مقابلات

معارض مصري يتوقع اندلاع احتجاجات جديدة داخل البلاد

المعارض الليبرالي مختار كامل أكد أنه "لا توجد أي خيارات أخرى سوى الثورة على السيسي"- يوتيوب
المعارض الليبرالي مختار كامل أكد أنه "لا توجد أي خيارات أخرى سوى الثورة على السيسي"- يوتيوب

* الاحتجاجات يمكن أن تولّد قيادات جديدة على الأرض لكنها الآن في علم الغيب

 

* السلطات المصرية ليست راغبة في حل المشاكل والأزمات حلولا جذرية وليست قادرة على ذلك

 

* أداء المعارضة غير مرض حتى الآن.. وأسباب الاحتجاجات ستظل قائمة

 

* لا توجد خيارات أخرى سوى الثورة على الأوضاع القائمة.. والبديل تحوّل الشعب إلى أجير على أرضه

 

* دبلوماسية صندوق النقد الدولي تلتزم الحذر الزائد في التعليق على سياسات الحكومات


توقع المعارض المصري، والمحلل السياسي، مختار كامل، "اندلاع احتجاجات جديدة داخل مصر خلال الفترة المقبلة، لأن شروط ومسببات الاحتجاجات كانت وستظل قائمة، حتى مع وجود مهدئات"، مشيرا إلى أنه "مع مجموع الاحتجاجات يمكن أن تتولد قيادات جديدة على الأرض، بينما هي في علم الغيب حاليا".

وعبّر المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي عن شعوره بالدهشة من بعض التقارير التي يصدرها الصندوق، والتي تشير إلى "حدوث تقدم اقتصادي في مصر"، إلا أنه قال إنه "من المعروف أن دبلوماسية الصندوق تلتزم الحذر الزائد في التعليق على سياسات الحكومات"، ومؤكدا أن "المليارات التي حصلت عليها مصر ذهبت إلى استخدامات غير مُنتجة على الإطلاق".

وعن السيناريوهات المتوقعة، أكد "كامل"، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أنه "لا توجد أي خيارات أخرى سوى الثورة على الأوضاع القائمة، ليس فقط على المستوى السياسي، لكن أيضا على المستوى الحضاري العام، لأن البديل هو تحوّل الشعب المصري إلى أجير على أرضه لا يملك فيها شيئا، وهي صورة أبشع من أي احتلال عسكري على نمط القرن التاسع عشر".

وتاليا نص المقابلة:

 

مَن هم أبرز رموز رابطة "تكنوقراط مصر" التي أعلنتم عن تدشينها مؤخرا؟


الحقيقة نحن ضد مسألة "الرموز" هذه، التي تدل باستمرار على أحد عيوبنا المتفشية كمصريين، وهي الميل إلى الشخصنة. بالتالي فإنه ليس لدينا "رموز" بالمعنى الشائع.

ما موقف رابطة "تكنوقراط مصر" من دعوات توحد قوى المعارضة؟


الرابطة تتمنى التوافق بين مختلف فئات المصريين بحيث ينتج نوع من التناغم الوطني العام: بين الطبقات؛ بين مختلف الإيديولوجيات، بحيث تكون قاعدة التوافق هي الانتماء لمصر، ثم تتفرع منها مختلف الاتجاهات، بين الحاكم والمحكوم.. وهكذا. ومن هذا المنطلق العام فإن الرابطة تتمنى حدا أدنى على الأقل من التوافق بين قوى المعارضة.

كيف تقرأ الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها مصر؟


الاحتجاجات الأخيرة من الناحية العملية تعكس أساسا وبوضوح مدى الضنك الذي يواجه المصريين من مختلف الجوانب. وهي بالطبع تختلف عن سابقاتها من حيث أن عناصرها هم "ملح الأرض"، المهمشون عموما الذين طال انتظارهم دون جدوى لأن تعاملهم بلدهم بإنصاف. ومما يلفت النظر مشاركة عدد كبير من صغار السن، بل والأطفال في تلك الاحتجاجات الأخيرة، بالإضافة إلى أنها كانت على الأطراف دون المركز وهو أمر إيجابي جديد، وكل هذه اختلافات هامة للغاية.

هناك مَن يرى أن تلك الاحتجاجات لم تكن لها علاقة بالسياسة أو مطالب التغيير الحقيقية لأنها مجرد احتجاجات اقتصادية اجتماعية وأنه يمكن معالجتها بسهولة في حال تلبية تلك المطالب الاقتصادية.. ما تعقيبكم؟


صحيح أن مطالبها اقتصادية اجتماعية وليست من أجل التغيير بالمعنى السياسي العام، لكن هذا لا ينتقص من أهميتها. أما أنها هدأت بفعل تلبية بعض مطالبها فهذا وارد، لكنه في نفس الوقت لا ينقص من قيمتها. في أقل القليل فإن الشعب يتعلم منها أنه حين تتوافق قطاعات من الشعب على الاحتجاج مطالبة بحقوقها فإنها تصبح قادرة على الضغط على الحكومة لتلبية بعض المطالب على الأٌقل. وهذا أمر جيد لأنه يجبر متخذ القرار على وضع الشعب كطرف في المعادلة، وهو ما لم يكن موجودا قبل هذه الاحتجاجات، بل بلغ الاستهتار بالشعب حد هدم المنازل في السيناريو المعروف. لكن من الناحية الأخرى أشعر أن السلطات ليست راغبة ولا قادرة على حل المشاكل حلولا جذرية، بما يعني أن أي مهدئات تقدم حاليا إنما ستكون بمثابة مسكنات وليست علاجا، بالتالي فإن من الوارد جدا أن تظهر الاحتجاجات من جديد في وقت ما، وظرف ما، وربما بشكل آخر مختلف أيّا كان.

لماذا لم تشارك قوى المعارضة المختلفة في هذا الحراك الاحتجاجي؟


أستطيع القول إن أداء المعارضة غير مرض حتى الآن.

هل سيُولّد هذا الحراك الاحتجاجي نخبة جديدة بعدما أثبتت النخب السياسية الحالية عطب فكرها من وجهة نظرك؟


وارد جدا. وعموما طالما أن شروط الاحتجاجات قائمة، وأرى أنها ستظل قائمة، فحتى مع وجود مهدئات، فلنتوقع احتجاجات تالية، ومن مجموع الاحتجاجات يمكن أن تتولد قيادات جديدة هي في علم الغيب حاليا.

كيف ترون حالة الإنكار الشديد للنظام وإعلامه ومؤيديه للاحتجاجات التي شهدتها مصر؟


الإنكار الشديد والتغطية أحد التقاليد السياسية لدينا منذ أمد بعيد، بالتالي فلا جديد فيها، وهي سلوك متوقع.

ما مدى فرص نجاح أي حراك احتجاجي في حال غياب قيادة موحدة للمعارضة ورؤية استراتيجية واضحة للتغيير؟


تتوقف على المقصود بـ "النجاح". أرى أن "النجاح" سيأتي بالنقاط وليس بالضربة القاضية، فكل حراك يطالب بحقوق الناس في حد ذاته نجاح، وينطوي على بذور قابلة للتبلور لصنع نجاح إضافي وهكذا، حتى مع غياب القيادات الموحدة والرؤية الاستراتيجية للتغيير.

ويمكن القول هنا إن النقطة الأخيرة هي أصعب النقاط، لأن الرؤى الاستراتيجية موجودة، لكنها ليست متناسقة بين مختلف فئات المعارضة المصرية وبين مختلف الإيديولوجيات التي تتوزع بينها المعارضة، والسبب أساسا في اعتقادي هو غياب أيديولوجية وطنية مصرية، وربما هذا سيدهش الكثيرين، لكن حتى تزول الدهشة يمكن أن تسأل أي شخص: "ما هي الإيديولوجية المصرية؟"، حتى إن المصطلح غريب تماما عن الذهنية المصرية.

وقد يستنكر كثيرون مثل هذا المصطلح متسائلين: "وهل هناك إيديولوجية فرنسية أو بريطانية؟".. لا توجد مثل هذه الإيديولوجيات حاليا، لكن توجد "قوميات" فرنسية وبريطانية وألمانية، الخ، رغم الاتحاد الأوروبي، لأن فكرة الاتحاد الأوروبي لم تقم على إنكار القوميات المحلية، بل التنسيق بينها واحترامها في إطار كلي يحقق مصالح الجميع بأقصى قدر ممكن، وحتى شعارهم هو "متحدون في التنوع"، بما يعني التوازن بين مطلب التوحد ككتلة قوية أمام العالم، لكن مع الاحترام الكامل للخصوصيات القومية، بعكس حالتنا حين نادينا بالوحدة العربية مثلا فقد قامت الدعوة على إنكار القوميات المحلية على أساس أنها "شعوبية"، علاوة على أننا مجتمعات استنساخ بحيث نطالب بأن نكون جميعا في "قالب واحد"، وواقع الأمر أن مفهوم "الوحدة" بالمعنى الحديث غائب عن العقلية العربية عموما، فالاتحاد بالمعنى الحديث لا يعني التوأمة، بل "متحدون في التنوع"، وهذا هو أحد الفروق الجوهرية بين نجاح الاتحاد الأوروبي وفشل كل محاولات الوحدة العربية.

هل يؤدي الحراك الاحتجاجي الأخير إلى تغيير بشكل أو بآخر في المشهد المصري أم لا؟


يؤدي بالتأكيد بغض النظر عن حجم التغيير واتجاهه. أي حراك في بركة آسنة هو في صالح القضية.

ماذا بعد نجاح السيسي في احتواء موجة الحراك والغضب الأخيرة؟


سيواجه بموجة ثانية وثالثة إلى أن يقتنع بأن فلسفة الحكم الحالية تضره أكثر مما تنفعه.

بحكم عملك السابق في صندوق النقد الدولي، كيف تستقبل بعض الإشادات الدولية -سواء من قبل البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو بعض الجهات العالمية الأخرى- ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري وسياسات السيسي الاقتصادية؟


برامج الإصلاح الاقتصادي هدفها الأساسي تصحيح مسار الميزانية وليس التنمية، لأن صندوق النقد ليس منظمة تنمية. ولا يعلق الصندوق على البرامج كثيرا ربما لتقاليده بعدم الحديث بشكل قد يشتم منه رائحة السياسة، لأن الصندوق يقول دائما إنه لا يتدخل في السياسة. لكن أشعر بالدهشة أحيانا حين تشير تقاريره إلى حدوث تقدم اقتصادي في مصر، وغالبا ما يرجع ذلك إلى الحرص على التعليق على الأرقام الرسمية التي تقدمها الحكومة المصرية أثناء المشاورات الدورية مع الصندوق التي تعرف بمشاورات المادة الرابعة، ويرى الصندوق أنه ليس من اختصاصه أن يعلق على أمور سياسية بالتالي فهو لا يعلق على أي شيء خارج نطاق البرنامج المتفق عليه، ومن المعروف أن دبلوماسية الصندوق تلتزم الحذر الزائد في التعليق على سياسات الحكومات. أما البنك الدولي (وهو منظمة شقيقة للصندوق لكنها تعنى بمشاريع التنمية لا بالميزانية كالصندوق) فقد أصدر منذ نحو عام ونصف ما يشير إلى أن حوالي 60% من المصريين إما أصبحوا تحت خط الفقر أو ”معرضين“ للانزلاق تحته.

وأين ذهبت كل هذه المليارات التي حصل عليها السيسي؟


لا علم لي، إلا أنها بالتأكيد ذهبت إلى استخدامات غير منتجة إطلاقا.

هناك مَن يرى أن مصر لا تتحمل ثورات أو انتفاضات جديدة مثلما لا تتحمل بقاء الوضع كما هو عليه.. هل تتفق مع هذا الطرح؟


لا توجد أي خيارات أخرى سوى الثورة على الأوضاع القائمة، ليس فقط على المستوى السياسي، لكن أيضا على المستوى الحضاري العام، لأن البديل هو تحوّل الشعب المصري إلى أجير على أرضه لا يملك فيها شيئا، وهي صورة أبشع من أي احتلال عسكري على نمط القرن التاسع عشر.

أي الخيارين الأقل سوءا، انتفاضة جديدة أم بقاء الوضع كما هو عليه؟


بقاء الوضع الحالي هو أسوأ الاحتمالات.

برأيك، إلى أين سيصل غضب المصريين من السيسي؟


أرجو ألا يصل إلى حد "بحور الدم".

أخيرا.. كيف تتصور نهاية السيسي؟


لا أتمناها لأي أحد.

التعليقات (0)