ملفات وتقارير

تساؤلات حول تعامل جيش مصر مع صيادي غزة "كأعداء"

قتل الصياد فراس مقداد (18 عاما) وأصيب صياد آخر برصاص الجيش المصري في تشرين الثاني 2015- جيتي
قتل الصياد فراس مقداد (18 عاما) وأصيب صياد آخر برصاص الجيش المصري في تشرين الثاني 2015- جيتي

أثار تكرار حادث استهداف صيادين من قطاع غزة بعد اقترابهم من المياه الإقليمية المصرية، وعدم فتح أي تحقيق في الحادث أو تقديم اعتذار أو توضيح ملابساته للجانب الفلسطيني، تساؤلات حول طريقة التعامل المصرية مع هؤلاء الصيادين، والاستهانة بأرواحهم.

وقتل الصيادان الشقيقان، محمود وحسن محمد الزعزوع، وأصيب شقيقهم الثالث ياسر واعتقل، برصاص قوات الجيش المصري، خلال عملهم في الصيد في مياه بحر غزة بالقرب من المياه الإقليمية المصرية، التي يلوذون بها من اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وتسبب مقتلهما بحالة غضب شديدة لدى مختلف أطياف الشعب الفلسطيني، التي أدانت "جريمة" الجيش المصري بحق أبناء الشعب الفلسطيني، الذين يحاولون الحصول على لقمة عيشهم.

وطالب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، راجي الصوراني، في تصريحات سابقة لـ"عربي21" الحكومة والجيش المصريين بضرورة التغيير الفوري للوائح وأوامر إطلاق النار تجاه الفلسطينيين على الحدود مع قطاع غزة.

هجمات متكررة


لم يكن ذلك الحادث هو الأول من نوعه منذ قدوم رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، فقد تكرر مسلسل استهداف الصيادين الغزيين، حيث قتل الصياد فراس مقداد (18 عاما)، وأصيب صياد آخر برصاص الجيش المصري في عرض البحر في الجانب الفلسطيني من شواطئ رفح، في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر 2015.

 

 

اقرأ أيضا: أحمد موسى "شامتا" بقتل صيادي غزة: سنفرم مَن يقترب منا

وفي السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، قتل الصياد مصطفى خضر أبو عودة (32 عاما)، في عرض بحر رفح جنوبي القطاع، وفي كانون الثاني/ يناير من العام ذاته، قتل الصياد عبد الله زيدان برصاص البحرية المصرية.

ويضطر الصيادون الفلسطينيون إلى الاقتراب من المياه المصرية والصيد في محيطها، باعتبارها ملاذا آمنا، وبسبب استهدافهم المستمر من قبل بحرية الاحتلال الإسرائيلية ومضايقتهم.

ورغم مطالبات الحكومة الفلسطينية بفتح تحقيق  في مثل تلك الحوادث ومحاسبة من يقفون خلف هذه الجرائم، إلا أنها لا تحصل على أي رد من السلطات المصرية، ما يشكل استخفافا بأرواح الصيادين الفلسطينيين وسلطات بلادهم وأواصر الإخوة، وفق مراقبين.

تعليمات نظام السيسي

وحمّل الخبير العسكري والضابط السابق بالجيش المصري، عادل الشريف، السلطات المصرية مسؤولية مقتل الصيادين الفلسطينيين "بدم بارد"، وأكد أن "هذا لم يكن ليحدث إلا في عهد السيسي، بعد أن حرف عقيدة الجيش المصري القتالية.

 

اقرأ أيضا: عائلة الصيادين بغزة لـ"عربي21": عار على جيش مصر قتل أولادنا

وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "استهداف الصيادين الفلسطينيين، وإعطاء الأوامر للقوات البحرية بإطلاق النار عليهم داخل حدود غزة البحرية الإقليمية، مخالف ليس فقط للقانون الدولي والأعراف، بل وحتى روابط الإخوة بين البلدين".

واعتبر تكرار هذه الحوادث دليلا على "استخدام الجيش المصري كأداة لجيش الاحتلال الإسرائيلي"، وقال: "لو كان هذا المركب إسرائيليا واخترق المياه الإقليمية المصرية، ما كان الجيش المصري ليسمح باستهدافه وإطلاق النار عليه وقتل من فيه".

التفاهمات السياسية


بدوره، استهجن عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، أسامة سليمان، ربط حياة الفلسطينيين بالتفاهمات بين الجانب الفلسطيني والمصري.

وقال لـ"عربي21": "ليس من المقبول التعامل المصري مع الملف الفلسطيني كملف أمني استخباراتي لا سياسي"، مشيرا إلى أن "الحادث يأتي بعد عقد اجتماع بين حركتي حماس وفتح في تركيا بهدف تقريب وجهات النظر وليس القاهرة".

 

اقرأ أيضا: تشييع جثماني صيادين قتلا بنيران الجيش المصري في غزة (شاهد)

وأضاف: "مصر أصبحت طرفا غير محايد في القضية الفلسطينية، وهناك قوارب مصرية تتجاوز المياه الإقليمية في البحرين الأحمر والمتوسط، ولا يتم استهدافهم ولا إطلاق النار عليهم كما يحدث مع القوارب الفلسطينية، وبالتالي حالة النظام السياسي في مصر هي التي تفرض هذا الوضع الخاطئ بجعل الفلسطينيين بين المطرقة والسندان".


وتابع: "لا ننسى حادثة الشاب الفلسطيني (المريض نفسيا)، والذي تم استهدافه بشكل مروع من قبل قوات الجيش المصري، ولا يمكن القول إن مثل هؤلاء الصيادين أو غيرهم يمثلون خطرا على الأمن القومي الفلسطيني..".

وأكد على أن "قرار فتح المعابر وغلقها وفقا لقرارات سياسية يخالف كل القوانين والشرائع"، مشددا على أن هذا الإجراء المصري "لا يمكن أن يحدث مع الجانب الصهيوني المحتل".

خطوات فلسطينية ضرورية

 

من جهته، قال المحلل السياسي والكاتب الفلسطيني، هاني حبيب: "هذه ليست المرة الأولى التي يقوم بها الجيش المصري باستهداف قوارب الصيد من قطاع غزة، وإطلاق النار على الصيادين الذين يكونون قد لاذوا بالفرار في أغلب الأحيان من ملاحقات بحرية الاحتلال الإسرائيلي".

وأعرب عن أسفه واستغرابه، في حديثه لـ"عربي21"، من عدم إجراء تحقيقات في المرات السابقة للوقوف على أسباب هذه الأحداث التي ترقى إلى مرتبة "الجريمة"، منوها إلى أن السلطات المصرية لم تصدر أي مبررات أو تحقيقات حول هذه الحوادث، ما يعطي "مؤشرا سلبيا" على تعاملها مع حياة الفلسطينيين وسلطاتهم.

وختم حديثه بالقول: "نتوقع ليس توقف تكرار مثل تلك الحوادث، ولكن نتوقع أن تقوم السلطة الفلسطينية بالتحرك واتخاذ موقف محدد وواضح لعدم تكرارها، وعدم التعامل معها في الإطار السياسي والدبلوماسي فقط، بل المطالبة بتحقيقات جدية؛ من أجل منعها مستقبلا في ظل هذه الأوضاع الصعبة للفلسطينيين".

التعليقات (1)
محمد يعقوب
الثلاثاء، 29-09-2020 02:07 ص
من حق مصر أن تتمادى في غيها وجبروتها ضد أهل غزة المسالمين. ألسبب الرئيسى في ذلك أن مصر تريد أن تثبت أنها دولة قوية ولم تجد من ترهبهم سوى سكان القطاع الفلسطينيين ألذين لا يملكون ألسلاح، وكذلك أن مغتصب السلطه عباس يتمنى الفناء لغزة لأنهم أناس مقاومين، وهو يريدهم أن يكونوا كأهل الضفة خانعين لحكمه وجبروته. يجب على أولى ألأمر في القطاع، أن يردوا على العدوان المصرى بكل ما لديهم من قوة، وكذلك يطالبوا بمحاكمة مصر بسبب مقتل ألأخوين وإجبارها على دفع الدية لأهلهم وألإعتذار للقطاع على جريمة القرن هذه.