سياسة عربية

هل نجح الأردن في "إفشال" خطة الضم الإسرائيلية؟

الأردن- CC0
الأردن- CC0

أثار تأجيل إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن خطته لضم غور الأردن، وأجزاء واسعة من الضفة الغربية؛ تساؤلات حول مدى نجاح الأردن في تحركاته الدبلوماسية الواسعة على الصعيدين العربي والأوروبي، والتي سعى من خلالها إلى وقف قرار الضم بشكل كامل، وعدم الاعتراف به حال حدوثه.

وكان العاهل الأردني عبدالله الثاني، قد صرح لمجلة دير شبيغل الألمانية، بأنه في حال إقدام "إسرائيل" على ضم الأراضي المحتلة؛ فإن ذلك سيؤدي إلى صدام كبير مع المملكة، دون أن يقدم تفاصيل إضافية حول شكل هذا "الصدام"، مؤكدا تمسكه بقرار "حل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية".

وقال مدير مؤسسة يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية في رام الله، سليمان بشارات، إن "الموقف الأردني كان متقدما حتى على الموقف الفلسطيني نفسه في رفض خطة الضم، والتهديد بالتحلل من الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال".

وأضاف لـ"عربي21" أن الأردن أدرك حجم الخطر الذي سيداهمه لو تم تنفيذ الخطة، "لأن الأمر لن يقتصر فقط على المفهوم الحدودي والأغوار، بل سيتعدى إلى السيادة الأردنية نفسها، وهذا قد يفقد الأردن الكثير من المناطق حتى داخل حدوده في حال التنفيذ للخطة".

واستدرك بشارات بالقول إن "موقف الأردن -على أهميته- لم يكن وحده من أرجأ الإعلان عن خطة الضم، فهناك عوامل أخرى أيضا، كالتباين في الموقف الإسرائيلي الداخلي، وضبابية الموقف الأمريكي في شكله النهائي والذي قد يكون مرتبطا باقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، أو بحالة عدم الاستقرار الداخلي التي عاشتها الولايات المتحدة مؤخرا، بالإضافة إلى الموقف الأوروبي غير المؤيد لهذه الخطة".

من جهته؛ قال الكاتب والمحلل السياسي الأردني هشام البستاني، إن "الأردن الرسمي فشل إلى حد ما في مواجهة خطة الضم، باستثناء بعض التحركات الدبلوماسية التي لا ترقى إلى ردع الكيان الصهيوني".

وأضاف لـ"عربي21" أن "الكيان الصهيوني سبق وأن ضم الجولان وأعلن القدس عاصمة له من قبل الاعتراف الأمريكي؛ كل ذلك بدون أي تبعات سوى الإدانات الدبلوماسية"، لافتا إلى أن "عشرات القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة ضد الكيان الصهيوني لم تؤثر عليه بالمعنى الحقيقي على الإطلاق".

 

 

اقرأ أيضا: ماكرون يطلب من الاحتلال التخلي عن خطط "الضم" بالضفة

 


ورأى البستاني أن على الأردن الرسمي أن "يعيد محورة نفسه بعيدا عن الكيان الصهيوني ومشاريعه"، مشددا على أنه "إذا لم يتحرك بهذا الاتجاه؛ فكل مطالباته بإدانة الضم تظل كلاما في الهواء، ولا معنى لها إذا لم يرافقها تحرك عملي وواضح".

رؤية مستقبلية

وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد أعلن أن عملية الضم ستبدأ في الأول من تموز/ يوليو الجاري، ولكن خلافات داخلية وعدم التوصل إلى تفاهمات مع الإدارة الأمريكية؛ حال دون ذلك.

وقال بشارات إن خطة الضم لم يتم طيها، بل تأجيلها أو البحث عن خيارات أخرى لتنفيذها وفق رؤى تبعد كل هذه الإشكالات من أمام "إسرائيل" واقتناص الفرصة المواتية للإعلان عنها مجددا.

وتابع: "أما على الأرض؛ فإسرائيل لن تتوقف عن تنفيذ ما يعزز الخطة وربما جهوزيتها خلال الشهور المقبلة، وهذه سياسة إسرائيلية يعلمها الجميع، وهي أنها تذهب للمراحل في التنفيذ حتى يكتمل المخطط في نهاية المطاف".

وأوضح أن العامل الذي يبقي الأردن محافظا على ثبات موقفه، ويعطي مؤشرا أكثر قوة وجدية؛ هو تعزيز الحضور الشعبي الجماهيري في التصدي لأي خطوة إسرائيلية مقبلة، بحيث يبقى الجمهور والشارع حاضرين للتلويح بهما أمام أي خطوات إسرائيلية مقبلة".

وبالإضافة إلى ما سبق؛ فإن على الأردن بحسب بشارات أن يواصل الضغط على "إسرائيل" فيما يتعلق بالسيادة على المسجد الأقصى، وعدم زعزعة هذا الأمر أو التخلي عنه من خلال بعض الخطوات الالتفافية الإسرائيلية.

أما البستاني فرأى أن صاحب القرار في الأردن لا يمتلك سوى أمرين اثنين، يمكن من خلالهما العودة إلى المشهد بقوة؛ الأول إلغاء اتفاقية الغاز فورا، بدلا من أن يدعم خطة الضم الإسرائيلية بطريقة غير مباشرة بواسطة أموال دافعي الضرائب لشراء الغاز من الكيان الصهيوني".

وتابع: "أما الأمر الثاني فهو إلغاء اتفاقية وادي عربة، فخطة الضم إخلال جديد بهذه الاتفاقية التي أخل فيها الكيان الصهيوني من قبل، وخصوصا فيما يتعلق بموضوع المياه".

وأضاف أن مصير خطة الضم سيكون كمصير الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، متوقعا أن يبدأ السيناريو القادم بإعلان "إسرائيل" عن المناطق التي ستضمها، ثم تؤيد الإدارة الأمريكية، فتستنكر أوروبا وروسيا والصين من دون أن يتخذوا أية عقوبات ضد الكيان الصهيوني، وبعد 30 سنة سيصبح الأمر واقعاً غير مستنكر كما حدث في الجولان تماما.

وتشمل الخطة الإسرائيلية ضم غور الأردن وجميع المستوطنات، فيما تشير تقديرات فلسطينية إلى أن الضم سيصل إلى أكثر من 30 بالمئة من مساحة الضفة المحتلة.

التعليقات (0)