مقالات مختارة

ماذا لو دخل تنظيم داعش كوباني مجدداً

1300x600
تساؤلٌ يطرحُ نفسه، لماذا انسحبت قوات البشمركة التي أرسلها مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق، لدعم القتال ضدّ عناصر تنظيم داعش؟ 

من المعلوم أن التنظيم خسر معركة تكريت، وبعدها بدأ يخسرُ عدّة مناطق في عموم العراق. كما أن التنظيم غير مستقرٍ تماماً في سوريا؛ فالمعارضة السورية اجتمعت تحت لواء جيش الفتح، وغدت قوةً كبيرة في الشمال السوري، هذه القوة حتى لو تمّ تركيزها ضد قوات الأسد، فهي عاجلا أو آجلاً ستوجّه نحو تنظيم الدولة داعش.

كتب أحد المهتّمين بالشأن السوري مقالاً حاول فيه تحليل المجريات الأخيرة في الساحة السورية. فمن وجهة نظر الكاتب، التوازنات الجديدة التي طرأت على الساحة السورية، والتي بدأت بالانتصارات الميدانية التي حقّقتها المعارضة السورية، ثم تلتها مشاوراتُ جنيف التي دعا إليها المبعوث الأممي "ستيفان دي ميستورا" أطراف النزاع السوري ودولاً إقليمية وعالمية إلى المشاورات، حدثت بعد الاتفاق القطري التركي، فالدولتان دعمتا المعارضة حتى أنجزت منجزات ميدانية، وبالتالي أدى ذلك إلى تغيّر توازن القوى على الأرض.

لكن السؤال المهم هنا، ما الذي جعل قطر وتركيا تزيدان من دعم المعارضة؟ 

يربط الكاتب ذلك بالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، فالبلدان يريدان كفّ اليد الإيرانية المتوغّلة في المنطقة، وبحكم أن تركيا وقطر لهما ارتباطات مباشرة في سوريا، أعطوا الضوء الأخضر لهما بدعم المعارضة.

وبالعودة إلى المسألة الأولى "عين العرب-كوباني"، وكما يبدو أن تنظيم داعش محاصر سواءً في العراق أو في سوريا، وعند شعورهم بالهزيمة المحتمة يحاولون شنّ هجومٍ على المناطق الضعيفة، لكسب المعنويات. وفي ظلّ خساراته على الجبهة العراقية وضعفه في الشمال السوري بعد اتحاد المعارضة هناك، أليس المخرج الوحيد أو الحلقة الأضعف المحتملة ستكون عين العرب كوباني؟ إن كان جوابنا نعم، فلابدّ من إعادة النظر في انسحاب البشمركة منها.

والحقيقة أن القائد الذي كان يقود العمليات العسكرية لقوات البشمركة "قهار دوسكي"، أجاب عن هذا السؤال في الإعلام التابع لإقليم شمال كردستان العراق، حيث أفاد دوسكي أن قوات البشمركة خرجت من عين العرب كوباني بطلب من الجانب التركي. وكما قال دوسكي أيضاً، حينما نفذت ذخيرتنا في عين العرب، طلب رئيس الإقليم بارزاني من تركيا إمداد البشمركة بالعتاد والذخيرة، غير أن تركيا رفضت ذلك، مما اضطرّنا للانسحاب.

لا نعلم مدى مصداقية التصريحات الأخيرة من إقليم كردستان العراق، ويبدو أن سكوت أنقرة أمام هذه التصريحات له دلالات أخرى، وبعد تصريحات القائد العسكري جاءنا خبران مهمان من المنطقة؛ الخبر الأول الذي لقي اهتماما واسعا في وسائل الإعلام لدى إقليم شمال العراق، ويفيد بأن تنظيم داعش يحضّر لهجوم على عين العرب. والخبر الثاني الذي نُشر في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ويفيد بأنه تم التقاط صور لشاحنات نقلت سمادا زراعيا، وهي مواد كيميائية يمكن صناعة المتفجرات منها، في مدينة أقجة قلعة التابعة لمحافظة شنلي أورفة التركية، وتحاذيها من الجنوب السوري بلدة تل أبيض السورية التي بيد تنظيم داعش. 

خبر مرور الشاحنات إلى الجانب السوري، أكّد عليه عضوٌ في حزب الحركة القومي في مجلس الشعب (البرلمان)، وقال إن هذه المواد لا تذهب لدعم الزراعة في سوريا بل لصناعة المتفجرات! وأضاف إن تلك المواد ما دامت لا تضر بالشعب التركي، فلا ضير في إرساله إلى الجانب السوري، ولا نهتم للجهة التي ستتلقى هذه المواد. يبدو أن هذا النائب مهتم جداً بمصلحة الأمن القومي لتركيا دون الاكتراث بأرواح الآخرين!.

من حسن الحظ أن صحيفة نيويورك تايمز نفت صناعة المتفجرات من تلك المواد فيما بعد، لكن الأهم هنا أن المعارضة فشلت بتقييم موقفها من هذا الحدث. وفي الحقيقة إن من قرأ تلك الأخبار يمكن أن يرى موقع المعارضة الهزيلة وموقف الحكومة القوية، دعم النائب المعارض لإرسال مواد زراعية يمكن استخدامها في تصنيع المتفجّرات في عين العرب، وقدوم البشمركة إليها وخروجها منها بإذن من الحكومة التركية. تضع المشاهد أمام مفترق طرق.

أمام هذا المنظر المخجل من بعض الأطراف المعارضة في تركيا، يمكن لداعش أن يجهّز نفسه لدخول عين العرب مجدداً، وربما سنحتاج إلى منجم لتأويل الأحداث والمجريات التي ستحصل حينها، سيما أننا على بعد أيام قليلة من الانتخابات التشريعية.


عن صحيفة خبر تورك التركية/ ترجم خصيصا لـ"عربي21"