اقتصاد دولي

ضغوط تواجه الليرة التركية.. إلى أين تتجه مستقبلا؟

تراجع صافي احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي إلى 28.7 مليار دولار- جيتي
تراجع صافي احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي إلى 28.7 مليار دولار- جيتي

تواجه الليرة التركية ضغوطا كبيرة، مسجلة مستويات قياسية في معاملات متقلبة، بعدما كسرت الحاجز النفسي عند 7 ليرات مقابل الدولار الواحد، الأسبوع الماضي.

وسجلت الليرة 7.1850 للدولار الجمعة مقارنة مع 7.225 عند إغلاق الخميس، بعد أن هبطت إلى مستوى غير مسبوق عند 7.365.

وفقدت العملة التركية نحو 17 بالمئة من قيمتها أمام الدولار منذ بداية السنة.

وخلال اجتماع الخميس الماضي، جمع محافظ البنك المركزي مراد أويصال بكبار المصرفيين، قال المسؤول التركي إن تكاليف التمويل ستزيد، لكن لم يذكر بأي قدر.

وقال البنك المركزي التركي الجمعة إنه سيقلص إلى النصف سقف سيولة المتعاملين الرئيسيين، ما يخفض عمليا التمويل الرخيص الذي كان ذلك يوفره. ويبقي المركزي على سعر الفائدة الرئيسي عند 8.25 بالمئة.

وقال غولدمان ساكس، الجمعة، إن البنك المركزي قد يلجأ إلى تمويل السوق بسعر فائدة أعلى إذا لم تنحسر الضغوط عن العملة.

ومع تذبذب سعر صرف الليرة التركية على مدار الأسبوعين الماضيين، تنامت مخاوف من إخفاق جهود الدولة لتحقيق استقرار العملة، بما قد ينذر بمشاكل أشد لأكبر اقتصاد بالشرق الأوسط.

 

اقرأ أيضا: الليرة التركية تتدهور إلى مستوى قياسي أمام الدولار.. لماذا؟

وينبئ التراجع القياسي للعملة التركية مقابل العملات الأجنبية، بتأثر دخل المواطنين الأتراك وانخفاض القوة الشرائية.

ويرجع الباحث الاقتصادي محمد أبو عليان عودة نزيف الليرة التركية مقابل الدولار، رغم أن مؤشر الدولار العالمي يتجه للانخفاض، إلى عدة أسباب منها: طبيعة الاقتصاد التركي وما يعانيه من مشاكل هيكلية وما يمر بالاقتصاد من مخاطر تزايدت في السنوات الخمس الأخيرة.

واتجهت الليرة التركية نحو الانخفاض بسبب تراجع الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي ولجوئه لعقد عدة اتفاقيات لمبادلة العملات (SWAP) خصوصا مع المصرف المركزي القطري.

وفي أيار/مايو أعلن البنك المركزي التركي زيادة حجم مبادلة عملته مع قطر لثلاثة أمثاله إلى ما يعادل الـ15 مليار دولار، في تعديل على اتفاق عام 2018 بين البلدين، بهدف توفير السيولة الأجنبية.

ويقول أبو عليان لـ"عربي21": "بدون هذه المبادلات يصبح هناك فجوة في الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي التركي أي إن الرقم يكون بالسالب".

ومن الأسباب التي يذكرها الباحث الاقتصادي لتراجع قيمة الليرة التركية "استمرار الدفاع عن الليرة من خلال بيع البنوك الحكومية للعملات الأجنبية للمحافظة على استقرار سعر صرف الليرة، وبالتالي الدخول لمراكز قصيرة تزيد من المخاطر المحتملة".

وتظهر البيانات وحسابات المتعاملين أن البنك المركزي والبنوك الحكومية باعت نحو 110 مليارات دولار منذ أوائل العام الماضي من أجل تحقيق الاستقرار في الليرة، مع تسارع وتيرة التدخلات بسوق الصرف الأجنبي في الأشهر الأخيرة، بحسب ما قالت "رويترز" نهاية تموز/يوليو الماضي.

ويرجح أبو عليان أن تتجه الليرة التركية إلى "التراجع" أمام الدولار على المدى الطويل، بينما في المدى القصير والمتوسط ستبقى ما بين "استقرار نسبي وتذبذب صعودا وهبوطا" حسب توفر القدرة للسلطات النقدية على التدخل لدعم استقرار سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية.

 

اقرأ أيضا: هبوط مفاجئ لليرة التركية أمام الدولار قبيل عيد الأضحى

وترى الرئاسة التركية أن التقلبات في أسعار الصرف "مؤقتة"، وقال الرئيس رجب طيب أردوغان الجمعة إن أسعار الصرف والذهب ستستقر عند مستوياتها الصحيحة.

وأكد أردوغان أن المشكلة الرئيسية للاقتصاد كانت بسبب "فيروس كورونا"، مستشهدا بأن الاقتصادات العالمية شهدت "تقلبات حادة" بسبب الجائحة.

ويرى الباحث الاقتصاد حسن الشاغل أن "الاضطرابات الاقتصادية" التي رافقت جائحة فيروس كورونا تركت أثرا على مؤشرات العملات العالمية لصالح الذهب الذي يعد ملاذا آمنا تقليديا، وهو سبب في "تراجع" العملة التركية أيضا.

ويقول الشاغل لـ"عربي21" إن توقف النشاط الاقتصادي بسبب "كورونا" أدى إلى انخفاض قيمة الاحتياطي النقدي الأجنبي في البنك المركزي التركي.

وتراجع صافي احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي إلى 28.7 مليار دولار أواخر تموز/يوليو الماضي، في أدنى مستوياته منذ منتصف أيار/مايو. وفي حين زادت الاحتياطيات الإجمالية إلى 51 مليار دولار، فإن المحللين يقولون إن جزءا كبيرا منها ليس سوى أموال مقترضة أو ذهب.

وكانت احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي قبل جائحة كورونا فوق الـ100 مليار دولار، بحسب ما قال الشاغل.

ويشير الشاغل إلى أن اقتصاد تركيا يعتمد بشكل كبير على قطاع الخدمات "السياحة، والطيران، والإنشاءات والعقارات"، وعوائد قطاع السياحة في 2019 بلغت 34 مليار دولار، وقطاع الطيران 13 مليار دولار، فيما يشكل قطاع الإنشاءات والعقارات 10 بالمئة من الاقتصاد التركي، وشهدت هذه القطاعات تباطؤا بسبب الجائحة.

وينبه إلى أن الديون المستحقة على تركيا، بلغت قيمتها بشكل مجمل 434 مليار دولار، ويوجد 174 مليار دولار منها مستحقة خلال العام، وهذا يشكل ضغطا كبيرا على العملة التركية، بحيث يتطلب خروج جزء كبير من العملة الأجنبية إلى الخارج.

وفي حال توقف الحركة الاقتصادية وعدم قدرة تركيا على التصدير بصورة كبيرة لزيادة مدخول العملة الأجنبية فإن ذلك "سيؤدي إلى انخفاض العملة التركية"، بحسب ما قال الشاغل.

ويعتقد الشاغل أن على تركيا وكثير من الدول أن تبادر إلى عقد اتفاقياتها التجارية بالعملات المحلية، ويقول إن "هذا الإجراء يمكن أن يعزز الاستيراد والتصدير بين هذه الدول، ويعزز الصناعة والإنتاج، ويخفف الضغط الكبير على هذه الدول من أجل تأمين النقد الأجنبي".

التعليقات (0)