أطلق وزير الحرب
الإسرائيلي، أفيغدور
ليبرمان، تلميحات بعدم مسؤولية إسرائيل عن
اغتيال الأسير المحرر وعضو الجناح العسكري لحركة حماس مازن
فقهاء، الجمعة 24 آذار/ مارس في قطاع غزة.
وقال ليبرمان في تصريحات، عقب زيارة مجلس بلدية مستوطنة سديروت أمس على حدود غزة، إن "حماس معروفة باغتيالاتها الداخلية، وعليها أن تبحث عمن قتله".
وزعم ليبرمان أن إسرائيل "لا تبحث عن مغامرات، ونحن نعمل ما يتوجب علينا القيام به من أجل أمن المجتمع الإسرائيلي"، على حد قوله.
وأضاف في الوقت ذاته: "لا تغيير في سياسة إسرائيل تجاه حركة حماس، ونحن وهي نعرف ما يتوجب علينا فعله".
من جانبه، قال الناطق باسم الجناح العسكري لحركة حماس "أبو عبيدة" إن تصريحات ليبرمان حول عدم وقوف دولته وراء اغتيال الأسير فقهاء محاولة للهروب من المسؤولية.
وأوضح أبو عبيدة أن تصريحات ليبرمان "تظهر حجم الخوف والضغط الذي يتملك العدو وقادته، الذين تلطخت أيديهم بدماء القائد مازن ودماء أبناء شعبنا"، وفقا لوصفه.
وشدد على أن المتهم الرئيسي الوحيد في عملية الاغتيال هو "العدو الصهيوني"، مشيرا إلى أن كل "محاولاته المعلنة أو الخفية في التنصل أو خلط الأوراق لن تفلح".
ومنذ وقوع عملية الاغتيال والساسة والقيادات العسكرية الإسرائيلية تلتزم الصمت حيال أي تصريح يتعلق بالقضية، وجاءت تصريحات ليبرمان بعد أكثر من أسبوع على وقوع الحادثة، لتلقي الكرة في ملعب حماس، وتتهمها بوجود تصفيات داخلية.
ومنذ اللحظة الأولى للكشف عن عملية الاغتيال، التي راح فيها الأسير فقهاء بعدة رصاصات من سلاح كاتم للصوت، اتهمت حماس إسرائيل بالمسؤولية عنها، وبدأت سلسلة إجراءات للتضييق على تحركات منفذي الاغتيال، شملت إغلاق معبر بيت حانون "إيرز" باستثناء الحالات المرضية، علاوة على البدء بحملة تدقيق وتفتيش واسعة؛ للتوصل لخيوط تفك لغز عملية الاغتيال.
ويطرح خروج إسرائيل عن صمتها طيلة الأيام الماضية وبقاؤها في حالة ترقب، ثم خروج ليبرمان ليلقي كرة الاتهام في ملعب حماس، تساؤلات حول ما تهدف إليه القيادة الإسرائيلية.
استفزاز للخصم
المحلل السياسي والمختص في الشأن الإسرائيلي، وسام عفيفة، قال إن ليبرمان يحاول الاستفادة واستثمار حالة الإرباك التي وقع فيها الطرف الفلسطيني نتيجة عملية الاغتيال المعقدة والصامتة.
وقال عفيفة لـ"
عربي21" إن ليبرمان يسعى لخلط الأوراق؛ من خلال إشارته للتصفيات الداخلية، بالإضافة لاستفزاز حماس؛ لدفعها إلى إخراج ما في جعبتها من معلومات توصلت إليها خلال التحقيقات التي تجريها لكشف الحادثة.
وقال إن الأجهزة الأمنية في غزة تبذل جهدا مكثفا وتحقيقات واسعة منذ عملية الاغتيال، وتوصلت إلى خيوط أولية، وربما اتضح لديها شيء من الصورة، لكن لم تكتمل إلى الآن، وتصريحات ليبرمان تأتي من هذا الباب لاستفزاز الجانب الفلسطيني.
وحول إطلاق ليبرمان تصريحاته من سديروت المتاخمة لغزة، قال عفيفة إنها محاولة من ليبرمان لتوجيه رسالة قوية للجبهة الداخلية بأننا قادرون على ضبط الأوضاع الأمنية على الحدود، والجيش قادر على فرض معادلة ردع وهدوء مقابل هدوء.
وأوضح أن ليبرمان "يحاول طمأنة المستوطنين حول غزة، وإشعارهم أن الأزمة داخلية وفي الطرف الآخر".
قلق المستوطنين
وفي المقابل، يشير عفيفة إلى أن التصريحات "تكشف وجود قلق إسرائيلي وترقب واستنفار؛ تحسبا لأي رد تقوم به حماس، التي اتهمت الاحتلال بالمسؤولية حصرا عن عملية الاغتيال، في ظل الإرباك وحالة التوتر التي تسود مستوطنات غلاف غزة".
وعلى صعيد احتمالية رد حركة حماس الذي توعدت به إسرائيل، قال عفيفة إن "الاغتيال تجاوز الخط الأحمر في حالة التهدئة السائدة بين القطاع وإسرائيل، وربما تتجه الأمور إلى مواجهة هادئة وصامتة بين الطرفين، على غرار ما فعله كاتم الصوت بالشهيد فقهاء".
وأضاف: "تهديدات حماس بكسر معادلة الصمت والفعل من طرف واحد، والتهديدات الإسرائيلية في الاتجاه المعاكس، ربما تأخذنا باتجاه المواجهة. وإذا لم يتم ترميم خطوط وقواعد الاشتباك بصورة واضحة بعد الجريمة الإسرائيلية، فالمنطقة كلها ستبقى في حالة توتر وعمليات ضرب بسكون من الصعب أن تصمد".
ورأى عفيفة أن الاحتلال في هذه المرحلة "لجأ للاغتيال الصامت؛ تلافيا لتبعات العمليات التقليدية والردود عليها من القطاع خاصة، بعد تقرير مراقب الدولة الإسرائيلية الذي وجه انتقادات كبيرة لحكومة نتنياهو بسبب عدوان 2014".
ولفت إلى أن ليبرمان والحكومة الإسرائيلية "سيواصلان خداع المواطنين في إسرائيل؛ خوفا على رأس الحكومة والائتلاف برمته؛ لأن أي تصعيد تطال نيرانه المستوطنين سيرتد على نتنياهو وفريقه".