قضايا وآراء

الرقصة الأخيرة ...3

1300x600
(إننا بحاجة إلى الخلافات أحيانا لمعرفة ما يخفيه الآخرون في قلوبهم) وليم شكسبير، في أبريل عام 1982م قامت الأرجنتين باجتياح جزر الفوكلاند البريطانية عسكريا فقام الأسطول الجوي والبحري الإنجليزي بشن حرب على الأرجنتين، انتهت بهزيمة الأرجنتين وانسحابها من جزر الفوكلاند.

لقد قامت الأرجنتين بمغامرة غير محسوبة، وهي دولة ضعيفة اقتصاديا وعسكريا، وكانت في تلك الفترة آيلة للسقوط، لقد كانت كمصارع هزيل الجسم يعاني من فقر الدم والضعف العام، ويقوم بدخول حلبة المصارعة ليواجه خصما قويا مفتول العضلات، كان من المنطقي والطبيعي أن تتلقى الأرجنتين هزيمة نكراء من دولة عظمى كبريطانيا.

الأرجنتين كجماعة الحوثي المسلحة ومليشيات صالح التي تقوم باستعراض العضلات، وبعض قياداتها تهدد باجتياح الرياض، وقامت مدفعيتها بقصف بعض المناطق السعودية على الحدود اليمنية، لم تدرك مليشيات الحوثي وصالح أن لبس الحمار لجلد الأسد لا يجعله أسدا، وعلى مليشيات الحوثي أن تعي طبيعة العلاقة بينها وبين على صالح ونظامه، التي تعتبر بمثابة بحر لا يقبل أن يكون قبرا لمن يغرق فيه.

أنصار جماعة الحوثي منذ أيام خلت ظهروا علينا بتصريحات أسطورية وعجيبة مفادها أن سيدهم فتى كهف مران أتم موعده مع الله عز وجل أربعين ليلة، وفي تمامها سيأتيه النصر المبين، إن عبد الملك الحوثي كموسى عليه السلام عندهم بل قد يكون أفضل، من هذا الطرح نتبين الرسالة الإعلامية لهذه الجماعة الدموية وفكرها القائم على الشطحات غير المنطقية.

الغرض منها غسل أدمغة شباب هذه الحركة المسلحة، وجرهم إلى كل ما تريده الجماعة مهما كان جنونيا وخارج حدود المعقول، على اعتبار أن قائدها على صلة خاصة بالخالق عز وجل وهو في حكم النبي أو الرسول.

وجدير بالذكر أن أحد الصحفيين المحسوبين على هذه الجماعة المسلحة كتب على صفحته ذات مساء أنه لولا أنه يخشى أن السجود لغير الله كفرا لسجد لسيده عبد الملك، أي هراء هذا الذي يعتري أنصار هذه الجماعة الشيزوفرنية.

عبد الملك الحوثي، أنت لست قائد المسيرة القرآنية، بل أنت قائد للمسيرة الشيطانية، فجدك النبي محمد صلى الله عليه وسلم -كما تدعي- لم يدمر يوما من الأيام كنيسة أو معبدا، وليس مسجدا إلا في مسجد الضرار، وقصته مشهورة لدى العامة، فلم يجرؤ على ذلك إلا بأمر مباشر من الله سبحانه وتعالى.

وهذا الأمر نتلوه إلى يومنا هذا في القرآن الكريم، فكيف تدمر بيوت الله؟ ومن أمرك بذلك ؟ جدك النبي الخاتم، صلوات الله وسلامه عليه، لم يقتل طفلا ولا امرأة، ولم يأمر بذلك مطلقا، فكيف تأمر أنصارك بقتل الأطفال والنساء؟ ماذا ستقول لجدك عندما تلقاه يوم القيامة عندما يسألك لماذا قتلت الأطفال والنساء والمدنيين في عدن وتعز والضالع ولحج وعمران ودماج ومأرب؟

وماذا ستقول له عندما يسألك: لماذا تحالفت مع الفاسدين؟ ولماذا تقاتل تحت رايتهم؟ لقد دمرت اليمن، وألقيت به في الهاوية، بسبب جهلك وغرورك؟ هل لغطرستك مدى ولغرورك منتهى؟ هل القرآن الكريم الذي حرك النبي صلوات الله وسلامه عليه في غزوة الخندق وأحد وبدر كما تقول، هو الذي حرك أنصارك المسلحين ليقتلوا العزل ويدمروا المنازل والمستشفيات؟

هل لك من صحوة أم ستبقى قابعا في جيب علي صالح ونظامه إلى الأبد؟ لقد أصبحت مجرم حرب، ويجب أن تحاكم لتلاقي جزاءك العادل، إن علي عبد الله صالح عندما قال إن حكم اليمن كالرقص على رؤوس الثعابين، كان يعتبر أن الشعب اليمني مجرد ثعابين مفترسة تمكن من الرقص على رؤوسها دون أن تلدغه طيلة فترة حكمه.

إنه يفاخر بذلك، فهو راقص ماهر والشعب اليمني ثعابين مفترسة تحت أنيابها سم زعاف، ما زال علي عبد الله صالح يرقص على رؤوس الثعابين، ولم تكن رقصته الأخيرة في عام 2011م، فهل تكون رقصته الأخيرة في هذا العام 2015م، وهل رأس عبد الملك الحوثي هو رأس الثعبان الأخير الذي سيرقص عليه صالح رقصته الأخيرة ؟

إن صالح لم يدرس أبعاد هذه الرقصة جيدا، ولم يكن يدور في خلده أن رقصته هذه ستجلب عليه طيرا أبابيل ترميه بنيران من طائرات عاصفة الحزم حتى جعلت معسكراته كعصف مأكول، يبدو أن عامل السن أفقد الثعلب العجوز صالح قدرته المعهودة على الرقص باحتراف، أو ربما أن الجرح الغائر الذي ارتسم على وجهه وقلبه بعد ثورة 11 فبراير الشبابية أضاع صوابه، وأفقده القدرة على التفكير السليم والحكم على الأمور بعقلانية واتزان.

فسارع ليترنح على رأس الثعبان عبد الملك الحوثي، وليس ليرقص كعادته رقصا مبهرا يجعل خصومه يصفقون له ويرفعون له القبعات ليس احتراما ولكن احتقارا،  فكان نتيجة لهذا الترنح الراقص الذي قام به الثعلب العجوز صالح "وليس الرقص كعادته" السقوط إلى هاوية سحيقة كلفته هذه المرة إقصاء نجله من المسرح السياسي إلى الأبد، ونضوب موارده الاقتصادية والاستراتيجية التي كانت تأتي إليه من دول الخليج، وتدمير جيشه العائلي الموالي له، والذي صنعه منذ عقود من الزمن، ليحميه ويحمي مكتسباته ومكتسبات عائلته وزمرته.

وفقده لخدام أوفياء له لطالما لعقوا بيادته الموشاة بالمناصب والتجارة بأموال الشعب لجني الأرباح الطائلة، إن الثعلب العجوز صالح بدأ يفقد مخالبه مع كل رقصة منذ عام 2011م، والسؤال الملح الذي يطرح نفسه في هذه اللحظات العصيبة من تاريخ اليمن: هل ما يحدث لليمن الآن يعدّ بمثابة الرقصة الأخيرة للثعلب العجوز صالح؟ هذا ما ستكشفه لنا الأيام القادمة بكل تأكيد.