قضايا وآراء

المشرق في مهب حكم المافيا

غازي دحمان
1300x600
1300x600
ليست بيروت وحدها المنكوبة في زمن الغدر الذي تتسيده قوى "مقاومة" الصهيونية، فكل المشرق محطّم وغارق بالدمار والموت، من الموصل إلى حلب، ومن بغداد إلى دمشق وبيروت، ووحدها إسرائيل تنعم بالسلام والاستقرار.

لن يكون انفجار بيروت ودمار أكثر من ثلث عمرانها وموت وجرح المئات من سكانها؛ آخر إنجازات العصابة المستقوية من طهران إلى الضاحية الجنوبية، طالما إيران قد فخّخت، وفي ضوء النهار وأمام العالم وحتى بحماية قوى رئيسية فيه، المشرق العربي، وجعلته مستودعاً للذخائر وميداناً لتدريب عناصرها، وهذه الذخائر وتلك العناصر لن تكون بوصلتها سوى الدواخل العربية التي تريد إيران إخضاعها وتهجيرها.

هل ما زال ثمّة من يشكّك بهذه الحقيقة؟ من لم يهجر المشرق بفعل البراميل المتفجرة، سيهجره نتيجة حوادث لم ولن تخطر على بال أحد. فما دامت عصابة دمشق- موسكو- طهران- الضاحية الجنوبية، هي من تمسك بخيوط اللعبة وتدير دفة الأمور في هذا المشرق المنكوب، فلا تغفلوا أن تتفقدوا أطرافكم مساء كل يوم، بل في كل لحظة.
ليس جورج حسواني وعماد خوري، صاحبا الشركة التي اشترت نترات الأمونيوم، سوى واجهة تخبئ وراءها مافيا قذرة، تشترك فيها شخصيات من حجم "رؤساء" دول، وزعماء، ورجال أعمال، لا هم لهم سوى الحفاظ على مناصبهم وكسب المزيد من الثروات على حساب موت البشر

ليس جورج حسواني وعماد خوري، صاحبا الشركة التي اشترت نترات الأمونيوم، سوى واجهة تخبئ وراءها مافيا قذرة، تشترك فيها شخصيات من حجم "رؤساء" دول، وزعماء، ورجال أعمال، لا هم لهم سوى الحفاظ على مناصبهم وكسب المزيد من الثروات على حساب موت البشر، إن بالبراميل المحشوّة بالأمونيوم، أو بالمخدرات التي تشهد ثورة في صناعتها وتجارتها على يد نظام الأسد وحزب الله وتكاد تغرق المنطقة برمتها.

منذ انفجار ميناء بيروت، في آب/ أغسطس 2020، تبرع الإعلام الروسي بحبك قصص وروايات عن مصدر الشحنة واتجاهها والغرض منها، وانبرى إعلام الأسد وحزب الله في محاولات لتوظيف الانفجار ضد خصومهم السياسيين في لبنان، ما يثبت أن هذه المافيا تختلف عن المافيات التقليدية، بأن لها منابر إعلام رسمية وموظفين ذوي مناصب كبيرة في مؤسسات مفصلية، كالموانئ والمطارات والمعابر، بل إن هذه العصابة لديها جيوش وسفن تعبر البحار في وضح النهار، وطائرات تنقل المليشيات والصواريخ، وأخرى تحمل البراميل المتفجرة والكيماوي لتقتل بشراً بائسين استقوت عليهم جيوش تدّعي العظمة والرفعة.

وهذا يثبت أننا في المشرق تحت حكم عصابة مافياوية تفكك الدولة، وإشهار تفكّكها بشكل علني بذريعة تحوّلها إلى جبهة مقاومة ضد الصهيونية، وتحت هذه الذريعة تمّت إزاحة كل ما يذكّر بالدولة، طالما أن لهذه الأخيرة حدودا وقيودا لا طاقة للنخب المافيوية الجديدة على الخضوع لها. وقبل ذلك جرى إحراق العقود الاجتماعية التي تربط الشعب بالسلطة، ثم في وقت آخر جرى ذبح الشعب وتهجيره.
هذا يثبت أننا في المشرق تحت حكم عصابة مافياوية تفكك الدولة، وإشهار تفكّكها بشكل علني بذريعة تحوّلها إلى جبهة مقاومة ضد الصهيونية، وتحت هذه الذريعة تمّت إزاحة كل ما يذكّر بالدولة، طالما أن لهذه الأخيرة حدودا وقيودا لا طاقة للنخب المافيوية الجديدة على الخضوع لها

والمفارقة أن هذا النمط الدولتي الذي تم اختراعه في المشرق، يبتغي أن يكون متفرداً في نموذجه، ويطلب في نفس الوقت الاعتراف به طرفاً شرعياً، اعتراف يقوم على الأمر الواقع، طالما هو يخضع شعوباً لسلطته. وويل لكل من يحاول حتى تقديم النصح والمشورة، كما حاول الصحفي قاسم قصير، الذي لم يطلب سوى عقلنة تصرفات حزب الله ليتمكن لبنان من التعافي وتجاوز أزمته الآخذة في الاستعصاء نتيجة تحوّلها إلى ملحق لإيران ومنفذ لسياساتها وأطماعها في المشرق العربي.

والحاصل، أنه بفعل هذه المافيا، يبدو المشرق العربي كله مهددا بالدمار، فثمّة ماكينة لا تكل عن إنتاج الكيماوي والبراميل المتفجرة والمخدرات، ويريد القائمون عليها فرض نتاجاتها على شعوب المنطقة، ويروجون لها تحت شعار محاربة الإمبريالية ومقاومة الصهيونية، التي يحققون النصر عليها صباح مساء مع مقتل كل طفل وامرأة في خيام إدلب وشوارع الموصل المدمّرة وبيروت المنكوبة.

في الوقت عينه، تدرب إسرائيل طياريها على اللعب في سماوات سوريا ولبنان والعراق، وعلى اصطياد رؤوس أبناء" الخايبات" على ما يقول شاعر عراقي، من عراقيين وسوريين تستخدمهم إيران في تعزيز سرديتها عن مقاومة لا نراها.

بتنا في المشرق نحنّ لحكم الديكتاتور، على الأقل هناك دولة ونظام، أما حكم المافيا فلا أحد يستطيع أن يأمن غده مع زعران متعطشة للدماء والخراب، لا ذمة لهم ولا قوانين تردعهم.

twitter.com/ghazidahman1

التعليقات (0)