أعلنت في مناطق متفرقة من الشّمال السوري عن تشكيل مجموعات مقاتلة جديدة توصف بأنها "جيوش رديفة"، تضم متطوعين من أهالي هذه المناطق للدفاع عنها في وجه هجمات من أطراف عدة. ومن أبرز التشكيلات حتى الآن "جيش الشّمال" الذي تشكّل في مدينة إعزاز بريف
حلب الشمالي، و"الجيش الرديف" الذي أعلن عنه في مدينة دارة عزة في الريف الغربي من مدينة حلب.
وقال قائد جيش الشّمال، رشيد الزعموط (أبو فاتح)، لـ"عربي21"، إنّ الجيش المشكّل حديثا هو في غالبيته من المتطوعين من أهالي مدينة إعزاز للدفاع عن المدينة، ومن الثّوار القدماء الذين قال إنهم تم إقصاؤهم عن الثورة لأسباب عديدة من بينها "انحراف الثّورة عن مسارها"، و"الضعف وعدم المبالاة من القيادات الحالية بالخطر القائم"، وفق قوله.
ولفت زعموط إلى أن الجيش المشكل سيكون من ضمن مهامه معالجة الانفلات الأمني في المدينة، وقال إن الانفلات الأمني واضح، وأن عدم الاهتمام والتسيب والإهمال هو السائد الآن، كما قال.
ويبدو أنّ دور جيش الشمال لن يقتصر على العمل داخل مدينة إعزاز، حيث يشير "أبو فاتح" إلى أنّ الجيش الجديد سيقاتل تنظيم الدولة والنظام والمليشيات الكردية، ومن يتحالف معهم، حيث "سيكون لنا ذراع عسكري، سنقاتل به على
الجبهات الخطرة"، بحسب تعبيره.
ويُتوقع أن يكون الجيش المشكل حديثا؛ مساندا للفصائل الموجودة في المنطقة، خاصة أنه يعتمد على المتطوعين غير المتفرغين فقط للعمل العسكري. فالفوضى الأمنية العارمة، والخطر الداهم من تنظيم الدولة والملشيات الكردية على مدينة إعزاز، دفع لتشكيل هذا الجيش.
ويتوقع "أبو فاتح" أن يتجاوز عدد عناصر جيش الشّمال 2000 مقاتل، "إن أثبتنا للشعب الاستقامة وتقديم مصلحة الوطن على المصالح الخاصة والمحسوبيات"، وفق قوله لـ"عربي21".
ويوضح "أبو فاتح" أنّ الجيش بحاجة إلى مزيد من الوقت من أجل التنظيم والإعداد، نافيا في الوقت ذاته حصوله على إذن من أحد من أجل القيام بتشكيل الجيش؛ "لوجود حاضنة شعبية كبيرة لنا في المدينة، حيث إن الجيش يضم أيضا عناصر في
فصائل أخرى، انضمت إلى الجيش من أجل الدفاع عن المدينة"، بحسب قوله.
وكشف "أبو فاتح" أن مهمة الجيش، ستكون القتال في المدينة وريفها، كي يمنع وصول الاشتباكات لأرض مدينة إعزاز، وقال: "سنشارك بأي عمل عسكري في المنطقة أو محيطها، وسننتقل في المستقبل القريب من الدفاع إلى الهجوم".
ونفى "أبو فاتح" وجود أي دعم للجيش من أحد، وقال: "لسنا موعودين بأي دعم سوى من أبناء بلدنا، وحتى هذا الدعم لا نقبل بأي توجه له أو شرط؛ لأن الداعمين الخارجيين هم من أفسدوا الثورة والقيادات، ونحن نحاول أن نعيد الثورة إلى بداياتها وعفتها، وسنستفيد من أخطاء الجميع ونتجنبها".
وفي السياق ذاته، أُعلن في مدينة دارة عزة في الريف الغربي من حلب عن تشكيل "الجيش الرديف" من المتطوعين من أبناء المدينة، من أجل الدفاع عن المدينة وحماية أمنها، حيث دعا القائمون عليه الراغبين بالالتحاق به من سن 15 عاما وحتى 70 عاما، من أجل "حماية ثغورها من هجمات المتربصين بها".
وجاء في الإعلان أنّ الجيش الرديف سيضم متطوعين من الاختصاصات كافة، بدءا من الجانب العسكري من استطلاع وإشارة، وغيرها، إلى الجانب الإداري من دعاة، وطباخين، وسائقين، وغير ذلك، وانتهاء بالجانب الطبي من أطباء وممرضين وتوعويين.
وأشار المكتب الإعلامي في المدينة، في حديث لـ"عربي21"، إلى أنّ الهدف من الجيش الرديف "ليس حماية أمن المدينة، حيث يوجد فيها شرطة حرة ومحكمة شرعية وغير ذلك؛ تمنع من وقوع حوادث تخل بأمن المدينة، وإنما المهمة الأساسية له ستكون حماية الثغور، وتقديم الدعم اللوجستي للثّوار، حيث إنّ العناصر المنضوية تحت راية الجيش الرديف ستطلب في حالة الضرورة، وفي الأوقات العادية كل منهم سيمارس حياته الطبيعية".
ويلفت المكتب الإعلامي في المدينة إلى أنّ أبرز مهام هذا الجيش، ستتمثل في حماية الثغور على أطراف دارة عزة، وخاصة بعد تقدم قوات الاتحاد الديمقراطي الكردي (الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني)؛ بالقرب من قلعة سمعان التابعة لدارة عزة. ومن مهامه أيضا تقديم الدعم اللوجستي، وحماية المنطقة ومؤازرة الكتائب العسكرية في حال الضرورة، ضمن مجموعات منظمة ومدبرة على القتال بعيدا عن العشوائية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الإقبال على التطوع في الجيش كبير.
وتعاني المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار من حالات فوضى أمنية وحالات اغتيال بين الفترة والأخرى، بالإضافة لسعة جبهات القتال للفصائل العاملة، بالأخص في ريف حلب، حيث تقوم بمعارك على ثلاث جبهات (النظام السوري، تنظيم الدولة، والاتحاد الكردي)، ما يجعل الوضع على جبهاتها بحاجة دائمة للتدعيم، وهو ما دفع عددا من المقاتلين القدماء لتشكيل جيوش رديفة في تلك المناطق، بحسب القائمين عليها.