أثار قرار محكمة تركية بشأن الحظر السياسي لرئيس بلدية إسطنبول جدلا في البلاد، وسط تساؤلات حول المكاسب التي يجنيها أكرم
إمام أوغلو والتأثير على حراك
الطاولة السداسية بشأن
المرشح الرئاسي المشترك.
ويؤكد مراقبون بأن زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو يضع "فيتو" على رئيسي بلدية إسطنبول وأنقرة بشأن الترشح للرئاسة، في الوقت الذي تصر فيه زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار على ترشح أحدهما وتقديرات في أوساط حزبها بأنه لا يمكن الفوز مع كليتشدار أوغلو.
ويحتاج تنفيذ قرار المحكمة لفترة زمنية لا تقل عن عام، لإقراره بعد اللجوء إلى المحكمة الاستثنائية والعليا، بحسب المحامي محمد ساري لقناة "
سي أن أن" التركيو، وهذا يعني أنه لن يعيق إمكانية ترشح إمام أوغلو للرئاسة أو مواصلة قيادة بلدية إسطنبول.
سيلفي يعتقد أن أردوغان غير مسرور بالقرار
الكاتب المقرب من حزب العدالة والتنمية عبد القادر سيلفي، ذكر في
تقرير على صحيفة "حرييت"، أنه ضد الحظر السياسي، وقال: "لم أجد أنه من الصواب اتخاذ مثل هذا القرار ضد إمام أوغلو، كما أردوغان في السابق".
وأضاف أن السياسة يجب أن تتشكل في الميدان الانتخابي وصناديق الاقتراع، وليس من خلال الحظر السياسي الذي تفرضه المحاكم.
ورأى أن إمام أوغلو ليس وحده سيدفع الثمن، بل الديمقراطية التركية، معتقدا أن أردوغان غير مرتاح من القرار.
ماذا قال إمام أوغلو قبل 15 يوما من إصدار القرار؟
النائب السابق في حزب الشعب الجمهوري والصحفي المعروف باريش يركداش، ذكر في مقال على
موقع قناة "TV100" أن إمام أوغلو تمكن من تحويل الوضع لصالحه من خلال التصرف بشكل استراتيجي في هذه العملية، وبينما حوّل عدم قانونية القضية إلى مادة دعائية لصالحه، قاد عملية توجيهها بنفسه.
وكشف الصحفي التركي أن إمام أوغلو اعتبر أن هذه القضية غير المنطقية ستكون "نقطة انطلاق" مهمة لترشحه، وقد قال لدائرته المقربة قبل 15 يوما إن "رياح الترشيح ستهب لصالحه في كانون الأول/ ديسمبر"، في إشارة على أنه كان لديه دراية مسبقة بقرار المحكمة.
وأشار يركداش إلى أن عقوبة المحكمة أدارت البوصلة إلى إمام أوغلو كونه "ضحية"، ومع ذلك هذا لا يعني أنه سيكون بالتأكيد المرشح الرئاسي للطاولة السداسية.
ولفت إلى أن موقف كليتشدار أوغلو حول هذه المسألة واضح، وستؤدي القضية إلى نقاشات جديدة لا سيما داخل حزب الشعب الجمهوري.
ونوه إلى أن أكشنار جاءت من أنقرة إلى إسطنبول بناء على دعوة إمام أوغلو الذي تلقى قرار المحكمة وهي بجانبها، ووقفت إلى جانبه عندما تجمع الناس في ساحة "سراج هانه" مقابل البلدية.
ورأى أن أكشنار التي لم تجد الأمل في منصور يافاش مؤخرا، أبدت استعدادها لكسر المسار باتجاه إمام أوغلو خلال ظهورها إلى جانبه، كما أن تلبيتها لدعوة رئيس بلدية إسطنبول ووقوفها إلى جانبه في الوقت الذي كان كليتشدار أوغلو يجري جولة في ألمانيا عزز يدها أمام الجمهور.
وأضاف أنه مثلما كان أولئك الذين اعتقدوا أنهم تخلصوا من أردوغان عندما جرى اعتقاله وحظره سياسيا مخطئين، فإن أولئك الذين اعتقدوا أنهم أنهوا إمام أوغلو مخطئون أيضا.
إمام أوغلو حصل على ما يريد
كبير كتاب صحيفة "صباح" المقربة من الحكومة التركية، محمد برلاس، قال في
مقال، إن إمام أوغلو حصل على ما يريد، والقرار الذي لم يصبح نهائيا لا يمنعه من الترشح، وإذا أصبح مرشحا للرئاسة وانتخب فإن المحاكمة تتوقف.
ورأى أن القرار أصبح شريان حياة لإمام أوغلو، الذي أصبح لديه صورة رئيس بلدية فاشل فقد سمعته أمام الجمهور، ومن غير المستبعد أن يستخدم إمام أوغلو القرار كورقة رابحة في السباق الرئاسي الذي دخله مع كليتشدار أوغلو.
الخلافات داخل الطاولة السداسية لم تنته
الكاتب محمود أوفر، في
مقال على صحيفة "صباح"، قال إن الخلاف داخل الطاولة السداسية لن ينتهي، وأكشنار تحرض إمام أوغلو ويافاش، والهدف بذلك هو منع كليتشدار أوغلو من الترشح للرئاسة.
وأضاف أن أكشنار قد تعمل على فرض إمام أوغلو على الطاولة السداسية، أو ستعمل على تفكك الطاولة والتوجه للانتخابات لوحدها، بسبب خشيتها من تأثر حزبها سلبا إذا ترشح كليتشدار أوغلو للرئاسة.
وتابع بأن الأولوية لديها هو الخيار الأول، ولذلك تعرب عن دعمها العلني لإمام أوغلو، وتضغط على حزب الشعب الجمهوري من الداخل، وترى أن تفكيك الطاولة سيكون له ثمن كبير.
الرابح الأكبر أكشنار
الكاتبة التركية كوبرا بار، في
تقرير على صحيفة "خر ترك"، ذكرت أن الرابح الأكبر من القرار ليس إمام أوغلو بل ميرال أكشنار.
وأوضحت أن أكشنار أدركت بأن عقوبة ستفرض على إمام أوغلو وسارعت بالتوجه من أنقرة إلى إسطنبول، ولم تسمح بأن يكون إمام أوغلو لوحده في ظل غياب كليتشدار أوغلو.
وذكرت أن إمام أوغلو كان يدرك بأن القرار ليس نهايته السياسية بل بداية جديدة.
وكان كليتشدار أوغلو في ألمانيا، وحاول إدارة الحدث عن بعد، وأجرى اتصالين هاتفين بإمام أوغلو، لكنه سارع بالتدخل لكسر تأثير إمام أوغلو وأكشنار وطلب من قادة الطاولة السداسية الاجتماع.
ولفتت إلى مقولة قالها إمام أوغلو في خطابه أمس أمام الجماهير وهي: "فزنا بإسطنبول ونفوز بتركيا" مشيرة إلى أنه أصبح المرشح الطبيعي للمعارضة.
وشكل ذهاب كليتشدار أوغلو إلى ألمانيا رغم معرفته المسبقة بالمحاكمة، خيبة أمل بالنسبة للناخب المعارض، وترى الكاتبة بار بأن ما جرى أمس سد الطريق أمام زعيم حزب الشعب الجمهوري.