قضايا وآراء

يحيى قلاش.. كش ملك

1300x600
قلت منذ أيام في مقالي (نقابة الصحفيين تدفع ثمن انبطاحها) أن معركة نقابة الصحفيين (وليس كل الصحفيين) مع الداخلية وليست مع انقلاب السيسي الذي تؤيده وتبارك جرائمه بحق الصحفيين الإسلاميين المعتقلين. واليوم ينكشف وجه النقابة سريعاً، حيث أعلن النقيب يحيى قلاش لقناة النهار الجمعة 6 أيار/ مايو أن النقابة لا تشترط اعتذار السيسي. وقال أيضاً خالد ميري، وكيل النقابة في نفس اليوم لقناة الحياة: "لم نطلب اعتذار الرئيس"، فيما أعلن جمال عبد الرحيم، سكرتير عام النقابة، أن الأزمة ليست مع الرئاسة حتى يتناولها السيسي في خطابه بالفرافرة، ولكن القضية مع وزارة الداخلية. يبدو أن هناك ضغوطاً مورست بما معناه أن رسالة مقتضبة قد وصلت من السيسي مفادها (انتو انسيتوا نفسكم ولا إيه؟).

إذن نحن أمام تراجع ملحوظ وواضح في لهجة النقابة تجاه النظام، فمن يحدثنا عن بطولة نقابة الصحفيين عليه أن يخجل من تصريحات رموز نقابته، وعليه أن يُراجع نقابته أولاً قبل أن يجأر بالشكوى والصراخ، والأولى به أن ينتصر لمبادئ الحرية المجردة عن القناعات الفكرية، وليس لمجموعة صحفيين علمانيين وناصريين ويساريين دون غيرهم؛ كل همهم الحفاظ على مصالحهم الشخصية. وينبغي هنا أن نفرق بين غضبة صحفيين لمهنتهم وحريتهم، بغض النظر عن الانتماءات الحزبية والأيديلوجية الضيقة، وبين نقابة يمتطيها صحفيون من أشد مؤيدي نظام السيسي في معظم إجراءاته القمعية بحق العشرات من زملائهم الصحفيين، فضلا عن المواطنين الآخرين في الشوارع والمؤسسات والسجون. فهل اقتحام مبنى النقابة هو الذي أفزعهم، في الوقت الذي لم يفزعوا لقتل المواطنين في منازلهم وفي المعتقلات؟!

أول من باع الصحفيين هم الصحفيون أنفسهم من أبناء المهنة، وهم أكثر من انتفع من نظامي مبارك والسيسي عبر التحالف الوثيق مع دوائر الأمن والمخابرات. فالأجدر بالنقابة، إن كانت جادة بالفعل بحرصها على الحرية والاستقلالية، أن تطهر بيتها الداخلي، من أمثال مصطفى بكري وأحمد موسى وخالد صلاح وياسر رزق ومحمود الكردوسي، وغيرهم ممن يقدسون الحرية لأنفسهم فقط، وليذهب الجميع إلى الحجيم بمن فيهم جموع الصحفيين، المهم أن تبقى "السبوبة".

فكل هؤلاء توافقوا على رفض الزج بالسيسي في القضية، وتأكيدهم على عدم اعتذاره للنقابة بنوعٍ من التعالي والاحتقار، بما يفيد بأن السيسي خط أحمر وصنم أكبر لا يجوز المساس به، الأمر الذي وصل بأحمد موسى إلى تهديد الصحفيين بقطع الدعم المادي، قائلاً بالنص خلال برنامجه: "الدولة منحت نقابة الصحفيين منذ أيام 45 مليون جنيه لزيادة الرواتب، وأعطتهم شققا وقطع أراض". وتساءل: "هو انت لما تعمل أزمة مع الدولة، هترضى تديك شقق وأراضي بعد كده؟". وكأنها هبة من النظام يُنعم بها على الصحفيين من ماله الخاص.

توقعنا منذ البداية تراجع النقابة عن التصعيد، وتخفيف حدة الهجوم بمرور الوقت، لأن معركة النقابة لم تكن مفتوحة وعامة مع الانقلاب الذي تؤيده من أجل حرية وطن تم اغتصابه، بل كانت مع طرف داخل هذا النظام ممثلا في وزارة الداخلية التي أهانت كبرياء النقابة التي يمتطيها قلاش ورفاقه، لذا فانبطحت سريعاً أمام سطوة السيسي ومواطنيه "الشرفاء" من البلطجية وأرباب السوابق الذين حاصروا النقابة وأهانوا الصحفيين بأقذع الألفاظ والشتائم، بغرض تشويه وشيطنة غضبة الصحفيين أمام الرأي العام لا سيما المواطن البسيط.