سياسة دولية

باحث إسرائيلي يرجح أن وفاة "رئيسي" ستسبب زلزالا سياسيا في إيران

إيران تقترب من صراع الخلافة المرتقب بعد موت الزعيم علي خامينئي - إكس
شكل الموت المفاجئ للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث المروحية في شمال غرب إيران هزة أرضية ذات مغزى في الجمهورية الإسلامية.

وفي مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية للباحث وخبير الشؤون الإيرانية في معهد بحوث الأمن القومي ومركز اليانس للدراسات الإيرانية في جامعة تل أبيب، راز تسيمت، قال إنه على الرغم من أن الزعيم والمرشد الأعلى علي خامينئي يشكل رأس الدولة ويجمع في يديه أساس صلاحيات إدارتها، بخاصة في مسائل الخارجية والأمن، إلا أن رئيسي يقف على رأس السلطة التنفيذية، ويعتبر بشكل رسمي الثاني في أهميته في المراتب السلطوية في الجمهورية الإسلامية ويتمتع بتأثير واضح في إدارة شؤون الدولة، ولا سيما في مجالات الداخلية والاقتصاد.

وأضاف كاتب المقال أن رئيسي يترأس الحكومة، ويصمم سياستها، ويعد مسؤولا عن تنفيذها ويقف على رأس سلسلة من الهيئات التنفيذية العليا وعلى رأسها المجلس الأعلى للأمن القومي، المسؤول عن بلورة الاستراتيجية العليا في مسائل الخارجية والأمن.

وتابع تسيمت، أن رحيل رئيسي عن الساحة يجعل إيران في ذروة تطورات ذات مغزى في الساحة الداخلية، الإقليمية والدولية، حيث في الساحة الداخلية يقف النظام أمام أزمة شرعية محتدمة، فحركة الاحتجاج، التي نشبت في أيلول/ سبتمبر 2022 ، في أعقاب وفاة الشابة ماسا أميني، وإن كانت قمعت بنجاح وعاد الهدوء الى الشوارع، إلا أن السلطات الإيرانية، بما في ذلك الرئيس رئيسي فشلت في جهودها لتقديم جواب على الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة في أوساط المواطنين، ومعدل التصويت المنخفض بشكل غير مسبوق في الانتخابات البرلمانية، التي جرت مؤخرا في إيران شهد بوضوح على التآكل المتواصل في ثقة الجمهور بمؤسسات الجمهورية الإسلامية وعلى شدة اليأس الواضح في أوساط شرائح واسعة.

وأشار كاتب المقال إلى أن إيران تقترب من صراع الخلافة المرتقب بعد موت الزعيم علي خاميني ابن الـ 85، واسم رئيسي طرح في السنوات الأخيرة كأحد المرشحين المتصدرين لخلافة خامينئي مع حلول انتخابه كرئيس في حزيران/ يونيو 2021 شكل مرحلة إضافية في تأهيله المحتمل لقيادة الجمهورية الإسلامية، بعد أن تركته قائمة المرشحين النهائية، التي أقرها مجلس حراس الدستور، كالمرشح الوحيد عمليا الذي كان له فرصة حقيقية للفوز في الانتخابات.

وأردف تسيمت، أن رئيسي لم ينجح في التحرر من صورة البيروقراطي الرمادية ما أثار شكوكا حول فرصه لأن يخلف خامينئي ومع ذلك، لا شك أن موته المحتمل يشكل ضربة شخصية قاسية لزعيم إيران، حيث يعتبر رئيسي الرئيس الأكثر إخلاصا وراحة بالنسبة لخامينئي من بين الرؤساء الخمسة الذين تولوا الرئاسة تحت قيادته منذ عين كزعيم في صيف 1989، وانتخابه للرئاسة عكس تغييرا ذات مغزى في ميزان القوى السياسي في السلطة التنفيذية وبشر بعودة السيطرة المحافظة في عموم مراكز القوة في إيران، بخاصة بعد ثماني سنوات من ولاية سلفه في المنصب، حسن روحاني، الذي كان يتماهى مع المعسكر البراغماتي، كما أن انتخاب رئيسي أدى إلى تعزيز التركيبة الصقرية للمجلس الأعلى للأمن القومي.

وقال، إن رئيسي كان له تأثير لا بأس به أيضا في إدارة السياسة الخارجية الإيرانية، في الساحة الإقليمية، كما أن موت وزير الخارجية أمير حسين عبد اللهيان، الذي رافق الرئيس في مروحيته، متوقع أن يكون له تأثير لا بأس به، فمعرفته العميقة للشرق الأوسط، وإتقانه للعربية وكونه مقربا من فيلق القدس للحرس الثوري جعلت عبد اللهيان في السنوات الأخيرة، وبخاصة بعد نشوب الحرب في غزة، عنصرا ذا مغزى في قيادة المعركة السياسية الإيرانية.

وأن دوره برز بخاصة مقارنة بسلفه، محمد جواد ظريف الذي تميز بعلاقاته مع الحرس الثوري في أحيان قريبة بالتوتر، وأدى عبد اللهيان دورا مركزيا أيضا في جهود إيران بتبديد التوتر مع جيرانها العرب، في الساحة الدولية ووقف رئيسي بقدر كبير من خلف جهود النظام للدفع قدما بسياسة "الداخل شرقا"، التي في أساسها تعميق الشراكة الاستراتيجية مع روسيا والصين.

واختتم كاتب المقال قائلا "في خلاصة الأمر، من غير المتوقع للاستراتيجية الإيرانية أن تتغير في سيناريو موت الرئيس، وأن الجمهورية الإسلامية جاهزة من ناحية دستورية وتنظيمية لمواجهة رحيله المفاجئ، وحسب الدستور الإيراني، أصبح النائب الأول للرئيس، محمد مخبر، قائما بأعماله، ومع ذلك، فإن وفاته من المتوقع أن تهز الساحة السياسية في إيران سواء في المدى الفوري أو قبيل صراع الخلافة المستقبلي، فضلا عن ذلك فإن ظروف موته المحتمل كفيلة بأن توقع ضررا آخر ذا مغزى في ثقة الجمهور الإيراني بمؤسسات الجمهورية الإسلامية، حتى لو كان تحطم مروحية الرئيس يرتبط بظروف حالة الجو، فإنه ينضم إلى سلسلة من الإخفاقات من جانب سلطات إيران في السنوات الأخيرة مثل قضية إسقاط الحرس الثوري للطائرة الأوكرانية في كانون الثاني 2020، وسلوكها الفاشل في ضوء الكوارث الطبيعية ونشوب الكورونا، وسلسلة من القصورات الأمنية التي انكشفت في أعقاب تصفيات وأعمال تخريب نسبت للاحتلال الإسرائيلي في السنوات الأخيرة ضد شخصيات ومنشآت أمنية حساسة في إيران.