وسط عجز يبديه النظام السوري في إدارة تحركات الأسعار، فقد شهدت الليرة السورية، خلال اليومين الماضيين، تراجعا بنحو 40 بالمئة من قيمتها أمام
الدولار، وهو ما وصف بـ"اللافت"، خاصة في ظل ما عرفته من تحسن طفيف خلال الأشهر القليلة الماضية.
ويواجه النظام عجزا أمام إعادة الليرة إلى سعر صرفها السابق، فيما يواجه كذلك عدم قدرة على إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية العاصفة التي تمر بها البلاد.
وسجلت قيمة العملة السورية رقما قياسيا جديدا حيث إنها تجاوزت الـ13 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، وانخفضت إلى أدنى مستوى لها، في تموز/ يوليو الماضي.
وبحسب موقع "الليرة اليوم" الاقتصادي، فقد حدث تحسن طفيف قبل يومين، ليبلغ سعر صرف العملة السورية نحو 12 ألفا للدولار الواحد. إلا أن المراقبين الاقتصاديين يجمعون على أن هذا التحسن مؤقت، وستعود الليرة للانخفاض مجدداً كما حدث في مرات عديدة بالسابق.
وبدأ تدهور الليرة بشكل كبير منذ نهاية سنة 2022، ما دفع البنك المركزي للنظام السوري بدءا من شباط/ فبراير الماضي، إلى إجراء خفض متواصل في سعر الصرف الرسمي لتتساوى مع قيمتها في السوق السوداء.
تجدر الإشارة إلى أنه مع انخفاض قيمة الليرة، انخفضت قيمة معدل الأجور في مناطق النظام لتصل إلى 8 دولارات شهريا، من متوسط 14 دولارا سابقا، فيما ارتفعت أسعار السلع بشكل كبير من بينها المشتقات النفطية، تزامنا مع ارتفاع
سعر الدولار.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن عدم قيام حكومة النظام بأية زيادة على الأجور، تسبب في آلاف الاستقالات وتسرّب كبير من العمل في القطاع العام، فيما تعيش مناطق النظام السوري أزمة اقتصادية حادّة، تتمثل بنقص في مشتقات النفط وارتفاع معدلات الفقر إلى 90 بالمئة، وتوقف الإنتاج والصناعة، وعدم القدرة على توفير الكهرباء إلا لساعات قليلة باليوم.
ويقول رئيس مركز ترندز للدراسات الاقتصادية، يحيى السيد عمر، إنه "من خلال تتبع تاريخي لمسار الليرة السورية منذ عام 2011 حتى الآن، من الممكن ملاحظة أن تراجع قيمتها يتم على مسارين"، مشيرا إلى أن "المسار الأول يتمثل في هبوط حاد بسعر الليرة، بحيث يحدث مرة كل عام، يليها استقرار. والمسار الثاني هو انخفاض تدريجي".
وأضاف عمر لوكالة "الأناضول"، أن "الانهيار الحالي والذي حصل خلال الشهر الماضي، فقدت به الليرة 30 بالمئة من قيمتها والـ 10 بالمئة الأخرى كانت طيلة الشهور السابقة من العام الجاري" مردفا بأنه "من المتوقع أن يتوقف الانهيار خلال الأيام القادمة.. وأن تتابع مسيرة التراجع ولكن بشكل بسيط".
وأكد أنه "عموما وفي ظل استمرار الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية الحالية، فستستمر الليرة في فقد قيمتها، ولن يتغير المشهد ما لم تتغير هذه الظروف، والانفتاح السياسي لا يؤثر إيجابا على الليرة ما لم يرافقه انفتاح اقتصادي" متابعا بأنه في ما يتعلق بكيفية معالجة الوضع الحالي، فإن "الحل هو معالجة أسباب الانهيار، والتي تعود لعدة أسباب، منها أسباب قديمة تتعلق بانخفاض الإنتاج وزيادة الاستيراد، وضعف الثقة بالليرة وارتفاع معدل الدولرة والمضاربات على الليرة".
وأكد أن "أسبابا جديدة منها إخراج بعض المواد من منصة الاستيراد، والسماح للتجار باستيرادها بشكل شخصي دون المرور بالمؤسسات المالية، وهذا ما دفع التجار للاتجاه إلى السوق الموازية للحصول على الدولار، وهو ما يعني طلب مرتفع على الدولار" مسترسلا "أن حكومة النظام عاجزة على معالجة هذه الأسباب، فهي مضطرة للسماح للتجار بالاستيراد بأنفسهم كونها باتت عاجزة عن تمويل المستوردات، إضافة لكونها لا تمتلك رصيدا من الدولار لمواكبة الطلب عليه".
وختم: "كل هذه القضايا مرتبطة بوجود حل سياسي شامل للقضية السورية، وهو غير متاح على الأقل في الظروف الراهنة، لذلك فمن المتوقع استمرار تدهور الليرة، واستمرار سلبية المؤشرات الأخرى، كمعدل الفقر والبطالة والجوع وغيرها من المؤشرات".