مقالات مختارة

نهاية حرية التعبير في مصر

1300x600
كتبت كريستينا بيتري: لخص باسم يوسف وضع حرية التعبير حاليا في مصر بقوله: "نحن نعيش في أزهى عصور الديمقراطية وأقطع لسان أي شخص يقول غير ذلك." وقد قال ذلك بعد أن تم إلغاء برنامجه الساخر في خطوة تمثل ضربة جديدة للتحول الديمقراطي في مصر.
 
وفقا للجنرال هاني عبد اللطيف فقد صعدت الحكومة المصرية من رقابتها على موقعي فيسبوك وتويتر، واعتقلت 70 عضوا في جماعة الاخوان المسلمين بسبب آراء نشروها على الانترنت. كما تراقب الحكومة عن كثب بعض النشاطات الالكتروني مثل الهاشتاج الرائج #انتخبو_العرص والذي يسخر من الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي. حيث قال عبد اللطيف في بيان له: "نحن نراقب من يقوموا بازدراء الأديان ويشاركوا في أعمال إرهابية ويهينون الشخصيات العامة."
 
وقد جاء القرار بعدما أعلن باسم يوسف عن انتهاء برنامجه الذي كان يذاع منذ عام 2011 وأصبح رمزا لحرية التعبير في مصر بعد الثورة. وقال يوسف في هذا الصدد: "نحن نعتبر انهاء البرنامج رسالة أقوى من استمراره." وأضاف: "الرسالة وصلت."
 
وكان البرنامج الساخر لم يتطرق بعد إلى السخرية من السيسي بشكل مباشر، ولكنه تناول مواضيع أخرى مثل النظر إلى السيسي كأنه إله. ولكن على أي حال أظهر السيسي سياسته في أول حوار تلفزيوني له حين أعلن صراحة أن إهانة الرئيس سوف تظل مجرمة وفقا للقانون وأن هذه القوانين سوف يتم تنفيذها. وقد تم وقف البرنامج أثناء الانتخابات كي لا يوثر على الناخبين.
 
ولكن المحلل السياسي عمرو علي يقول أن إلغاء البرنامج لن يكون نهاية عصر السخرية السياسية في مصر: "النظام أطلق النار على نفسه بإلغائه البرنامج لأن الهجاء السياسي متجذر في المجتمع المصري والثورة المصرية." وقد أخبر باسم يوسف المحلل عمرو علي أن البرنامج سيتم إيقافه قبل شهر من القرار، موضحا أن يوسف تعرض لضغوط من المؤسسة، وأن الكثيرين محبطون من قرار الإيقاف.
 
ولكن قرار الحكومة بزيادة الرقابة على الإنترنت لا يعترض عليه الجميع، فهناك الكثيرون من مؤيدي السيسي يرحبون بالقانون ويعتبرونه ضروريا لدفع الدولة إلى الأمام ولضمان الأمن والاستقرار.
 
ولكن في نفس الوقت يشكل القانون تطورا مقلقا في مجال حرية التعبير في مصر. فقد تزايدت خطورة العمل كصحفي في مصر، واعتقلت حكومة العسكر العديد من الصحفيين منذ عزل مرسي في يوليو 2013، أشهرهم صحفيي الجزيرة المتهمين بالإرهاب بسبب تواصلهم مع جماعة الإخوان. وبالرغم من الاهتمام الإعلامي بصحفيي الجزيرة المعتقلين إلا أنهم يمثلون نسبة بسيطة من عدد الصحفيين المصريين المعتقلين حاليا.
 
والتطورات الحادثة في مصر تلقي الضوء على ظاهرة دولية مقلقة وهي استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لقمع حرية التعبير والمعارضة السياسية. حيث تشير لجنة حماية الصحفيين الدولية أن أكثر من نصف الصحفيين المعتقلين في مصر والذين يبلغ عددهم حوالي 232 صحفي قد تم حبسهم بتهم مكافحة الإرهاب. وقد صنفت نفس المنظمة مصر كثالث أخطر دولة بالنسبة للصحفيين بعد سوريا والعراق. كما تقع مصر في المرتبة رقم 159 من 180 دولة في مجال حرية الصحافة وفقا لمنظمة صحفيين بلا حدود.
 
وقد يتضرر عدد كبير من مستخدمي موقع تويتر في مصر من قانون الانترنت الجديد. ولكن من الصعب معرفة ما سيتم تفسيره على أنه محتوى "مسيء". حيث يقول المحلل السياسي هولي داجرس الذي يستخدم موقع تويتر بكثافة: "هناك حدود لا يمكن تخطيها الآن، وأنا شخصيا سوف أحاول الالتزام بها بدون أعرف ما هي على وجه التحديد، وهذا يعني عدم إهانة الحكومة المصرية والجيش. أما أي شيء آخر فسيكون مقبولا." وفي نفس الوقت يقول داجرس أن الأوضاع السياسية في مصر تتغير بشكل متسارع ويمكن أن تتغير قواعد اللعبة بين ليلة وضحاها، وأن مصر "ستظل تفاجئنا دائما".
 
"أهم شيء هو أن التضييق على حرية التعبير يعني أن الوضع سيكون قمعيا قبل أن تتحسن الأجواء، فهناك دائما ضوء في نهاية النفق، وسنرى ما يأتي به المستقبل."
  
(عن ميدل إيست مونيتور)