الشطرنج لعبة رائعة، لا يستطيع أن يلعبها من لا يملك الذكاء والاستراتيجية والحنكة الكافية. والسياسة والدبلوماسية تشبه لعبة الشطرنج، فهذه أيضاً تتطلب الذكاء والاستراتيجية والحنكة، ويمكن أن نضيف هنا التواصل.
لقد تم القيام بحملات حرجة على صعيد السياسة الداخلية والدبلوماسية الدولية في هذه الفترة قبل الانتخابات، وهذه الحملات ستؤثر على مستقبل
تركيا، وتزيد من قوتها في المنطقة.
مراكز العالم الإسلامي الأربعة
للعالم الإسلامي أربع دول مهمة، هي تركيا والسعودية ومصر وإيران، وللأسف بين هذه الدول الأربع الآن مشاكل كثيرة، كأنهم أرجل الكرسي الأربع، إن انكسرت إحداها لن يتمكن الكرسي من الوقوف.
أعتقد أن الانقلاب الذي حدث في
مصر ضد مرسي هو أقوى ضربة هزت العلاقات بين هذه الدول، فلهذا السبب تأثرت العلاقة بين تركيا والسعودية التي كانت تدعم الانقلاب في مصر، وتأثرت علاقة
إيران بكل الدول السنية بسبب سياستها المذهبية في سوريا. ولهذا السبب تأثرت علاقات كل الدول التي كانت تتحرك مع هذه الدول الأربع. ولكن يبدو أن السياسية التي سيتبعها ملك
السعودية الجديد ستغير كل الموازين.
مبادرة "أردوغان" التي لا يعرف عنها أحد
زيارة "
أردوغان" للمملكة العربية السعودية حولت الأنظار إلى مصير العلاقات بين هاتين الدولتين. ولكن "أردوغان" قبل هذه الزيارة قام بمبادرة لم يسمع عنها أحد، فقبل وفاة الملك عبد الله أراد السيد "أردوغان" أن يقوم بزيارة مرضية له، فأُبلغ ولي العهد سليمان بهذا الطلب، وسليمان أعلن أنهم سيسعدون بهذه الزيارة، لكنهم بعد يوم أو يومين سيبلغونهم أين سيستضيفون السيد "أردوغان"، فتوقعت أنقرة منذ ذلك الوقت أن الملك عبد الله قد توفي! وحقاً بعد يومين تحولت وجهة "أردوغان" من جدة لزيارة الملك في مرضه، إلى الرياض لحضور مراسم الجنازة، وقام رئيس الجمهورية بقطع زيارته للصومال، وذهب إلى الرياض للتعزية.
حملة السيد "أردوغان" المبكرة تسببت بسحب الملك الجديد سليمان دعمه لانقلاب مصر، وتحسين العلاقات بين أقوى دولتين في الشرق الأوسط، وعمل اتفاق بينهما، كما ستزداد العلاقات ترابطاً بعد الزيارة التي سيقوم بها الملك سلمان إلى تركيا. هذا الاتفاق سيكون سبباً لإعادة مصر وإيران وروسيا وإنجلترا وفرنسا وأمريكا النظر في جميع حملاتهم، إذ يعني أن جميع الدول التابعة لهذه الدول، أي قطر والإمارات والكويت والأردن والبحرين والكثير من دول أفريقيا، ستعيد النظر في علاقاتها، فمن الطبيعي أن نتيجة هذا هي تغيرات جدية في منتصف ساحة الشطرنج.
وداعاً للسلاح!
في الأيام المقبلة، سيرى العالم أثر هذه الحملات الدبلوماسية التي تقوم بها تركيا.
أمام حملة تركيا الأخرى التي ستؤثر بالدبلوماسية والاقتصاد والسلام المجتمعي والإقليمي فهي مسيرة السلام. رغم سعي بعض القوى الخارجية وعملائها في الداخل إلى إفشال مسيرة السلام، إلا أنها دخلت في مرحلة جديدة. المواد العشر التي صرح بها "إمرالي"، التي تأتي بمعنى ترك السلاح هي حملة مهمة جداً أثرت بموازين الشطرنج. فهكذا ستتقدم مسيرة السلام بسرعة أكبر.
"كيليتشدار أوغلو" يلعب الطاولة وليس الشطرنج
لقد حققت الحكومة خلال طريقها إلى الانتخابات نجاحاً عن طريق حملاتها في السياسية والدبلوماسية، ومع هذا النجاح سيملأ صوت السيد "أحمد داود أوغلو" ميادين الانتخابات. والآن علينا أن ننتظر حملة ستقوم بها الجبهة المقابلة في لعبة الشطرنج، وهذه الحملة لن يقوم بها "حزب الشعب الجمهوري" خصم حزب "العدالة والتنمية"؛ لأن "كيليتشدار أوغلو" لا يستطيع أن يلعب لعبة سوى الطاولة!
علينا أن ننتظر الحملة من "تحالف الشر" الذي يشكل لاعباً رئيسياً في الشطرنج، الذي يحاول الضغط على تركيا. وبحسب قناعتي، فإن هذه الحملة التي ستأتي من الخارج ستكون إيران مركزاً لها، وستسعى إيران وروسيا و"قنديل" و"حزب العمال الكردستاني" إلى سحب تركيا من الشرق الأوسط وإشغالها بنفسها.
أما في السياسية الداخلية، فسيسعون إلى تمزيق حزب "العدالة والتنمية" عن طريق تحديد أعضاء النواب والبنك المركزي، وخلق مشاكل بين "أردوغان" و"داود أوغلو"، فيدخل حزب "العدالة والتنمية" الانتخابات وهو منهك القوى.
كمال أوزتورك - صحيفة يني شفق
ترجمة وتحرير: تركيا بوست