لم تتوقف الدول عن تقديم
المساعدات لتركيا وسوريا، بعد
الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين في السادس من شباط/ فبراير الماضي، والذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص وخلَّف دمارا ماديا ضخما.
ومنذ ذلك اليوم حتى مطلع آذار/ مارس الجاري، وقعت أكثر من 11 ألفا و400 هزة ارتدادية، بحسب ما رصدته مؤسسات رصد الزلازل في
تركيا ودول الجوار، فيما تجاوز عدد الضحايا الـ50 ألفا في البلدين.
وبحسب بيانات أوردها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فإن الزلازل تسببت في حدوث دمار هائل في 62 قضاء و10 آلاف و190 قرية بولايات المنطقة المنكوبة، وأن الهزات لا تزال متواصلة.
وذكر البنك الدولي أن تقديراته تشير إلى أن الزلزالين المميتين اللذين دمرا جنوب تركيا، كلفا 34.2 مليار دولار من الأضرار المادية، أو حوالي 4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021.
وقال هامبرتو لوبيز مدير البنك الدولي في تركيا، إن البنك سيراجع أيضا توقعاته بالخفض للناتج المحلي الإجمالي التركي لعام 2023 بسبب الخسائر التي سيتسبب بها الزلزال للاقتصاد، إذ سيخفض تقديرات النمو هذا العام من 4 بالمئة إلى 3.5 بالمئة.
وقال البنك الدولي، إن أكثر من نصف التكاليف تنبع من المباني السكنية، مضيفًا أن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية، بما في ذلك السكك الحديدية والطرق السريعة والجسور، قد تم أخذها في الاعتبار أيضا.
وأثار الزلزال موجة تعاطف واسعة بين دول المنطقة التي سارعت إلى تقديم مساعدات الإنقاذ والإغاثة إلى تركيا وسوريا، حيث لعبت السياسة دورًا مهمًا في تشكيل نطاق واتجاه هذه المساعدات، مقارنة بالاستجابات الإقليمية السابقة للأزمات، بما في ذلك انفجار مرفأ بيروت عام 2020 وقبله حرب غزة عام 2014.
المساعدات لتركيا
وبعد وقوع الزلزال في 6 شباط/ فبراير الماضي، أرسلت دول
الشرق الأوسط على الفور مساعدات مالية، وفرق البحث والإنقاذ، وقدمت خدمات الإسكان الطارئ والغذاء والمساعدة الطبية لتركيا، التي كانت مركز الزلزال.
ولم تعرقل السياسة هذا الدعم الإنساني، لا سيما بسبب التقارب الأخير للرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع السعودية والإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي. وقدمت دول المنطقة يد العون لسوريا رغم القطيعة مع النظام السوري منذ ما يزيد على العقد من الزمن.
قطر
أدى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني تركيا في 13 شباط/ فبراير الماضي، ما جعله أول زعيم عالمي يلتقي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد الكارثة الطبيعية.
وبحسب وكالة الأنباء القطرية، فقد أرسلت الدوحة أربعين طائرة إلى تركيا وسوريا. وتعهدت قطر بتوفير 10 آلاف وحدة سكنية، وأرسلت حتى الآن خمس سفن تحمل 1388 وحدة سكنية.
تنسق هيئة تنظيم الأعمال الخيرية في قطر حملة تبرعات عامة جمعت 46 مليون دولار، بما في ذلك 14 مليون دولار من الأمير تميم نفسه، لاستخدامها في كل من تركيا وسوريا.
ولعب الهلال الأحمر القطري دورًا نشطًا، حيث خصص مليون دولار من صندوق الاستجابة للكوارث للمساعدة والتعهد بجمع ما لا يقل عن 10 ملايين دولار أخرى.
وفي تصريح سابق لـ"
عربي21"، قال مساعد الرئيس التنفيذي لقطاع العمليات والبرامج الدولية بجمعية "قطر الخيرية"، نواف الحمادي، إن قيمة مساعداتهم الإغاثية لتركيا
سوريا تجاوزت الـ61 مليون ريال قطري (نحو 17 مليون دولار)، إلى حدود مطلع الشهر الجاري.
الإمارات
بحسب الحكومة الإماراتية، خصصت الدولة الخليجية 100 مليون دولار كمساعدات لتركيا وسهلت 42 رحلة جوية تحمل 840 طناً من المساعدات. وقد أنشأت الحكومة مستشفيين ميدانيين وأرسلت فرق البحث والإنقاذ.
الكويت
وفقًا لوسائل الإعلام التركية، تعهدت الكويت بتقديم 30 مليون دولار لدعم كل من تركيا وشمال غرب سوريا. واعتبارًا من 23 شباط/ فبراير الماضي، قامت إحدى عشرة طائرة شحن بتسليم خمسمائة طن من المساعدات إلى تركيا.
ونظمت وزارات الشؤون الاجتماعية والخارجية والداخلية الكويتية الحملة الشعبية "الكويت بجانبك" للتبرعات لتركيا وسوريا، والتي قيل إنها جمعت أكثر من 67.5 مليون دولار لدعم الضحايا.
البحرين
نظمت المؤسسة الإنسانية الملكية البحرينية ومؤسسة إذاعة وتلفزيون البحرين حملة تبرعات عامة بقيمة 3.7 مليون دولار لتركيا وسوريا.
وأرسلت البحرين شحنة إسعافات أولية يوم 15 شباط/ فبراير وأرسلت أولى طائراتها إلى تركيا في 21 شباط/ فبراير على متنها 55.7 طن من المساعدات، فيما ذهبت شحنة ثانية إلى تركيا في الـ26 من الشهر ذاته.
السعودية
وفقًا لوكالة الأنباء السعودية، حتى 24 شباط/ فبراير الماضي، نقلت المملكة عشر طائرات إغاثة تحمل أكثر من 550 طناً من مواد الإغاثة إلى تركيا وأرسلت فريقين على الأقل من عمال الإغاثة للمساعدة على الأرض.
والتزمت السعودية ببناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية مؤقتة للنازحين. وحتى 23 شباط/ فبراير، جمع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أكثر من 122 مليون دولار من حملة عامة للضحايا في تركيا وسوريا؛ لكن لم يتم تسليمه بعد.
مصر
بدوره، تعهد رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي بتقديم مساعدات لخمس طائرات شحن عسكرية. سلمت الحكومة المصرية ما لا يقل عن 650 طناً من المساعدات، بما في ذلك الخيام والبطانيات والفرش والسخانات عبر سفينة شحن وصلت إلى ميناء مرسين في 22 شباط/ فبراير الماضي.
وفي اليوم ذاته، أرسلت القوات المسلحة المصرية طائرتين عسكريتين تحملان مساعدات طبية.
العراق
ذكرت الحكومة العراقية أنها أرسلت 26 طائرة تحمل 136.5 طن من المساعدات إلى تركيا، بالإضافة إلى فريق بحث وإنقاذ.
الأردن
وأرسلت الحكومة الأردنية اثنتي عشرة طائرة إغاثة، و 28 شاحنة إغاثة، وعشرة آلاف خيمة إلى تركيا وسوريا.
"إسرائيل"
أرسلت "إسرائيل" 15 طائرة شحن تابعة لسلاح الجو تحمل "مئات الأطنان من المعدات" و 230 متطوعًا إلى غازي عنتاب في 7 شباط/ فبراير لإنشاء مستشفى ميداني.
وقبل ذلك، نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي بالفعل 150 خبيرًا في البحث والإنقاذ في تركيا. في المجموع، كان الفريق الإسرائيلي هو ثاني أكبر فريق يتم إرساله إلى تركيا، بعد الوفد الأذربيجاني.
إيران
منذ 7 شباط/ فبراير الماضي، أرسلت إيران ما لا يقل عن اثنتي عشرة طائرة شحن تحمل إمدادات إنسانية و 126 فردا للإنقاذ مع أغراض الطوارئ والإنقاذ والطبية. علاوة على ذلك، فقد أنشأت إيران مستشفيين ميدانيين في جنوب تركيا.
مساعدات لسوريا
على عكس الاستجابة للكوارث في تركيا، فإن الدعم الإقليمي لمساعدة الضحايا في سوريا - في كل من مناطق سيطرة النظام والمعارضة - قد تم تشكيله من خلال الديناميكيات السياسية الإقليمية.
واستغلت بعض الدول العربية الأزمة كفرصة لإعادة بناء قنوات الاتصال والقنوات السياسية مع نظام بشار الأسد، الذي لا يزال يخضع لعقوبات دولية صارمة. وحافظ آخرون على معارضتهم الطويلة للأسد، وركزوا دعمهم في مجال الإنقاذ والإغاثة فقط على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
مناطق سيطرة النظام
حافظت الإمارات على مستوى العلاقات مع النظام السوري، حيث قامت أبوظبي بنقل 134 طائرة تحمل 4413 طنًا من المساعدات إلى سوريا منذ وقوع الزلزال.
وزار وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان الأسد في 12 شباط/ فبراير في دمشق، في أول لقاء لرئيس النظام السوري مع مسؤول إقليمي منذ وقوع الزلزال.
ووفقًا لحكومة الإمارات، تعهدت أبوظبي بتقديم 100 مليون دولار كمساعدة ونشروا فرق البحث والإنقاذ على الأرض. بالإضافة إلى ذلك، تعهدت الإمارات بتوفير وفد صحي لمساعدة المستشفيات السورية وعشر سيارات إسعاف.
إيران
قامت إيران، أبرز حلفاء النظام السوري، بنقل أربعة عشر طائرة مساعدات حتى 28 شباط/ فبراير. بالإضافة إلى ذلك، ساعدت طهران في إنشاء 172 مركز إغاثة في حلب وبالقرب منها وبدأت جهود توصيل الطعام.
إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإسلامي، تم إيفاده للإشراف على جهود الإغاثة الإيرانية في حلب. ثم سافر إلى اللاذقية، حيث أجرى مسحًا لجهود الإغاثة والتقى بالمسؤولين المحليين بمن فيهم المحافظ. كما أرسلت منظمات مدعومة من إيران مثل حزب الله اللبناني وقوات الحشد الشعبي العراقية مساعدات إلى سوريا.
مصر
سلمت مصر سفينة تحمل خمسمائة طن من المساعدات إلى سوريا عبر ميناء اللاذقية في 21 شباط/ فبراير. وقبل أسبوعين من ذلك، أرسلت القاهرة ثلاث طائرات إغاثة، هبطت في دمشق. وبحسب وزير الخارجية سامح شكري، سلمت مصر 1500 طن من المساعدات إلى سوريا حتى 27 شباط/ فبراير.
العراق
قامت جمعية الهلال الأحمر العراقي والحكومة العراقية بنقل ما يقرب من أربع وعشرين رحلة طيران إلى سوريا تحمل ما لا يقل عن ثمانية وستين طناً من المساعدات، وأرسلت قافلة مساعدات إنسانية تحمل 170 طناً من الإمدادات إلى حلب واللاذقية.
البحرين
استخدمت البحرين معبر نصيب الحدودي مع الأردن لتوصيل المساعدات إلى سوريا، بما في ذلك 42 طناً من الإمدادات تم تسليمها إلى فرع درعا للهلال الأحمر العربي السوري في 21 شباط/ فبراير الماضي.
كما أرسلت البحرين 40 طناً من المساعدات عبر طائرة هبطت في مطار دمشق الدولي في 23 شباط/ فبراير الماضي. وفي 27 من الشهر الماضي، وقعت المؤسسة الملكية البحرينية الإنسانية ونقابة الأطباء في سوريا مذكرة تفاهم تهدف إلى تقديم العلاج الطبي في سوريا.
الأردن
وأرسلت المملكة الهاشمية قوافل مساعدات إلى سوريا في 9 و18 و20 و27 شباط/ فبراير و 2 آذار/ مارس. وحتى 27 شباط/ فبراير، نقل الأردن ثلاث طائرات مساعدات إلى مناطق سيطرة النظام في سوريا.
السعودية
قامت الرياض بتسليم ثلاث طائرات شحن مساعدات إغاثية خلال الفترة 14- 16 شباط/ فبراير، تحمل أكثر من سبعين طناً من الإمدادات إلى مناطق سيطرة النظام.
مناطق سيطرة المعارضة
وقدمت دول منطقة الشرق الأوسط المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة السورية، والواقعة شمال البلاد.
قطر
نقلت الدوحة مساعداتها إلى مناطق سيطرة المعارضة بالحافلات عبر تركيا. وبحسب جمعية الهلال الأحمر القطري، وصلت المساعدات في اليوم الثاني بعد الزلزال على شكل سلال غذائية وخمسمائة خيمة.
وفي وقت لاحق، وافق الهلال الأحمر القطري على بناء ثلاثمائة وحدة سكنية ونشر الأطباء في إدلب، فيما قال صندوق قطر للتنمية الذي تديره الدولة، إنه سيدعم منظمة الدفاع المدني السورية، المعروفة باسم الخوذ البيضاء، من خلال توفير عمليات لوجستية وإنقاذ وإصلاح سيارات الإسعاف والوقود.
وفي أواخر شباط/ فبراير الماضي، أعلنت قطر عن خطط لإنشاء "مدينة متكاملة" في شمال غرب سوريا لإيواء حوالي 70 ألف شخص نزحوا بسبب الزلزال.
حكومة إقليم كردستان
أرسلت حكومة إقليم كردستان العراق 13 شاحنة مساعدات إنسانية إلى بلدة جنديرس في محافظة حلب التي تضررت بشدة من الزلزال.
مصر
شكرت الخوذ البيضاء مصر علنًا على توفير المتخصصين في الإنقاذ والعاملين الطبيين في أعقاب الزلزال.
السعودية
في 11 شباط/ فبراير الماضي، أرسلت السعودية 11 شاحنة تحمل 104 أطنان من المساعدات عبر المعبر الحدودي السوري عند حصن الزيتون. وبالمثل، أرسلت السعودية في 17 شباط/ فبراير عشر شاحنات إغاثة تحمل 76 طناً من المساعدات عبر معبر باب السلامة مع تركيا.
وزع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مساعدات على الضحايا في جنديرس وعفرين وإعزاز، وهي من أكثر المناطق تضرراً. ونهاية الشهر الماضي، أرسل مركز الملك سلمان 22 شاحنة عبر معبر باب الهوى، و 22 شاحنة عبر معبر باب السلامة.
الكويت
تستخدم جمعية الهلال الأحمر الكويتي أكثر من 67.5 مليون دولار من الشركات والمقيمين الكويتيين لتقديم المساعدات، بمساعدة لوجستية من وزارات الحكومة الكويتية.
تقوم جمعية الهلال الأحمر الكويتي بإيصال المساعدات إلى شمال غرب سوريا منذ 11 شباط/ فبراير الماضي، وتقدم الإمدادات الإنسانية مباشرة إلى الضحايا.
في 22 شباط / فبراير الماضي، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الكويتي عن إرسال 12 شاحنة مساعدات إلى كل من تركيا وشمال غربي سوريا.
في 26 شباط/ فبراير، أرسل الهلال الأحمر الكويتي 120 طنًا من المساعدات محملة في تسع شاحنات إلى سوريا.
خلال تفجير ميناء بيروت عام 2020 وحرب غزة عام 2014، كانت قطر والكويت والسعودية هي أكثر دول المنطقة تقديما للمساعدات، على الرغم من أن تكاليف الحرب كانت أكبر بكثير من تلك المرتبطة بتفجير الميناء، كما ينعكس في مبالغ المساعدات.
وقدمت الإمارات 200 مليون دولار لدعم غزة في عام 2014، مقابل 2.5 مليون دولار للبنان في عام 2020. بالنسبة للزلزال، وصلت التبرعات الإماراتية إلى تركيا وسوريا بالفعل إلى 200 مليون دولار.
في المقابل، قدمت قطر أكثر من 200 مليون دولار إلى غزة في عام 2014 لكنها قدمت 14 مليون دولار فقط لتركيا حتى الآن ولم تقدم أي شيء لسوريا. وبالمثل، فإن مساهمات السعودية لم تكن مساوية لاستجاباتها السابقة للأزمة، حيث قدمت مساعدات محدودة لكل من المناطق التي يسيطر عليها النظام والمعارضة في سوريا.
وفي تركيا، كانت الإمارات وقطر أكبر مزودي المساعدة المتعهد بها بين دول المنطقة. في السنوات الأخيرة، شهدت إسرائيل ومصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة انقسامات بدرجات متفاوتة مع تركيا، ومع ذلك فقد قدمت كل من هذه الدول المساعدة لأنقرة.
وفي سوريا، تقود الإمارات دول المنطقة فيما يتعلق بتقديم المساعدة للمناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد. من المحتمل أن تسعى الإمارات إلى رفع مكانتها كوسيط إقليمي قوي، باستخدام المساعدات كأداة لدعم الأسد وجهوده للتعافي من الكوارث.
علاوة على ذلك، تقود الإمارات الدفع الإقليمي نحو التطبيع الكامل مع النظام السوري. وكان وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد قد التقى بالفعل مرتين مع رئيس النظام السوري في عام 2023، بما في ذلك في أول اجتماع للأخير بعد الزلزال مع مسؤول عربي رفيع المستوى.