صحافة دولية

WP: هكذا سقط قناع "التسامح" عن وجه ماكرون

شبهت الصحيفة مساعي ماكرون لـ"إصلاح" الإسلام بتلك التي ينفذها ابن سلمان في السعودية- جيتي
شبهت الصحيفة مساعي ماكرون لـ"إصلاح" الإسلام بتلك التي ينفذها ابن سلمان في السعودية- جيتي

نشرت "واشنطن بوست" الأمريكية مقالا للمحررة في الصحيفة، كارين عطية، ذكرت فيه أن إيمانويل ماكرون، عندما هزم مارين لوبان وحزبها اليميني المتطرف، عام 2017، منتزعا رئاسة فرنسا، اعتبر فوزه "حصنا وسطيا مثاليا" ضد صعود القوى العنصرية المعادية للأجانب والمناهضة للمهاجرين، في بلاده وعبر أوروبا.

 

وبالنسبة للكثيرين، بحسب المقال، الذي ترجمته "عربي21"، كان ماكرون خيالا سياسيا سرعان ما اتضحت ملامحه الحقيقية، مصرفي سابق ووجه جديد ملتزم بدعم النظام العالمي النيوليبرالي والدفاع عنه.

ورث ماكرون آنذاك قيادة دولة تكافح ضد "تهديد الإسلام الراديكالي"، من جهة، وحركة اليمين المتطرف الصاعدة، من جهة أخرى، بحسب المقال.

 

وبعد سلسلة من الحوادث الدموية، التي ارتبطت بشكل خاص بصحيفة "تشارلي إبدو" الساخرة، تجدد إشعال العداوات بين الدولة الفرنسية والمسلمين.

 

لكن مقتل "صمويل باتي" بطريقة بشعة لم تتبعها موجة تعاطف عالمية كما حدث سابقا. لم نقم بتغيير صور التعريف الخاصة بنا على فيسبوك إلى علم ثلاثي الألوان أو نشر "تضامنا مع" على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بنا.


وبدلا من ذلك، في عام حركة حياة السود مهمة، يواجه رد فرنسا على هذه الهجمات المروعة مزيدا من التدقيق، فقد تعرض البطل الليبرالي ماكرون للنقد الذي يستحقه بسبب تعامله السياسي مع اليمين المتطرف، وقيادته لمشاعر الإسلاموفوبيا ومغازلته الاستبداد السياسي.

وكان ماكرون قد تساءل خلال خطاب ألقاه في تشرين الأول/أكتوبر: "ما الذي يهدد اليوم، في مجتمعنا، جمهوريتنا وقدرتنا على العيش معا؟". لقد كان سؤالا بلاغيا. وفي ضربة من المفارقة العميقة، ألقى بطل حياد الدولة في الشؤون الدينية باللوم على الانفصالية الإسلامية باعتبارها التهديد الرئيسي.

 

قال الرئيس الفرنسي، مستخدما أسلوب لوبان، إنه "في كل مكان توجد أزمة للإسلام"، مع دوافع راديكالية و"رغبة في إعادة اختراع الجهاد".

لكن الهجمات الأخيرة نفذها أفراد يعانون من اضطرابات، وذئاب منفردة لا علاقة لها بشبكات إرهابية دولية. هذا ليس ما تريد حكومة ماكرون معالجته، وفق الكاتبة، التي اعتبرت أن الأخير يشن ما يسميه حربا ضد "الانفصالية الإسلامية" الداخلية.

 

وفي ذلك الإطار، يتعرض الزعماء الدينيون الإسلاميون في فرنسا لضغوط للتوقيع على ميثاق "القيم الجمهورية"، واقترحت الحكومة إلغاء برنامج تعليمي مع مدرسين من تركيا والمغرب والجزائر، كما تريد فرض قيود على التعليم المنزلي.

 

اقرأ أيضا: ماكرون بمرمى الاتهامات مجددا.. رفض شبابي لسياساته

ويريد ماكرون إقامة إسلام "التنوير" في فرنسا، ويقول إنه يريد "مساعدة هذا الدين على هيكلة نفسه في بلدنا". إنه لأمر سيء بما فيه الكفاية أن مثل هذه الفكرة المنافقة تتعارض مع قيمة "العلمانية" الفرنسية أو حياد الدولة في الشؤون الدينية. لكن وعود الرئيس الاستعلائية بإصلاح دين بأكمله تذكرنا بتعهد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في عام 2017 بـ "كبح جماح" الفصائل المتطرفة في المملكة وإعادتها إلى" الإسلام المعتدل".

 

وبالنظر إلى أن ماكرون لم ير أي خطأ في إبرام صفقات أسلحة مع نفس الديكتاتور العربي الذي يقصف اليمن ويرتكب انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان ضد المسلمين في بلده، فربما يكون من المنطقي أن يحصل ماكرون على بعض النصائح الرخيصة [من ابن سلمان] حول كيفية جعل حياة المسلمين الأبرياء في بلاده بائسة.

واكتمل تنكر ماكرون كمصلح سلطوي طيب عندما حذر من أنه "قد نضطر إلى جعل الناس يخافون من الجمهورية من خلال فرض قواعدها بطريقة لا هوادة فيها وإعادة بناء قوة القانون، وقد يتعين علينا استعادة السيطرة في هذه المساحات المهمة التي ذكرت، ولكن علينا أيضا أن نجعل الناس يحبون الجمهورية مرة أخرى من خلال إظهار أنه يمكنها أن تمكن الجميع من بناء حياتهم الخاصة".

ووفق المقال، فإن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة التي ارتكبت فظائع لا حصر لها باسم الإمبريالية في جميع أنحاء العالم، لا تزال ترفض أن ترى أو تعترف بأن السود والعرب والمسلمين لا يزال لديهم الكثير من الأسباب للخوف من الجمهورية.

 

وهناك، تم حظر النقاب على النساء المسلمات، كما أن هناك احتمالا أكبر أن يتعرض السود والعرب في فرنسا للتمييز والوحشية من قبل الشرطة في الأوقات العادية. ويقال إن المسلمين يشكلون ما بين 60 إلى 70 في المائة من نزلاء السجون في فرنسا. وحتى لو أراد المواطنون حماية أنفسهم من الانتهاكات، فقد حاولت الحكومة الفرنسية تقييد تصوير الشرطة الشهر الماضي.

 

وبعد رد فعل قوي من وسائل الإعلام وجماعات حقوق الإنسان، قالت الحكومة إنها تراجع مشروع القانون المثير للجدل.

وبدلا من الاستجابة بوضوح أخلاقي وكرامة لتسليط الضوء دوليا على العلاقات العرقية والتمييز وعنف الدولة في فرنسا، استجاب ماكرون والمؤسسة الإعلامية بهشاشة محمومة.

 

تنتقد وسائل الإعلام الفرنسية بشدة المعلقين الذين يتحدثون عن العنصرية وماضي البلاد الملطخ، ويبدو الأمر كما لو أن فرنسا، السيدة الاستعمارية المسنة، لا تستطيع تصديق أن رعاياها الأفارقة والمسلمين السابقين يردون عليها.

 

ولكن في عصر وسائل الإعلام العالمية وزيادة الوعي باستعلاء البيض والموروثات الاستعمارية، لا يمكن لفرنسا ببساطة أن تتوقع السيطرة على الحوار العالمي حول ماضيها وحاضرها.

وتشبه الأقليات العرقية والدينية في الغرب دائما طائر الكناري الذي يكشف الغاز السام الخطير في منجم الفحم، ويجب على العالم، بحسب الكاتبة، أن ينتبه إلى أصوات فرنسا السوداء، والأفريقية، والعربية، والمسلمة، والمهاجرة التي تحذر من أن فرنسا، بلد التنوير، في ظل حكم ماكرون، تتخذ منحى مظلما للغاية.

3
التعليقات (3)
همام الحارث
الأحد، 06-12-2020 11:38 ص
لحقيقة أن إشعال العداوات بين فرنسا والمسلمين كان نتيجة إيعاز الدولة لصحيفة "تشارلي إبدو" لكي تنشر الرسوم الساخرة عن النبي صلى الله عليه و سلم . و كان يلزم أن يتم مقتل "صمويل باتي" بطريقة بشعة تتضمن قطع رأسه من أجل تبرير قمع الجالية المسلمة . لماذا لم يتبع ذلك موجة تعاطف عالمية كما حدث سابقا ؟ لأن العالم في ظل وسائل التواصل الاجتماعي لا يمكن خداعه بعملية "مفبركة" تبعتها عملية أبشع منها "مفبركة" أيضاً . هذا التأجيج للوضع أصبح غير ذي جدوى بعد تصريحات أمريكية مثلاً قال فيها سياسيون قدامى مثل هيلاري كلينتون أن بلادهم هي من صنعت القاعدة ، و بالطبع هذا فتح الباب لاستنتاج ، تدعمه الوقائع، أن كل مشتقات القاعدة هي نتاج جهود مخابرات دول إقليمية بالتنسيق مع مخابرات دول كبرى . إذن أي عمل إرهابي صار عليه علامات استفهام ، و لا يمكن لعاقل أن يقوم بالتركيز على آخر أداة غبية قامت بالعمل ثم ينسى العقل المدبَر . أما القول بأن الهجمات الأخيرة نفذها أفراد يعانون من اضطرابات، وذئاب منفردة لا علاقة لها بشبكات إرهابية دولية فهذا صحيح إذا كانت الهجمات من تدبير مخابرات أوروبية. إن سعي ماكرون لإقامة ما يسمى إسلام "التنوير" في فرنسا هو ببساطة فاشل لأن مثل هذا الدين يعني الارتداد عن دين الإسلام الذي أنزله الله . لقد حاول الكثيرون ، و من ضمنهم الاستعمار القديم ، إقامة ما يسمى" الإسلام المعدَل على مزاجهم" و فشلوا رغم جهود استمرت عشرات السنين . على أية حال ، معروف عن فرنسا الصلف و الحمق كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدة نكبة دمشق ( رَماكِ بِطَيشِهِ وَرَمى فَرَنسا ** أَخو حَربٍ بِهِ صَلَفٌ وَحُمقُ) و معروف عن فرنسا تعجرفها على الآخرين و من ضمنهم حتى الأمريكان و الانجليز و الألمان ! ما يجري في فرنسا هذه الأيام قديم و مرصود منذ بداية الثمانينات بحق أي مسلم ، خاصة إذا كان شاباً ، يتردد على المساجد لإقامة الصلاة . بعد تفكير طويل ، صرت أتمنى لو أن جميع الجالية تغادر ذلك البلد لأنه واضح أنه توجد خطط شريرة خطيرة ضدها لكن أرجو الله إما أن يعودوا إلى بلادهم سالمين غانمين مع رفعة تلك البلاد أو أن ييسر الله لهم بلاداً فيها الخير و العدل "كما قيل عن النجاشي : ملك لا يظلم عنده أحد" .
احمد
السبت، 05-12-2020 11:46 م
عندما يصدر هذا المقال في الواشنطن بوست في هذا الوقت فهذه رساله الى ماكرون بانه غير مرحب به من الاداره الامريكيه الجديده ..
الحوت
السبت، 05-12-2020 03:34 م
لاننا بعيد عن ديننا توهمنا ان ممكن النصارى او اليهود يرضوا عنا والله قال ولن ترضى عنك البهود والنصارى حتى تتبع ملتهم اللهم ردنا الى دينك ردا يرضيك عنا يا ولى النعم ياالله وانصرنا على القوم الكافرين يامتفضل تغضل علينا بالنصر والفتح المبين على عبادك المجاهدين فى سبيلك ياقوى يامتين