قضايا وآراء

الصفات السبع للقائد الفلسطيني

1300x600
لعل القائد الفلسطيني يتفرد بمجموعة من الصفات التي أهلته ليأخذ مكانة جاوزت في بعض الأحيان الأثر والمحيط الفلسطيني إلى الإطار القومي العربي بل والإسلامي! كل بحسب طبيعة فكرته وأصل منبعها وعمق أثرها في امتدادات القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين. 

ومن بين عشرات الصفات القيادية التي أفرد لها الكتاب والباحثون كتباً ومؤلفات متعددة؛ فإن القائد الفلسطيني لابد له من أن يتمتع بسبع صفات قيادية تحقق له القدرة على تحريك أنصاره وأتباعه نحو هدف تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني، تحريراً يشمل الأرض والإنسان على حد سواء. 

1. مُلهم وصاحب ذكاء اجتماعي: الذكاء الاجتماعي هو القدرة المميزة على التواصل والتفاهم مع الآخرين، فيتواصل معهم روحياً وسلوكياً، يسلب عاطفتهم ويلهم عقولهم، يعلن النصر من وسط الركام، ويرفع الراية رغم الألم والمعاناة ليحافظ على تواصله مع أنصاره وأتباعه عميقاً قوياً، فينظروا إليه على أنه شخص غير عادي، بل هو فريد من نوعه ومتفرد في صفاته، مستحق للطاعة والاتباع من غير مراجعة أو مواربة! وإنك لترى من غير القادة، كالعلماء والمفكرين والأدباء والفلاحين والعمال هم مُنظرون وموجّهون وفاعلون في خدمة الهدف الذي يحركهم إليه القائد المُلهم.

قائد هذه صفاته هو من يستحق أن يخلد اسمه ويرتفع فكره وتعلو رايته وينتصر أنصاره.

2. وهو مُضَحٍ وباذل من نفسه أو ولده وماله: فلا تكاد تجد قائداً فلسطينياً إلاّ وخاض تجربة الاعتقال خلال نشاطه ضد الاحتلال الصهيوني، أو أنه تم إبعاده عن مكان سكنه إلى خارج الوطن أو إلى جزء آخر منه بغية عزله عن أنصاره وأتباعه من أجل تشتيت الفعل القيادي التراكمي له في مكان إقامته ومحيط قيادته. ولعل القائد يجمع كل ذلك وغيره فيكون والدٌ لشهيد أو مبعد أو جريح، فيعاني ألم الفراق ومرارة التغييب القسري للأحبة، فيضحي كما يضحي أتباعه وأنصاره.

3. وهو مُبدع في تحريكه ومنهجه وأساليبه: فتراه صاحب فكر متجدد وأساليب متغيرة ومتطورة تتناسب مع مقام الفعل وبيئة العمل، فهو مع أنصاره في العمل الاجتماعي والتطوعي، يحمل معهم هم الخدمة وشرف البذل، وتارة تجده مع المقاتلين على الثغور أو في مراكز التدريب؛ يلبس زيهم ويشاركهم تدريباتهم ومناوراتهم العسكرية، مقدماً بذلك نموذج القدوة وباعث الهمة في الأنصار والأتباع لمواصلة الحركة نحو هدف التحرير، وتحقيق المنهج الذي آمنوا به مع قائدهم. وهو مبدع في اختيار فرص التصعيد أو التهدئة واقتناص الفرصة واللحظة لكل منهما، ولعله يحمل غصن الزيتون بيد والبندقية في اليد الأخرى كأسلوب من أساليب كسب المواقف وتصيد اللحظة التاريخية التي تخدم فكرته ومشروعه.

4. وهو قادر على العمل مع المتناقضات: سواء كانت داخلية أو إقليمية أو دولية، وهي صفة لازمة باعتبار أن القضية الفلسطينية هي في الأصل قضية المسلمين أصحاب الأقصى والمسرى؛ كما هي قضية العرب أصحاب الأرض وأصل الإنسان فيها، وبينهم العرب والمسلمون، من التناقضات الفكرية والتوجهات ما بينهم، فبين الكتل الشيعية والسنية كثير صراع وتناقض، وبين من يتبع الشرق ومن يتبع الغرب كثير جولات فكرية وصراعات أيديولوجية؛ وذلك بلا شك عكس نفسه على الوضع الداخلي الفلسطيني حيثما كان في مخيمات اللجوء أو على الأرض الفلسطينية، كما نتج عن ذلك تعارض المشاريع وتنوع التحالفات والشروط! وعلى القائد الفلسطيني أن يوازن بين كل تلك المتناقضات والتوجهات حماية لشعبه -حيثما وجد- وضماناً لديمومة الثورة الفلسطينية في مواجهة المشروع الصهيوني الذي يهدف إلى تحييد العرب والمسلمين بل والتعاون معهم بقدر المستطاع لوأد الثورة، وتخذيل الأجيال عن التفكير في أصل المشكلة وهي الاحتلال، من خلال إشغالهم بأنفسهم عن نفسه وبمتطلباتهم اليومية عن أهدافه الاستيطانية.

5. وهو مبادر في اتخاذ القرارات وإدارة الأزمات: فالأزمات هي حال من يعيش تحت الاحتلال وفي مخيمات اللجوء، أزمات معيشية وفكرية واجتماعية وسياسية! فعليه أن يبادر إلى تقديم الحلول والمخارج الاستثنائية المنقذة للمواقف والبرامج قبل أن تنهار، وهذا - بالضرورة- يحتاج إلى قرارات استثنائية تصل إلى حد إعلان المواجهة أو تأجيلها أو حتى إلغائها، حماية للأنصار والمنهج والفكرة. ومعلوم أن القيادة هي فن اتخاذ القرارات! كما أن إدارة الأزمات تعتمد بشكل مباشر على القرارات الاستثنائية لتجاوز الأزمة تفكيكاً أو تأجيلاًً.

6. قوي الإيمان بفكرته ومنهجه: وهذا بالضرورة انعكاس لثقته بنفسه وفكرته وأنصاره، والثقة هي مناط انقياد الأتباع للقائد ومنهجه؛ حتى إذا ما ضاقت الآفاق وظهرت الأزمات وشكا الأنصار من ضيق الحال وظلمة العتمة وانسداد الأفق؛ ظهر القائد واثقاً بأنهم منتصرون وإلى فرج قريب ذاهبون، يشحنهم بكل طاقة لازمة للإبقاء على لحمة الأنصار والأتباع حول القائد والمنهج، يراه حقاً لا باطل فيه ونصراً لا هزيمة معه وربحاً لا خسارة فيه.

7. كما أنه استشرافي يقرأ المستقبل: وهي صفة متولدة من الثقة بأن أصل وجود الفكرة والمنهج هو أن لها مستقبلا، وأن ملامح النصر تبدو أمام ناظريه يراها هو وأتباعه تتضح مرحلة بعد مرحلة؛ تبدأ بانحسار مشروع خصمه وتنتهي بظهور المشروع الذي يقوده ويتبناه، فهو يرى أن زوال إسرائيل حتمية لا لبس فيها ولا شك، وأن ذلك مسألة وقت، والقائد يعمل لتقصير عمر الاحتلال وتعجيل النصر من خلال جهد أنصاره وفعلهم في زيادة كلفة الاحتلال، يرى أن الأسرى لا بد لهم من الحرية الكريمة، وأن عتمة الظلم لا بد زائلة ما دامت جذوة الثورة مشتعلة، وقوة المقاومة تفرض شروطها، فهو لا يرى مستقبل للاحتلال على الأرض الفلسطينية، بل إنه يرى أن زهرة فلسطينية أو شبلاً فلسطينياً هو من سيرفع علم فلسطين فوق المسجد الأقصى المبارك!

قائد هذه صفاته هو من يستحق أن يخلد اسمه ويرتفع فكره وتعلو رايته وينتصر أنصاره.