قضايا وآراء

معايير واستحقاقات قيادة الإخوان لتجاوز الأزمة والعبور إلى المستقبل

إبراهيم الديب
1300x600
1300x600
تمر المنطقة العربية بمحطة تاريخية بالغة الحساسية والخطورة، على مستوى الظروف الداخلية الخاصة بكل دولة من دولها منفردة، بالإضافة إلى التغيرات الإقليمية المتعلقة بموجة التطبيع والسير في طريق الاستسلام للهيمنة الإسرائيلية على المنطقة، ما يعد تهديدا حقيقيا لقضايا الهوية والاقتصاد والهيمنة العسكرية والسياسية، ويشكل في مجمله تهديدا بغياب دول ونظم سياسية من خريطة المنطقة، ناهيك عما سيعتري المدن والشعوب من دمار وإبادة وتشريد، حيث سيتغير عنوان المنطقة وجوهرها إلى المنطقة الفاشلة في كل شيء: في امتلاك مشروع حضاري، وفي تحديد الهوية، وفي إنتاج وإنجاز معبر عن قيمتها وسبب لبقائها ووجودها في الحياة، فهي دول وشعوب وظيفية وخادمة لغيرها من المجتمعات والدول والأمم الأخرى الناجحة.

في هذا السياق العام، لا بد أن ننظر للإخوان المسلمين وأزمتهم كونهم المؤسسة الوحيدة المنظمة نسبيا، التي صمدت على مدار قرن من الزمان كامتداد طبيعي لجهود سلسلة متعاقبة من المصلحين، بداية من الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا والكواكبي وابن باديس ومالك بن نبي.

ولكل بصمته الفكرية الإصلاحية في مؤسسة الإخوان التي جمع فيها حسن البنا أفكار هؤلاء الرواد وطوحاتهم، وانتقل بها إلى ميدان العمل من جديد، والقادرة إن طورت نفسها وأنتجت قيادة قوية بقدر تحديات المرحلة؛ أن تصبح نواة، وربما عمودا فقريا لمشروع إحياء عربي وإسلامي وحضاري جديد، شرط أن تخرج من إقليمية الفكر والتصور التي وضعت نفسها فيها، وحرمت نفسها من الاستفادة من تجارب أبنائها من خارج مصر، وفي مقدمتهم الشيخ محفوظ نحناح والشيخ الغنوشي ود. جاسم سلطان، الذين يمثلون الامتداد الطبيعي لرواد الإصلاح، والذين قدموا تطورا فكريا وإصلاحيا حقيقيا داخل الحالة الإسلامية نفسها فكريا وتنظيميا؛ ظهرت بعض ثماره في تونس والجزائر والمغرب، في حين أغلقت قيادة الإخوان في مصر الأبواب على نفسها لتتحول إلى كيان بعقل وفكر محلي حامل يافطة عالمية ثقيلة عليها، في حين أن قوانين الشرع والعلم والإدارة والمنطق تقرر بالعقل والتفكير العالمي والعمل المحلي.

معطيات أساسية ترسم ملامح القيادة اللازمة للإخوان المسلمين:


1- مشروع وجماعة الإخوان المسلمين ليسا فكرة ظرفية عابرة، أو مشروعا محليا، إنما هما مشروع إصلاحي حضاري عالمي أصيل وراسخ وممتد حتى يحقق أهدافه في الأرض، شارك في تأسيسه وإنتاجه رواد حركة الفكر الإسلامي العالمي من أفغانستان وباكستان وإيران ومصر وسوريا والخليج والجزائر، بداية من الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وبن باديس ومالك بن نبي والمودودي، وانتقل به البنا من المشروع الإصلاحي الفردي إلى التنظيم والمؤسسية في شكل جماعة مؤسسية منظمة، وفق مقتضيات الفكر الإداري حينئذ.

2- أزمة فكر وتنظيم الإخوان المسلمين جزء ركين من أزمة المنطقة كدول ونظم وشعوب، بقدر ما يمكن أن تقوم به من أعمال، وتحققه من تأثير، إن وجدت القيادة الكبيرة التي تدرك ذلك.

3- عدم نجاح الإخوان في مصر وصولا إلى الانقلاب والتحولات الدراماتيكية في النظام المصري؛ ألقت بظلالها وآثارها على دول المنطقة كافة؛ من خليجها إلى محيطها، بل وعلى الدول الإسلامية أيضا.

4- نحن أمام فترة زمنية ممتدة منذ قرنين من الزمان بداية من الحملة الفرنسية (1789م) التي أيقظت العرب والمسلمين على حقيقة الفجوة الحضارية مع العالم، وانطلاقة حركة الأفغاني وجهوده في بدايات القرن التاسع عشر(1855م)، بما اعتراها من جهود وتضحيات وشهداء، بالإضافة إلى حلم الإصلاح والنهوض الحضاري وما يحمله من تطلعات لشعوب المنطقة وأجيالها، كلها تشكل أمانة كبيرة وعظيمة تحتاج إلى قيادة فكرية كبيرة لقيادة الإخوان، تتحمل هذه الأمانة الثقيلة.

5- ما وصلت إليه حرفية النظم الاستبدادية وما تمتلكه من أدوات للمحافظة على وجودها، ومجابهة حركات الإصلاح والتحرر، وما تمتلكه من دعم إقليمي ودولي، يجعلنا أمام تحد كبير جدا وبالغ التعقيد، يحتاج إلى قيادة فكرية واستراتجية للإخوان المسلمين، تنتشلها أولا من براثن الشراك الاستراتيجي الذي دخلت فيه طواعية، وأرغمها على الدوران في فلك الدور الوظيفي لغيرها.

لأجل هذا؛ مطلوب قيادة علمية وفكرية واستراتجية للإخوان المسلمين، قادرة على الاستثمار الأمثل للموارد السبعة المتاحة؛ من بشر ومعرفة ومقدرات مادية وقوة ناعمة، وأموال وعلاقات وفرص لتحقيق أكبر قدر من أهدافها الحضارية الكبرى.

6- الإخوان حركة شمولية تمارس الإسلام بشموله، حيث تمارس عددا كبيرا من المهام المتنوعة تنتمي إلى مجالات عمل تربوية واقتصادية وإعلامية وجتماعية وسياسية.. إلخ، لا يصلح لفهمها وإدارتها إلا ذوو التخصص والاحتراف، وفقا لقوانين العصر التي جعلت من التخصص والاحتراف والمؤسسية والمعرفة والتكنولوجيا قوانين أساسية للنجاح، مما يتطلب نوعا معينا من القيادات المؤهلة علميا وتكنولوجيّا، وتتمتع بالقوة والحيوية والنشاط والعمل لساعات طويلة، للعمل في فرق عمل تشكل مجمعا علميا من الخبراء المتخصصين في مجالات العمل التي تقوم بها الجماعة، بمعنى قيادة علمية جماعية.

7- يمارس الإخوان العمل السياسي الذي بلغ بها حكم مصر ومصر ككل شأنا ومكانة كبيرة في النظام الإفليمي والدولي، مما يتطلب مخياليا سياسيا إقليميا ودوليا يفهم المحيط الإقليمي والدولي وموازين وقوانين العمل فيهما، الأمر الذي يستوجب قيادة كبيرة ذات مخيال سياسي واسع مؤسس على قواعد وأدوات علمية حقيقية.

8- مشروع الإخوان في ذاته قائم على فكرة الأستاذية والخلافة والأمة، بما يعني في جوهره مهام وأهدافا واستحقاقات كبيرة تتطلب قيادة كبيرة، تحمل فكر الأمة وهمومها وتطلعاتها، وتعيش فوق الأفكار والمصالح الجزئية الصغيرة.

9- تنظيم الإخوان تنظيم ديني مغلق على أصحابه، تتميز مفاهيم بنيانه المؤسسي على أسس دينية، تجعل من الثقة والطاعة والعمل والتضحية.. إلخ، شكلا من أشكل العبادة والقربة لله تعالى، مما يمنح القيادة العليا فيه ميزات إضافية عن القيادة العادية في أي تنظيمات أو مؤسسات أخرى غير دينية، ويمنح القيادة في الإخوان ميزات وصلاحيات كبيرة وواسعة جدا، مما تتطلب معها مواصفات معيارية خاصة في هذه القيادة، من الكفايات الشخصية العلمية والمهنية والخبراتية، والتجرد للفكرة وللمصلحة العامة على حساب نفسه وأمنه ومصالحه الخاصة، وتجعله أبعد ما يكون عن مثيله في التنظيمات والمؤسسات غير الدينية من تدبير ومشاركة وتعاون مع جماعات للضغط والمصالح والصراع على المناصب.. إلخ.

حقا هذا وقت الرجال الحقيقيين، الرجال العظماء بوزن الجماعة والتحدي والأزمة والمرحلة والتطلعات، والقيمة المضافة للجماعة بوجودهم، عدا ذلك ستقزم الجماعة وتضعف، ويضعف دورها وأثرها في الحياة العامة.

10- فكرة ومشروع الإخوان فكرة دينية إصلاحية كبيرة، في حقيقتها امتداد لرسالة الأنبياء وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، لا تصلح لقيادتها إلا القيادات الفكرية والعلمية الرصينة في التخصصات كافة، ولا يصلح لها ما يطلق عليها بالقيادات التنظيمية والحركية التي تصلح للأحزاب السياسية، والتي تتمحور رسالتها على الصراع على السلطة والوصول للحكم.

الملفات الكبرى الواجب وجودها على مكتب قيادة الإخوان المسلمين

لا شك أن الإخوان المسلمين في مصر أمام أربع ملفات كبيرة ومتشابكة بعضها مع بعض، لا بد من إداركها جيدا وإدارتها مجتمعة في شكل متواز، لأن إدارة بعضها دون الأخرى يقوض ما سيتم من جهود ونجاحات فيه، فالنجاح في الملفات الأربعة مرهون برفعها بعضها بعضا.

أولا: ملف إدارة التطوير الفكري والتنظيمي والإداري للجماعة، وغايته ثلاثة أهداف:

1- التحول إلى المؤسسية الحقيقية القادرة على إدارة واستثمار مقدرات الجماعة ومواردها في الاتجاه وبالشكل الصحيح، وفق معايير المؤسسية الحديثة التي قررها الفكر الإداري المعاصر، وتسعى المؤسسات والدول كافة إلى الالتزام بها لضمان الاستمرار والنجاح.

2- تطوير منظومة القيادة بالجماعة، كمعايير اختيار، وبرامج تأهيل، وسياسات وإجراءات تنصيب ومتابعة ومحاسبة وتقويم وتدوير القيادة داخل الجماعة.

3- التطوير الفكري في نظام تفكير وأفكار الجماعة، بما يتواكب مع مقاصد الدين وقدرات الجماعة ومعطيات قوى وتدافع الواقع.

ثانيا: ملف إدارة الأزمات البنيوية والعارضة التي تتعرض لها الجماعة، وغايته استيعاب هذه الأزمات وتجاوزها بأسرع ما يمكن:

1- أزمة المعتقلين والمشردين وأسرهم.

2- أزمة التآكل الداخلي في أعضاء الجماعة، بالزيادة المطردة في الخارجين من الجماعة في مقابل الوقف التام للمنضمين الجدد إلى الجماعة.

3- أزمة شيخوخة الجماعة في قوتها وتركيبتها البشرية، حيث يبلغ متوسط العمر العام لأعضاء الجماعة خمسين عاما، حيث يتجاوز أكثر من 60 في المئة من أعضاء الجماعة الخمسين عاما، ومتوسط عام قيادات الصف الأول 65 عاما، بما يعني شيخوخة الجماعة، ويعكس الكثير من الأزمات البنيوية الخاصة بتدوير القيادة بالجماعة.

4- أزمة خلل البنية النفسية لقطاع عريض من الجماعة، التي مكنت لثقافة الاستضعاف واستمراء وقبول الذل والمهانة المتكررة من النظام، ومحاولة تبريرها وتمرريها بتفسير أيديولوجي موجه للنصوص الدينية، بما يتنافى مع صريح كرامة الإنسان، وعزة الإيمان وسمو مكانة المصلح.

5- أزمة الاستغراق في السرية في غير موضعها، حتى بعد أن وصلت الجماعة للحكم وأصبحت ملكا عاما للشعب الذي اختارها في خمسة استحقاقات انتخابية عامة، وعدم القدرة على التكيف مع العيش العلني والشفافية، مما منح النظام ورقة وفرصة مهمة لتشويه الجماعة بالكذب والتضليل، الذي ساهم في تجريم الجماعة، وتفكيك شبكة الأمان المجتمعي من حولها، وسهولة حصارها والنيل منها.

6- أزمة غياب الثقة بين الأعضاء والقيادة من جهة، والأعضاء بعضهم مع بعض من جهة أخرى، التي بلغت حد التخوين المتبادل.

7- أزمة روح اليأس والإحباط والسلبية والتواكل التي تسربت إلى نفوس الكثير من أفراد الجماعة، نتيجة لطول فترة القمع والتشريد دون ظهور حل في الأفق، حتى تحول الإحباط والسلبية إلى ثقافة جلية داخل مجتمع الإخوان.

8- أزمة الاختراقات الأمنية على مستويات الجماعة كافة، التي تحتاج لجهود منظمة لإعادة تقويم الصف وتنقيحه، إلى أعلى درجة ممكنة من الصفاء والأمان المعزز للأمن الداخلي للجماعة.

9- أزمة الحصار والتشويه والتجريم والتضليل والعزل والإقصاء المجتمعي والقمع، ومحاولة الاستئصال التام للجماعة.

10- أزمة الحضور وضعف القدرة على المبادرة نتيجة لغياب الأدوات اللازمة لحماية الجماعة وتأمينها ماديا ومعنويا، التي تعد في ذاتها أزمة مركبة من ضعف استثمار القدرات المتاحة وتحويلها إلى ممكنات وأدوات فعل، وكذلك ضعف القدرة على إنتاج أدوات جديدة تعزز ممكنات وقوة وحضور وتأثير الجماعة، وكلها أزمات تتلعق بضعف القيادة والإدارة بالجماعة.

11- انصراف الحلفاء والداعمين والمناصرين من حول الجماعة محليا وإقليميا ودوليا.

ثالثا: ملف الثورة المصرية وغايته المشاركة في قيادة الثورة المصرية وإدارتها وإتمامها،  بتغيير عالم الأفكار والأشخاص والمؤسسات بـ:

1- التخلص من الحكم الاستبدادي.

2- التخلص من الدولة العميقة.

3- التحول الديمقراطي الهادئ المنظم بأقل تكلفة ممكنة.

رابعا: ملف الصراع مع الثورة المضادة وتيار التسليم للمشروع الصهيوني في المنطقة

وغايته صناعة الهوية الإسلامية الحضارية وتمكينها في نفوس المجتمع سلوكا واقعيا وإنجازا حضاريا عمليا رقميا قابلا للقياس، في مجالات الاقتصاد والأمن الثقافي والسلم المجتمعي والاستقرار والنمو السياسي، وإحياء روح المقاومة.

ولكل ملف من الملفات الأربعة طبيعة وأهداف وطريقة إدارة خاصة تضمن نجاحه جزئيا، بما يشكل النجاح الكلي في الملفات الأربعة مجتمعة.

الاستحقاقات ومعايير وشروط القيادة الجديدة للإخوان المسلمين

هناك الكثير من معايير تصنيف وتقييم واختيار الأفراد والقادة فرضت نفسها على ثقافة الجماعة لعقود طويلة، في حقيقتها تمثل خيالا ضيقا، وأفقا محدودا وسطحيا وبسيطا لمفهوم القيادة وعناصرها ومقوماتها ومعاييرها، مما أضعف قوة وأداء وفاعلية وأثر أداء القيادة والجماعة بشكل عام.

يمكن إيجازها في معايير الصلاح الذاتي للفرد، ومدى طاعته وانصياعه لقيادته، وسهولة إقناعه وتوجيهه، وصبره على تحمل فترات الاعتقال، والقبول النفسي من قبل إخوانه وقدرته على تجميع الصف الإخواني وحشده، بالإضافة إلى خلو سجله من المشاكل وإن كان بسبب سكونه وانعدام أفكاره وتقليدية أدائه ومحدودية إنجازه، التي تجعله من أهل الثقة، وكلها معايير بعيدة كل البعد عن معايير القيادة التي رسمت ملامحها القرآن الكريم والسنة المطهرة وقوانين القيادة في الفكر الإداري الحديث، من قوة وعلم وحكمة.

ولا شك أن الأزمة تعد حالة استثنائية في تاريخ المؤسسات والتنظيمات؛ بما يعني الحاجة إلى قيادة وإدارة استثنائية من الخبراء المتخصصين من أبناء الحركة، بخلاف العقل والقيادة العادية التي يمكن أن تأتي في الأوقات العادية من الاستقرار النسبي، حيث التحديات المعتادة، وإمكانية الاكتفاء بالعقول الإجرائية اللازمة لقيادة العمل المعتاد وتسييره.

نحن أمام ملفات أربعة متوزاية مع تحديات عميقة ومتنوعة تحتاج إلى قيادة كبيرة حقا في كل شيء، في عقلها ومجال ومستوى تفكيرها وطموحها ومخيالها الفكرى السياسي والتنظيمي والإداري ورؤيتها وأهدافها. قيادة كبيرة على مصالحها ومخاوفها ومطالبها الشخصية.

يمكننا تحديد هذه المعايير بشكل ممنهج ومنظم كما يلي:

معايير قيادة الإخوان اللازمة لتجاوز الأزمة والعبور إلى المستقبل

قيادة للإخوان المسلمين تعني التحدث عن رجل دولة وليس رجل تربية، ولكل منهما ميدانه وتخصصه ومجال ومستوى تفكيره وعمله وتأثيره. رجل دولة يدير جماعة كبيرة بمشروع دولة وحلم الإصلاح، يمتلك عقلا استراتجيا، يفهم في الشأن العام والإدارة المثلى للمقدرات المتنوعة للجماعة، ويجيد تقدير المصالح، وإدارة الصراع مع القوى المختلفة، حده الأدنى امتلاك هذا التنوع من القدرات.

 التنوع في القدرات:

1- القدرة الذهنية والعلمية والفكرية العالية، وشرطها الأكاديمي أن تكون من حملة الدكتوراة في أحد فروع العلوم الإنسانية، بما يضمن قوة العقل ومنهجيته، وحصانته المعرفية بقوانين إدارة الإنسان والمجتمع والموارد والتحرر والعمران.

2- القدرة العلمية بالتخطيط والتنظيم والإدارة وفنون القيادة والتفويض، وشرطها شهادة أكاديمية عليا تضمن القدرة على ذلك، أو تاريخ من الإنجازات المتتالية المتدرجة التي تؤكد ذلك.

3- القدرات الفكرية الإسلامية الواسعة لفهم الإسلام الحضاري وتطبيقاته في المجتمع والحياة العامة، والأداء الحركي للتنظيمات العاملة للمشروع الإسلامي.

4- قدرات ذهنية ونفسية واجتماعية، تؤكد قدرة الشخص القيادي على الالتزام بقواعد العمل الجماعي المؤسسي المنظم وخلو نفسه وسجله من السيطرة والتحكم والطغيان والانفراد بالقرار.

5- الطموح الكبير والهمة والإرادة الحديدية على الفعل والإنجاز ومجابهة التحديات والخصوم، والمحافظة على الأمل وروح المقاومة والتحدي والإنجاز، المتعالية بكثير عن روح الاستسلام للأمر الواقع وتبرير عدم النجاح، والتصبر السلبي عليه.

6- التفكير والتخطيط والإدارة الاستراتجية القادرة على مجابهة الفكر الاستراتيجي للخصوم المتنوعين في حلبة الصراع المحلي والإقليمي والدولي.

7- القدرة على التفكير وفتح فضاءات وخيارات متنوعة ومتجددة وغير مسبوقة للتفكير لمواجهة تحديات الواقع وأسئلته. وفي الإدارة اليابانية الناجحة يقيم القائد أول ما يقيم على سجله من الأفكار الابتكارية الجريئة غير المسبوقة، التي تعد أحد أسرار نجاح ونمو وريادة المؤسسات والحضارة اليابانية.

8- قوة الحدس والفراسة والتبين في الأشخاص والمواقف والأحداث والأفكار، التي تستند إلى سعة وقوة علمية وخبراتية ومعلوماتية دقيقة، تدعم سعة وعمق بصيرته وجودة تصوراته وقراراته، وتعزز من قدراته في مواجهة محاولات التستر والتلوث والخداع.

9- القوة والنشاط والحيوية التي تساعد القيادي على العمل لساعات طويلة حاضر الذهن، وشرطها سلامة الصحة الجسدية العامة، والمحافظة على ممارسة الرياضة، وألا يتجاوز 55 عاما إن لم يكن أقل من ذلك بكثير، شرط توافر بقية المعايير.

10- القدرة النفسية والذهنية والعلمية على استيعاب وإعادة تجميع وحشد المتوقفين عن العمل والخارجين من الصف واستعادتهم لصف الإخوان مرة ثانية، وكذلك القدرة على استيعاب خبرات ونصائح الكبار من أصحاب السبق والخبرة الطويلة.

11- قيادة استشرافية تجيد فهم الواقع وتقديره واستشراف المستقبل، وتقدير موقع الجماعة فيه وكيف تصل إليه.

12- القدرة على تمثيل الجماعة وتحسين صورتها الذهنية بين أبنائها وأمام العالم، في امتلاكها لكاريزما القيادة في أحد أو بعض جوانبها.

آلية تنصيب القيادة اللازمة للإخوان المسلمين

يمر الإخوان بأزمة كبيرة، في حقيقتها هي مجموعة من الأزمات المركبة:

1- مخيال عموم الأفراد يحتاج إلى المزيد من الوعي في مجال تقويم وترشيح واختيار القيادات، خاصة القيادات الكبرى.

2- كما أن سرية العمل، تجعل من المستحيل تعرف أفراد الإخوان على قدرات بعضهم البعض، خاصة في المساحات الجغرافية الواسعة.

3- كما أن صعوبة الظروف الأمنية تفرض نفسها مما يجعل الجماعة أمام خيارين:

الخيار الأول: الانتخاب التقليدي باستحقاقات إضافية:

الخيار التقليدي عبر الانتخابات التقليدية المعتادة، شرط توفير فرصة وآلية متكاملة لتوعية الأفراد المعنيين بالاختيار بمسؤولية الاختيار ومعاييره، وآلية للتعرف على قدرات المرشحين وتاريخ أعمالهم وإنجازاتهم، وبشفافية تنظيم العملية الانتخابية ذاتها وإدارتها.

وأن تتم عملية الانتخاب عبر لجنة قضائية حيادية تامة من خارج سيطرة وإدارة القيادات الحالية والمرشحين أنفسهم، بما يضمن فاعليتها في اختيار قيادة عليا من مرشد ومكتب إرشاد قادر على إدارة الجماعة في هذه المحطة التاريخية الخاصة.

الخيار الثاني: ترشيح فريق متكامل التخصصات وفق شروط ومعايير نوعية خاصة:

 يجمع ثلاثة عناصر تقوم عليهم لجنة خبراء من تخصصات علمية متنوعة ومتكاملة؛ للإشراف على عملية تلقي ترشيحات الأفراد وتنظيمها وتبويبها وفق المعايير المحددة:

أولا: الاختيار المهني على أساس توافر المعايير لفريق عمل متكامل التخصصات العلمية المطلوبة لتشكيل فريق القيادة.

1- الشريعة.

2- المقاصد.

3- الإدارة.

4- التربية.

5- الاجتماع.

6- القيم والهوية.

7- الإعلام.

8- التكنولوجيا.

9- الاقتصاد.

10- الأمن الداخلي.

11- السياسة والعلاقات الدولية.

12- التخطيط والإدارة الاستراتجية.

ثانيا: فيما يشبه التشكيل الوزارى اللازم لإدارة مجالات العمل التي تقوم بها الجماعة، واختيار واحد من بينهم ليتولى منصب المرشد.

ثالثا: الاستفتاء على فريق العمل الذي وقع عليه الاختيار، بما يضمن فتح الباب أمام الكفاءات النوعية المتخصصة، وتشكل فريق عمل نوعيا على أساس التخصصات المطلوبة لإدارة العمل، واستفتاء الأفراد عليهم. من وجهة نظري هذه هي الطريق التي ستنتج للإخوان قيادة نوعية حقيقية قادرة على إدارة الملفات الأربعة الكبرى في وقت واحد، والخروج بالإخوان ومصر من أزمتها والعبور بها إلى المستقبل.

مميزات المقترح الثاني:

1- التحول من منهج اختيار الأفراد على أساس جغرافي أو تاريخي.. إلخ، إلى منهاج المعايير العلمية المؤهلة للقيادة.

2- التحول إلى التخصص النوعي في إدارة مجالات العمل المختلفة داخل الجماعة.

3- التحول إلى الفريق المهني متكامل التخصصات.

واجب أفراد الإخون نحو اختيار وتنصيب قيادتهم

يجيد الإخوان حب قيادتهم واحترامها وتقديرها بشكل كبير يدركه الجميع ويجلهم ويغبطهم على ذلك، وهذا حسن محمود، وحديثي هنا عن الشق الثاني من واجب الأفراد نحو قيادتهم وكلها من حقوق الجماعة، التي هي من حقوق الله تعالى ثم حق الوطن والشعب، والتي سيسألنا الله تعالى عنها ونحاسب عليها بدقة، لأن صواب وخطأ القيادة ليس كغيره، وقرار واحد خطأ من قيادة منفردة بالقرار يهلك جماعة ويدمر دولة ويعوق أمة، وكذلك قرار صائب من قيادة قوية بصناعة جماعية، ينقذ شعبا ويصلح الله تعالى به حال أمة، وهذا ما أوجزه في:

1- المشاركة الفاعلة في اختيار القيادة اللازمة لقيادة هذه المرحلة الصعبة والخطرة من تاريخ الجماعة والعمل الإصلاحي، بالوعي بالشروط والمعايير العلمية والمهنية اللازمة فيها، والبحث والتنقيب عنها بين أفراد الصف.

2- المشاركة في الترشيح والاختيار وفق المعايير الدقيقة المحددة، وعدم التهاون أو التساهل في ذلك أبدا؛ لأن لهذا الاختيار أثره في كل ما بعده.

3- المشاركة في صناعة قرارات الجماعة والاضطلاع على فلسفة وطريقة وإجراءات صناعتها، والتأكد من صحتها.

4- متابعة أداء قيادة الجماعة وإنجازها، ومناقشته وتقويمه ومحاسبتهم على كل خلل وتقصير.

5- المطالبة بالأساليب المهنية المحددة مؤسسيا، والإصرار على ذلك حتى تحقيقه، وتلك أعظم الأمانات عند الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ". (الأنفال: 26).
التعليقات (2)
د محمد
الإثنين، 28-09-2020 07:26 م
المقال عبارة عن محاكمة للاخوان وتحويل لدفة الهجوم من السيسي الى داخل الجماعة ونحن لا ننكر ابدا وجود سلبيات ونقاط ضعف لكن تجريد الجماعة من كل الايجابيات هو محض ظلم يضيف الى مظالمها ونسي الكاتب ان يشترط فصيلة دم معينة لقيادات الاخوان حيث اكدت الدراسات ان هناك نوعيات دم انسب لصاحب القرار ونسي ان يشترط وزن مثالي للمرشح لمنصب قيادي ونسي تقديم استمارة الثانوية لكنه لم ينس فرض الوصاية والتسلط والإملاء اشترط ثله من الشروط الشكلية وموضوعي وهيكلي ومنهجي ... وطبعا الدافع هو حب الجماعة والاخلاص لفكرتها هيا نلعن الإخوان حباً فيهم ونكسر مجدافهم من اجل صالحهم ونهز الثقة في منهجهم ورموزهم حرصا عليهم ومحبة في الله ازعم اني تعلمت الادارة في جماعتي ومارست العمل الجماعي في اتحاد الطلاب ثم النقابةوتعلمت نمط اداري مكمل ومغاير في الجامعه ودرست نمط غربي او تجاري في الجامعة الامريكية ومارست الادارة قرابة 20 سنة بقواعد واصول مهنية محترفه وادرك الفرق بين النصح والتشريح وانظر في السيرة الذاتية لان البعد الشخصي مهم لتكامل المشهد واعلم متى وكيف تقدم النصيحة واحرص على عدم التزلف لاي مسئول وايضا عدم تجريحه لانها لو كانت لله فهي غاية نبيلة تحتاج وسيلة ذات سمو لذا رحبت على خلاف كثيرين بظهورالاختلاف في الراي لانها كما اسلفت لو كانت لله فلا يهمنا كثيرا على اي يد يأتي الفتح وكثيرا من الاطر طرحت آراء احاط بنشأتها زخم كبير عن عمق الرؤى وامتلاك نواصي التجديد ثم ما لبث أن خبا دون تشييع ولا تقريع واذا كان الصمت على هذا العبث بأكبر وأنبل كيان في واقعنااذا كان الصمت يمنحني وصف الحر المرن المنفتح فالله الغني وهو سبحانه حسبي وغايتي
الكاتب المقدام
الإثنين، 28-09-2020 04:47 م
... مقدمة خاصة: حق الدفاع الشرعي عن النفس حق مقرر في كل القوانين الوضعية والشرائع السماوية، والجهاد دفاعاً عن النفس والعرض والمال والدين فرض عين على القادر عليه يؤثم تاركه، ويقدر بقدره، وقال الله تعالى لنبيه: "إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ" ... "وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ"، فطب نفساً إذا حكم القضاء، ورحم الله أمواتنا وأحياءنا. كاتب المقالة أكاديمي له إسهامات فكرية قيمة، ولكن هذا المقال يبدو كتقرير طويل حافل بعناوين موضوعات مقدمة للمناقشة في ندوات أو مؤتمرات، أكثر من كونه خريطة طريق أو برنامج عمل، كما يثير بعض التساؤلات، فهل جماعة الإخوان المسلمين نتاج الحركة الإسلامية الأوسع والأشمل، أم هي منتجة لها؟ المتتبع المنصف لتاريخ الجماعة في القرن العشرين وما بعده، لا يمكنه إنكار دورها المحوري في دفع الحركة الإسلامية في مصر وخارجها، ولكن بعض المتحمسين للجماعة ومؤسسها يظهرون الأمر وكأنه قد ظهر في عصر جاهلية، رغم أن عصره قد حفل بالأعلام والجمعيات النشطة في الحركة الإسلامية، ولبيان دليل خطل هذه الرؤية، فالبنا كان قبل تأسيسه للجماعة في 1928م بعدة سنوات، واحداً من العشرات الذين شاركوا في تأسيس جمعية الشبان المسلمين ونشط فيها ومن خلالها، وبعد أن تم اتخاذ قرار حل الجماعة وإغلاق مقارها واعتقال العديد من أعضاءها في 1948م، صرح البنا بأنه كان مستمراً في دفع الاشتراكات السنوية لجمعية الشبان المسلمين، ومستمر في عضويتها، وأنه سيواصل عمله منها، وعاد للتردد بانتظام على المقر الرئيسي لجمعية الشبان المسلمين في ش رمسيس، حتى تم اغتياله غيلة رحمه الله أمام الباب الرئيسي لجمعية الشبان المسلمين في فبراير 1949م، والبنا كان قد درس في كلية دار العلوم وتتلمذ على يد أساتذتها، وكان لهم في وقته دور كبير في قيادة النهضة، كما أن مما يجهله كثيرون أن البنا كان في بداية حياته ميوله أدبية وعلمية، وأول كتاب نشر له كان تحقيق ديوان شعر تراثي "صريع الغواني" للشاعر "مسلم بن الوليد"، ولكنه وجد بعد ذلك من أخذ بيده من أعلام الحركة الإسلامية، وقد بدأ البنا كتابة مقالاته في مجلة الفتح ليضع اسمه بجانب أعلام الحركة الإسلامية في عصره، واستمر يكتب بها بعد تاسيسه للجماعة، وهي المجلة التي لم تستطع الجماعة في أوج توسعها تأسيس أي صحيفة لها توازيها في تأثيرها، وهذا العرض التاريخي لا يقلل من دور الإخوان المسلمين التاريخي المستمر حتى اليوم، ولكنه يوضح حقيقة أنها جزء من الحركة الإسلامية الأوسع ونشأت منها وتتعاون معها، وأن قوتها نابعة من قوة تلك الحركة وتلك الهوية، وعلى الله قصد السبيل.