صحافة دولية

الغارديان: الكاظمي يحشد الحلفاء لإبقاء سفارة واشنطن ببغداد

زادت عملية إطلاق الصواريخ خلال هذا العام الذي بدأ باغتيال أمريكا لقاسم سليماني- جيتي
زادت عملية إطلاق الصواريخ خلال هذا العام الذي بدأ باغتيال أمريكا لقاسم سليماني- جيتي

نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط، مارتن تشلوف، قال فيه إن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي حاول حشد الحلفاء لمساعدته في إقناع أمريكا بإبقاء سفارتها مفتوحة، بعد تهديد إدارة ترامب سحب الدبلوماسيين إن لم تستطع بغداد إيقاف الهجمات الصاروخية.

وجاء التهديد خلال عطلة نهاية الأسبوع عن طريق وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، لمصطفى الكاظمي، وأتبعه إخلاء صغير من السفارة المحصنة، فيما رآه المسؤولون بأنه تصريح عن النية بالإخلاء.

ولكن ليس من الواضح إن كان التحذير حيلة لإجبار السلطات العراقية القيام بحملة ضد المليشيات القوية، أو خطوة أولى نحو إنهاء 17 عاما من التواجد العسكري الأمريكي في العراق بعد الحرب.

وفوجئ الكاظمي، الحليف لأمريكا، والذي زار البيت الأبيض الشهر الماضي، بمطالب بومبيو التي جاءت وسط حملة انتخابية أمريكية يتم خوضها حول القضايا الداخلية.

 

وركزت حملة ترامب في مجال السياسة الخارجية على إرجاع القوات الأمريكية إلى الوطن من العراق وغيرها، والطلب من الحلفاء بالولاء الكامل، بما في ذلك من بغداد.

ويعتبر الكاظمي أكثر ميلا لأمريكا من سابقيه، ولكن يُعتقد أن المليشيات القوية المدعومة من إيران تقف خلف سلسلة من الهجمات الصاروخية على المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد، حيث يوجد مقر الحكومة والسفارات.

 

اقرأ أيضا: قائد جديد لحماية "المنطقة الخضراء" والرئيس العراقي يحذر

وزادت عملية إطلاق الصواريخ خلال هذا العام، الذي بدأ باغتيال أمريكا لقائد فيلق القدس الإيراني، اللواء قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي، عن طريق طائرة مسيرة في بغداد.

ومنذ ذلك الحين والهجمات المدعومة من إيران على أمريكا والمصالح الغربية مستمرة، بالرغم من إصرار الكاظمي بأنه سيضع حدا لها. وأدى عجزه النسبي إلى فقدان بعض المقربين من ترامب الثقة بالرجل الذي أملوا أن يستطيعوا نزعه من فلك إيران.


وهناك قسم آخر في الإدارة يصرون على أن جغرافيا العراق وتجربة ما بعد الحرب جعل من التعامل مع إيران أمرا لا مفر منه، وأن مقاربة "إما معنا أو ضدنا" محكوم عليها بالفشل.


وقالت دبلوماسية الاتحاد الأوروبي رفيعة المستوى كلاريس ماستزوري التي قضت أكثر من عقد في العراق: "إن الهجمات الصاروخية تثير قضية أوسع مر عليها فترة طويلة، فالإدارة الأمريكية تشعر أنها استثمرت مليارات والكثير من الأرواح في العراق، ولم تحصل على الكثير مقابل ذلك.. وبدلا من ذلك إيران هي التي استفادت.

 

وأضافت: "ترامب يفكر بأسلوب المعاملات التجارية، ولا يستوعب الأمور المنطقية. وفكرة التكلفة التي لا يمكن استردادها أمر لا يتقبله. فهو يريد للعراق أن يظهر أنه مع أمريكا، بل وأن يكون شاكرا أو أن ينتهي ما يراه ترامب مجرد تمثيلية".


وتابعت: "أتوقع أن ترامب يفكر أولا بالانتخابات. فمغادرة العراق، ناهيك عن مجرد الإعلان عن ذلك، أمر غير مكلف. ولا يستطيع أي رئيس أمريكي أن يتحمل عبء مقتل أفراد أمريكيين قبل أسابيع من الانتخابات".

وقال مصدر إقليمي رفيع إن الكثير من المسؤولين العراقيين يعتقدون بأن التحرك الأمريكي ليس خدعة، وأن الرئيس قد يقلب خلال أسابيع سياسة عمرها قريب من 20 عاما اعتبرت الوجود الأمني والدبلوماسي مهما لسياسة موازنة التأثير الإيراني.


وقال المصدر الإقليمي: "لست متأكدا إن كانت مجرد خدعة؛ لأنها مكلفة سياسيا في واشنطن إن بدأ الإخلاء.. ولكن يمكن أن تكون كذلك لإثبات العزم وحشر الكاظمي في الزاوية".


وليس من الواضح، بعد موت سليماني، إن كانت إيران لا تزال تتمتع بسيطرة كاملة على كتائب حزب الله وغيرها من المليشيات، بحسب المسؤول الإقليمي.

 

اقرأ أيضا: داخلية العراق تعلن القبض على مطلقي صاروخ تسبب بمقتل 5 أشخاص

وقال: "سليماني كان شخصا متميزا، لقد استثمر الوقت والموارد لبناء علاقات شخصية قام بتقويتها على مدى ثلاثة عقود. وكان يمكن أن يكون مراوغا وحساسا، ويهدد و يكافئ الفاعلين العراقيين. لقد عرف اللعبة ولعبها بشكل متميز. واستغل القاسمي الحدود التي وضعتها أمريكا بطرق ساعدته على خدمة الأهداف الإيرانية".


وقال المسؤول إن اغتيال سليماني، أحد أقوى الشخصيات الإقليمية، عطل إمكانيات كل من أمريكا والعراق في التعامل مع إيران.


وأضاف: "كان الأمريكان يستخدمون رؤساء عراقيين ومسؤولين يستطيعون التحدث إلى الطرفين وتوصيل الرسائل لسليماني. وكان يمكنه القيام بالعمل. فإلى من يذهبون الآن؟ إنها حالة تراجيدية، وليس هناك أي أمل منظور لهذا البلد".


كما أن المخابرات قلقت من اتصال بومبيو والتحدي الذي يعنيه للكاظمي.


وقال مارك بوليمروبولوس، الذي تقاعد من خدمات وكالة الاستخبارات المركزية في 2019، وقضى معظم حياته العملية مختصا بالشرق الأدنى، بما في ذلك العراق: "أنا قلق من أن مقاربة ترامب قد تتخلى في الواقع عما كان استثمارا كبيرا في العراق، موارد ودماء".


وقال: "يمكن للعراق أن تهمل التهديد.. فماذا نفعل بعدها؟ هل نتخلى علن العراق لإيران؟ ماذا سيحصل إن حزمنا أمتعتنا وذهبنا. إن ذلك ليس في مصلحة أمريكا، وهذه هي خطورة هذه المقاربة. فمن دون بصمة أمريكية كبيرة، تتضمن كل عناصر القوة الأمريكية، العسكري والاستخباراتي والمساعدات والدبلوماسية، ستملأ إيران الفراغ مباشرة".


وأضاف: "لا نستطيع فعل ذلك من بلد مجاور. يجب أن نكون داخل العراق. أتصور أننا سنتوصل إلى حل عملي، حيث يقوم العراقيون بتحسين الوضع الأمني كي نستطيع البقاء".

التعليقات (0)