ملفات وتقارير

قانونيون لـ"عربي21": جنوب أفريقيا قدمت مرافعة متكاملة الأركان لإقناع المحكمة

ممثلو جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل العليا قبل المرافعة- جيتي
أشاد خبراء قانونيون بالمرافعة التي قدمتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل العليا، وطريقة تقديم الأدلة للمحكمة لإثبات ارتكاب الاحتلال جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.

انتهت الخميس أولى جلسات الاستماع إلى الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا لمحكمة ‏العدل الدولية، وقدمت فيها مرافعة قانونية حول الإبادة الجماعية، وهي التهمة التي ‏وجهتها للاحتلال الإسرائيلي.‏

وقدم الفريق القانوني في ختام جلسة المحاكمة "التاريخية" في مرافعته، طلبا بإصدار ‏أمر للاحتلال الإسرائيلي بتعليق العمليات العسكرية فوراً في قطاع غزة، ودعوة ‏الاحتلال إلى معاقبة كل من يحرض أو يدعو إلى ارتكاب إبادة جماعية في غزة.‏


وقال تمبيكا نجكوكايتوبي، المحامي لدى المحكمة العليا في جنوب أفريقيا: "إسرائيل ‏لديها نية إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة".‏

وأضاف: "هذا واضح من الطريقة التي يتم بها تنفيذ هذا الهجوم العسكري"، وتابع قائلا: ‏‏"نية تدمير غزة تمت رعايتها على أعلى مستوى في الدولة".‏

ملف قوي

ووفقا لتقييم خبير القانون الدولي، والمحلل السياسي الدكتور إسماعيل خلف الله، فإن ‏‏"مرافعات جنوب أفريقيا تستند إلى ملف قوي، وهو ملف له من الحجج والقرائن ‏والأدلة والمبررات القانونية التي يعتقد أنها ستؤدي لبناء قناعة لدى محكمة العدل ‏الدولية بأن هذه القضية لها أسس قانونية وإنسانية قوية ودامغة".‏

وأوضح خلف الله خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "الملف كان قويا؛ لأن المرافعات ‏والدعوى بنيت على أساس نص المادة 9 من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة ‏الجماعية، أيضا استنبطت أن هناك انتهاكات للمادة الثانية من هذه الاتفاقية، وبحكم ‏أن جنوب أفريقيا ودولة الاحتلال الإسرائيلي صادقتا على هذه الاتفاقية، لهذا نعتقد أن ‏المحكمة لها هذا الاختصاص".‏

وأضاف: "ومن خلال سماعي للمرافعة، أعتقد أن الملف له من الحجة القانونية والقوة ‏والقرائن والدلائل ما يؤدي لأن تقتنع المحكمة بكل ما طرحته هذه الدعوى من طلبات، ‏خاصة عندما نتكلم على هذه الإبادة الجماعية الواضحة التي شاهدها العالم أجمع".‏

وتابع: "وإذا ما تحدثنا عن الشق الاستعجالي، وهو المطالبة بالضغط وإلزام الطرف ‏الصهيوني لوقف آلة العدوان والحرب التي يقوم بها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع ‏غزة، أعتقد أنه سيلقى القبول من طرف المحكمة، وأعتقد أنه سيتم الفصل فيه خلال أيام ‏أو أسابيع قليلة".‏

وأما من ناحية الشق الموضوعي، فيعتقد خلف الله أن "القضية لها نقاط قوة تكتسبها ‏من خلال الملف التوثيقي المُقدم، الذي تجاوز 80 صفحة، وهو مبني على توثيق ‏وأدلة وشهادات، وبالتالي نحن أمام ملف قوي، والدعوى سوف تلقى القبول والتجاوب ‏من المحكمة، التي ننتظر منها ونتطلع لأن تصدر قرارا يُنصف هذا الشعب الذي ‏يُمارس بحقه انتهاكات منها القتل والتهجير والإبادة الجماعية".‏

مرافعة سليمة ومتكاملة

من جهته، قال خبير القانون الدولي الدكتور سعد جبار، إن "المرافعة التي قدمتها ‏جنوب أفريقيا الخميس ابتدأت كل الإجراءات بطريقة سليمة وبحجج تتطابق مع ‏الشروط الموضوعية أمام المحكمة، والفريق يتكون من كفاءات دولية، وكانت ‏المرافعة قوية جدا، لكنها تنحصر فقط في إقناع القضاة أو المحكمة بإصدار أوامر ‏بإجراءات تدابير احترازية أو إجراءات عاجلة ومؤقتة".‏

وأوضح جبار خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "الإجراءات المؤقتة هي وقف النشاطات ‏العسكرية، ووقف قتل المدنيين، ووقف الترحيل القسري، والامتناع عن حرمان الغزيين ‏من متطلبات ضرورية للحياة من مياه وطاقة وغذاء".‏

وأكد أن "الفريق القانوني لدولة جنوب أفريقيا كان في مستوى هذه المرحلة، التي ‏يمكن فيها فقط تقديم نماذج من الخروقات لإقناع المحكمة لإصدار قرار ضد إسرائيل؛ ‏لوقف ما تقوم به في هذه المجالات".‏

وتابع جبار: "وبالتالي، الفريق قدم ملفا سليما، سواء من الناحية التقنية أو الموضوعية، أو ‏من ناحية المطالب، وقدمه بشكل يفوق كل التطلعات، من حيث الشكل والمضمون، ‏وبالتالي ما تم في أول جلسة يعتبر أداء كامل الأركان من حيث إقناع المحكمة لإصدار ‏المطلوب، وهو إصدار أمر بتدابير احترازية".‏


وأشار إلى أن "الهدف من طلب هذه الإجراءات وطبيعتها أن القضية فورية، وأن ‏الوضع الآن يتطلب إجراءات عاجلة، لأنه لا يمكن تحقيق نتائج إن لم نتحرك الآن، ‏ونقول للمحكمة إن لم تصدروا هذا الأمر يستمر الموت والقتل الجماعي للناس، ‏والترحيل القسري والتجويع".‏

وتوقع خبير القانون الدولي سعد جبار، أنه "نتيجة الظروف الحالية ستصدر المحكمة ‏الأمر بالبدء بالإجراءات الاحترازية خلال أسابيع".‏

وكان سفير جنوب أفريقيا في هولندا، فاوسي ماندونيسلا، قال الخميس، إن بلاده ‏تعترف بنكبة الفلسطينيين المستمرة، وتضع "أعمال الإبادة الجماعية وسوء التصرف ‏في سياق أوسع من الفصل العنصري الإسرائيلي الذي دام 25 عاما، والاحتلال الذي ‏دام 76 عاما، والحصار الذي دام 16 عاما على قطاع غزة".‏

وأكد "إن أعمال الإبادة تشكل حتماً جزء من سلسلة من الأعمال غير القانونية التي ‏ارتكبت ضد الفلسطينيين منذ عام 1948، بما في ذلك إخضاع الشعب الفلسطيني ‏للفصل العنصري".‏