قالت صحيفة "التايمز" في افتتاحيتها إن على
إسرائيل ألا تقلص من وضعية العرب فيها إلى مواطنين من الدرجة الثانية. وإن فعلت فهذا يتناقض مع مزاعم قادة إسرائيل الذين يتفاخرون بأن "بلدهم هو
الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، وهي مباهاة متجذرة في إعلان الاستقلال الإسرائيلي الذي "أكد على مساواة كاملة في الحقوق السياسية والاجتماعية لكل مواطني إسرائيل أيا كان دينهم أو عرقهم أو جنسهم".
وتقول الافتتاحية: "الآن سيناقش الكنيست قانونا جديدا سيحدد (الحقوق الوطنية) لليهود فقط وليس للأقلية العربية، وهي جماعة تضم مسلمين ومسيحيين ودروزا وبدوا. وتم تأجيل التصويت على مشروع القرار حتى الأسبوع المقبل، وفي حالة أقره الكنيست فسيصبح بمثابة دستور فعلي يعترف بالطابع اليهودي لإسرائيل. ما يعني تعزيز وضع إسرائيل دولة للشعب اليهودي".
وتضيف "بحسب المسودات المختلفة لمشروع للقرار فسيقود إلى أكثر من مجرد تأكيد الطابع اليهودي: تجريد اللغة العربية من وضعها كلغة رسمية للبلاد، وسيشجع المحاكم على تطبيق القانون اليهودي في حال عجز القانون المدني في تقديم حل لقضية ما. ولكن المنتقدين لمشروع القرار، وبينهم الرافضون له من أعضاء الحكومة الإسرائيلية، يرون أنه محاولة لإنزال مرتبة
الأقلية العربية، التي تشكل 20% من مجموع السكان، إلى مواطنين من الدرجة الثانية".
وتحذر الصحيفة "من الواضح أن مشروع القرار سيؤدي لمفاقمة التوتر في إسرائيل، خاصة أنها تعيش على الحافة منذ وقت طويل، فالاختطاف في الصيف، والحرب التي تبعته لمدة 50 يوما ضد حماس في غزة، تحول إلى خريف قاتم، بما في ذلك هجوم الأسبوع الماضي على كنيس يهودي في القدس، ومع كل هذا تخسر إسرائيل التعاطف، خاصة في أوروبا التي تبنت الرواية الفلسطينية. فقد اعترفت الحكومة السويدية بدولة فلسطين، وحث البرلمان البريطاني الحكومة على الاعتراف بفلسطين".
وتواصل الصحيفة بالقول: "إن حكومة بنيامين نتنياهو تناقش وبإقناع أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يجب أن يكون نتاجا لعملية سلمية، لكن حكومته لن تنجح في هذا النقاش من خلال إجراءات عقابية وتفجير بيوت عائلات الإرهابيين، ولن تنجح أيضا من خلال سن قوانين تجعل من العرب مواطنين من الدرجة الثانية، فأصدقاء إسرائيل الأوروبيون ينظرون وبشكل متزايد إلى أن إسرائيل أصبحت جوهر المشكلة، وليست دولة مشاركة عن حسن نية لتحقيق حل الدولتين مع الفلسطينيين".
وتذكر الصحيفة إسرائيل "إن طبيعة إعلان الاستقلال عام 1948 يعترف بدستور يهودي وديمقراطي الطابع، ومن هنا فقانون يحاول تاكيد الطابع اليهودي ويقلل من الطابع الديمقراطي سيؤثر على هذا التوازن الرقيق".
وترى الصحيفة أن "قانون الوطنية" هو قانون غير ضروري، فلا يوجد نقاش جدي يرفض إسرائيل كدولة لليهود، "فاللغة العبرية هي لغة الخطاب السائدة، والسبت هو يوم العطلة الرسمية، ويحتفي نشيدها الوطني بروح الحنين اليهودية، والجنسية اليهودية مفتوحة لأي شخص أحد والديه يهودي. وعليه فما الحاجة الماسة لتمرير قانون أساسي؟"
وتجد الافتتاحية أن "الجواب على ما يبدو هو تكتيكي، فنتنياهو يحضر نفسه لانتخابات حزب الليكود، ويشعر بالثقة أكثر من الشهور الماضية، ففوز الجمهوريين في الولايات المتحدة في الانتخابات النصفية يساعده على تجاهل ضغوط أوباما عليه".
وتستدرك الصحيفة "لا يوجد ما يدعو للحكمة أو الفخر حول القانون المقترح، حيث يقول نتنياهو إن العرب في إسرائيل سيحتفظون بحقوقهم المدنية والفردية في ظل القانون -وهو طريق أقل من حالة الأبارتيد/
التمييز العنصري- ولكنه، أي القانون، سيحرمهم إدعاء العلم الإسرائيلي، وهو ما يعبد الطريق نحو ظهور نبرة مثيرة للأسى".
وتخلص الافتتاحية إلى أن "قادة إسرائيل يتصرفون بطريقة لا تحترم الأقليات في بلدهم، وعليهم التفكير من جديد".