الرئيس دونالد ترامب أتبع تهديده سوريا بالعمل، وسفن حربية أمريكية في شرق البحر الأبيض المتوسط أطلقت 59 صاروخا من نوع «توماهوك» على قاعدة في وسط سوريا، انطلقت منها الطائرات التي شنت غارات استعملت فيها أسلحة كيماوية في محافظة إدلب. غالبية من دول العالم أيدت الإجراء الأمريكي، وروسيا وإيران دانتا الغارة وقالتا إنها عدوان على دولة مستقلة. ترامب قال إن استعمال النظام السوري السلاح الكيماوي «عمل بربري» يستحق أن يعاقب مَن ارتكبه.
وزاد أن الغارة التي أمر بها «مصلحة وطنية أمريكية حيوية».قبل أسبوع واحد، كان الناطق الرئاسي شون سبايسر يقول: «بالنسبة إلى الأسد هناك واقع سياسي علينا قبوله». الناطق أضاف أن «للولايات المتحدة أولويات عميقة في سوريا والعراق، وقد أوضحنا أن مقاومة الإرهاب، وتحديدا هزم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، بين هذه الأولويات».
كان الناطق الرئاسي يتحدث وقد أعلنت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن عدد السوريين في المخيمات تجاوز خمسة ملايين في تركيا ولبنان والأردن ومصر والعراق.الآن ترامب اختار مؤتمرا صحفيا مع الملك عبدالله الثاني ليقول إن موقفه من سوريا وبشار الأسد «تغير كثيرا»، وأن الهجوم الكيماوي تجاوز خطوطا عدة، بينها الأحمر، وأن موت أطفال صغار جعله يعيد النظر في موقفه من الرئيس السوري قبل الهجوم.
الرئيس الأمريكي أتبع التهديد بإجراء عسكري هو الأول له في الحكم بعد أن كانت إدارة ترامب تصرّ على أن الولايات المتحدة تريد هزم الإرهاب، وسبايسر قال إن محاولة إطاحة بشار الأسد «سخف» بالنظر إلى الواقع السياسي في سوريا. يبدو أن دونالد ترامب غيّر رأيه كعادته، والموقف الروسي يتجاوز الإدانة، فهناك طلب لاجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي، وأخبار أخرى عن أن العلاقات الروسية - الأمريكية ستتأثر، وهناك مَن أشار إلى احتمال مواجهة يبن البلدين في سوريا تؤدي إلى تصعيد عسكري. في المقابل، الصين دانت استعمال السلاح الكيماوي في الغارة السورية وطالبت بتحقيق عاجل تجريه الأمم المتحدة لكشف الحقيقة. الموقف الصيني جاء والرئيس ترامب يجتمع مع الرئيس الصيني شي جينبينغ في فلوريدا.
لا أعرف ما إذا كانت إدارة ترامب ستكمل عملياتها العسكرية ضد النظام السوري، إلا أنني لاحظت أن الحملة الغربية على النظام، تزامنت مع قرار لقاضٍ إسباني بمصادرة ممتلكات لرفعت الأسد وأسرته قدِّر ثمنها بنحو 691 مليون يورو، والتهمة غسل أموال في إسبانيا وفرنسا. الفرنسيون صادروا ممتلكات قيمتها 90 مليون يورو. وقرأت أن رفعت الأسد أعطي 300 مليون دولار من أموال الشعب السوري وهو يغادر البلاد سنة 1984.
ما أعرف، هو أن النظام السوري استعمل غاز الكلورين في غوطة دمشق سنة 2013، ومركز توثيق الاتهامات يقول أن 1100 سوري قُتِلوا بالأسلحة الكيماوية، وتدخلت روسيا لإنقاذ النظام سنة 2015.
هل تكتفي إدارة ترامب بغارة واحدة أو تشن غارات، أو يغير الرئيس الأمريكي رأيه مرة أخرى؟ الجواب سيُعرف في الأيام القليلة المقبلة. رأيي أن القتال في سوريا بين سيئ وأسوأ منه، فلا أطلب سوى رفع الأذى عن أهلنا في سوريا.
الحياة اللندنية