صاحب حكومة
الاحتلال التي يتزعمها بنيامين
نتنياهو، العديد من القضايا الشائكة، التي تشكل كارثة استراتيجية وفشلا دبلوماسيا كما ترى أوساط إسرائيلية، أبرزها "
التعديلات القضائية"، والتسبب بانقسام داخلي، والتسبب بأزمة مع
واشنطن ويهود أمريكا.
ويجد العديد من المكلّفين بتقييم الوضع الإسرائيلي صعوبة بعدم التعرف على النمط الذي تم وضعه في النصف الأول من ولاية الحكومة الحالية، من حيث سلوكها، وتكوين أفرادها، ومحاولتها لقيادة "انقلاب دستوري".
في الوقت ذاته، فإن الشهور الستة من عمر الحكومة الحالية، شهدت تكثيف التهديدات عبر مجموعة كاملة من التحديات الاستراتيجية التي تواجهها، فيما تتزايد العواقب الضارة من قضية لأخرى، وتؤدي لتفاقم الاتجاهات السلبية التي تقوض مرونة الدولة، حيث يبين أداؤها أنها فشلت بمواجهة القضايا في نطاق سيطرتها، وفي مواجهة القضايا التي لا تخضع لنفوذها.
آفي غيل، المدير العام السابق لوزارة الخارجية، والباحث بمعهد سياسة الشعب اليهودي (JPPI)، ذكر أن حكومة نتنياهو تبدي إصرارا على تنفيذ "انقلاب دستوري"، ودون إجماع، وتتسبب بخلق انقسامات عميقة في المجتمع الإسرائيلي، وتشقق التضامن الداخلي الضروري للغاية.
وأضاف في
مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أن أزمة "التعديلات القضائية" تأتي في ظل الخطر المتصاعد من الخارج، وسط إحجام لجنود الاحتياط في المناصب الرئيسية عن الخدمة، مما يهدد بإلحاق الضرر بقوة الجيش، وقدرته على الردع.
وتابع بأن "محتويات الانقلاب الدستوري، تنظر إليه الولايات المتحدة بأنه تخل عن القيم المشتركة لعلاقاتهما الخاصة، فيما يتم تفسير السلوك الإسرائيلي في الضفة الغربية بأنه انحلال أخلاقي، يتناسب بشكل جيد مع المنطق الخاطئ للانقلاب".
فيما ينتقد الرئيس الأمريكي جو بايدن بشدة "التعديلات القضائية"، والوضع بالضفة الغربية من حيث توسيع المستوطنات، والبؤر غير القانونية، وعدم التصدي لعنف المستوطنين، مما يؤدي لتآكل التعاطف مع تل أبيب، والإضرار بقضايا ذات أهمية استراتيجية، "كتراجع الأذن المتعاطفة بشكل متزايد مع النووي الإيراني، والتأخير المهين بدعوة نتنياهو لواشنطن".
وأوضح أن كل هذه التطورات يفسرها "أعداء إسرائيل" بأنها تعبير عن ضعف الحكومة، التي يعارض معظم أعضائها حل الدولتين، ولا تقدم أي حل للقضية الفلسطينية، بل إن نقل صلاحيات الإدارة المدنية للوزير بيتسلئيل سموتريتش، وتسليم وزارة الأمن القومي للوزير إيتمار بن غفير، يشير لتعميق عملية ضم الضفة الغربية.
وتخاطر تل أبيب بالانزلاق لوضع ثنائي القومية الدولة التي تشكل تهديدا استراتيجيا لطابعها اليهودي، فيما تتزايد الهجمات الفلسطينية في المنطقة، ويزداد نفوذ حركة حماس، وخطر الانهيار العنيف والشامل للسلطة الفلسطينية، ودخولها في أزمة داخلية مستمرة تتفاقم بسبب غياب أي أفق سياسي.
وأشار الباحث إلى أنه على خلفية كل هذه التطورات، تتدهور العلاقات الإسرائيلية مع روسيا والصين، وتأسيس إيران كدولة عتبة نووية، مما يكشف فشل الاستراتيجيات التي تستخدمها تل أبيب حتى الآن مع الولايات المتحدة، بما في ذلك انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب، بتحريض من نتنياهو، من الاتفاق النووي.
لكن اليوم، وعلى عكس ما تأمله تل أبيب، لا تسعى واشنطن لحلّ النزاع مع إيران عسكريّا، بل على احتوائه، وتنجح طهران في إذابة علاقاتها مع الدول العربية دون أن ينهار بناء البنية التحتية الإقليمية ضد "إسرائيل".
وأكد أن نشر إعلان نتنياهو عن زيارته المرتقبة للصين، لا يشكل رافعة تأثير على الإدارة الأمريكية، بل سببا إضافيا لتعميق التوتر معها.
وجاء قبول عودة بشار الأسد للجامعة العربية ليرمز لفشل استراتيجي للولايات المتحدة و"إسرائيل"، وانتصار لمن يساعده على البقاء مثل إيران وروسيا وحزب الله، كما أن تدخلا أقل للولايات المتحدة في الشرق الأوسط لا يخدم مصلحة "إسرائيل" الأمنية، بل يقوض صورتها الرادعة، فضلا عن عدم نضوج جهود واشنطن للترويج لاتفاق تطبيع إسرائيلي سعودي.
وخلص إلى القول بأن "افتقار الحكومة الحالية للمرونة السياسية قد يؤدي لفقدان أهميتها، وجاء قرار المغرب بعدم عقد منتدى النقب على خلفية أحداث الضفة الغربية، دليلا جديدا على أن مصير القضية الفلسطينية يترك تأثيره على قرارات القادة العرب، بل وانهيار العلاقات مع الدول العربية".
وأضاف أن "حكومة اليمين لم تستفد من أشهر ولايتها من المورد الاستراتيجي الملازم لمثلث العلاقات: تل أبيب - واشنطن - يهود أمريكا، رغم أنها مطالبة بالحفاظ على التعاطف الأمريكي من الحزبين، وتطوير علاقة يهود أمريكا بها".
وأظهرت الأشهر القليلة الماضية أن حكومة نتنياهو تقود دولة الاحتلال لنقطة تحول نحو الانهيار الاستراتيجي، بسبب الأضرار الواضحة في جميع المجالات، ومع مرور الوقت تزداد معضلتها، في ظل خلافات مع واشنطن، وأزمة داخلية متصاعدة، مع تهديدات خارجية تشمل إيران.