ملفات وتقارير

لماذا وافقت أحزاب لبنان على تكليف "أديب" لرئاسة الحكومة؟

هل سيساهم قبول الأحزاب اللبنانية بمصطفى أديب في سرعة تشكيل الحكومة؟- جيتي
هل سيساهم قبول الأحزاب اللبنانية بمصطفى أديب في سرعة تشكيل الحكومة؟- جيتي

استدعى الرئيس اللبناني ميشيل عون الاثنين، السفير اللبناني لدى برلين مصطفى أديب، لتكليفه بتشكيل الحكومة.


وكان زعيم تيار "المستقبل" اللبناني (أكبر مكوّن سني)، سعد الحريري، سمّى أديب لتشكيل الحكومة المقبلة، وهو اختيار قوبل بترحيب شبه تام من القوى اللبنانية المختلفة، إذ وافقت أبرز قوى "8 آذار" المتمثلة في حزب الله، وحركة أمل، والتيار الوطني الحر عليه.


ويأتي تكليف أديب بعد تصويت 90 نائبا لاختياره رئيسا للحكومة من أصل 128، في الاستشارات النيابية.


وللمرة الثانية يجري تكليف رئيس حكومة لبنانية من خارج الشخصيات الحزبية المعروفة، ما يشير إلى دقة المرحلة من جهة، وإلى الضغوط الشعبية المتزايدة التي باتت تطالب باستبعاد كامل الطبقة السياسية من جهة ثانية.


وجيء بأديب من برلين التي يشغل فيها منصب سفير لبنان ليقود ربما أخطر مرحلة يمر بها لبنان، بعد انتهاء الحرب الأهلية في عام 1989.


رفض شعبي


وأثارت سرعة توافق القوى اللبنانية على شخصية أديب وتكليفه بتشكيل الحكومة تساؤلات عن خبراته ومؤهلاته السياسية التي أَهَّلتَهُ للتوافق عليه، وهل سيساهم قبول الأحزاب اللبنانية به في سرعة تشكيل الحكومة؟


يرد المحلل السياسي جو معكرون على هذه التساؤلات بالقول: "مصطفى أديب يعتبر بمثابة ابن النظام المدلل الذي حرص في مسيرته المهنية على إرضاء أركان الطبقة الحاكمة وتسهيل مصالحها والخضوع لرغباتها، ما يجعله المرشح المثالي لقوى الأمر الواقع التي تحكم لبنان لأنه لا يستفزها ولا يمثل تهديدا لها وليس قادرا على المنافسة معها".

 

اقرأ أيضا: ماكرون يحذر لبنان من العقوبات: "لن نقدم شيكا على بياض"


وأوضح معكرون في حديث لـ"عربي21"، أن "فكرة تسويقه كانت على أساس أنه من خارج الطبقة السياسية ومقبول أوروبيا، ولا يوجد فيتو أمريكي-إيراني على قرار توليه رئاسة الحكومة".


واستدرك قائلا: "لكن مسار تكليف أديب لم يحترم كل المؤسسات الدستورية اللبنانية ولا الرأي العام اللبناني، ولا ضحايا انفجار بيروت الذين سقطوا نتيجة إهمال النظام، وبالتالي فقد يكون لديه إجماع الطبقة الحاكمة، لكنه يفتقد حتى الآن إلى الشرعية الشعبية".


ضغط خارجي


بدوره يرى الباحث والكاتب اللبناني وائل نجم أن "تكليف مصطفى أديب جاء في سياق الضغط الخارجي - لا سيما الفرنسي - لتأليف الحكومة، ويندرج ذلك ضمن الضغوط التي تمارس على لبنان تحت عنوان الإصلاحات المطلوبة لدعمه ماليا".


وأشار نجم في حديث لـ"عربي2"، إلى أن الطبقة السياسية في لبنان حُشرت في اللحظات الأخيرة قبل زيارة الرئيس الفرنسي ولهذا قبلت مبدأ تكليف أي شخصية لتأليف الحكومة، وجرى الاتفاق على شخصية أديب "وربما كان من الممكن أن يجري التوافق على غيرها".


وتابع: "أقصد هنا أن مصطفى أديب شخصية كانت مغمورة ولم تكن معروفة، حتى النواب الذين رشحوه لتأليف الحكومة لا يعرفونه، فالمسألة كانت عبارة عن طلب فرنسي، بل هي حتى تهديد بوضع شخصيات رئيسية لبنانية على قائمة العقوبات الأمريكية وحتى الأوروبية إذا لم تبادر إلى المباشرة بالحل، وذلك وفقا لما أوردته صحيفة لوفيغارو الفرنسية".


إلا أن نجم أكد أن هذه الأسباب "لا تعني أن أديب غير مؤهل، بل إنه على العكس هو يتمتع بالدبلوماسية، وهو شخصية مقبولة من أغلب الأطراف".

 

اقرأ أيضا: تعرف إلى شخصية رئيس حكومة لبنان المكلف مصطفى أديب


وحول ما إذا كانت دبلوماسيته ستتيح له التخلص من ضغط زعماء الأحزاب اللبنانية، رأى نجم أن "الأمر ليس بهذه السهولة، فلبنان للأسف تحول إلى ساحة مواجهة بين لاعبين كبار، لذا فإنه ليس من السهل على أي شخصية أن تقنع جميع الأطراف السياسية"، وفق نجم.


وفي ظل دعوات المانحين وعلى رأسهم فرنسا، والاشتراط على الفرقاء السياسيين في لبنان ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة وعمل إصلاحات سياسية واقتصادية، حتى يتلقوا الدعم المالي اللازم لإعمار بيروت، هل يساهم تكليف أديب وسرعة تشكيله للحكومة بحل أزمة لبنان الاقتصادية؟


وفي هذا الإطار، يؤكد الكاتب وائل نجم أن "حل الأزمة الاقتصادية مرهون بمسألتين، الأولى استجابة القوى الداخلية لرئيس الوزراء المكلف وتسهيل مهمته، وهذا بدوره مرهون بالخروج من منطق المحاصصة والمتاجرة السياسية، والتخلي عن المغانم والتفكير بطريقة بناء دولة حقيقية، وكذلك رهن استجابة الشارع المنتفض وإقناعهم بحكومة أديب وأدائه".

 

أسلوب التكليف


وأردف: "ثانيا الأمر مرهون بمساعدة المجتمع الدولي والدول الداعمة لأديب، وهذه مشروطة بالشروط الدولية التي يجري الحديث عنها على أنها إصلاحات، غير أنها قد تكون شروطا في ملفات أخرى"، مشيرا إلى أنه "إذا ما استجاب أديب وحكومته لتلك الشروط، فمن الممكن عندها أن يبدأ حل الأزمة الاقتصادية، وإلا فالمسألة ستكون عبارة عن مراوحة في المكان ذاته".


وختم حديثه بالقول: "أظن أن الجميع لا سيما المؤثرين، يريدون تمرير الوقت حاليا بانتظار استحقاقات أخرى في العالم منها الانتخابات الأمريكية، لأن مصير لبنان ببساطة مرتبط بما يجري أيضا في جميع ملفات المنطقة".


بدوره، عبر المحلل السياسي جو معكرون عن تشاؤمه من أسلوب تكليف أديب، وقال: "طريقة إنزال أديب على الحياة السياسية اللبنانية بالمظلة عبر توافقات تمت خلف الأبواب المغلقة، لا تبشر بالخير ولا توحي بأنه راغب أو قادر على إجراء إصلاحات جدية تحد من نفوذ منظومة الفساد التي يمثل مصالحها".


وأوضح أن "الشخصيات التي سيختارها في حال تمكن من تشكيل الحكومة ستعطي الانطباع الأول، والعبرة بعد ذلك في تعامله مع التدقيق المالي وأموال المودعين المحتجزة ورؤية حكومته حول من سيدفع ثمن الانهيار المالي المستمر في لبنان، أيضا تعامله مع لائحة طويلة من الإصلاحات الملحة منها في قطاعي الكهرباء والاتصالات".


وعبّر معكرون عن اعتقاده بأن "حكومة أديب في حال أبصرت النور، فيبدو أن مهمتها الأساسية ستكون محاولة إخراج أركان النظام اللبناني من محنتهم وتلميع صورتهم".


يُذكر أن مصطفى أديب (48 عاما) من مدينة طرابلس، شمال لبنان، حاصل على درجة الدكتوراه في القانون والعلوم السياسية، وتولى في عام 2000 منصب مستشار ومدير مكتب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حتى تعيينه سفيرا لبلاده لدى ألمانيا في تموز/ يوليو 2013.

 
التعليقات (0)