سياسة عربية

حكومة لبنان تترنح على وقع الاستقالات وحزب الله "يعومها"

اللبنانيون علقوا مشانق على تماثيل ساحة الشهداء وسط بيروت- جيتي
اللبنانيون علقوا مشانق على تماثيل ساحة الشهداء وسط بيروت- جيتي

يشتعل الشارع اللبناني غضبا، على وقع الصرخات التي عبر عنها مئات الآلاف من سكان العاصمة، جراء الانفجار الذي عصف بمرفأ بيروت، وعاث بجزء من أحياء المدينة تدميرا وخرابا، مسفرا عن آلاف الضحايا بين قتيل وجريح ومفقود.

وبينما يطالب المحتجون في الشارع بسقوط الحكومة، وبإطلاق عجلة التغيير، فإن تحقيق هذا المطلب الذي تنادي به شريحة واسعة من اللبنانيين، يبدو صعبا للغاية رغم الاحتجاجات غير المسبوقة، والسيطرة على وزارات ومقار حكومية ومصرفية لفترة وجيزة، في رسالة رمزية واضحة الدلالات، مفادها الدعوة للإسراع إلى التغيير والإطاحة بالمنظومة السياسية الحالية.

لكن الحكومة باقية أقله لأيام تالية، رغم استقالة وزيرين منها، وذلك بحسب ما أعلن عنه وزير حزب الله عماد حب الله، عندما صرح بأن استمرار الحكومة هو بمثابة ضمانة للبلاد من عدم الوقوع في الخارج".

صهرا عون

وبينما يدعو فريق رئيس الجمهورية ميشال عون، بزعامة صهره الأول رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى انتظار نتائج التحقيقات في حادثة الانفجار، ينادي الصهر الثاني لعون والمعارض لباسيل، وهو النائب العميد المتقاعد شامل روكز، بضرورة أن "يتحمل الأطراف المعنيون المسؤولية مباشرة دون انتظار".

وأوضح روكز في تصريحات لـ"عربي21" بأنه "كان حريا أن تبادر الحكومة إلى الاستقالة كخطوة أولى على المستوى السياسي، بما يتناسب وحجم الكارثة التي ألمت بلبنان، ويجب استبدال وتوقيف كل المسؤولين الأمنيين المعنيين على الصعيد الأمني، ولا بد من اتخاذ الإجراءات المناسبة أيضا، بحق كل الإداريين في مرفأ بيروت، ممن تبين اطلاعهم على ملف وجود الكميات الهائلة من نترات الأمونيوم شديدة الانفجار".

وعن إمكانية التغيير السياسي، قال روكز: "المعارضة وحراكات الثورة غير مهيأة حاليا لإحداث التغيير الفوري، والمطلوب تشكيل حكومة انتقالية تعمد إلى تنظيم انتخابات مبكرة وفق قانون جديد، يكفل عدم فوز الطبقة السياسية نفسها"، محذرا: "إجراء الانتخابات النيابية وفق القانون الحالي لن يحدث التغيير المنشود، وستكرر الطبقة السياسية إنتاج نفسها مجددا، وسيدفع المواطن وحده الثمن".

 

 

اقرأ أيضا: أوبزيرفر: انفجار بيروت جعل النخبة الفاسدة خائفة على سلطتها


ورأى أن حاجة لبنان باتت ملحة "للانفتاح على الدول العربية والمجتمع الدولي بعد فترة انقطاع وانعدام ثقة، ولا يأتي ذلك إلا من خلال التغيير الحقيقي، وإعطاء فرص للشباب الثوري باستلام المبادرة والمشاركة في عملية النهوض والإنقاذ"، مبديا امتعاضه عن مساس بعض المشاركين في الحراكات بـ"الأملاك العامة".

وتعرض النائب الأحد، فور انضمامه إلى صفوف المتظاهرين في ساحة الشهداء، وسط العاصمة، إلى الهتافات المنددة به وبصهره ميشال عون، ما دفعه للانسحاب من المكان، فيما دارت مواجهات بين مناصريه والمتظاهرين.

وطالب روكز بإقامة دولة القانون والمؤسسات، منوها بضرورة "المحافظة على مؤسساتنا، وبالتالي فإن أي خطوة تجاه المقار الحكومية يجب أن تتزامن مع رؤية حول الخطوة التي تليها"، مقللا من أهمية "اقتحام بعض شباب الثورة لمقار الوزارات؛ لأنها لن تفضي إلى هو مأمول، بل يتوجب علينا المحافظة على ما تبقى من مؤسسات الدولة، مع العلم بأن الدخول إلى وزارتي الخارجية والطاقة ومن ثم الانسحاب منهما لن يقدم أو يؤخر شيئا في المشهد السياسي، بل بالعكس، فإنه يعطي مبررات للأطراف المتضررة من التغيير بأن تتذرع بما تدعيه من حصول أعمال شغب أو عنف".

ويعد روكز معارضا لسياسات الصهر الثاني لرئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وقد وجه روكز نصيحة إلى رئيس الجمهورية، قائلا: "أتمنى عليه أن يستمع إلى نبض الشارع، ويتفهم مطالب الثوار في إحداث تغيير، بدءا من تشكيل حكومة مستقلة بكل معنى الكلمة، وأن يعمد الرئيس بما يمتلكه من مقومات وصفات أصيلة بالمباشرة في الإصلاح والتصويب للمسار السياسي في البلاد، وعدم التراخي أو الاستماع إلى أصوات النشاز التي لا تفيد العهد، لا بل تضر به وبالبلاد".

مسلسل الاستقالات

ومع الدعوات إلى استقالة الحكومة والنواب، برزت استقالة وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، فيما قدم وزير البيئة دميانوس قطار استقالته، رغم جهود رئيس الحكومة حسان الدياب في حثه على التراجع عنها، فيما تريث وزير الاقتصاد راؤول نعمه عن الإعلان عنها حتى جلسة مجلس الوزراء القادمة، وفي بورصة استقالة النواب ارتفع العدد إلى ستة نواب وهم: مروان حمادة، نديم الجميل، سامي الجميل، إلياس حنكش، بولا يعقوبيان، ميشال معوض.

وقد أشارت النائب بولا يعقوبيان، في تصريحات لـ"عربي21"، إلى أن الواجب الوطني يقتضي "الاستقالة؛ لعدم إفساح المجال أمام الطبقة السياسية الحالية بمواصلة مسلسلها الفاضح بحق الوطن والمواطنين، وكان أفظعها الانفجار في مرفأ بيروت، وما خلفه من دمار وخراب وضحايا بالآلاف"، لافتة إلى أن "المطلوب حاليا هو تغيير جذري بما ينسجم مع مطالب الثوار في استبدال شامل على المستوى السياسي في الطريق نحو الإصلاح ومحاربة الفساد، ومحاسبة المسؤولين المتورطين في عملية تدمير ونهب الدولة".

وأشارت إلى أن "المبادرات التي قام بها المجتمع المدني للملمة آثار الدمار الذي حل بالعاصمة كانت كبيرة بمضمونها، بما يعكس حس التضامن الاجتماعي والإنساني لدى اللبنانيين بمختلف شرائحهم، في الوقت الذي تعاطت به الحكومة مع الكارثة باستخفاف، في محاولة للالتفاف على المأساة التي ألمت بمئات الآلاف من اللبنانيين".

التعليقات (0)