قُدم إلى وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي طلب لفرض عقوبات على مسؤولين
تونسيين رفيعي المستوى، على رأسهم الرئيس قيس سعيّد، بسبب الانتهاكات الجسيمة والمستمرة لحقوق الإنسان.
وجاء الطلب ضد الرئيس التونسي
قيس سعيد ووزير الداخلية توفيق شرف الدين الذي قدم استقالته مؤخرا ووزيرة العدل ليلى جفال ووزير الدفاع الوطني عماد مميش والقائم بأعمال وزير الداخلية السابق رضا غرسلاوي.
وقدم المحامي رودني ديكسون الطلب نيابة عن عائلات السياسيين الذين شملتهم حملة الإيقافات التي شنتها السلطات التونسية خلال الفترة الماضية، لا سيما نيابة عن نور الدين البحيري، عضو البرلمان ووزير العدل السابق في تونس؛ والقاضي والنائب العام السابق بشير العكرمي، والقيادي بحركة النهضة.
وقال المحامي رودني ديكسون إن "الغرض الأساسي من لوائح عقوبات حقوق الإنسان العالمية هو ردع ومساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. لقد عانى الموقوفون من هذه الانتهاكات، كجزء من نمط أوسع من الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان والقوانين. لقد تم استهدافهم واحتجازهم وتعذيبهم، كما قتل المعارض رضا بوزيان"، الذي توفي بسبب قمع مظاهرات معارضة لسياسات سعيّد العام الماضي.
وأضاف أنه يجب على حكومة المملكة المتحدة أن تعمل على الفور لمعاقبة المسؤولين عن هذه الحملة لإدانتها ومنع تصعيدها أكثر من ذلك.
وتتهم المعارضة التونسية رئيس البلاد سعيد وحكومته بارتكاب انتهاكات جماعية لحقوق الإنسان منذ 25 تموز/ يوليو 2021، تاريخ استيلائه على السلطات، بما في ذلك الاعتقال والتعذيب والقتل في بعض الحالات لأي شخص يُعتبر معارضًا لها.
واقتيد عضو البرلمان نور الدين بحيري من منزله بعنف في 13 شباط/ فبراير الماضي، ومثل أمام المحكمة فيما بعد مصاباً بخلع في كتفه وإصابات في ساقه، فيما لا يزال مسجونًا ومحتجزًا بسبب منشور له عبر "فيسبوك"، دعا فيه إلى التظاهر ضد الرئيس.
بينما اعتقل القاضي العكرمي بعنف في 12 شباط/ فبراير الماضي ونُقل إلى موقع لم يُكشف عنه واحتُجز في وضع مجهول لمدة 25 ساعة. وهو حاليا في إضراب عن الطعام.
واعتقل النائب السابق سيد فرجاني، البالغ من العمر 68 عامًا، دون مذكرة توقيف في 27 شباط/ فبراير الماضي، ولم يُتهم بارتكاب أي جرائم، كما أن الاستجواب المكثف الذي تعرض له لم يسفر عن أي دليل. كما بدأ الفرجاني إضرابا عن الطعام احتجاجا على استمرار اعتقاله.
إذا تم فرض عقوبات على المسؤولين التونسيين، فلن يتمكنوا من السفر إلى المملكة المتحدة، فيما سيتم تجميد أصولهم في بريطانيا، مما يوقف أي مصالح تجارية في البلاد.
وقالت كوثر ابنة القيادي في حركة النهضة سيد فرجاني في مؤتمر صحفي في لندن: "والدي وعدد لا يحصى من التونسيين يدفعون ثمناً باهظاً لإيمانهم بحقوق الإنسان والمشاركة في الديمقراطية. والظروف التي يُحتجز فيها والدي هي الأكثر إثارة للقلق. ووضع في زنزانة مكتظة مع نحو 120 نزيلا آخر وبدأت صحته تتدهور".
وأضافت: "لقد فقد وعيه عندما حاول الأطباء إجراء فحص دم ولم يتمكنوا من أخذ دمه حيث لم يسمح لهم بفك قيوده. لا داعي لمثل هذه القسوة والظلم. الديموقراطية في تونس لا يمكن أن تستمر إذا كانت هذه تداعيات للتعبير عن الرأي. أحث حكومة المملكة المتحدة على النظر في طلبنا وفرض عقوبات على المسؤولين".
وشنت السلطات الأمنية التونسية الشهر الماضي حملة
اعتقالات طالت سياسيين معارضين ورجل أعمال وإعلاميًا من دون تهم واضحة، ما ينذر بتزايد القمع في بلد يواجه أزمة اقتصادية وسياسية منذ قرار الرئيس قيس سعيّد احتكار السلطات في العام 2021.
سبقت عمليات الاعتقال تلميحات واضحة من الرئيس خلال لقاء بوزيرة العدل ليلى جفال جاء فيها: "من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن".
بدأت حملة الاعتقالات بتوقيف رجل الأعمال كمال اللطيف، صاحب النفوذ الكبير في الأوساط السياسية والذي بقي لفترة طويلة مقربا جدا من الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، إضافة إلى القيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، والناشط السياسي خيام التركي وقاضيين معزولين.
وتواصلت الاعتقالات وطالت المدير العام في المحطة الإذاعية الخاصة "موزييك اف ام" نور الدين بوطار، ووزير العدل السابق نور الدين البحيري، والمحامي لزهر العكرمي.
كما شملت الحملة سياسيين معارضين بارزين، من ضمنهم عصام الشابي، أمين عام الحزب الجمهوري، وغازي الشواشي الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي، والقياديين بجبهة الخلاص الوطني، أكبر تكتل معارض للرئيس سعيّد، جوهر بن مبارك ورضا بلحاج وشيماء عيسى.
وتواصلت الإيقافات لتشمل قياديين في حركة النهضة، وهم الحبيب اللوز وعبد الفتاح الطاغوتي والسيد فرجاني ونشطاء سياسيين آخرين وبعض النقابيين التابعين للاتحاد العام التونسي للشغل.
وتتزامن حملة الاعتقالات مع سعي الرئيس قيس سعيّد إلى وضع حجر الأساس لنظامه الرئاسي والذي تميز بمقاطعة كبيرة من قبل الناخبين لا سيما إثر مقاطعة نحو تسعين في المئة من الناخبين دورتي الانتخابات النيابية الفائتة.