ألغت
الحكومة المصرية – للمرة الأولى – صرف سلعة الأرز على بطاقات التموين للمواطنين بعد
أن كان يصرف إلى جانب الزيت والسكر منذ بدء منظومة
الدعم في البلاد.
القرار
الذي أعلنه وزير التموين المصري، علي المصيلحي، وأثار ردود فعل غاضبة في الشارع المصري
وحتى على بعض وسائل الإعلام المؤيدة للنظام، ليس لعدم وجود السلعة ولكن نظراً لأن الـ50
جنيها (حصة الفرد النقدية) تغطي الزيت والسكر فقط.
يحصل
كل فرد مسجل على بطاقة التموين على 50 جنيها (نحو 1.5 دولار) بحد أقصى أربعة أفراد،
لكل بطاقة، ويستفيد نحو 64 مليون مواطن من الدعم التمويني، في بلد يرزح فيه أكثر من 35
مليون تحت خط الفقر وفق آخر إحصاءات صادرة قبل أكثر من عامين.
بهدف
تقليص قيمة الدعم، قرر رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، في 2014 ضمن أول حزمة
قرارات اتخذها في اتجاه خفض وإلغاء الدعم مع الأيام الأولى لتوليه الحكم بالتحول من
الدعم العيني إلى الدعم النقدي السلعي من أجل خفض تكلفة إجمالي الدعم الموجه للغذاء.
الفرق
بين الدعم العيني والنقدي
في نظام
الدعم العيني الذي كان مطبقاً يحصل الفرد على كيلوغرامين من الأرز وكيلوغرامين من السكر
وكيلو ونصف من الزيت مقابل مبلغ نقدي رمزي، بصرف النظر عن تغييرات الأسعار داخليا وعالميا،
آما الآن ومع تثبيت قيمة الدعم النقدي عند 50 جنيها منذ عام 2017 فقد تآكلت قيمة الدعم
إلى كيس سكر وزجاجة زيت فقط.
إلى
جانب الخبز يعد الأرز وجبة طعام رئيسية للمصريين، وأحد مكونات بطاقات التموين الرئيسية
إلى جانب السكر والزيت وبعض السلع الأخرى مثل الشاي والعدس والفول، وحققت مصر الاكتفاء
الذاتي من الأرز من زراعة نحو 1.5 مليون فدان.
يقول
خبراء ومراقبون في تصريحات لـ"عربي21" إن النظام المصري نجح إلى حد كبير
في إلغاء منظومة الدعم التموينية السلعية، وإبقاء منظومة دعم الخبز خوفا من حدوث أي
اضطرابات اجتماعية باعتباره أهم سلعة غذائية.
وألغت
الحكومة المصرية خططها لتحويل دعم الخبز إلى نقدي بدلا من عيني بسبب الأزمة الاقتصادية
الأخيرة، وظل الخبز هو الدعم العيني الوحيد المتبقي في منظومة السلع التموينية، ويصرف
على بطاقات التموين ويستفيد منه 71 مليون مواطن بسعر 5 قروش للرغيف ويحصل كل مواطن
بمقتضاها على خمسة أرغفة يوميا بإنتاج يومي يبلغ 270 مليون رغيف.
توقف
النظام المصري عن زيادة قيمة الدعم النقدي السلعي المشروط للعام السادس على التوالي
رغم ارتفاع نسبة التضخم أكثر من 300% منذ ذلك الوقت في أسعار المنتجات الغذائية كافة؛
نتيجة انهيار قيمة العملة من نحو 15.7 جنيه للدولار إلى 40 جنيها في السوق السوداء.
في أول
تحول لنظام الدعم النقدي المشروط بلغت قيمته 15 جنيها لكل فرد على بطاقة التموين ثم
ارتفعت إلى 18 جنيها ثم إلى 21 جنيها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، مع بداية عملية
التعويم، ثم إلى 50 جنيها في حزيران/ يونيو 2017، وهي آخر زيادة يحصل عليها المواطنون.
"مواطنون..
الحكومة قادرة علينا نحن فقط"
رغم
تثبيت قيمة المبلغ النقدي واستمرار خفض قيمة الجنيه أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع، فقد واصلت وزارة التموين والتجارة الداخلية تحديث قائمة أسعار السلع التموينية بما يتماشى
مع الأسعار العالمية حتى أصبحت قيمة الدعم النقدي لا تساوي إلا 30% من قيمته الحقيقية.
اشتكى
مواطنون لـ"عربي21" من تراجع قيمة الدعم النقدي للسلع التموينية.
تقول
الحاجة سعاد: "التموين أصبح كلام فاضي.. بيصرفوا لنا السلع التي يريدوها ويلغوا السلع التي نريدها، البطاقة لم تعد توفر لنا شيء".
وقال
مواطن آخر، يعمل فني في ورشة للتكييفات: "أول مرة في تاريخ التموين لا يوجد أرز،
لا ندري ماذا يحصل، الوزير يقول لك إن قيمة الفلوس غير كافية، من الذي جعلها غير كافية،
وما هو ذنب الناس والغلابة فيما يحدث، أو يثبتوا سعر السلع ويربطوها على سعر 2017!
أو يزودوا قيمة الدعم مثل ما قاموا بزيادة أسعار الكهرباء والغاز والبنزين".
وطالب
الإعلامي أحمد موسى، المحسوب على السلطة، بإعادة النظر مرة أخرى في قرار منع صرف الأرز
على بطاقة التموين، لأن الأرز وجبة أساسية للمصريين، ولا يجب فرض سلع بعينها على المواطن،
مؤكدا أن "هناك مواطنين يعيشون على سلع التموين".
وأضاف
موسى خلال تقديمه برنامج على مسؤوليتي: "لا توجد أسرة في مصر لا تأكل الأرز"،
مشيرا إلى أن التوقيت الحالي بمنع صرف الأرز على بطاقة التموين غير مناسب، وكان لا
بد من تأجيله للفترة المقبلة، "كان هيجرى إيه لو سبنا الأرز على البطاقة، والله
ما هيحصل حاجة".
الأرز
أساسي لأهالينا .. أحمد موسى: أتمنى إعادة النظر فى قرار إلغاء صرف الأرز على البطاقات
التموينية
"أبعد
من التحول إلى الدعم النقدي"
يرى
مستشار وزير التموين سابقا، إسماعيل تركي، أن "حكومة السيسي حققت هدفها الأول
والأساسي في التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي في السلع التموينية، وتحاول أن
تلغي الدعم العيني للخبز، ولكن يبقى رغيف الخبز عقبة أمامها في التحول الكامل إلى الدعم
النقدي".
وأضاف
لـ"عربي21": "التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي ليس الهدف النهائي
لحكومة السيسي، ولكن إلغاء الدعم هو الهدف النهائي لتلك الحكومة التي ترى الفقراء عبئا
على موازنة الدولة".
أما
قضية الأرز فلها أبعاد أخرى، بحسب تركي، وأوضح أن "حذفها من السلع التموينية نتيجة
عدم توفر احتياطي من الأرز وارتفاع أسعارها عالميا وحظر بعض الدول تصديره وعلى رأسها
الهند التي فرضت ضريبة 20٪ على تصدير الأرز البسمتي".
وتابع:
"حتى الأصناف التي سمحت الهند بتصديرها فقد فرضت عليها ضريبة 20٪ وقد فشلت الحكومة العام الماضي في إجبار الفلاحين على توريد الأرز لها بشروطها رغم إجراءاتها التعسفية
تجاههم".
وتوقع
تركي أن "ترتفع أسعار الأرز داخل مصر بصورة كبيرة الموسم القادم نظرا لفروق الأسعار
بين الداخل والخارج، ولجوء بعض الجهات النافذة داخل مصر لتصدير الأرز للحصول على الدولار
رغم حظر التصدير".