحد عوامل التفجير في الانتخابات، وإذا لم تحصل الانتخابات في القدس على الأقل كما في المرة السابقة (عبر البريد)، فإنه سيترسخ ما قام به الرئيس السابق دونالد ترامب، حين قام بنقل السفارة إلى القدس، واعتبرها عاصمة موحدة للاحتلال".

 

سلاح ذور حدين

 
من جهته، قال النائب المستقل في المجلس التشريعي، حسن خريشة، إن الانتخابات القادمة سلاح ذو حدين، فإما أن تكون مدخلا لانهاء الانقسام، أو تعميقه، مشيرا إلى أن الأمر يعتمد على آليات خوض هذه الانتخابات.


ولفت في حديث خاص لـ"عربي21" أن تجربة الانتخابات التشريعية السابقة (2006)، شهدت تعثرا لأن النتائج لم تحترم، "فـنحن لم نعتد على الشراكة والتعددية في النظام السياسي الفلسطيني".

 

اقرأ أيضا: استطلاع "عربي21".. هكذا ينظر صحفيون فلسطينيون للانتخابات

لكنه استدرك قائلا: "نتيجة الحاجة والضرورة قد يكون هناك احترام للنتائج خلال الانتخابات المقبلة، فكلا الطرفين (حماس وفتح)، يحتاجان إلى الانتخابات كل حسب حساباته الخاصة، وهما متفقن على أن بقاءهما يحتاج إلى انتخابات".


وعن الضمانات الدولية، لفت إلى أنها "ليست ذات قيمة، باعتبار أننا جربناها عام 2006.. فالدول تريد ديمقراطية على مقاسها، وحين فازت حماس تعرضنا لحجر سياسي وحصار مالي واقتصادي على الشعب الفلسطيني".


نزاهة الانتخابات


وعن نزاهة الانتخابات شدد على أنه "لم تجر في فلسطين أي انتخابات يشوبها التزوير، والانتخابات الفلسطينية كانت دائما شفافة ونزيهة ووفق مقاييس الديمقراطية الحقيقة"، مشددا في سياق آخر على أن تدخلات الأجهزة الأمنية في الضفة وغزة في الانتخابات محكومة بقرار سياسي، وعليه فإذا كانت هناك إرادة سياسية لإنجاح الانتخابات، فإن القيادة المتنفذة ستكبح سطوة هذه الأجهزة، وإلا فستكون هناك عمليات تخويف وترهيب للناس".


وفي ما يتعلق بثقة الأطراف ببعضها قال: "إذا كان هناك قائمة مشتركة بين حماس وفتح، فمن الممكن أن يعملوا معا بعد الانتخابات في إطار حكومة وحدة، وإلا سنعيش أزمة داخلية شبيهة بما حصل عام 2006".


انتخابات في القدس


وردا على سؤالنا حول موافقة الاحتلال على إجراء الانتخابات في القدس أجاب: "هناك بروتوكولات موقعة بين منظمة التحرير والاحتلال وجرت على أساسه انتخابات 1996 و2006، وأتوقع أن يضغط المجتمع الدولي على الاحتلال لدفعها لاحترام هذه الاتفاقيات، وبالفعل فقد أجريت هذه الانتخابات سابقا عبر البريد رغم أن المشاركة كانت ضعيفة".


وعن احترام الغرب للنتائج، فقد لفت إلى أن الانتخابات جاءت نتيجة ضغوط أوروبية، وهم معنيون بالالتزام بنتائجها، لكن في ما يتعلق بأمريكا، فهي تريد أن ترى النتائج لتحكم، ذلك أن "هؤلاء جميعا يريدون نظاما سياسيا فلسطينيا تهيمن عليه قوى ليست لديها مشكلة في استئناف المفاوضات مع الاحتلال، وإذا فاز هؤلاء فلا مشكلة لدى أمريكا والغرب عموما".


التعليقات (0)