رأى أستاذ علم الاجتماع السياسي في
جامعة السوربون الدكتور برهان غليون أن "تحالف الأنظمة والطبقات السياسية مع
الشيطان الإسرائيلي هو الأب السياسي لتحالف الحركات الاحتجاجية مع الأباليس الإقليمية
والتعلق بأوهام الحلول الدولية".
جاء ذلك في
تصريحات خاصة أدلى بها غليون لـ
"عربي21"، تعليقا على الجدل الذي أثارته تصريحات المتحدث باسم الحرس الثوري
الإيراني رمضان شريف أمس الأربعاء، اعتبر فيها أن "طوفان الأقصى" يوم 7 تشرين أول/
أكتوبر الماضي، كانت عبارة عن رد إيراني على اغتيال
الاحتلال لقائد الحرس الثوري
قاسم سليماني.
وقال غليون: "أثارت تصريحات المسؤول الإيراني الأخيرة حول طوفان الأقصى الشك من جديد في فحوى الصراع
الدائر منذ ثلاثة أشهر بين الاحتلال الاسرائيلي وقوى المقاومة
الفلسطينية في
غزة
والضفة معا. يقول البعض: ما قامت به هذه القوى لا يعدو أن يكون استجابة لطلب طهران
الضغط على واشنطن وتل أبيب لتحقيق مصالحها الخاصة. والدليل أنه لولا مساعدة طهران
ما كانت هذه القوى قادرة على القيام بما قامت به".
وأضاف: "هذه رواية توافق هوى طهران التي تريد بالفعل أن تقطف
ثمن تضحيات الفلسطينيين لكنها ليست ولا يمكن أن تكون رواية الفلسطينيين ولا العرب
الذين يدعمون قضيتهم العادلة".
وأكد غليون أن "الصحيح أنه لولا إرادة الفلسطينيين في "حماس"
وخارجها في تحرير أنفسهم من الاحتلال البغيض ما كان هناك شيء يدفع هؤلاء إلى
الذهاب إلى إيران للحصول على المساعدة أو يفسر تضحيتهم بأنفسهم وأملاكهم وتعريض
انتمائهم العربي للشك بمد يدهم إلى أعداء العرب ومبغضيهم".
وأضاف: "الصحيح أيضا أنه لا توجد صفقات مجانية في السياسة. ومن
الطبيعي أن تحاول طهران قطف أقصى ما تستطيع من ثمار النجاح الفلسطيني وأن تجير
جميع تضحيات الغزاويين إذا أمكن لحسابها. وهو ما تفعله الآن وسوف تفعله أكثر في
الأسابيع القادمة".
وأشار غليون إلى أن "ما حدث وبالشكل الذي حدث به ما كان سيحدث
ولا كانت نتائجه ستكون ذاتها لو أن الحكومات العربية بدل أن تسعى إلى التطبيع
المجاني مع "إسرائيل"، وتعلن بالتالي تخليها عن قضية الفلسطينيين،
مكنتهم، بعكس ما فعلت، من إجبار تل أبيب على الاعتراف بحقوقهم ووقف الاستيطان
المتواصل ورفض سياسة الفصل العنصري وسجن الفلسطينيين في معازل مغلقة تحت سيطرة
المستوطنين ورصاصهم".
وأضاف: "المسؤول الأول عن دفع نضال الفلسطينيين في هذا الاتجاه،
بما في ذلك إدخاله في الأنفاق الاستراتيجية الإقليمية والأيديولوجية والأرضية معا،
هو الأنظمة العربية التي خانت شعوبها، ومنها الشعب الفلسطيني، ونقضت عهودها وفضلت
الاستسلام للأمر الواقع والتسليم بسيطرة إسرائيل والقبول بمشاريعها الاستعمارية،
بل المشاركة في تعزيز هذه المشاريع ضد الشعوب العربية، وبالتالي التخلي عن مسؤولياتها الوطنية وفي مقدمها أمن هذه
الشعوب وسلامها وحقوق أبنائها"، وفق تعبيره.
وكانت حركة حماس، قد نفت أمس الأربعاء، أن يكون هجوم "طوفان
الأقصى" ضد إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، جزءا من "عمليات
الانتقام لاغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني السابق قاسم سليماني".
ونقلت "وكالة مهر" الإيرانية، عن متحدث "الحرس
الثوري" العميد رمضان شريف، قوله إن "طوفان الأقصى كانت إحدى العمليات
الانتقامية" لمقتل سليماني في غارة جوية أمريكية قرب بغداد عام 2020.
وقالت "حماس": "تنفي حركة المقاومة الإسلامية حماس
صحة ما ورد على لسان المتحدث باسم حرس الثورة الإسلامية، العميد رمضان شريف في ما
يخص عملية طوفان الأقصى ودوافعها".
وأكدت الحركة، أن "كل أعمال المقاومة الفلسطينية، تأتي ردا على
وجود الاحتلال وعدوانه المتواصل على شعبنا ومقدساتنا".
واليوم الخميس قال قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، إن عملية
طوفان الأقصى فلسطينية بالكامل وليست انتقاما لاغتيال قائد فيلق القدس الإيراني
السابق قاسم سليماني.
وأكد سلامي أن طوفان الأقصى كانت عملية فلسطينية تامة وتم تنفيذها من
قبل الفلسطينيين أنفسهم بدون أي دعم خارجي، مشيرا إلى أن حركتي المقاومة الإسلامية
(حماس) والجهاد الإسلامي تنتجان السلاح في الداخل.
وشدد على أن طوفان الأقصى كانت "رد فعل على 75 عاما من
الظلم" وما يتعرض له الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية، ولم تكن انتقاما
لاغتيال سليماني "فنحن من سينتقم له"، على حد قوله. وقال: "نحن منظمة
قوية ونعلن عن ما نفعله ولا نهاب أي عدو".
وردا على "اعتداءات إسرائيلية يومية بحق الشعب الفلسطيني
ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى"، شنت حركة "حماس" في 7 أكتوبر
الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في
محيط غزة.
وقتل في الهجوم نحو 1200 إسرائيلي وأسرت "حماس" حوالي
240، بادلت قرابة الـ110 منهم مع "إسرائيل"، التي تحتجز في سجونها أكثر من 7800 فلسطيني،
وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى الأول من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بوساطة قطرية
مصرية أمريكية.
وخلفت الحرب الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 أكتوبر الماضي ضد قطاع غزة،
حتى أمس الأربعاء، 21 ألفا و110 قتلى و55 ألفا و243 جريحا، معظمهم أطفال ونساء،
ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع
والأمم المتحدة.