ملفات وتقارير

تساؤلات حول مدى نجاح محادثات جنيف بشأن اليمن

المحادثات بدأت الجمعة بين وفد الحكومة والحوثي في جنيف وسط مخاوف من تكرار سيناريوهات الجولات السابقة- جيتي
المحادثات بدأت الجمعة بين وفد الحكومة والحوثي في جنيف وسط مخاوف من تكرار سيناريوهات الجولات السابقة- جيتي

تدور أسئلة وتكهنات حول مدى نجاح محادثات انطلقت، الجمعة، بين الحكومة اليمنية والحوثيين في جنيف، بشأن ملف الأسرى والمعتقلين المتعثر، الذي تشرف عليه الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.


ورغم ضبابية المشهد، بعد مضي يوم واحد فقط على انعقاد المحادثات بين الوفدين الحكومي والحوثيين، يبقى الحديث عن مآلاتها، وسط مخاوف من تكرار سيناريوهات الجولات السابقة.


وفي نيسان/ أبريل الماضي، توصل الطرفان إلى اتفاق في العاصمة الأردنية بإشراف من مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، نص على "تبادل إطلاق 1420 شخصا في المرحلة الأولى، وصولا إلى إطلاق الكل مقابل الكل عبر مراحل أخرى".


ومنذ ذلك الحين، والاتفاق تعثر تنفيذه، وسط اتهامات حكومية للجماعة الحوثية بالتعنت والمراوغة، ومحاولة التملص من تنفيذ اتفاق عمان.


"تبادل كشوفات الأسرى"

 
وأفاد مصدر في الحكومة اليمنية بأن وفدها المفاوض سلم قائمة بالأسرى والمعتقلين خلال اليوم الأول من المحادثات التي بدأت أمس الجمعة.


وأضاف المصدر، في تصريح لـ"عربي21"، مشترطا عدم ذكر اسمه، أن الوفد الحكومي تبادل كشوفات بالأسرى والمعتقلين مع وفد جماعة الحوثي؛ لفحصها، والتعرف على أسماء الذين تم الإفراج عنهم خلال الأشهر الماضية، عبر وساطات محلية، مشيرا إلى أنه من المقرر أن تتم مراجعة الكشوفات خلال 24 ساعة، بما يمهد للانتقال لمرحلة "مناقشة الآلية التنفيذية لإنجاز عملية التبادل، وفقا للكشوفات التي تم تبادلها بين الطرفين".

 

اقرأ أيضا: اليمن يطلب جلسة طارئة لمجلس الأمن.. وتقدم بمحادثات جنيف

من جانبهم، أعلن الحوثيون، السبت، تسليم كامل كشوفات الأسرى والمعتقلين المطلوبة منهم، في محادثات جنيف المستمرة لليوم الثاني مع الحكومة اليمنية.


ونقل موقع "المسيرة نت" التابع للحوثيين، عن مصدر مطلع (لم يسمه)، قوله إن "جلسات الجمعة الثلاث، نوقش خلالها ما أُنجز في مشاورات عمان (في شباط/ فبراير الماضي)".


وأضاف المصدر ذاته: "وأيضا تمت مراجعة الكشوفات؛ لمعرفة من تبقى منهم في الأسر، ومن تم الإفراج عنهم خلال المرحلة الماضية ضمن وساطات محلية".


وذكر أن "وفد الجماعة سلم كامل الكشوفات المطلوبة منه لمراجعة القوائم، فيما سلم الطرف الآخر (ممثل الحكومة اليمنية) بعضها فقط، على أمل أن يستكمل تسليمها اليوم (السبت)".


وقال: "الكشوفات ستخضع لمراجعة الطرفين خلال الـ24 ساعة المقبلة، قبل الانتقال إلى مناقشة الخطة التنفيذية للصفقة بإشراف الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي".


"معقد وغير مناسب"

 
وفي هذا السياق، يرى رئيس منظمة "سام" للحقوق والحريات، توفيق الحميدي، أن الظروف التي تجري فيها مفاوضات جنيف بشأن المعتقلين والأسرى "معقدة وغير مناسبة".


وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أنها تعقدت في ظل تصعيد عسكري حوثي على محافظة مأرب (شرقا)، ورفض الرئيس هادي ونائبه استقبال المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، تزامنا مع اتهامات للمجتمع الدولي من قبل الحكومة بالتواطؤ مع الحوثي.


لكن الحميدي قال -بحسب معلومات مؤكدة- إن الوفد الحكومي حصل على ضوء أخضر بـ"تحقيق اختراق بشأن تفاهمات عمان الأخيرة، التي نصت على إطلاق "٩٠٠ أسير حوثي مقابل ٥٠٠ من أنصار الحكومة الشرعية والموالين لها".


وعزا رئيس منظمة سام، ومقرها جنيف، إلى أن الفارق في العدد يعود إلى "اشتراط الحوثيين إطلاق ١٥ أسيرا سعوديا و٤ سودانيين، مقابل ٣٥٠ من أسراهم لدى السعودية والشرعية".


وأكد أنه ورغم هذا التوجيه والتفاؤل، الذي ربما يسيطر على الجميع، إلا أنه أبدى تشاؤمه، في ظل فتح تعقيدات بشأن من توفي تحت التعذيب.


وتابع: "يشترط الحوثيون التحقيق في وفاة 4 من أسراه توفوا تحت التعذيب، وفق زعمهم، متناسين وفاة أكثر من ١٢٠ تحت التعذيب في سجونهم، إضافة إلى نكران وجود حتى معتقلين صدرت بحقهم أحكام الإعدام من محاكم يسيطرون عليها في صنعاء".


وأشار إلى أن غريفيث يحرص على إحداث اختراق في هذا الملف، على المستوى الشخصي؛ للتغطية على فشله وإخفاقه في الجانبين العسكري والسياسي.


وإزاء ذلك، يوضح الحقوقي اليمني أن المبعوث الأممي يسعى لحشد العالم من خلفه لتقديم نفسه من جديد كرجل المرحلة، لافتا إلى أن أي اختراق اليوم سينعكس على الملف اليمني بأكمله، وقد يشكل بداية جيدة.

 

اقرأ أيضا: انطلاق المفاوضات اليمنية بملف الأسرى بجنيف الجمعة

واستدرك قائلا: "يبدو الجميع بلا أوراق ضغط، خاصة أن المعارك في مأرب قد تكون مصيرية، ولذا أهمية هذه المفاوضات في رمزيتها وفي نتائجها مهما كانت متواضعة".


وذكر أن ما يجعل الحوثي اليوم متعنتا أن وفده المفاوض موحد وبمعلومات كافية، بعكس الوفد الحكومي الذي أتى بوفد مفكك ويمثل بعض الجهات التي لا تخضع بصورة أو بأخرى للحكومة، وسط نقص معلومات في جبهات كثيرة مثل المنطقة الخامسة -تابعة للجيش اليمني، وتتخذ من مدينة ميدي على البحر الأحمر مقرا لها- فضلا عن أسرى آل جبارة، في إشارة إلى مئات الأسرى من الجنود الحكوميين الذين وقعوا في قبضة الحوثيين في منطقة وداي جبارة بمديرية كتاف، شرق صعدة (شمالا)، في أيلول/ سبتمبر 2019.


"وضع حرج"

 
بموازاة ذلك، علمت "عربي21" من  مصدر مطلع قريب من الحوثيين أن المحادثات الجارية في جنيف لا تزال في بدايتها، ولم تتضح ملامحها، ومن الصعب أيضا التكهن بفرص نجاحها.


وقال لـ"عربي21"، شريطة عدم كشف اسمه: "الثابت في هذه الجولة إصرار المبعوث الأممي على أن يحقق اختراقا في هذا الملف".


وتابع: "غريفيث بات في وضع حرج، لذلك يحث خطاه على إحراز تقدم هذه المرة، للخروج من هذه الدائرة".


والجمعة، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، انطلاق محادثات بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي في جنيف، بشأن ملف الأسرى والمعتقلين.


وفي 13 كانون الأول/ ديسمبر 2018، توصل الجانبان لاتفاق بالعاصمة السويدية ستوكهولم، يتعلق بحل الوضع بمحافظة الحديدة (غربا)، إضافة إلى تبادل الأسرى والمعتقلين لدى الجانبين، الذين يزيد عددهم على 15 ألفا.


وتعثر تطبيق هذا الاتفاق، وسط تبادل للاتهامات بالمسؤولية عن عرقلته، خصوصا في ملف الأسرى والمعتقلين، الذي يشدد الطرفان على ضرورة حله كونه ملفا إنسانيا بحتا.

التعليقات (0)