صحافة دولية

NYT: انتهى "حظر المسلمين" لدخول أمريكا ولكن آثاره باقية

بايدن أصدر قرارات تنفيذية فور تنصيبه رسميا رئيسا بينها إلغاء "حظر المسلمين"- جيتي
بايدن أصدر قرارات تنفيذية فور تنصيبه رسميا رئيسا بينها إلغاء "حظر المسلمين"- جيتي

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا لديكلان وولش، قال فيه إن عشرات الآلاف من المسلمين الذين منعوا من دخول الولايات المتحدة رحبوا بفوز جو بايدن الذي ألغى قرار "حظر المسلمين" الذي فرضته الإدارة السابقة لدونالد ترامب. 


وتشير الأرقام إلى أن هناك 42,000 شخص منعوا من دخول الولايات المتحدة في الفترة 2017- 2019، معظمهم من المسلمين الذي ينتمون إلى إيران والصومال واليمن وسوريا.

 

وتراجعت التأشيرات الممنوحة لأبناء هذه الدول في الفترة ذاتها بنسبة 70%. لكن الثمن الإنساني لقرار ترامب الذي أربك حياة الآلاف وتلطخ بالدموع وأحيانا الدم من الصعب تقدير حجمه. 


وانفصلت العائلات وغاب أفرادها عن حفلات الزواج والجنائز، وخسر الكثيرون فرص عمل ودراسة فيما لم يستطع آخرون السفر لإجراء عمليات جراحية ضرورية كانت كفيلة بإنقاذ حياتهم.

 

اقرأ أيضا: بايدن يبدأ بإلغاء قرارات لترامب.. ستشمل "حظر" الدول المسلمة
 

إلى جانب الضرر الذي حدث على سمعة الولايات المتحدة لدى الدول، التي قال البعض إنها أسوأ لطخة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، ومثل عمليات التعذيب في غرف "سي آي إيه" السرية وانتهاكات "أبو غريب" في العراق وسجن الأمريكيين لليابانيين أثناء الحرب العالمية الثانية. 


وقام بايدن بإلغاء القرار في أول ثلاثة قرارات تنفيذية له بعد حفلة التنصيب، وقال إن مبرر ترامب في اتخاذ القرار قوض الأمن الأمريكي، وعرضت تحالفاتها للخطر، وشوه المثال الأمريكي حول العالم.

 

وبالنسبة للكثيرين فإن قرار بايدن جاء متأخرا. وقدم وولش عددا من قصص الذين أضر بهم ترامب، ومنهم نغار رحماني التي تدرس طب الدماغ والأعصاب في جامعة رود آيلاند، التي لم تستطع السفر إلى إيران خوفا من منعها العودة مرة ثانية.

 

وعندما مرضت أمها (56 عاما) بكوفيد-19، ترددت بالعودة، واكتفت بالمكالمات عبر الهاتف على أمل شفائها، ولكن المرض تدخل وماتت والدتها. وهي اليوم تشعر بالندم أنها لم تذهب لرؤية والدتها قبل وفاتها، وتحمل الاحتقار لترامب.

 

وقال: "أشعر أنني كنت في قفص خلال السنوات الأربع الماضية، وكان بإمكاني العودة كل صيف، وكانت أمي تستطيع زيارتي، وأشعر أن قرار الحظر كان هو مرضي".

 

وهناك قصص أخرى عن القلوب والأحلام المحطمة على طول الشرق الأوسط وأفريقيا. فطبيب الأسنان السوري، عبد العزيز اللحام، لم يستطع زيارة زوجته الأمريكية في نيويورك. 


وقال إن القنصل الأمريكي الودود تعكر وجهه عندما "اكتشف ببساطة أنني سوري". وبقي محيي الدين حسن نور وزوجته وأبناؤه عالقين في مخيم للصوماليين في كينيا رغم حصولهم على موافقة للإقامة في منيسوتا عام 2017. وقال: "جرت معاملتنا بطريقة غير جيدة". 


وهناك شوقي أحمد، اليمني المولود في نيويورك والعامل في قوة شرطتها، حيث كافح لثلاثة أعوام من أجل إحضار زوجته وأبنائه الثلاثة من بلده الأصلي الذي يشهد حربا أهلية. وقال أحمد: "أنت رجل شرطة، وتعرض حياتك للخطر، ولا تعرف ما يجري لأولادك هناك".

 

واستطاعت العائلة الحصول على إذن بدخول الولايات المتحدة، لكن ما يحزن هو أن "ترامب خان المواطنين الملتزمين بالقانون بناء على دينهم واسمهم الأخير".

 

وفي النهاية، وبعد 100 تحدّ قانوني أمام المحاكم وعدة تكرارات، أصبح قانون ترامب "حظر المسلمين" قرارا شمل أفريقيا أيضا.

 

ويمنع القرار مواطني دول إيران وليبيا وكوريا الشمالية والصومال وسوريا واليمن ومنع الهجرة من أريتريا وقيرغيستان وميانمار ونيجيريا، ومنع أشخاصا بعينهم من تنزانيا وفنزويلا.

 

وأقرت المحكمة الأمريكية العليا القرار مع أنها اعترفت بلغة ترامب النارية عن المسلمين، إلا أنها رأته مبرَّرا بناء على قانون مكافحة الإرهاب.

 

اقرأ أيضا: جو بايدن يؤدي اليمين الدستورية رئيسا للولايات المتحدة (شاهد)
 

لكن القاضية سونيا سوتوماير رفضت الحظر، وربطته بقرار 1944 كورماتسو ضد الولايات المتحدة الذي احتجز اليابانيين-الأمريكيين أثناء الحرب العالمية الثانية. ومنذ أن فتحت الأبواب على مصاريعها في الأسبوع الماضي، يحاول الكثيرون لملمة أمورهم.

 

وقالت وكالة سياحة في ليبيا، إن هناك اهتماما مفاجئا للحصول على تأشيرة سفر للولايات المتحدة. وفي نيجيريا سيؤدي انتخاب بايدن إلى "طوفان طلبات لمكاتب التأشيرات" كما يقول إيلياموك يعقوب-هاليسو، البروفيسور في جامعة بابكوك في ولاية أوغان في نيجيريا.

 

ورغم رد الفعل الدولي على الحظر، فإن أمريكا تظل جاذبة للكثيرين في العالم، خاصة أبناء الدول الضعيفة.

 

وقال نزار أسروح، من ليبيا والمقيم في سان دييغو: "هناك ارتياح وشعور بالتفاؤل"، وهو يأمل في أن تتمكن والدته من زيارته.

 

وأمر بايدن بإعادة النظر في الطلبات المرفوضة وتقييم الإجراءات التي اتخذها ترامب مثل "التدقيق الشديد" التي اشتملت على فحص رسائل المتقدم التي تلقاها عبر منصات التواصل. لكن المدافعين عن سياسات الهجرة يقولون إن العودة لنظام ما قبل ترامب لن تكون حلا ناجعا.

 

ويقول قادر عباس، المحامي لدى مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية: "حتى من قبل، كان النظام مميزا ولا يرحب بالمسلمين، وفي عهد إدارة أوباما تم توسيع قائمة المراقبة الإرهابية إلى أكثر من مليون اسم، التي كانت بالضرورة أسماء مسلمين".

 

وحتى بين الذين يحبون أمريكا، مثل جمال التي حصل زوجها على بطاقة يانصيب للهجرة من السودان بحثا عن حياة أفضل، فإنها لم تكن محظوظة، وقالت: "بالنسبة لترامب نحن مسلمون أشرار، ولبايدن نحن أخيار. ولا يهم في النهاية، فهم يستخدموننا لو كنا جيدين لهم، ونحن مجرد قطع شطرنج".

 

وذكر اقتحام مبنى الكونغرس هذا الشهر، الكثيرين بما يجري في بلادهم، ومنهم دياب سرية، السجين السياسي في سوريا، حيث ذكره اقتحام الكونغرس بالشبيحة الذين يدعمون بشار الأسد، وبأي ثمن.

 

وبعد رفض طلبه عام 2017، سافر إلى هولندا، ولكنه لا يمانع المحاولة مرة ثانية مع أنه يشعر بالخوف قائلا: "ماذا لو جاء ترامب آخر بعد عدة أعوام".

 

ويحاول الناشطون الضغط على الكونغرس لتمرير "قانون لا حظر" يمنع بموجبه أي رئيس من اتخاذ قرار في المستقبل يقيد دخول القادمين إلى أمريكا. 


لكن تقييم الضرر لن يلغي آثاره، خاصة أن الطريقة المتقلبة والمتعجلة التي تم فيها تطبيقه تركت آثارا متباينة من بلد لآخر. 

 

ففي ميانمار لم يؤثر قرار ترامب على أحد، وفقط تأشيرات الهجرة، وأغلقت أبوابها بعد إلغاء القرار لمواجهة فيروس كورونا. وعانى الإيرانيون بشدة. وهم يشكلون أكبر عدد من طالبي التأشيرات للولايات المتحدة.

 

وقبل الثورة سافر الشباب الإيراني إلى الجامعات الأمريكية، وعادوا بشهاداتهم، ومنهم محمد جواد ظريف، وزير الخارجية ومدير البرنامج النووي الإيراني علي أكبر صالحي.

 

وبعد الثورة، قل العدد، والإيرانيون الذين كانوا يأتون لأمريكا أقاموا فيها. ومن بين 45,000 إيراني تقدموا بطلب تأشيرات ما بين 2017 و2020 تم منح 7,000 منهم فقط.

 

وبالنسبة للآخرين فلم يتحقق حلمهم، فرجل الأعمال الليبي محمد عبد الرحمن، فاز بالقرعة للسفر عام 2017، لكن حظر ترامب أجبره على تأخير السفر، وقبل رفعه، أصيب بجلطة ومات.

 

وقال ابن أخته: "لو لم يكن هناك حظر لكانت حياته مختلفة جدا. كان يبحث عن مكان مستقر ليقضي فيه بقية حياته". 

التعليقات (0)