قضايا وآراء

قنبلة "قسد" الموقوتة شرق الفرات.. أين ستنفجر؟

ما مصير قوات قسد؟- جيتي
طغت أخبار الاشتباكات المسلحة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الانفصالية المدعومة أمريكيا؛ والعشائر العربية في دير الزور على أنباء الاحتجاجات في محافظة السويداء وأجزاء من الساحل السوري؛ احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية في المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري.

تضارب الأنباء حول القتلى وجولات القتال بين الطرفين قابله تضارب في الأنباء حول الأسباب الفعلية التي أطلقت شرارة المعارك؛ التي أرجعتها بعض المصادر لاعتقال قوات "قسد" لرئيس المجلس العسكري لدير الزور خلال اجتماعه بالزعيم الانفصالي مظلوم عبدي.

في المقابل ذهبت أنباء أخرى للإشارة إلى جولات سابقة واحتقان مستمر بين العشائر العربية والقوات الانفصالية؛ أفضت إلى انفجار كان حتميا في دير الزور وريفها بين قسد والعشائر العربية توقع البعض اتساعه ليشمل شرق الفرات بأكمله، بسبب جهود الإقصاء وسياسة التهجير والتطهير التي يتبعها الانفصاليون في قسد ضد العرب في المنطقة.

جولات سابقة واحتقان مستمر بين العشائر العربية والقوات الانفصالية؛ أفضت إلى انفجار كان حتميا في دير الزور وريفها بين قسد والعشائر العربية توقع البعض اتساعه ليشمل شرق الفرات بأكمله، بسبب جهود الإقصاء وسياسة التهجير والتطهير التي يتبعها الانفصاليون في قسد ضد العرب في المنطقة

المعارك التي أسفرت عن مقتل العشرات من قوات قسد والعشائر العربية المنتفضة على الانفصاليين الذين يقودهم مظلوم عبدي، القادم من قوات حماية الشعب الكردي (YPG) وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الانفصالي (PYD)، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني (PKK) الناشط ضد تركيا؛ كشفت عن حقيقة قائمة على الأرض يصعب على الولايات المتحدة الأمريكية إنكارها، وهي أن مشروعها الكردي الانفصالي سينفجر في حضنها لا حضن أعدائها كونه يصطدم بعقبات كبيرة تجعل منه قنبلة موقوتة تهدد بنسف النفوذ الأمريكي في العراق وسوريا بدل نسف أعدائها في المنطقة.

قسد بأجندتها الانفصالية لا تتهدد أراضي سوريا ووحدتها السياسية، فقط إذ يمتد خطرها إلى جبال قنديل في تركيا وإلى شمال شرق إيران مرورا بشمال العراق في إقليم كردستان، حيث نجا زعيم التنظيم الكردي الانفصالي مظلوم عبدي وبرفقته جنود أمريكان من استهداف مسيّرة تركية له خلال تواجده في مطار السليمانية العراقي نيسان/ أبريل الماضي؛ فالوجود الأمريكي مستهدف من حلفاء واشنطن وشركائها وخصومها في المنطقة، في ما يمكن وصفة بالمشروع الأمريكي الأغرب والأعقد على الإطلاق في المنطقة الذي تصر أمريكا على التمسك به رغم عجزه وقصوره الذاتي والموضوعي.

محاولات أمريكا لإعادة تشكيل المنطقة عبر استنزافها في صراعات عرقية وإشغالها بمشاريع انفصالية انقلبت إلى عملية استنزاف للنفوذ الأمريكي ذاته، فلا يتوقع من هذا المشروع أن يحقق مكاسب كبيرة للولايات المتحدة رغم الاستثمارات الأمريكية المتعاظمة فيه والجهود المضنية لتثبيته على الأرض؛ بالاستعانة بالعشائر العربية التي اشتبكت معه في معركة دموية لا زالت متواصلة حتى اللحظة

فالمشروع الانفصالي الذي تموله أمريكا وتدعمه شمال شرق الفرات محل إجماع غريب وفي توقيت أغرب بين النظام السوري والمعارضة؛ فالنظام الرافض للتكوين الانفصالي توافقت توجهاته المتناقضة للاستثمار في أزمة قسد ومعاركها؛ مع معارضيه في الثورة السورية الرافضين لنشاط قسد ومشروعها، وهو ما عبّر عنه الائتلاف الوطني السوري عبر إدانته للممارسات وسياسات قوات قسد وتوجهاتها التي حرفت البوصلة عن الاحتجاجات في الشارع السوري، خصوصا السويداء والساحل.

قسد مشروع أمريكي لا يمكن فصله عن التوجهات السياسية الأمريكية، ولعله المشروع الأمريكي الأقل ذكاء إن لم يكن الأغبى لتغذيته التوترات مع خصوم وشركاء وحلفاء الولايات المتحدة في الآن ذاته؛ فالمشروع الانفصالي الكردي (قسد) يمتد أثره إلى الأراضي التركية والإيرانية والعراقية، فهو مشروع أكبر من سوريا وأكبر من أن يتحقق وينجح؛ ما رفع كلفه على الولايات المتحدة وحد من منافعه في المدى المتوسط إن لم يكن في المدى المنظور.

ختاما.. محاولات أمريكا لإعادة تشكيل المنطقة عبر استنزافها في صراعات عرقية وإشغالها بمشاريع انفصالية انقلبت إلى عملية استنزاف للنفوذ الأمريكي ذاته، فلا يتوقع من هذا المشروع أن يحقق مكاسب كبيرة للولايات المتحدة رغم الاستثمارات الأمريكية المتعاظمة فيه والجهود المضنية لتثبيته على الأرض؛ بالاستعانة بالعشائر العربية التي اشتبكت معه في معركة دموية لا زالت متواصلة حتى اللحظة.

twitter.com/hma36