كتاب عربي 21

خطة الرباعية العربية لتفعيل الملف الفلسطيني

1300x600
نشرت وكالة وطن للصحافة والإعلام وثيقة تقول إنها خطة الرباعية العربية لتفعيل وتحريك الملف الفلسطيني دون أن تذكر من هي هذه الرباعية، وتقول الوكالة إنها وثيقة مسربة، وهذا ما يجعلنا نتوقف عند أصالة هذه الوثيقة. ومن ثم بدأت وسائل إعلام أخرى تتناقل خبر هذه الوثيقة لكن بالغموض ذاته الذي نقلته وكالة وطن. هل الوثيقة حقيقية؟ وهل هناك رباعية عربية، وممن تتكون؟ المعنى أن علينا ألا نتعجل باستخلاص النتائج، أو أن نبحر بالتحليل قبل التأكد من المادة المطروحة. هناك رباعية عربية هلامية مكونة من مصر والسعودية والإمارات والأردن، وهي الرباعية التي تنسق غالبا أمنيا مع الصهاينة وتقيم معهم علاقات ديبلوماسية وتطبع بعض العلاقات التجارية والاقتصادية، وهي التي حرضت الصهاينة في حربهم على لبنان عام 2006. وعليه فإن هذا المقال مجرد قراءة أولية لوثيقة مشكوك في صحتها حتى الآن.

قرأتُ الوثيقة المسربة جيدا ولم أجد فيها جديدا مختلفا عن سياسات الدول المشار إليها والتي تشكل الرباعية. والوثيقة لا تتحدث عن التحرير وإنما عما تسميه مسيرة السلام والتي هي مسيرة التفاوض مع الصهاينة. والوثيقة لا تتحدث عن المقاومة ولا عن العنف الصهيوني والجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني. هي تتحدث عن مبادرة عربية يرفضها أغلب الفلسطينيين ويعتبرونها مبادرة خيانية وتصفية للقضية الفلسطينية. والوثيقة لا تتحدث عن استعداد عربي لردع الصهاينة، بل تبقي الأمور على ما هي عليه من ضعف عربي يتمسك بمبادرة بيروت العربية لعام 2002 والتي لم تصر على انتزاع الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. تتحدث الوثيقة عن وحدة حركة فتح، وعن المصالحة الفلسطينية دون أن تضع رؤية لوحدة الشعب الفلسطيني.
وأعطت هامشا لمصالحة بين عباس ودحلان علما أن دحلان كان قائدا للأمن الوقائي في غزة والمعروف بنشاطات التنسيق الأمني مع الصهاينة.

خصصت الوثيقة مساحة لدعم مالي للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ولمدينة القدس للحيلولة دون تهويدها، لكنها لم تتحدث عن أموال مخصصة للمقاومة الفلسطينية في غزة، ولم تتعب الوثيقة نفسها في جدل السلام القائم على ضعف العرب وذلك المستند إلى مقاومة عربية رادعة للصهاينة. أي أن الوثيقة لم تترك مجالا لبدائل عربية في مواجهة التحدي الصهيوني، وهي تلهث وراء سلام لا يلوح بالأفق أن الصهاينة يبحثون عنه. ومما هو ملفت للنظر أن الرباعية العربية ستتخذ إجراءات ضد الفلسطينيين الذين لا يلتزمون بالاتفاقيات الداخلية، على الرغم من أنها لم توضح الأسس والمبادئ التي يجب أن تسود العلاقات الداخلية الفلسطينية.

تأتي الوثيقة على مصالحات فلسطينة، لكنها لا تذكر أدوار العرب في إشعال الصراع الداخلي الفلسطيني، ولم تتحدث عن دور مصر في توقيع الاتفاقيات مع الصهاينة والتي سببت في النهاية كل هذه الخصومات الداخلية الفلسطينية. والعجب أن الذين جروا الساحة الفلسطينية إلى الصراعات تلين قلوبهم الآن من أجل تلطيف الأجواء الداخلية الفلسطينية.

أما بالنسبة للقدس فلا ننسى أن العرب نصبوا على رأس لجنة القدس التي شكلتها القمة العربية رجلا ماسونيا من حكام العرب، والماسونية تؤمن أن السلام والمحبة في العالم لا يسودان إلا بعد إقامة هيكل سليمان، أي بعد هدم المسجد الأقصى وتهويد القدس. في هذه الوثيقة تعترف الرباعية أن كل القرارات التي اتخذها العرب بشأن القدس لم تفض إلى نتائج ملموسة لمصلحة القدس. طبعا لم يكن من المتوقع حصاد نتائج إيجابية لأن المساعدات كانت تقنّى بطريقة تخدم التهويد ولا تخدم التحرير أو المحافظة على الطابع العربي الإسلامي لمدينة القدس. دول الرباعية شريك أساسي في تدهور الأوضاع الفلسطينية، وفي ترسيخ التهويد الصهيوني للمدينة، فهل ستتغير أحوالهم من الآن فصاعدا بعد الوثيقة؟ وما دامت الرباعية ترى أن الكيان الصهيوني يهود القدس فإن عليها أن تجيب عن كيف ستمنع التهويد من خلال المبادرة العربية. هل سيتراجع الكيان الصهيوني عن التهويد بعد كل هذا العمل الدؤوب عبر أكثر من ستين عاما؟ هناك من يحلمون ويسلون أنفسهم بتحقيق أوهامهم وهم في غفوة أهل القبور.

وتتحدث الوثيقة عن السلاح الشرعي الفلسطيني دون أن تعرفه. السلاح الشرعي الوحيد في فلسطين هو سلاح المقاومة. سلاح السلطة غير شرعي لأنه مرخص إسرائيليا بناء على قناعة صهيونية مسبقة بأن هذا السلاح سيعادي أهل فلسطين وسيدافع عن الصهاينة. وسلاح الزعران والبلطجية ليس شرعيا لأن مصدره من الأساس المخابرات الصهيونية. فهل ستدعم الرباعية سلاح المقاومة الشرعي؟ طبعا لا.

الوثيقة تنظّر للاستسلام الفلسطيني والعربي. هذه دول تطبع مع الصهاينة، وبعضها يقيم علاقات ديبلوماسية مع الصهاينة. فماذا تريد ساقطة تسكن حيا يعرف عنها المخازي؟ تريد أن تصبح كل نساء الحي مثلها.