اقتصاد دولي

تغيرات ضخمة في تركيا.. ما تأثير ذلك على الاقتصاد؟

بيّنت الصحيفة أن تركيا كانت جيدة جدًا في تحقيق التوازن- جيتي
تمرّ تركيا بمرحلة تغيير وتحول، ومن الضروري أن تكون لدى الجمهور عن هذا الموضوع حتى نفهم ما سيحدث قريباً. علاوة على ذلك، فإن تجسيد هذا التغيير والتحول ملفت للنظر لدرجة أنه سيكون من الظلم عدم إجراء تحليل الاقتصاد السياسي.

ونشرت صحيفة "يني شفق"، تقريرًا، قالت فيه إن عام 2013 هو الأكثر حسماً بالنسبة لتركيا من حيث تحقيق التغيير والتحول، وذلك منذ أن أبرمت تركيا اتفاقها الاحتياطي مع صندوق النقد الدولي في عام 2013، ثم شهدت اتجاهًا متناقصًا في عجز الحساب الجاري وفضلت إقامة توازن بين الشرق والغرب. لأن الشرق كان ينهض وأظهر التاريخ أن هذه الجغرافيا يمكن أن تلعب دورها الرئيسي عندما يتساوى الشرق والغرب.

وبيّنت الصحيفة، أن تركيا كانت جيدة جدًا في تحقيق التوازن. فيما كانت تجربة الرئيس أردوغان وتفوقه القيادي مقارنة برؤساء الحكومات الآخرين في العالم متوافقة أيضًا مع استراتيجية التوازن المختارة.
خلال هذه العملية، ناقشت تركيا أيضًا تحول المحور واجتازت كل الاختبارات مثل أحداث  جيزي بارك و15 حزيران/ يوليو. وفوق ذلك كان يواجه إضراباً استثمارياً غير متوقع، وأصبح الشرق معزولاً لأنه كان لا يزال غير قادر على إقامة علاقات متطورة.

وقد فقدت روسيا التي اتبعت سياسة توازن مماثلة ولكنها أكثر برودة، أعصابها، فانتهت حالة الوَحدة التركية مع اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية. وكان من متطلبات الاستراتيجية أيضًا أن تحافظ تركيا على خطاب مؤيد "للسلام" طوال هذه الفترة الاستراتيجية.

واعتبرت الصحيفة، أن الفائدة الرئيسية، وربما الوحيدة، لهذه الاستراتيجية كانت إنشاء منظمة الدول التركية. أقول هذا دون أن أتجاهل دور انتصار كاراباخ في تشكيل المنظمة. ولا تنسوا أن منظمة الدول التركية كان يُنظر إليها أحيانًا على أنها التفاحة الحمراء لهذه الأمة، وأحيانًا على أنها الجزء الأكثر أهمية من التفاحة الحمراء.

وفقط بعد تحقيق هذا المكسب، اتخذت تركيا خياراً يتمثل في التخلي عن استراتيجية التوازن بين الشرق والغرب أو تركها جانباً في الوقت الحالي. ووجهت وجهها مرة أخرى نحو الغرب الذي لا يزال المرجع الرئيسي للعالم، على الأقل مع احتجاجات غزة في جامعاتها. وكان رمز ذلك هو التغيير في الإدارة الاقتصادية، ولهذا تمت تولية الوزير شيمشك والإدارة الاقتصادية المتغيرة "جزئيًا" منصبه.

وأضافت الصحيفة أن تركيا كانت حذرة في هذا التغيير الاستراتيجي حتى 7 تشرين الأول/ أكتوبر. فبعد هذا التاريخ ظهر جليًّا أن الشرق لا يزال سلبيا للغاية وغير فعال وخجول للغاية، فيما أظهرت المجتمعات الغربية (بما في ذلك ساستها في بعض الحالات) من خلال موقفها تجاه غزة أنها لا تزال متفوقة بكثير على المجتمعات الشرقية. 

وبعد هذه القراءات، توقفت تركيا عن توخي الحذر، ففي نهاية كانون الثاني/ يناير، وافقت على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، وارتفع التصنيف الائتماني لتركيا في ذلك اليوم، وتمت إزالة تركيا من القائمة الرمادية في ذلك اليوم. وتمكنت تركيا من الوصول إلى وسائل أخرى لتمويل الناتو في ذلك اليوم، فلا فائدة من انتظار هذه الأمور في المستقبل.

وأضافت الصحيفة، أنه بالمقابل انقطعت الاتصالات مع روسيا عمليًّا، وتم تأجيل زيارة بوتين إلى أنقرة، وتم استبعاد تحقيقها، وتم ترك سياقات مثل مركز الطاقة جانبا. وفي هذه الأيام، عندما كانت الهند وفيتنام والصين يبحثون عن شركاء في الغرب، لم يجعلوا من تركيا محطتهم، بل بالعكس قام مودي، رئيس الوزراء الهندي، بزيارة اليونان، وزار كل من رئيس الوزراء الفيتنامي فام مينه تشينه، وبعد ذلك الرئيس الصيني شي جين بينغ، المجر. 

ورغم أنه تم إلغاء اجتماع بايدن أيضًا، ولكن تم استبداله باجتماع مع الرئيس الألماني شتاينماير، والأهم من ذلك، اجتماع مع زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، وبدأ الاتصال مع دول الخليج في التطور.
 
وبيّنت الصحيفة، أنه باختصار، لدى تركيا الآن الغرب ومنظمة الدول التركية ودول الخليج، وتعني هذه المعادلة أن تركيا كانت تميل نحو الغرب، وعندما يتعلق الأمر بالغربية، أصبح حزب الشعب الجمهوري، وهو حزب غربي على وجه التحديد، أول حزب في الانتخابات يقيل زعيمه ربما ليس عن قصد لأنه لا يزال يعتقد أنه أضاع فرصة في الانتخابات العامة. 

لكن رمزياً، لو لم تتغير الإدارة الاقتصادية ولم تتم الموافقة على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، لظل موقفه في نظر الناخبين معيباً مثل موقفه السابق، ولما تمكن من تحقيق مثل هذا النجاح، وعليه أن يدرك هذا الآن.

واعتبرت الصحيفة أن عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي كانت بمثابة علامة بارزة على النجاح الانتخابي الذي حققه حزب الشعب الجمهوري.

ولكن الآن، إذا قام البنك المركزي بتبسيط الأمور بالقدر الكافي لإزالة البيان الختامي بشأن مرفق الأوراق المالية، فمن المتوقع أن تبدأ تغييرات ضخمة في تركيا. ومن المثير للاهتمام أن التغيير بدأ بالفعل في وسائل الإعلام. وفي الواقع، هناك تغيير في السياسة، فبخلاف نتيجة الانتخابات، فإن حقيقة بقاء كيليتشدار أوغلو وأكشنار وكرامولا أوغلو خارج السياسة هي أيضًا قضايا يمكن إضافتها، وستكون هناك تغييرات أخرى أيضًا.

وأكدت الصحيفة أنه حان الوقت لتصحيح البيروقراطية، فإن جزءا كبيرا من أولئك الذين شاركوا في البيروقراطية في عملية التوازن بين الشرق والغرب سوف يغادرون؛ حيث إن العملية التي بدأت مع البنك المركزي سوف تنعكس قريبًا في مؤسسات أخرى. ومن المتوقع أن يكون الطريق ممهداً أمام البيروقراطيين على النمط الغربي.

ولفتت الصحيفة إلى أنه الأفضل لتركيا ألا تتعامل مع تدفقات رأس المال، وهي الفائدة الرئيسية من تحويل وجهها نحو الغرب، باعتبارها موقفاً إيجابيًّا بحتًا، فإذا لم تتم تلبية مطالب رأس المال هذا، فسيكون هناك مخرج. وسوف يضع القطاع الحقيقي في أزمة عند دخوله (أزمة الجيل الأول والثاني)، وسوف يضع القطاع المالي في أزمة عند خروجه (أزمة الجيل الثالث). 

واختتمت الصحيفة، التقرير، بالقول إن كل شيء يتغير، وقد دخلت تركيا دوامة هذا التغيير، مشيرة إلى أن التوازن بين الشرق والغرب سوف يتمتع دائماً بقاعدة قوية في تركيا، وإذا كان هناك حزب قادر على تحقيق هذا التوازن في الانتخابات العامة المقبلة، فسوف يشكل ذلك مفاجأة كبيرة في حد ذاته.