تزايد الحديث الإسرائيلي عن قرب
زيارة رئيس الحكومة بنيامين
نتنياهو إلى
الصين، لمقابلة رئيسها شي جين بينغ، وتسبب الإعلان في عاصفة سلبية في الغالب بين الصحفيين والمعلقين السياسيين في إسرائيل، بزعم أنه يريد "إذلال" الرئيس جو بايدن، أو على الأقل "مضايقته"، ولا يريد أن يظهر الاستسلام له، والادعاء أن لديه خيارات أخرى، تماما كما فعلت السعودية بالمصالحة مع إيران بوساطة صينية.
شالوم فاليد الباحث بمعهد سياسة الشعب اليهودي، وخبير العلاقات مع الصين والهند، أكد أن "زيارة الصين المرتقبة ليست أكثر من انتقام من حقيقة أن بايدن لم يدع نتنياهو بعد إلى البيت الأبيض، وحذر البعض أن إسرائيل قد تدفع ثمناً باهظاً، سواء كان ذلك خطأ استراتيجياً فادحاً، أو خيانة لتحالفها مع الولايات المتحدة، لا أقل، وبالتالي فمنذ اللحظة التي ظهرت فيها القضية، أصرّ نتنياهو على أن تحالف إسرائيل مع أمريكا صلب، وأقوى من أي وقت مضى، وأنه لا بديل عنها".
وأضاف في مقال نشره موقع
زمن إسرائيل، وترجمته "عربي21" أنه "منذ خمسة أشهر تعاني
دولة الاحتلال أزمة سياسية عميقة لا مثيل لها في تاريخها، وسط انقسامات آخذة في الاتساع في المجتمع الإسرائيلي، والتهديدات والإهانات، وخلال أشهر دخلت الصين إلى الشرق الأوسط بخطوات سياسية أسرع وأكبر من أي دولة أخرى، وبات من الغرابة أن يأتي رئيس الصين إلى السعودية لتحية قادة العالم العربي الواحد والعشرين، والتعبير عن دعمه لهم، وبعد ذلك بوقت قصير، استضاف الرئيس الإيراني في بكين، وأكد له أن الصين ستقف بجانبه".
وأشار إلى أن "المتابعة الإسرائيلية للسلوك الصيني أظهر أن وساطتها حققت مصالحة بين السعودية وإيران بعد سبع سنوات من العداء بينهما، وأخيراً استقبلت بكين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأعلنت دعمها المطلق لمواقف الفلسطينيين، الذين أعلنوا أن الصين هي الأنسب للتوسط في عملية سلام مع إسرائيل، وفي كل هذه الزيارات، بالكاد تم ذكر إسرائيل بالاسم، بل تلقت انتقادات معتدلة، وتعاملت وسائل الإعلام الإسرائيلية مع هذه الأحداث بأنها استمرار للضجيج الخارجي الذي غالباً ما يصاحب العواصف الداخلية فيها".
وأكد أنه "رغم كل هذه التحركات، لكن الجمهور الإسرائيلي لم يبد اهتمامًا كبيرًا بالصين، في حين أبدى الصينيون اهتمامًا حقيقيًا بإسرائيل، وتتحدث وسائل إعلامهم باستمرار عن الصراع الداخلي في إسرائيل، وهذا ليس شيئًا روتينيًا، لأنهم بالعادة لا يحبون تسليط الضوء على الاضطرابات والاحتجاجات الجماهيرية في الدول الأجنبية، خشية أن يتعرضوا لأفكار "غير لائقة"، لكن يبدو أن صورة إسرائيل في عيون القيادة الصينية قد تغيرت، والتقارير عن أعمال الشغب الحالية كانت علامة على ذلك".
وأشار إلى أنه "بينما يلتقي القادة العرب والمسلمون مع الرئيس الصيني على أساس شهري تقريبًا، لكنه لم يلتق مع نتنياهو منذ عام 2017، ولا مع أي شخصية إسرائيلية أخرى، مع أن ست سنوات فترة طويلة في عالم سريع التغير، خاصة في هذه الحالة، خاصة وأن الرئيس شي اكتسب صيتاً وسمعة لم يحظ بها أي رئيس صيني منذ ماو تسي تونغ، ويملي السياسة الخارجية للصين، وقبل سنوات عديدة قرر أن فلسطين هي أصل كل القضايا التي لم يتم حلها في الشرق الأوسط، وكرر هذا عدة مرات منذ ذلك الحين".
وأضاف أن "مساحة المعارضة الإسرائيلية في المستويات العليا للصين تقلصت بشكل كبير، ولا يمكن لنتنياهو أن يختلف مع الرئيس "شي"، لأنه ليس معاديًا لليهود أو لليهودية، حتى أنه أدان مرة صعود معاداة السامية في أوروبا، وأشاد بمساهمة الشعب اليهودي في حضارة العالم، يمكن أن يجدا قاسمًا تاريخيًا مشتركًا معينًا، مما قد يعبّد الطريق أمام نتنياهو لبحث التهديد النووي الإيراني، وكراهيتها لإسرائيل، وإنكارها للمحرقة، أمام كبار المسؤولين في الصين".
الاستنتاج الإسرائيلي من هذه الدعوة الحثيثة لنتنياهو بزيارة الصين أنه لا يحق للرئيس بايدن أو وزير الخارجية بلينكين، أن ينكرا حق نتنياهو في التحدث إلى "شي" بشأن المزاعم حول المخاوف الوجودية، بجانب العلاقات التجارية، بزعم أن واشنطن ذاتها لم تتهم قادة ألمانيا أو فرنسا أو دول الناتو الأخرى الذين زاروا بكين بخيانتها، رغم أن زيارة نتنياهو المحتملة إلى بكين ستكون مختلفة عن زيارة هؤلاء، لا سيما في التوقيت الزمني الذي يواجه فيه رفضاً لزيارة البيت الأبيض.