ملفات وتقارير

صحفية بريطانية تتساءل: هل حياة البيض مهمة؟ فتجيب: لا

1300x600
1300x600

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقالا، تناول الامتيازات التي ينالها أصحاب البشرة البيضاء دون غيرهم من الأشخاص السود أو أصحاب اللون البني.

وقالت الأستاذة في جامعة كامبريدج "بريامفادا غوبال"، في مقالها الذي ترجمته "عربي21": "عندما يتعلق الأمر بالعرق والعنصرية، فإننا نركز على الأشخاص الذين يتعرضون للتمييز العنصري -السود، والأشخاص ذوي اللون المفقود في مواقع النفوذ والسلطة-".

تضيف الكاتبة أن "المثل المتحضرة تستدعي إدماج الأقليات العرقية، أو إجراء تدريبات خاصة للتحيز والتمييز. قد تكون هذه التدابير ضرورية، لكنها تركز بشكل مباشر على الأشخاص الذين يتعرضون للأذى بدلاً من النظام الذي يديم هذه العنصرية ويغذيها".

وتتابع: "ما هي النتائج، ظهور شكل من أشكال الصدقات على ذوي البشرة الداكنة، حيث يتم وضع بعض الأشخاص منهم كجزء من خطة تدابير التنوع، مع الإبقاء على التراتيب الاجتماعية وعادات التفكير في المجتمعات ذات الأغلبية البيضاء".

وقالت: "الحقيقة هي أنه لا يوجد شيء ممتع في مواجهة حقيقة التسلسل العنصري الهرمي".

وأوضحت أنه إذا كان يجب أن يتغير النظام العرقي -وهناك الكثير ممن لا يرغبون بذلك- فليس فقط حياة السود أو الأقليات العرقية هي التي يجب أن تكون موضوع النقاش، ولكن الأيديولوجية العرقية التي تستدعي ما يحدث الآن في المجتمعات الغربية.

وتابعت: "هذا ما يقودنا إلى مفهوم "البياض"، وهي ليست فئة بيولوجية بقدر ما هي مجموعة من الأفكار والممارسات حول العرق الذي انبثقت منه أساسيات امتياز البيض، وهو نفسه إرث الإمبراطورية والرق".

وتنطوي مواجهة فكرة "البياض" على مناقشات غير مريحة، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعتبرون من البيض، لأنها تتضمن فحصا ذاتيا واعترافات بحقائق بشعة، سواء كانت تاريخية أو معاصرة.

وقالت: "لقد دفعت ثمن ذلك بنفسي، حينما قمت بالتغريد الأسبوع الماضي ردا على لافتة "حياة البيض مهمة"، التي تم رفعها فوق ملعب الاتحاد، بعد أن قام لاعبو فريق مانشستر سيتي وبورنلي لكرة القدم بالجلوس على ركبة واحدة لتكريم جورج فلويد".

"تغريدتي أوضحت أن حياة البيض لا يمكن اعتبارها مهمة لأنها بيضاء. ولا ينبغي أن يكون "البياض" هو من يعطي قيمة لتلك الأرواح. بغض النظر عن الإهانات التي تلقيتها والتهديدات، سئلت مرارا لماذا؟ إذا لم تكن حياة البيض مهمة لأنهم بيض، فهل حياة السود مهمة؟ أليس هذا أيضا عنصرية؟" تقول الكاتبة.

وتضيف: "في الحقيقة لا، إن هذا ليس عنصريا؛ لأن حياة البيض هي أصلا مهمة، وبشكل كبير، لذا فالاستمرار بالترويج على أنها مهمة هي قيمة إضافية زائدة لهم، ما يجعلنا عرضة وبشكل خطير إلى التفوق الأبيض".

وتابعت: "وهذا لا يعني أن جميع البيض في المجتمعات الغربية ميسوري الحال ولا يعانون من المشقة. لكنهم لا يفعلون ذلك بحكم أنهم بيض. تبقى حياة السود أقل من قيمتها الحقيقية، ولكي نصل إلى النقطة المرغوبة التي تجعل جميع الأرواح مهمة، يجب علينا تحقيق التكافؤ والمساواة بين الجميع، وهو أمر ليس بالصعب".

وتقول: "دراسات "البياض" ليست جديدة. لقد درس العلماء مثل نويل إجناتييف وديفيد روديغر تاريخ البيض وعلم اجتماع البياض بتفصيل كبير. وكتب إجناتييف عن "إلغاء البياض"، ليس كدعوة للقضاء على البيض، بل كدعوة لإلغاء نظام الاستحقاق العرقي الذي يعتمد على استبعاد الأشخاص الذين يعتبرون أقليات".

وبالنسبة لإجناتييف، لم يكن البياض حقيقة بيولوجية بقدر ما هو نوع من الأندية الأيدولوجية، حيث ينتسب الأعضاء إليها، ويستفيدون من عضويتها، دون التفكير في التكلفة التي سيتحملها الآخرون.

ومع مرور الوقت، ازدادت أعداد المضافين إلى النادي والحالمين بعضويته، من اليهود الإيرلنديين، والأوروبيين، إلى العديد من الآسيويين اليوم.

إحدى السمات المميزة للبياض كأيديولوجية هي أنها يمكن أن تكون غير مرئية، وبالتالي يمكن أن تكون عملياتها أكثر فتكا وأكثر صعوبة لتحديها.

يتفق العلم والعلوم الإنسانية إلى حد كبير على أن "العرق" ليس فئة بيولوجية، بل هو طريقة لخلق فروق القوة، التي لها عواقب عملية. وإذا كان لا بد من إزالة تباين القوة هذه في المجتمعات الغربية، فيجب إلغاء أولا أيدولوجية البياض. عندها فقط يمكن أن يتبعها إلغاء جميع الفئات العرقية الأخرى، ويمكننا حينها أن نحقق عالما خاليا من العنصرية.

وبينت الكاتبة أنه "على الرغم من أنني أواجه العنصرية في بريطانيا كوني "غير أبيض" وآسيويا، إلا أن لدي بعض الخبرة فيما يتعلق بكونك عضوا في فئة حكم قوية وغير مرئية.

بصفتي براهمين (المستوى الأعلى رتبة لنظام الطبقات الهندوسية الهرمي العميق)، فأنا أنتمي لمجموعة اجتماعية تعمل كما البياض. وهنا في نفس الوقت الذي أعزز فيه دعوة إجناتييف لإلغاء "البياض"، أكرر أنه يجب إلغاء تفوق البراهمين في الهند.

سألني أحد الأشخاص الأسبوع الماضي: لماذا يحتاج الناس إلى دليل للعلاقات العرقية عندما نتمكن من احترام بعضنا البعض؟ لسوء الحظ حتى نصل إلى نقطة تكون فيها جميع الأرواح مهمة حقا، فلا فائدة من الإعلان على أن العرق لا يحدث فرقا، أو أن المساواة موجودة، عندما لا يكون الأمر كذلك.

تشير عبارة "حياة البيض مهمة" ضمنيا إلى أن المادة البيضاء أكثر أهمية من غيرها. أما عبارة "حياة السود مهمة" فهي تشير إلى أن تلك الحياة بحاجة إلى أن تكون أكثر مما هي عليه الآن، وأن المجتمع بحاجة إلى منحهم المزيد من الوزن. حتى نتوافق مع الحقائق القبيحة لكيفية عمل "البياض" -بشكل مميت وغير مرئي وقوي- نحن نحتاج لخوض حرب ثقافية سامة لا معنى لها، حيث سيكون الفائزون الوحيدون أولئك الذين يريدون أن تسود الكراهية. 

 

0
التعليقات (0)

خبر عاجل