اتهم مرصد "رقابة" شركة "نقل
تونس" بعقد صفقة "في ظروف مسترابة" مع مركز دراسات مصنف في قائمة الأمم المتحدة للشركات المشاركة في
الاستيطان الإسرائيلي بالقدس المحتلة، داعيا رئيس البلاد قيس سعيّد إلى الإذن بفتح تحقيق.
و"نقل تونس" هو اختصار لشركة
النقل بتونس، وهي مؤسسة حكومية مكلفة بالنقل العمومي في إقليم تونس الكبرى، الذي يضم محافظات تونس العاصمة وأريانة ومنوبة وبن عروس، وتشرف على شبكة المترو والحافلات والقطارات هناك.
ووجه "مركز رقابة" مراسلة إلى الرئيس سعيّد في 13 كانون الثاني/ يناير الجاري لمطالبته بالتدخل من أجل إعادة النظر في عقد الصفقة المتعلقة باختيار وتعيين مكتب دراسات مختص لمساعدة شركة "نقل تونس" لإنجاز جميع مراحل تنفيذ المشروع المذكور.
ويتمثل المشروع في اقتناء 18 عربة قطار لخط تونس حلق الوادي المرسى، المعروف باسم "تي جي إم"، الممول مناصفة بين البنك الأوروبي للاستثمار والبنك الأوروبي للتنمية والتعمير بتكلفة جملية في حدود 300 مليون دينار (حوالي 97 مليون دولار).
وقال المركز، في بلاغ وصلت نسخة منه إلى "
عربي21"، إن مكتب الدراسات الفرنسي "EGIS RAIL" الحائز على الصفقة مصنف في قائمة الـ112 شركة التي أصدرتها الأمم المتحدة في 2020 للشركات المشاركة في أعمال الاستيطان وذلك بسبب مشاركته في ما سمي مشروع "ترامواي
القدس".
وجاء إصدار القائمة تنفيذا لقرار لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عدد 36/31 بتاريخ 24 آذار/ مارس 2016 والذي يدعو في الفقرة 17 من القرار إلى إنشاء "قاعدة بيانات لجميع الشركات العاملة في أنشطة محددة تتعلق بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، وبناء على قرار مجلس الأمن عدد 2334 بتاريخ 23 كانون الأول/ ديسمبر 2016 والذي طالب الاحتلال الإسرائيلي بالوقف الفوري والكلي لكل أشكال الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك في القدس المحتلة.
وسبق للمنظمات النقابية الفرنسية الكبرى CGT و CFDT و Solidaires أن نددت بمشاركة مركز الدراسات المذكور في المشروع الاستيطاني وضغطت على الدولة الفرنسية لإلغاء المشاركة أو معاقبة المؤسسات الفرنسية المشاركة فيه.
وشكّك "مرصد رقابة"، بحسب البلاغ ذاته، في نزاهة عقد الصفقة قائلا إن مكتب الدراسات EGIS RAIL حصل على الصفقة بطريقة فيها انتهاك لمبدأ المنافسة وفي ظروف تمس بمبدأ النزاهة، باعتبار أن الشركة المذكورة قدمت العرض الفني الوحيد للصفقة رغم قيام 56 مكتب دراسات بتحميل كراس الشروط من منظومة الشراءات على الخط الخاصة بالبنك الأوروبي للتنمية والتعمير. وهو ما يطرح شكوكا جدية حول إمكانية توجيه كراس الشروط، خاصة أن البنك المذكور قام بتعيين نفس مكتب الدراسات دون اللجوء إلى منافسة في دراسة جدوى مشروع تأهيل وتجديد عربات المترو من نوع سيماس المقدرة كلفته بـ250 مليون دينار (حوالي 81 مليون دولار).
ودفع هذا الأمر اللجنة العليا لمراقبة وتدقيق الصفقات في جلستها المنعقدة بتاريخ 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2020 إلى إبداء رأيها بعدم الموافقة على مقترح شركة النقل بتونس قبول العرض الفني لمكتب الدراسات EGIS RAIL وذلك لمحدودية المشاركة.
وتمت إجراءات الصفقة والتقييم أثناء فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا في مخالفة للتوصيات الصادرة بالمنشور الحكومي عدد 10 لسنة 2020 بتاريخ 31 آذار/ مارس 2020 والذي استند بدوره إلى الأمر عدد 156 المؤرخ في 22 آذار/ مارس 2020 المتعلق بضبط الحاجيات الأساسية ومقتضيات ضمان استمرارية سير المرافق الحيوية في إطار تطبيق إجراءات الحجر الصحي الشامل، الذي شدد على "تأجيل آجال تقديم العروض بالنسبة لطلبات العروض التي تم الإعلان عنها أو العدول عنها عند الاقتضاء".
ويعرف "مرصد رقابة" نفسه على أنه جمعية غير ربحية تونسية مستقلة، تعمل على ترسيخ ثقافة الرقابة المواطنية على مؤسسات الدولة وتعزيز مبادئ الشفافية والحوكمة المستديمة والديمقراطية في إدارة الشأن العام، وتشجيع كل مواطن على القيام بواجب الرقابة على مختلف أجهزة الدولة والتبليغ عن مظاهر
الفساد وسوء التصرف، بحسب موقعه الرسمي.
وقال "مرصد رقابة" إنه قدم لرئيس البلاد ما يثبت أن مكتب الدراسات المعني بالصفقة يعتبر وفقا للقانون الدولي شريكا في الاستيطان وانتهاك الحقوق الفلسطينية، وهو "ما يجعل التعامل معه متناقضا مع ثوابت السياسة الخارجية للدولة التونسية في احترام الشرعية الدولية، خاصة إذا ما تعلق الأمر بنصرة القضية الفلسطينية"، بحسب البلاغ.
وطالب المرصد رئيس الجمهورية بالإذن للمصالح المعنية بفتح تحقيق في ملابسات الصفقة المذكورة والإذن للهياكل المعنية باتخاذ ما يتعين من أجل إلغاء عقد الصفقة وتذكير الإدارة بضرورة احترام المبادئ العامة للصفقات العمومية وخاصة تعزيز شفافية الصفقات ونزاهتها إضافة إلى احترام سياسة الدولة وتعهداتها الخارجية.