حقوق وحريات

اليمن.. جماعة "الحوثي" تختطف امرأة قسريا وتخفيها منذ عامين

الحوثيون اختطفوا امرأة مع حفيدها منذ عامين.. وأفرجوا عن حفيدها لكنهم احتفظوا بها في مكان مجهول (الأورومتوسطي)
الحوثيون اختطفوا امرأة مع حفيدها منذ عامين.. وأفرجوا عن حفيدها لكنهم احتفظوا بها في مكان مجهول (الأورومتوسطي)

دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان جماعة أنصار الله "الحوثي" في اليمن، إلى الكشف عن مصير امرأة يمنية تتعرض للإخفاء القسري منذ أكثر من عامين، بما يشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني. 

وقال المرصد الأورومتوسطي، ومقره جنيف، في بيان صحفي أرسلت نسخة منه لـ"عربي21"، اليوم الاثنين، إن السيدة "خالدة محمد الأصبحي" (57 عاما)، تم اختطافها في 11 أيار (مايو) 2018، من أحد شوارع صنعاء (الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي) وهي في طريق عودتها من المستشفى رفقة حفيدها. 

وذكر "ماجد" نجل السيدة "الأصبحي"، في إفادة للأورومتوسطي، أن مسلحين من جماعة الحوثي تواصلوا مع العائلة بعد ساعات من خطف والدته لتسليمه الطفل الصغير، فيما رفضوا الحديث عن مصير الضحية المخفية، التي ما تزال مجهولة المصير حتى اللحظة.

وبعد مضي 6 أشهر على الاختطاف، أي في شهر تشرين أول (نوفمبر) لعام 2018، تلقى ابنها "ماجد" المقيم بالسعودية اتصالا هاتفيا قصيرا لمدة دقائق معدودة من والدته، من رقم يمني مجهول الهوية، أبلغته أنها ما تزال على قيد الحياة، واطمأنت على أفراد أسرتها، وطلبت تسليم مبلغ مالي وطعام لأحد أفراد جماعة الحوثي الذي تواجد بالقرب من منزل العائلة بغرض الاستلام، وهو أمر تكرر بعد ذلك بثلاثة أشهر، دون ذكر أفراد الجماعة أي معلومات عن مصير المخطوفة قسريا. 

وذكر ابنها لفريق الأورومتوسطي أنه وبعد اختطاف والدته، داهم مسلحون تابعون لجهاز الأمن السياسي لجماعة الحوثي منزل العائلة في صنعاء، وقاموا بتفتيشه، ثم بعد نحو شهر اختطفوا شقيقه "ماهر"، وحققوا معه تحت التعذيب، بالشبح والضرب المبرح.

وبعد 15 يوما، اقتحم أفراد منزل الابن المعتقل، واعتقلوا زوجته وابنه بطريقة مهينة، حيث تم احتجازهم لعدة أيام، قبل أن يُفرج عنهم في وقت لاحق.

وذكرت إفادة العائلة للأورومتوسطي أن أفرادها تلقوا تهديدات الاعتقال والاستهداف بالقتل في حال عدم توقفهم عن تتبع أخبار والدتهم، وإثارة الجدل حول مصيرها.

وبحسب الإفادة، فإن إحدى التهم التي وجهتها جماعة الحوثي لوالدتهم هي "التخابر مع دولة أجنبية" و"الدعارة"، الأمر الذي أدى إلى فرار أبنائها من اليمن، والاستقرار في السعودية؛ حفاظا على حياتهم ومصير عوائلهم.

وأفادت سيدة طلبت التحفظ على ذكر اسمها، وكانت محتجزة في المكان ذاته الذي احتجزت فيه "خالدة الأصبحي"، بأن الأخيرة تواجه إهمالا صحيا خطيرا، وظروفا معيشية قاسية ومهينة، دون مراعاة وضعها الصحي الخاص، فضلا عن تعرضها ونساء أخريات محتجزات معها للضرب والتعذيب والعنف اللفظي. 

وأكد ابنها "ماجد" أن والدته تعاني من العديد من الأمراض في الغدة الدرقية، وما ترتب عليه من ضعف في النظر، بالإضافة إلى مرض الضغط، وانزلاق في العمود الفقري في الفقرة الثالثة والرابعة، كما تعاني من تآكل تام في مفصل الورك، وألم حاد في المفاصل، مضيفا أنها بحاجة إلى عملية زراعة مفصل جديد في أسرع وقت. 

وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ على الحكومة اليمنية المبادرة وبشكل سريع إلى المصادقة على "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري"، في ظل ما تشهده البلاد من عمليات إخفاء قسري من مختلف أطراف النزاع.

وأبرز المرصد الحقوقي الدولي أنّ أطراف الصراع المستمر في اليمن منذ عام 2015، مثل جماعة "الحوثي"، والجماعات التابعة للتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، وقوات الحكومة اليمنية، تحتجز تعسفيا مئات الأشخاص، وتعذبهم، وتخفيهم قسريا إلى هذا اليوم، دون تحرك فاعل من الأجهزة الدولية ذات العلاقة.

وأشار إلى أن ظهور العديد من الجماعات المسلحة، الذي نتج عنه إنشاء مراكز الاحتجاز غير الرسمية التابعة لتلك الجماعات في اليمن، أدى إلى تصاعد عمليات الإخفاء القسري لمئات اليمنيين دون توجيه تهم لهم، أو حتى معرفة عائلاتهم أماكن احتجازهم، في وقت يتم رصد ارتفاع الانتهاكات وسوء المعاملة وظروف الاحتجاز السيئة، فضلا عن الإجراءات غير القانونية داخل مراكز الاحتجاز غير الرسمية.

وأشار الأورومتوسطي إلى توثيق مؤسسات حقوقية محلية في اليمن نحو 770 حالة اُخفوا قسرا على يد جماعة الحوثي، وقوات تابعة لدولة الإمارات، وجماعات مسلحة أخرى، وما يزال مصيرهم مجهولا حتى تاريخ اليوم.

وأكد المرصد الأورومتوسطي على أنّ التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية محرّم بشكل مطلق بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، إذ نصت المادة الـ3 المشتركة في اتفاقيات جنيف لعام 1949 على "معاملة إنسانية لجميع الأشخاص المعتقلين عند العدو، وعدم التمييز ضدهم، أو تعريضهم للأذى"، وتحرّم على وجه التحديد "القتل، والتشويه، والتعذيب، والمعاملة القاسية، واللاإنسانية، والمهينة، واحتجاز الرهائن، والمحاكمة غير العادلة"، كما أنّ جريمة الإخفاء القسري والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية تُعدّ من ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي توجب مساءلة مرتكبي تلك الممارسات جنائيا أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وشدد الأورومتوسطي على وجوب مصادقة الحكومة اليمنية على الاتفاقية الدولية لحظر الإخفاء القسري، والتعاون مع كافة الجهات الحقوقية، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي؛ لمعرفة مصير جميع الأشخاص الذين تعرضوا لهذا الانتهاك، وتقديم المساعدة القانونية والإنسانية العاجلة لهم، والبدء بوضع خطط عملية لملاحقة مرتكبي تلك الممارسات، مؤكدا على أن الإخفاء القسري يشكل مخالفة جسيمة لحقوق الإنسان، ويرتقي إلى كونه إنكارا لحق الأشخاص في الوجود. 

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، في كانون الأول (ديسمبر) 1992. واعتمدت في 20 كانون أول/ ديسمبر عام 2006 (القرار 61/177) الخاص بالاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وعرضتها للتوقيع والمصادقة والانضمام، غير أنّ اليمن لم تنضم إلى الاتفاقية، على الرغم من أهميتها بالنسبة لمعالجة ملف المفقودين والمخفيين قسرا في البلاد. 

ويحدث الاختفاء القسري، بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، عندما تحتجز السلطات شخصا، وتنكر احتجازه، أو لا تكشف عن مصيره ومكانه، فيما يتعرض المختفون لخطر أكبر بالتعذيب والمعاملة السيئة، لاسيما عند احتجازهم في مقار غير رسمية.

 

اقرأ أيضا: مجلس الأمن: الوضع في اليمن لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل

التعليقات (0)