ملفات وتقارير

حكومة الحريري تواجه خطر "السقوط" على وقع "الضربات"

رزق: لبنان يتعرض لأزمتين خارجية وداخلية تتخذ أشكالا متعددة- الأناضول
رزق: لبنان يتعرض لأزمتين خارجية وداخلية تتخذ أشكالا متعددة- الأناضول

تصارع الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري في محاولة لإنقاذ نفسها من خطر الانهيار، ومن ثم تهديد البلاد فعليا من خلال إدخالها في أزمة فراغ جديدة لن تكون عابرة كما سابقاتها، بحسب مراقبين.

وتكمن أزمة الحكومة في تلاوينها السياسية المتعددة والتعارض في الخيارات الداخلية والخارجية بين أقطابها، لاسيما النظرة إلى العلاقة مع النظام السوري والدول العربية، وطبيعة العلاقة مع المملكة العربية السعودية تحديدا.

وكان الرئيس اللبناني ميشال عون حذر وزراء الحكومة من "فشل السلطة في لبنان"، داعيا الوزراء إلى الدفاع عن حكومتهم، في حين برز التباين بين موقف الحريري المؤيد لما أسماه "الإجماع العربي حول طبيعة العلاقة مع سوريا"، ودعوة وزير الخارجية وصهر عون جبران باسيل إلى "ضرورة عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية".

أزمة لبنان

واعتبرت المحلّلة السياسية الدكتورة هدى رزق أنّ "لبنان يتعرض لأزمتين خارجية وداخلية تتخذ أشكالا متعددة"، موضحة في تصريحات لـ "عربي21" بأنّ "الأزمة الدولية متعلقة بالضغوط الأمريكية على لبنان تحت عنوان الحصار المالي على حزب الله، في محاولة للتضييق عليه بما يطال في الوقت عينه شريحة واسعة من اللبنانيين"، ورأت أن المؤسسات المالية التي يمتلكها رجال أعمال "شيعة، هم أكثر عرضة للتضييق والعقوبات بسبب شبهة التعامل ماليا مع حزب الله، وتخوفات واشنطن من أن يكونوا وجها ماليا له للتغطية على نشاطاته التجارية وتحويلاته النقدية".


وتحدّثت رزق عن توقف الدعم "السعودي- الإماراتي المقدم إلى لبنان عبر دعم شخصيات سياسية لبنانية، وذلك في إطار تصعيد الحملة ضد إيران وحلفائها ولإبراز تأثير طهران السلبي في المعادلة اللبنانية".

وتحدثت عن أزمة اللجوء السوري، فقالت: "أثّر اللجوء السوري في الوضع الداخلي لاسيما المالي؛ لأن معظم الناتج المالي للعمالة السورية يحوّل أو يدّخر ولا يصرف فعليا في السوق المحلي"، لافتة إلى أنّ "ودائع تعود لرجال أعمال سوريين سحبت من المصارف اللبنانية، بعد تلويح النظام السوري بمحاربة التجار المستفيدين من الحرب السورية، وقد دخل بعضهم في تسويات مالية مع النظام".

واعتبرت رزق أنّ المشلكة السياسية في لبنان "مرتبطة بشكل عضوي بفساد متجذر في الطبقة السياسية منذ عام 1992 (فترة ما بعد الحرب الأهلية اللبنانية)، حيث تحوّلت الدولة إلى ما يشبه مزرعة يتنافس القائمون عليها في انتزاع المكاسب والحصص، بناء على تقسيمات تخضع لنفوذ القوى الطائفية التي تشارك في السلطة تحت ستار الأحزاب السياسية التي تستخدمها واجهة لغاياتها الحقيقية".

ووصفت وزراء الحكومات المتعاقبة في لبنان بأنّهم "ممثلون لهذه القوى الطائفية التي تعينهم، وفق منطق المحاصصة للاستفادة المالية ولإعطائهم زخما ونفوذا إضافيا".

وخلصت رزق إلى أنّ مشكلات لبنان السياسية والاقتصادية منذ اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية قبل 29 عاما ولغاية الآن، مردها "النظام الطائفي الذي يقود البلاد ويتسبب في اتجاه لبنان نحو كارثة حتمية"، متوقعة أن يستمر الوضع الراهن "في مراوحة عبر طرح حلول وهمية ومحاولات إنعاش مؤقتة، لن تعالج أصل ولبّ الأزمة الجوهرية في البلاد".

 

اقرأ أيضا: أزمة لبنان المالية.. هل هي سحابة صيف أم مشكلة مستعصية؟

مصير البلاد

من جهته اعتبر القيادي السابق في حزب "الانتماء" علي مهنا، أن مصير لبنان السياسي والوجودي "بات مهددا بفعل الأزمات الحكومية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ مدة طويلة، في ظل انعدام وجود حلول واقعية لأزمات البلد المزمنة"، مستبعدا في تصريحات لـ"عربي21" أن تسقط الحكومة بفعل الخلافات الداخلية أو على وقع الغضب الشعبي من تردي الأوضاع المعيشية".

 وأضاف: "لن يحدث تغيير في المعادلة حتى لو سقطت الحكومة، فسوف تعود الطبقة نفسها لتتصدر المشهد الحكومي الجديد لانعدام وجود البدائل، وما قد يحصل في حال تغيير الحكومة هو تبديل بعض الأسماء، وليس تغيير النهج أو التركيبة الحاكمة".

وعن مدى تأثير الخارج في الأزمة اللبنانية الداخلية، قال مهنا: "هناك تحركات خارجية ملحوظة تتدخل في المسار السياسي والمالي في لبنان، بناء على استراتيجية تخدم الجهات المتدخلة في الشأن اللبناني"، موضحا: "هناك بعض المسؤولين اللبنانيين يتطرفون في مواقفهم أحيانا بما لا يخدم المصلحة الوطنية اللبنانية، وبما يعطي انطباعا عن خضوعهم لإملاءات وتعليمات خارجية"، لكنه استبعد "انهيار الدولة في لبنان لعدم توفر الإرادة الخارجية وتحديدا الأوروبية في ذلك، غير أنّ الضغوط ستتواصل على المستويات كافة وسيكون المواطن اللبناني هو الضحية الأبرز".

التعليقات (0)