سياسة عربية

حقوقيون: قرار تفتيش السجون بمصر لن يخفف معاناة المعتقلين

يعاني الكثير من المعتقلين بالسجون المصرية من أمراض- جيتي
أعلن النائب العام المصري نبيل صادق، أنه كلف أعضاء النيابة العامة بتفتيش السجون وأقسام الشرطة بصورة دورية ومفاجئة من أجل توفير كافة الضمانات والحقوق للمسجونين والمحبوسين احتياطيا وتوفير كافة سبل الرعاية لهم وفقا لما كفله الدستور والقانون، وهو ما اعتبره حقوقيون إجراء لن يخفف من معاناة المعتقلين.

وأكد صادق، في بيان له الثلاثاء الماضي، أن هذا القرار يهدف إلى حماية الحقوق والحريات التي قررها الدستور للمواطنين وتطبيق قانون السجون واللوائح المنظمة له على الجميع دون استثناء.

وأثار هذا القرار تساؤلات حول مدى تأثيره على الأوضاع المزرية داخل مقرات الاحتجاز والتي باتت تهدد حياة آلاف المعتقلين بحسب مراقبين ونشطاء حقوقيين.

تفتيش جميع السجون

وأشار بيان النائب إلى أن أعضاء النيابة العامة أجروا تفتيشا مفاجئا يوم 8 آذار/ مارس الجاري على 15 سجنا في مختلف المحافظات، لافتا إلى الاستمرار في تنفيذ خطة لتفتيش باقي السجون التي لم يتم التفتيش عليها، وإخطار الجهات المعنية لتلافي الملاحظات الواردة بتقرير التفتيش.

لكن مراقبين قالوا إن قرار النائب العام لن يختلف كثيرا عن قرار مشابه، أصدره النائب العام الراحل هشام بركات في نيسان/ أبريل 2015، حتى أنه تضمن نفس العبارات، لكنه ظل حبرا على ورق ولم يتم تفعيله.

وبحسب منظمات حقوقية محلية ودولية، فإن عشرات الآلاف من المسجونين والمحبوسين احتياطيا يتعرضون لانتهاكات بالجملة، وسط صمت تام من النيابة العامة والقضاء المصري.

وشهدت الأسابيع الأخيرة تسع حالات وفاة داخل السجون وأقسام الشرطة نتيجة الإهمال الطبي المتعمد.

وتعد أحدث حالات الإهمال الطبي التي اكتسبت تعاطفا كبيرا في الفترة الأخيرة، حالة الطالب أحمد الخطيب الذي أصيب بمرض نادر داخل السجن، بالإضافة إلى المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين مهدي عاكف البالغ من العمر 90 عاما والذي يعاني من مرض السرطان، حيث أطلق نشطاء وسياسيون دعوات للإفراج الصحي عنهما.

وكانت داخلية الانقلاب قد أصدرت في شباط/ فبراير الماضي حزمة من التعديلات على اللائحة الداخلية لتنظيم السجون؛ تضمنت زيادة الحد الأقصى لمدة حجز المسجون انفراديا من 15 يوما إلى ستة أشهر، وإمكانية منع الزيارة مطلقا لأي سجين وفقا لما تراه إدارة السجن، واشتراط حصول المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) على تصريح من النائب العام للسجون قبل زيارة أي سجن، والسماح باستعمال القوة مع المسجونين بدءا من خراطيم المياه وصولا إلى إطلاق أعيرة الخرطوش عليهم.

الأوضاع لن تتغير

الناشط الحقوقي إسلام مصطفى قال إنه يستبعد أن يؤدي هذا القرار إلى التخفيف من وطأة المآسي والمظالم التي تحدث للمعتقلين في السجون وأقسام الشرطة.

وأضاف مصطفى، لـ"عربي21" أن "هناك إهمالا شديدا من إدارات السجون ضد المعتقلين، حتى أنه لا يوجد معتقل واحد حاليا لا يعاني من أحد الأمراض بسبب سوء الأوضاع وانتشار العدوى في أماكن الاحتجاز".

وتابع: "أشك في أن النيابة ستقوم بالفعل بزيارة السجون أو الأقسام بشكل مفاجئ دون إخطار وزارة الداخلية قبلها، لأن لائحة السجون الجديدة التي عدلتها وزارة الداخلية منذ أيام تشترط إخطار وزارة الداخلية قبل الزيارة، وهذا معناه أنه لو كان هناك أي تقصير فمن السهل على الداخلية أن تخفيه قبل زيارة النيابة".

وأكد إسلام مصطفى أن "هناك الكثير من حالات التعذيب في السجون وأقسام الشرطة"، مشيرا إلى أن "هذه الأزمة مستمرة منذ زمن طويل ولم تستطع النيابة أو المجلس القومي لحقوق الإنسان أن يوقف هذه الممارسات لأن الداخلية مازالت تفعل ما تريد ولديها الصلاحيات المطلقة في هذا المجال".

مواءمات

من جانبها أكدت المحامية والناشطة الحقوقية دعاء مرعي أن النيابة تملك حق تفتيش السجون وأقسام الشرطة منذ زمن بعيد، لكنها لا تقوم بتفعيل قراراتها، مستبعدة أن تنفذ النيابة هذا القرار الجديد وتزور قسم شرطة وتمنع الانتهاكات التي تحدث فيه أو تتخذ إجراءات ضد ضباط الشرطة المتورطين في التعذيب.

وأشارت مرعي، في تصريحات لـ "عربي21"، إلى أن "القرار الأخير للنائب العام جيد من حيث المبدأ، لكنه يبقى بلا فائدة طالما استمر الإهمال في السجون والتعذيب في أقسام الشرطة"، مضيفة: "إننا لم نسمع أن النيابة قامت من قبل بإجراء تفتيش مفاجئ على أي مقر للاحتجاز، وهذا يدل على وجود مواءمات مستقرة بين النيابة والشرطة في كثير من القضايا"، على حد قولها.

وتوقعت دعاء مرعي أن تستمر حالات التعذيب والإهمال في مقرات الاحتجاز، لافتة إلى أن أي حديث عن تحسين أوضاع المحتجزين يبدأ بإنشاء غرف حجز آدمية في أقسام الشرطة تمنع انتشار الأمراض بين المحبوسين، بدلا من غرف الحجز التي لا تتجاوز مساحتها 10 أمتار ويتكدس بها عشرات الأشخاص.

واختتمت تصريحاتها بالتشديد على أن تحسين أوضاع المعتقلين لن يتم عبر الزيارات المفاجئة للسجون وأقسام الشرطة، وإنما عبر تغيير المفهوم القمعي للنظام وجهاز الشرطة بأكمله.