كتب زهير قصيباتي: "لا يُفسد للود قضية" بين المرشد علي
خامنئي والرئيس باراك
أوباما، أن ترفض واشنطن منح السفير الإيراني المعيّن لدى الأمم
المتحدة حامد
أبو طالبي، تأشيرة دخول إلى الأراضي الأميركية، لشبهات حول دوره في أزمة احتجاز الرهائن في سفارة الولايات المتحدة لدى إيران مع انطلاق ثورة الخميني.
فطهران ردّت بوضوح، أثلجت صدر الإدارة الأميركية، لأنها لن تتردد في الفصل بين مفاوضات الملف النووي وأي مسألة أخرى عابرة. وهذه- أياً تكن- لم تكن لتعبُر هكذا، مرور الكرام، في زمن مواجهة استمر لأكثر من عقد ونصف عقد مع "الشيطان الأكبر".
ولن يَفسُد الود بين ما كان "شيطاناً أكبر" والوليّ الفقيه، ما دام خامنئي مصرّاً على التمسّك بحبل المفاوضات "النووية"، وأوباما مصرّاً على كيل المديح لصدقية طهران... الناشئة، في عهده، عهد الخيارات الديبلوماسية، والاعتراف بأن لا بديل منها، خصوصاً أن الرئيس الأميركي كشف بلا حرج، عورة الولايات المتحدة العسكرية، معترفاً أمام العالم كله، بأن جيشها بات مثخناً بجروح العراق وأفغانستان.
... وهل أفضل من هدية كهذه يقدّمها سيد البيت الأبيض لسيد "الممانعة"؟ ولكن، أليس سيل المديح الذي تكيله واشنطن للإيرانيين مع كل جولة مفاوضات في أُنس الملف النووي في فيينا، يشجع حكومة الرئيس حسن روحاني على نقل ملف السفير أبو طالبي، مترجِم محتجزي الرهائن، الى الأمم المتحدة؟
لن نوقف التفاوض، قالها خامنئي، مستدركاً أن ذلك لن يعني تجميد النشاطات النووية... وإن كانت تلك رسالة إلى الداخل الإيراني، خصوصاً لتهدئة "الحرس الثوري"، فالمرشد لم يتحدث عن مصير مفاعل آراك ومياهه الثقيلة، اللازمة لاستكمال دورة الإنتاج النووي "المشبوه".
يصرّ المرشد على انتهاز فرصة تهافت الإدارة الأميركية على قطف إنجاز كبير في عهد أوباما، ويتشبث الرئيس الأميركي باستغلال ليونة المرشد الذي لطالما كان وراء "عنتريات" الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، لكنه لم يكافئه على "محوه" إسرائيل عن الخريطة، عشر مرات على الأقل!
بالودّ المتبادل، ديبلوماسياً، بين أوباما وخامنئي، أيهما مرشح للجائزة الكبرى في ماراثون المفاوضات النووية؟ بجردة حساب بسيطة، ومع إدراك حتمية الرهان الإيراني على انتزاع أدوار إقليمية أكبر تُمهَر بختم الصفقة، لا يمكن القفز فوق ست لاءات قد تفسّر "نعم" النووية بإلحاح لدى المرشد:
- لا حظَّ لأوباما في دخول التاريخ من بوابة النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، فنتانياهو وجّه له ما يكفي من الصفعات ليبلغه أن أي تسوية قرارها النهائي في يد إسرائيل وحدها.
- لا خطوة اتخذتها أميركا والغرب عموماً حتى الآن، صدّت شهية الرئيس فلاديمير بوتين عن تقليب المزيد من صفحات التحدي للجميع في أزمة أوكرانيا وضم القرم.
- لا يمكن واشنطن أن تفاخر بأنها طوت صفحة المرحلة الانتقالية في اليمن، على رغم حضور مجلس الأمن وبموافقة الروس. فالبلد ما زال يتأرجح على حبال الأمن، وجيشه هدف للإرهاب والانفصاليين والحوثيين.
- لا كلمة أميركية تصدّت للتدخل الإيراني في اليمن (دعم الحوثيين والانفصاليين)، وفي البحرين.
- لا ضغط أميركياً على نوري المالكي للكف عن إقصاء كل معارضيه، ولو كانوا طائفة، فيما هو يتضخم بمظلة طهران ويحمل بصمة نفوذها مغامراً بوحدة العراق.
- لا إجراء اميركياً ولا خطوة غربية واحدة "أقنعت" المشاركين من غير السوريين في القتال إلى جانب النظام في دمشق، بترك مصير النظام للسوريين، وإيران تتقاسم وروسيا أدوار التدخل، مباشرة أو بالوكالة.
... ومع اللاءات الست، تبدو كلمة المرشد مرجّحة للطموحات الإيرانية، في السباق اللامتكافئ مع أوباما، على الورقة الرابحة. لذلك كله، تبدو التوجهات "السلمية" للرئيس الأميركي، صيداً ثميناً لإيران، انتَظَرَتْهُ حقبة طويلة، ولن تُضيِّعه.
(الحياة اللندنية)